الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حُكْمًا، بِأَنْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي دَارِنَا وَالأَْبُ فِي دَارِ الْكُفْرِ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ بِأَنْ كَانَ الأَْبُ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ وَالصَّغِيرُ فِي دَارِ الْكُفْرِ فَإِنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ. (1)
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (رِدَّة ف 46، وَاخْتِلَافُ الدِّينِ ف 7 - 8، وَتَبَعِيَّة ف 3) .
رِدَّةُ الصَّبِيِّ:
9 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ رِدَّةِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ.
فَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ وَقَوْلٌ لأَِحْمَدَ إِلَى أَنَّ رِدَّةَ الصَّبِيِّ لَا تَصِحُّ. لأَِنَّ أَقْوَال الصَّبِيِّ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حَكَمٌ كَالطَّلَاقِ وَالإِْقْرَارِ وَالْعُقُودِ، وَلأَِنَّ الإِْسْلَامَ فِيهِ نَفْعُهُ، وَالْكُفْرَ فِيهِ ضَرَرُهُ، وَيَجُوزُ تَصَرُّفُهُ النَّافِعُ دُونَ الضَّارِّ.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ: يُحْكَمُ بِرِدَّةِ الصَّبِيِّ، لأَِنَّ الإِْسْلَامَ يَتَعَلَّقُ بِهِ كَمَال الْعَقْل دُونَ الْبُلُوغِ بِدَلِيل أَنَّ مَنْ بَلَغَ غَيْرَ عَاقِلٍ لَمْ يَصِحَّ إِسْلَامُهُ، وَالْعَقْل يُوجَدُ مِنَ الصَّغِيرِ كَمَا يُوجَدُ مِنَ الْكَبِيرِ، وَلأَِنَّهُ أَتَى بِحَقِيقَةِ الإِْسْلَامِ وَهُوَ التَّصْدِيقُ مَعَ الإِْقْرَارِ، لأَِنَّ الإِْقْرَارَ طَائِعًا دَلِيل الاِعْتِقَادِ، وَالْحَقَائِقَ لَا تُرَدُّ، وَإِذَا صَارَ مُسْلِمًا، فَإِذَا ارْتَدَّ
(1) ابن عابدين 2 394، 395.
تَصِحُّ كَالْبَالِغِ، وَلأَِنَّ الإِْسْلَامَ عَقْدٌ وَالرِّدَّةُ حَلُّهُ، وَكُل مَنْ مَلَكَ عَقْدًا مَلَكَ حَلَّهُ كَسَائِرِ الْعُقُودِ، وَلأَِنَّ مَنْ كَانَ بِيَدِهِ الاِعْتِقَادُ تُصُوِّرَ مِنْهُ تَبْدِيلُهُ، فَإِذَا اقْتَرَنَ بِهِ الاِعْتِرَافُ دَل عَلَى تَبْدِيل الاِعْتِقَادِ كَالْمُسْلِمِ. (1)
وَإِذَا ثَبَتَتْ رِدَّةُ الصَّبِيِّ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا أَحْكَامُ الرِّدَّةِ، فَلَا يَرِثُ وَلَا يُوَرَّثُ، وَتَبِينُ امْرَأَتُهُ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ لَوْ مَاتَ مُرْتَدًا، وَيُجْبَرُ عَلَى الإِْسْلَامِ لأَِنَّا لَمَّا حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ لَا يُتْرَكُ عَلَى الْكُفْرِ كَالْبَالِغِ، وَلأَِنَّ بِالْجَبْرِ يَنْدَفِعُ عَنْهُ مَضَرَّةُ حِرْمَانِ الإِْرْثِ وَبَيْنُونَةِ الزَّوْجَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَإِنَّمَا لَا يُقْتَل لأَِنَّ كُل مَنْ لَا يُبَاحُ قَتْلُهُ بِالْكُفْرِ الأَْصْلِيِّ لَا يُبَاحُ بِالرِّدَّةِ، لأَِنَّ إِبَاحَةَ الْقَتْل بِنَاءً عَلَى أَهْلِيَّةِ الْحِرَابِ، وَلأَِنَّ الْقَتْل عُقُوبَةٌ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَلأَِنَّ الْقَتْل لَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْل الصَّبِيِّ كَالْقِصَاصِ، وَإِذَا كَانَ الصَّبِيُّ لَا يَعْقِل لَا يَصِحُّ إِسْلَامُهُ وَلَا ارْتِدَادُهُ، وَكَذَلِكَ الْمَجْنُونُ لأَِنَّ الإِْسْلَامَ وَالْكُفْرَ يَتْبَعَانِ الْعَقْل.
وَوَرَدَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي صَبِيٍّ أَبَوَاهُ مُسْلِمَانِ كَبُرَ كَافِرًا وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ الإِْقْرَارُ بِالإِْسْلَامِ بَعْدَمَا بَلَغَ قَال: لَا يُقْتَل وَيُجْبَرُ عَلَى الإِْسْلَامِ، وَإِنَّمَا يُقْتَل مَنْ
(1) المبسوط 10 122، والاختيار 4 148، وابن عابدين 4 257، والمغني 8 551، والإنصاف 10 329، وجواهر الإكليل 1 21،116، ومغني المحتاج 4 137.