الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صِدْقُ الْخَبَرِ، لأَِنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ مَقْبُولٌ فِي الْمُعَامَلَاتِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلاً فَخَبَرُ الْعَدْلَيْنِ أَوِ الْعَدْل أَوْلَى.
وَإِنْ أَخْبَرَهُ وَاحِدٌ غَيْرُ عَدْلٍ فَإِنْ صَدَّقَهُ يَنْعَزِل بِاتِّفَاقِهِمْ أَيْضًا.
أَمَّا إِنْ كَذَّبَهُ فَقَدْ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِل حَتَّى وَإِنْ ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ. لأَِنَّ الإِْخْبَارَ عَنِ الْعَزْل لَهُ شَبَهُ الشَّهَادَةِ، لأَِنَّ فِيهِ الْتِزَامَ حُكْمِ الْمُخْبَرِ بِهِ وَهُوَ الْعَزْلُ، وَهُوَ لُزُومُ الاِمْتِنَاعِ عَنِ التَّصَرُّفِ وَلُزُومُ الْعُهْدَةِ فِيمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بَعْدَ الْعَزْلِ، فَأَشْبَهَ الشَّهَادَةَ، فَيَجِبُ اعْتِبَارُ أَحَدِ شُرُوطِهَا وَهُوَ الْعَدَالَةُ أَوِ الْعَدَدُ.
وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّ الإِْخْبَارَ عَنِ الْعَزْل مِنْ بَابِ الْمُعَامَلَاتِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ وَلَا الْعَدَالَةُ كَمَا فِي الإِْخْبَارِ فِي سَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ (1) .
وَقَال النَّوَوِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنْ قُلْنَا لَا يَنْعَزِل الْوَكِيل حَتَّى يَبْلُغَهُ خَبَرُ عَزْلِهِ فَالْمُعْتَبَرُ خَبَرُ مَنْ تُقْبَل رِوَايَتِهِ دُونَ الصَّبِيِّ وَالْفَاسِقِ (2) .
الشَّرْطُ الثَّانِي: عَدَمُ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِالْوَكَالَةِ:
173 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ عَزْل الْوَكِيل
(1) البدائع 6 / 51، والفتاوى الهندية 3 / 637.
(2)
روضة الطالبين 4 / 330.
إِذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ.
فَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَعَلَّقَ بِالْوَكَالَةِ حَقُّ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَزْل بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِ الْحَقِّ، لأَِنَّ فِي الْعَزْل إِبْطَال حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ وَلَا سَبِيل إِلَيْهِ، وَهُوَ كَمَنْ رَهَنَ مَالَهُ عِنْدَ رَجُلٍ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ، أَوْ وَضَعَهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَجَعَل الْمُرْتَهِنَ أَوِ الْعَدْل مُسَلَّطًا عَلَى بَيْعِهِ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ عِنْدَ حِل الأَْجَلِ، فَعَزْل الرَّاهِنِ الْمُسَلَّطِ عَلَى الْبَيْعِ لَا يَصِحُّ بِهِ عَزْلُهُ.
وَكَذَلِكَ إِذَا وَكَّل الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكِيلاً بِالْخُصُومَةِ مَعَ الْمُدَّعِي بِالْتِمَاسِ الْمُدَّعِي فَعَزَلَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْمُدَّعِي لَا يَنْعَزِل.
وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيمَنْ وَكَّل رَجُلاً بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ إِنْ غَابَ، ثُمَّ عَزَلَهُ الزَّوْجُ مِنْ غَيْرِ حَضْرَةِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ غَابَ، قَال بَعْضُهُمْ: لَا يَصِحُّ عَزْلُهُ، لأَِنَّهُ تَعَلَّقَ بِهَذِهِ الْوَكَالَةِ حَقُّ الْمَرْأَةِ فَأَشْبَهَ الْوَكِيل بِالْخُصُومَةِ، وَقَال بَعْضُهُمْ: يَصِحُّ عَزْلُهُ لأَِنَّهُ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى الطَّلَاقِ وَلَا عَلَى التَّوْكِيل بِهِ، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ بِاخْتِيَارِهِ، فَيَمْلِكُ عَزْلَهُ كَمَا فِي سَائِرِ الْوَكَالَاتِ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا قَال الْمُوَكِّل: عَزَلْتُ الْوَكِيل أَوْ رَفَعْتُ الْوَكَالَةَ، أَوْ فَسَخْتُهَا، أَوْ
(1) بدائع الصنائع 6 / 52 - 53، وانظر المادة من مجلة الأحكام العدلية. ص 105.