الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَعْقِل عَتِيقٌ عَنْ مُعْتِقِهِ فِي الأَْظْهَرِ كَمَا لَا يَرِثُ، وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ أَنَّهُ يَعْقِلُ، لأَِنّ الْعَقْل لِلنُّصْرَةِ وَالإِْعَانَةِ وَالْعَتِيقُ أَوْلَى بِهَا، وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الْبَلْقِينِيُّ مِنْهُمْ، أَمَّا عَصَبَةُ الْعَتِيقِ فَلَا تَعْقِل عَنْ مُعْتِقِهِ قَطْعًا. (1)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: عَاقِلَةُ الإِْنْسَانِ: عَصَبَاتُهُ كُلُّهُمْ قَرِيبُهُمْ وَبَعِيدُهُمْ مِنَ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ إِلَاّ عَمُودَيْ نَسَبِهِ: آبَاؤُهُ وَأَبْنَاؤُهُ. وَقَالُوا: عَاقِلَةُ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ عَصَبَاتُ سَيِّدِهِ. (2)
النَّوْعُ الثَّانِي: وَلَاءُ الْمُوَالَاةِ
16 -
الْمُوَالَاةُ لَغُةً مَصْدَرُ الْفِعْل وَالَى، فَيُقَال: وَالَاهُ مُوَالَاةً وَوَلَاءً؛ أَيْ تَابَعَهُ.
وَفِي الاِصْطِلَاحِ الْفِقْهِيِّ: هُوَ أَنْ يُعَاهِدَ شَخْصٌ شَخْصًا آخَرَ عَلَى أَنَّهُ إِنْ جَنَى فَعَلَيْهِ أَرْشُهُ وَإِنْ مَاتَ فَمِيرَاثُهُ لَهُ. (3)
حُكْمُ وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ:
17 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ عَقْدِ الْمُوَالَاةِ، وَمَدَى ثُبُوتِ الْوَلَاءِ بِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:(أَحَدُهَا) وَهُوَ رَأْيُ الْحَنَفِيَّةِ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ
(1) مغني المحتاج 4 96، وتحفة المحتاج مع حاشية الشرواني 9 28 ـ29.
(2)
الإنصاف 7 119 ـ120، ومطالب أولي النهى 6 136.
(3)
قواعد الفقه للبركتي ص 513.
وَعَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم. وَهُوَ قَوْل إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ. وَهُوَ أَنَّهُ وَلَاءٌ ثَابِتٌ بِعَقْدٍ مَشْرُوعٍ، سَوَاءٌ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ أَوْ لَمْ يُسْلِمْ وَيَقَعُ بِهِ التَّوَارُثُ وَالْعَقْل (1) ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْمَعْقُول.
فَأَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْل اللَّهِ عز وجل: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} . (2) إِذِ الْمُرَادُ مِنَ النَّصِيبِ: الْمِيرَاثُ، لأَِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَضَافَ النَّصِيبَ إِلَيْهِمْ، فَدَل عَلَى قِيَامِ حَقٍّ لَهُمْ مُقَدَّرٍ فِي التَّرِكَةِ، وَهُوَ الْمِيرَاثُ، لأَِنَّ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:( {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَْقْرَبُونَ} . (3) لَكِنْ هَذَا عِنْدَ عَدَمِ ذَوِي الأَْرْحَامِ، وَقَدْ عَرَفْنَاهُ بِقَوْلِهِ عز وجل:( {وَأُولُو الأَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} . (4)
وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه قَال: يَا رَسُول اللَّهِ مَا السُّنَّةُ فِي الرَّجُل يُسْلِمُ عَلَى يَدَيِ الرَّجُل مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَال: هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ. (5) أَيْ فِي حَال حَيَاتِهِ وَحَال
(1) الهداية مع الفتح والكفاية 8 161، ورد المحتار 5 78، ومجمع الأنهر والدر المنتقى 2 427، 428، وروضة القضاة للسمناني 3 1128، وكشاف اصطلاحات الفنون 2 1528.
(2)
سورة النساء 33.
(3)
سورة النساء 33
(4)
سورة الأنفال 75.
(5)
حديث تميم الداري: " يا رسول الله، ما السنة في الرجل يسلم على يدي الرجل. . . " أخرجه أبو داود (3 333 - 334 - ط حمص)، ونقل ابن حجر في فتح الباري (12 46) عن الشافعي أنه قال: هذا الحديث ليس بثابت، كما نقل ابن حجر عن الخطابي أنه قال: ضعف أحمد هذا الحديث.