الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَثْبِيتِ النَّهْيِ عَنْ قَتْل أَطْفَال الْمُشْرِكِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَكَذَلِكَ دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ مَعَ مَا دَل عَلَيْهِ الْكِتَابُ مِنْ تَحْرِيمِ الْقَتْل بِغَيْرِ حَقٍّ قَال تَعَالَى:( {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} )(1) .
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَعْظَمُ؟ فَقَال: " أَنْ تَجْعَل لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ " قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لِعَظِيمٌ. قُلْتُ: ثُمَّ أَيْ؟ قَال: " ثُمَّ أَنْ تَقْتُل وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يُطْعَمَ مَعَكَ "(2) .
56 -
فَإِذَا قَتَل الْوَالِدُ وَلَدَهُ فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ، فَالْوَالِدُ لَا يُقَادُ بِوَلَدِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَالْجَدُّ لَا يُقَادُ بِوَلَدِ وَلَدِهِ وَإِنْ نَزَلَتْ دَرَجَتُهُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ وَلَدُ الْبَنِينَ وَوَلَدُ الْبَنَاتِ. (3)
وَفَصَّل الْمَالِكِيَّةُ فَقَالُوا: لَا يُقَادُ الأَْبُ بِالاِبْنِ إِلَاّ أَنْ يُضْجِعَهُ فَيَذْبَحَهُ أَوْ يَبْقُرَ بَطْنَهُ، فَأَمَّا إِذَا حَذَفَهُ بِالسَّيْفِ أَوْ بِالْعَصَا فَقَتَلَهُ لَمْ يُقْتَل بِهِ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ مَعَ حَفِيدِهِ. (4)
(1) سورة الأنعام 140.
(2)
حديث: " أي الذنب أعظم. . . " أخرجه البخاري (الفتح 13 491 ـ ط السلفية) ومسلم (1 90 ـ ط الحلبي) .
(3)
البدائع 7 235، والمبسوط 26 91، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 6 105، وحاشية الدسوقي 4 242، ونهاية المحتاج 7 258، ومغني المحتاج 4 15، وحاشية البحيرمي 4 138، والمغني 7 666، ومنتهى الإرادات 2 403، وكشاف القناع 5 527، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 2 250.
(4)
حاشية الدسوقي 4 238.
وَانْظُرِ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (قِصَاص ف 17، 22) .
قَتْل الْوَلَدِ بِوَالِدَيْهِ:
57 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ) إِلَى أَنَّهُ يُقْتَل الْوَلَدُ بِكُل وَاحِدٍ مِنَ الْوَالِدَيْنِ لِعُمُومِ الآْيَاتِ وَالأَْحَادِيثِ الْمُوجِبَةِ لِلْقِصَاصِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، ثُمَّ خُصَّ مِنْهَا الْوَالِدُ بِالنَّصِّ الْخَاصِّ فَبَقِيَ الْوَلَدُ دَاخِلاً تَحْتَ الْعُمُومِ، وَلأَِنَّ الْقِصَاصَ شُرِعَ لِتَحْقِيقِ حِكْمَةِ الْحَيَاةِ بِالزَّجْرِ وَالرَّدْعِ، وَالْحَاجَةِ إِلَى الزَّجْرِ فِي جَانِبِ الْوَلَدِ لَا فِي جَانِبِ الْوَالِدِ، لأَِنَّ الْوَالِدَ يُحِبُّ وَلَدَهُ لِوَلَدِهِ لَا لِنَفْسِهِ بِوُصُول النَّفْعِ إِلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ، أَوْ يُحِبُّهُ لِحَيَاةِ الذَّكَرِ لِمَا يَحْيَى بِهِ ذِكْرُهُ، وَفِيهِ أَيْضًا زِيَادَةُ شَفَقَةٍ تَمْنَعُ الْوَالِدَ عَنْ قَتْلِهِ، فَأَمَّا الْوَلَدُ فَإِنَّمَا يُحِبُّ وَالِدَهُ لَا لِوَالِدِهِ بَل لِنَفَسِهِ، وَهُوَ وُصُول النَّفْعِ إِلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ، فَلَمْ تَكُنْ مَحَبَّتُهُ وَشَفَقَتُهُ مَانِعَةً مِنَ الْقَتْل، فَلَزِمَ الْمَنْعُ بِشَرْعِ الْقِصَاصِ كَمَا فِي الأَْجَانِبِ، وَأَنَّ مَحَبَّةَ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ لَمَّا كَانَتْ مِنْ أَجْل مَنَافِعَ تَصِل إِلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ لَا لِعَيْنِهِ، فَرُبَّمَا يَقْتُل الْوَالِدَ لِيَتَعَجَّل الْوُصُول إِلَى أَمْلَاكِهِ، لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ لَا يَصِل النَّفْعُ إِلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ لِعَوَارِضَ، وَلَكِنْ مِثْل هَذَا يَنْدُرُ فِي جَانِبِ الأَْبِ، وَأَنَّ الأَْبَ أَعْظَمُ حُرْمَةً وَحَقًّا مِنَ الأَْجْنَبِيِّ، فَإِذَا قُتِل