الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى اسْتِحْبَابِهِ لِلْحَاجِّ إِذَا لَمْ يُضْعِفْهُ عَنِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَاتٍ وَلَا يُخِل بِالدَّعَوَاتِ، أَمَّا غَيْرُ الْحَاجِّ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ مُتَّفِقُونَ عَلَى اسْتِحْبَابِ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فِي حَقِّهِ (ر: صَوْمُ التَّطَوُّعِ ف 9) .
و تَرْكُ خُطْبَةِ عَرَفَةَ، أَوْ إِيقَاعُهَا قَبْل الزَّوَال:
34 -
نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ تَرْكَ خُطْبَةِ عَرَفَةَ أَوْ إِيقَاعَهَا قَبْل الزَّوَال مَكْرُوهٌ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ: إِنْ تَرَكَ الْخُطْبَةَ أَوْ خَطَبَ قَبْل الزَّوَال أَجْزَأَهُ وَقَدْ أَسَاءَ.
وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ قَوْل الزَّيْلَعِيِّ: " جَازَ " مُعَلِّقًا عَلَيْهِ: أَيْ صَحَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ. (1)
وَيَرَى ابْنُ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ جَوَازَ الإِْتْيَانِ بِخُطْبَةِ عَرَفَةَ قَبْل الزَّوَالِ، وَيَمْنَعُ أَشْهَبُ مِنْ ذَلِكَ، وَيَرَى إِعَادَتَهَا لِمَنْ فَعَل ذَلِكَ إِلَاّ أَنْ يَفُوتَ بِفِعْل الصَّلَاةِ، وَالصَّلَاةُ لَا تَكُونُ إِلَاّ بَعْدَ الزَّوَال عَلَى كُل حَالٍ.
وَاحْتَجَّ الْبَاجِيُّ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ جَوَازِ إِيقَاعِ الْخُطْبَةِ قَبْل الزَّوَال بِأَنَّ الْخُطْبَةَ لَيْسَتْ لِلصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا هِيَ تَعْلِيمٌ لِلْحَاجِّ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُغَيَّرْ حُكْمُ الصَّلَاةِ فِي الْجَهْرِ، وَلَمْ يَتَقَدَّمِ الأَْذَانُ عَلَيْهَا، فَلَمْ يَكُنْ مِنْ شَرْطِهَا أَنْ يَكُونَ وَقْتُهَا
(1) الجوهرة النيرة 1 / 201، وابن عابدين 2 / 173.
وَقْتَ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا مِنْ حُكْمِهَا ذَلِكَ لِمَا شُرِعَ مِنَ اتِّصَالِهَا بِالصَّلَاةِ. (1) وَقَال الدُّسُوقِيُّ: لَوْ خَطَبَ قَبْل الزَّوَال وَصَلَّى بَعْدَهُ، أَوْ صَلَّى بِغَيْرِ خُطْبَةٍ أَجْزَأَهُ إِجْمَاعًا. (2)
ز - دُخُول عَرَفَاتٍ قَبْل وَقْتِ الْوُقُوفِ:
35 -
قَال الإِْمَامُ مَالِكٌ: أَكْرَهُ لِلْحُجَّاجِ أَنْ يَتَقَدَّمُوا إِلَى عَرَفَةَ قَبْل عَرَفَةَ هُمْ أَنْفُسُهُمْ أَوْ يُقَدِّمُوا أَبْنِيَتَهُمْ.
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ دُخُول الْحُجَّاجِ أَرْضَ عَرَفَاتٍ قَبْل وَقْتِ الْوُقُوفِ خَطَأٌ وَبِدْعَةٌ وَمُنَابَذَةٌ لِلسُّنَّةِ، وَتَفُوتُهُمْ بِسَبَبِهِ سُنَنٌ كَثِيرَةٌ. (3)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يَدْفَعُ الْحَاجُّ إِلَى عَرَفَاتٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَقَالُوا: هَذَا بَيَانُ الأَْوْلَوِيَّةِ حَتَّى لَوْ ذَهَبَ قَبْل طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَيْهَا جَازَ. (4)
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى مِنًى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَيَبِيتَ بِهَا، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ سَارَ إِلَى عَرَفَةَ، فَأَقَامَ بِنَمِرَةَ نَدْبًا حَتَّى تَزُول الشَّمْسُ، فَمَنْ خَرَجَ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ قَبْل طُلُوعِ الشَّمْسِ لَمْ يَأْتِ بِالْمُسْتَحَبِّ. (5)
(1) المنتقى 3 / 35 - 36.
(2)
الدسوقي 2 / 43.
(3)
المدونة 1 / 399 ط دار صادر، والمجموع 8 / 86، والإيضاح للنووي ص272.
(4)
البحر الرائق 2 / 361، وتبيين الحقائق 2 / 23.
(5)
الممتع شرح المقنع 2 / 442 - 446، وكشاف القناع 2 / 491.