الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَذَا الْقَوْل ذَهَبَ إِلَيْهِ الْكَاسَانِيُّ فِي بَدَائِعِهِ حَيْثُ قَال: لَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ، فَبَاعَهُ بِأَلْفٍ نَسِيئَةً، لَمْ يَنْفُذْ، بَل يَتَوَقَّفْ. (1)
ب - الْمُخَالَفَةُ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ:
83 -
قَدْ يَأْمُرُ الْمُوَكِّل وَكِيلَهُ بِأَنْ يَبِيعَ لَهُ سِلْعَةً مُعَيَّنَةً بِجِنْسٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الثَّمَنِ، فَيَبِيعَهَا بِجِنْسٍ آخَرَ مِنْهُ، كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَبِيعَهَا بِالدَّنَانِيرِ فَبَاعَهَا بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالْعُرُوضِ. وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ قِيمَةُ ذَلِكَ أَكْثَرَ، لِمُخَالَفَةِ الْوَكِيل مَا أَمَرَ بِهِ مُوَكِّلُهُ، وَلأَِنَّ الإِْذْنَ فِي جِنْسٍ لَيْسَ بِإِذْنٍ فِي جِنْسٍ آخَرَ.
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إِنْ قَال الْمُوَكِّل: بِعْهُ بِدِرْهَمٍ فَبَاعَهُ الْوَكِيل بِدِينَارٍ صَحَّ الْبَيْعُ، لأَِنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عُرْفًا فَإِنَّ مَنْ رَضِيَ بِدِرْهَمٍ رَضِيَ بِمَكَانِهِ بِدِينَارٍ.
وَيَرَى الْكَاسَانِيُّ أَنَّ الْبَيْعَ مَوْقُوفٌ وَيُخَيَّرُ
(1) البدائع 6 / 27.
الْمُوَكِّل بَيْنَ الإِْمْضَاءِ وَالْفَسْخِ. (1)
وَلِلْمَالِكِيَّةِ إِذَا أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ بِالدَّنَانِيرِ فَبَاعَهَا بِالدَّرَاهِمِ أَوِ الْعَكْسِ قَوْلَانِ فِي تَخْيِيرِ الْمُوَكِّل وَإِمْضَاءِ الْبَيْعِ، وَهَذَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَا نَقْدَ الْبَلَدِ وَالسِّلْعَةَ مِمَّا تُبَاعُ بِهِمَا وَاسْتَوَتْ قِيمَةُ الذَّهَبِ وَالدَّرَاهِمِ وَإِلَاّ خُيِّرَ قَوْلاً وَاحِدًا. (2)
84 -
أَمَّا إِذَا أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ بِالدَّرَاهِمِ أَوِ الدَّنَانِيرِ فَبَاعَهُ بِالثِّيَابِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْعُرُوضِ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لأَِنَّ الْعُرُوضَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الأَْثْمَانِ، وَبِهَذَا قَال الْحَنَابِلَةُ وَالْمَالِكِيَّةُ. (3)
ج - الْمُخَالَفَةُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ:
85 -
إِذَا بَاعَ الْوَكِيل بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الْمُحَدَّدِ لَهُ وَكَانَتِ الزِّيَادَةُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَكُونُ صَحِيحًا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ) لأَِنَّ الْمُخَالَفَةَ هُنَا إِلَى خَيْرٍ فَلَا تَكُونُ مُخَالَفَةً فِي الْحَقِيقَةِ، وَلأَِنَّ الْمَفْهُومَ عُرْفًا إِنَّمَا هُوَ مَنْعُ النَّقْصِ.
(1) المبدع 4 / 370، الإنصاف 5 / 382، شرح الزرقاني 6 / 80، البدائع 6 / 27، والفتاوى الهندية 3 / 590، المهذب 1 / 360.
(2)
حاشية الدسوقي 3 / 386، والزرقاني 6 / 81.
(3)
المغني مع الشرح الكبير 5 / 257، والزرقاني 6 / 80.