الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُبَيِّتْ فِيهِ النِّيَّةَ مِنَ الْفَجْرِ. (1)
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ صَوْمَ يَوْمِ الشَّكِّ لَا يَحِل إِذَا كَانَ بِغَيْرِ سَبَبٍ، فَإِذَا صَامَهُ لَمْ يَصِحَّ فِي الأَْصَحِّ، وَلَهُ صَوْمُهُ عَنِ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ، وَكَذَا لَوْ وَافَقَ عَادَةَ تَطَوُّعِهِ، قَال الإِْسْنَوِيُّ:" الْمَعْرُوفُ الْمَنْصُوصُ الَّذِي عَلَيْهِ الأَْكْثَرُونَ: الْكَرَاهَةُ لَا التَّحْرِيمُ، قَال الشِّرْبِينِيُّ: " وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمَتْنِ " أَيِ التَّحْرِيمُ. (2)
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى كَرَاهَةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ إِذَا صَامَهُ بِنِيَّةِ الرَّمَضَانِيَّةِ احْتِيَاطًا. (3) وَقَال الْخِرَقِيُّ: إِذَا مَضَى مِنْ شَعْبَانَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا طَلَبُوا الْهِلَال، فَإِنْ كَانَتِ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً لَمْ يَصُومُوا ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَإِنْ حَال دُونَ مَنْظَرِهِ غَيْمٌ أَوْ قَتَرٌ وَجَبَ صِيَامُهُ، وَقَدْ أَجْزَأَ إِذَا كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ.
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ، فَرُوِيَ عَنْهُ مِثْل مَا نَقَل الْخِرَقِيُّ، اخْتَارَهَا أَكْثَرُ شُيُوخِ أَصْحَابِنَا، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ النَّاسَ تَبَعٌ لِلإِْمَامِ، فَإِنْ صَامَ صَامُوا وَإِنْ أَفْطَرَ أَفْطَرُوا، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: لَا يَجِبُ صَوْمُهُ وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ رَمَضَانَ إِنْ صَامَهُ. (4)
(1) شرح أبي الحسن على رسالة ابن أبي زيد 1 / 390 ـ 391.
(2)
مغني المحتاج 1 / 425، 433، وحاشية عميرة 2 / 60 ـ 61.
(3)
الانصاف 3 / 349.
(4)
المغني 3 / 89.
يَوْمُ عَرَفَةَ
التَّعْرِيفُ:
يَوْمُ عَرَفَةَ مُرَكَّبٌ مِنْ لَفْظَيْنِ: يَوْمٌ، وَعَرَفَةُ.
أَمَّا الْيَوْمُ فَقَدْ سَبَقَ تَعْرِيفُهُ فِي مُصْطَلَحِ: يَوْم (انْظُرْ ف1) .
وَأَمَّا عَرَفَةُ: فَهُوَ اسْمٌ لِلْمَوْقِفِ الْمَعْرُوفِ، وَيَتِمُّ الْحَجُّ بِالْوُقُوفِ بِهِ، وَحَدُّهُ مِنَ الْجَبَل الْمُشْرِفِ عَلَى بَطْنِ عُرَنَةَ إِلَى الْجِبَال الْمُقَابِلَةِ إِلَى مَا يَلِي حَوَائِطَ بَنِي عَامِرٍ.
وَيَوْمُ عَرَفَةَ هُوَ التَّاسِعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ (1) .
فَضْل يَوْمِ عَرَفَةَ:
2 -
لَقَدْ وَرَدَتْ فِي فَضْل يَوْمِ عَرَفَةَ أَحَادِيثُ وَآثَارٌ، مِنْهَا:
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ
(1) المصباح المنير، ومراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع، وقواعد الفقه للبركتي.
الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُول: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ (1) .
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَال: خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: " لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) .
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ يَوْمٍ أَفْضَل عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، يَنْزِل اللَّهُ تَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْل الأَْرْضِ أَهْل السَّمَاءِ، فَيَقُول: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا ضَاحِينَ، جَاءُوا مِنْ كُل فَجٍّ عَمِيقٍ، يَرْجُونَ رَحْمَتِي وَلَمْ يَرَوْا عَذَابِي. فَلَمْ يُرَ يَوْمٌ أَكْثَرُ عِتْقًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ (3) .
وَعَنْهُ صلى الله عليه وسلم قَال: مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَمَا ذَاكَ إِلَاّ لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّل الرَّحْمَةِ وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ، إِلَاّ مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ، قِيل: وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ يَا رَسُول اللَّهِ؟
(1) حديث: " ما من يوم أكثر أن يعتق الله. . . " أخرجه مسلم (2 / 983)
(2)
حديث: " خير الدعاء دعاء يوم عرفة. . . " أخرجه الترمذي (5 / 572) وقال: حديث غريب.
(3)
حديث: " ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة. . " أخرجه ابن حبان (الإحسان 9 / 164 ـ ط الرسالة) .
قَال: أَمَا إِنَّهُ قَدْ رَأَى جِبْرِيل يَزَعُ الْمَلَائِكَةَ (1) .
وَ " عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً مِنَ الْيَهُودِ قَال لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيْدًا! قَال: أَيُّ آيَةٍ؟ قَال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِْسْلَامَ دِينًا (2) } .
قَال عُمَرُ: " قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ "(3) .
وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَانَ لِتِلْكَ الْحَجَّةِ فَضْلٌ عَلَى غَيْرِهَا. (4)
وَفِيهِ حَجَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الْوَدَاعِ وَكَانَ وَاقِفًا إِذْ نَزَل قَوْلُهُ تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِْسْلَامَ دِينًا (5) } .
(1) حديث: " ما رؤي الشيطان يوما. . . " أخرجه مالك في الموطأ (1 / 422) من حديث طلحة بن عبيد الله مرسلاً.
(2)
سورة المائدة / 3.
(3)
حديث: " أن رجلاً من اليهود قال لعمر. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 105) ومسلم (4 / 2312) واللفظ للبخاري.
(4)
حاشية ابن عابدين 2 / 254، وتبيين الحقائق 2 / 26، والشرح الصغير 1 / 493، ومغني المحتاج 1 / 497، وكشاف القناع 2 / 495.
(5)
سورة المائدة / 3.