الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ آرَاءٍ:
الرَّأْيُ الأَْوَّل:
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي تَبْعِيضِ الْمَبِيعِ إِضْرَارٌ بِالْمُوَكِّل وَقَعَ الْبَيْعُ بَاطِلاً وَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّهِ. لأَِنَّ التَّوْكِيل تَنَاوَل جَمِيعَ الصَّفْقَةِ، وَفِي التَّبْعِيضِ إِضْرَارٌ بِالْمُوكِّل وَتَشْقِيصٌ لِمِلْكِهِ وَهُوَ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، وَلأَِنَّ الْعُرْفَ فِيهِ أَنْ تُعْقَدَ عَلَى جَمِيعِهِ فَحُمِلَتِ الْوِكَالَةُ عَلَيْهِ. (1)
الرَّأْيُ الثَّانِي:
ذَهَبُ الْمَالِكِيَّةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْبَيْعَ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ الْمُوَكِّلِ، فَإِنْ أَجَازَهُ نَفَذَ فِي حَقِّهِ، وَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيل بِالسِّلْعَةِ إِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً وَبِقِيمَتِهَا إِنْ كَانَتْ قَدْ فَاتَتْ.
أَمَّا إِذَا قَامَ الْوَكِيل بِبَيْعِ الْبَاقِي مِنَ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ، لِزَوَال الْمُخَالَفَةِ بِبَيْعِ الْبَاقِي فَتَحَقَّقَ لِلْمُوَكِّل غَرَضُهُ فِي بَيْعِ الْمَبِيعِ كُلِّهِ. (2)
الرَّأْيُ الثَّالِثُ:
ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى جَوَازِ الْبَيْعِ مَعَ تَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ وَنَفَاذِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ، لأَِنَّ الْوَكِيل قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوَكِّل فِي الْبَيْعِ، وَالْمُوكِّل مَالِكٌ لِبَيْعِ الْبَعْضِ، كَمَا هُوَ مَالِكٌ لِبَيْعِ الْكُلِّ،
(1) المهذب 1 / 353، والمغني 5 / 252.
(2)
البدائع 7 / 3464، والمبسوط 19 / 53، والفتاوى البزازية 3 / 476، وتكملة فتح القدير 8 / 85.
فَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ، وَلأَِنَّهُ لَوْ بَاعَ الْكُل بِهَذَا الْقَدْرِ مِنَ الثَّمَنِ يَجُوزُ فَلأَِنْ يَجُوزَ بَيْعُ الْبَعْضِ بِهِ أَوْلَى، وَلأَِنَّهُ نَفَعَ مُوَكِّلَهُ حَيْثُ أَمْسَكَ الْبَعْضَ عَلَى مِلْكِهِ. (1)
الأَْمْرُ السَّادِسُ: الْمُخَالَفَةُ فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ:
92 -
إِذَا أَمَرَ الْمُوَكِّل وَكِيلَهُ بِأَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً مُعَيَّنَةً، فَخَالَفَ وَبَاعَ سِلْعَةً أُخْرَى مَكَانَهَا، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ هَذَا الْبَيْعِ.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ إِلَى بُطْلَانِ الْبَيْعِ وَعَدَمِ نَفَاذِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ، لأَِنَّ الْوَكِيل خَالَفَ إِذْنَ مُوَكِّلِهُ فَبَاعَ غَيْرَ مَا أُمِرَ بِبَيْعِهِ، وَالْوَكِيل لَا يَمْلِكُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ إِلَاّ مَا يَقْتَضِيهِ إِذَنُ مُوَكِّلِهِ مِنْ جِهَةِ النُّطْقِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْعُرْفِ. (2)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ مُقْتَضَى مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي رِوَايَةٍ إِلَى أَنَّ الْمُوَكِّل مُخَيَّرٌ بَيْنَ إِمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ، وَلَهُ رَدُّ السِّلْعَةِ إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَقِيمَتُهَا إِنْ كَانَتْ قَدْ فَاتَتْ فِي حَالَةِ الرَّدِّ. (3)
(1) البدائع 7 / 3464، والمبسوط 19 / 53، وتكملة فتح القدير 8 / 85، وتكملة ابن عابدين 7 / 339، وشرح الخرشي 4 / 290 - 291.
(2)
شرح المنهج 3 / 414 - 415، والمغني 5 / 249 - 250.
(3)
شرح الخرشي 4 / 290 - 291، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 3 / 345، والبدائع 7 / 3462، والمغني 5 / 250.