الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالسُّنَّةُ. (1) وَفِي ذَلِكَ يَقُول الشَّوْكَانِيُّ: وَالْحَاصِل أَنَّ مَنْ كَانَ مِنَ الْمَعْدُودِينَ مِنَ الأَْوْلِيَاءِ، إِنْ كَانَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ مِنَ اللَّهِ، مُقِيمًا لِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، تَارِكًا لِمَا نَهَاهُ عَنْهُ، مُسْتَكْثِرًا مِنْ طَاعَاتِهِ، فَهُوَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا ظَهَرَ عَلَيْهِ مِنَ الْكَرَامَاتِ الَّتِي لَمْ تُخَالِفِ الشَّرْعَ، فَهِيَ مَوْهِبَةٌ مِنَ اللَّهِ عز وجل لَا يَحِل لِمُسْلِمٍ أَنْ يُنْكِرَهَا.
وَمَنْ كَانَ بِعَكْسِ هَذِهِ الصِّفَاتِ، فَلَيْسَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَلَيْسَتْ وِلَايَتُهُ رَحْمَانِيَّةً، بَل شَيْطَانِيَّةً، وَخَوَارِقُهُ مِنْ تَلْبِيسِ الشَّيْطَانِ عَلَيْهِ وَعَلَى النَّاسِ. وَلَيْسَ هَذَا بِغَرِيبٍ وَلَا مُسْتَنْكَرٍ، فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَكُونُ مَخْدُومًا بِخَادِمٍ مِنَ الْجِنِّ أَوْ بِأَكْثَرَ، فَيَخْدِمُونَهُ فِي تَحْصِيلٍ مَا يَشْتَهِيهِ وَرُبَّمَا كَانَ مُحَرَّمًا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ. وَالْمِعْيَارُ الَّذِي لَا يَزِيغُ، وَالْمِيزَانُ الَّذِي لَا يَجُورُ هُوَ مِيزَانُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. فَمَنْ كَانَ مُتَّبِعًا لَهُمَا مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا، فَكَرَامَاتُهُ وَجَمِيعُ أَحْوَالِهِ رَحْمَانِيَّةٌ، وَمَنْ لَمْ يَتَمَسَّكْ بِهِمَا وَلَمْ يَقِفْ عِنْدَ حُدُودِهِمَا فَأَحْوَالُهُ شَيْطَانِيَّةٌ. (2)
(1) مجموع فتاوى ابن تيمية 10 431، 11 214،271،274.
(2)
قطر الولي للشوكاني ص 272.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْقَيِّمِ أَنَّ ضَابِطَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ الرَّحْمَنِ وَأَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ مَا يَتَلَبَّسُ بِهِ الْعَبْدُ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ وَحَالٍ، فَإِنْ كَانَ وَفْقَ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ فِي الأُْمُورِ الْبَاطِنَةِ الَّتِي فِي الْقُلُوبِ وَفِي الأَْعْمَال الظَّاهِرَةِ الَّتِي عَلَى الْجَوَارِحِ، كَانَ صَاحِبُهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ مُعْرِضًا فِي ذَلِكَ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ وَهَدْيِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، مُخَالِفًا لَهُمَا إِلَى غَيْرِهِ، فَهُوَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ.
ثُمَّ قَال: فَإِنِ اشْتَبَهَ عَلَيْكَ، فَاكْشِفْهُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ: فِي صَلَاتِهِ، وَمَحَبَّتِهِ لِلسُّنَّةِ وَأَهْلِهَا أَوْ نَفْرَتِهُ عَنْهُمْ، وَدَعْوَتِهِ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ وَالْمُتَابَعَةِ وَتَحْكِيمِ السُّنَّةِ، فَزِنْهُ بِذَلِكَ، وَلَا تَزِنْهُ بِحَالٍ وَلَا كَشْفٍ وَلَا خَارِقٍ، وَلَوْ مَشَى عَلَى الْمَاءِ وَطَارَ فِي الْهَوَاءِ. (1)
كَرَامَاتُ الأَْوْلِيَاءِ
94 -
الْكَرَامَاتُ جَمْعُ كَرَامَةٍ، وَهِيَ فِي اللُّغَةِ: الشَّرَفُ. مِنَ الْكَرَمِ: الَّذِي يَعْنِي شَرَفَ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ أَوْ فِي خُلُقٍ مِنَ الأَْخْلَاقِ. أَوِ الإِْكْرَامُ: الَّذِي هُوَ إِيصَال نَفْعٍ إِلَى الإِْنْسَانِ، لَا يَلْحَقُهُ فِيهِ غَضَاضَةٌ، أَوْ أَنْ يَجْعَل مَا يُوَصَل إِلَيْهِ شَيْئًا كَرِيمًا، أَيْ شَرِيفًا. (2)
(1) الروح لابن القيم ص 359.
(2)
معجم مقاييس اللغة 5 172، ومفردات الراغب ص 707.