الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وُسْعَهَا} ) (1) فَدَل عَلَى أَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إِلَاّ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَأَنَّ الأَْمْرَ يَسْقُطُ بِالْعَجْزِ. (2) وَفِي ذَلِكَ يَقُول الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَوْ تَعَذَّرَتِ الْعَدَالَةُ فِي جَمِيعِ النَّاسِ لَمَا جَازَ تَعْطِيل الْمَصَالِحِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْقُضَاةِ وَالْخُلَفَاءِ وَالْوُلَاةِ، بَل قَدَّمْنَا أَمْثَل الْفَسَقَةِ فَأَمْثَلَهُمْ، وَأَصْلَحَهُمْ لِلْقِيَامِ بِذَلِكَ فَأَصْلَحَهُمْ، بِنَاءً عَلَى أَنَّا إِذَا أُمِرْنَا بِأَمْرٍ أَتَيْنَا مِنْهُ بِمَا قَدَرْنَا عَلَيْهِ، وَيَسْقُطُ عَنَّا مَا عَجَزْنَا عَنْهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ حِفْظَ الْبَعْضِ أَوْلَى مِنْ تَضْيِيعِ الْكُل. (3)
22 -
وَمَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ تَوْلِيَةُ غَيْرِ الأَْهْل لِلضَّرُورَةِ إِذَا كَانَ أَصْلَحَ الْمَوْجُودِ، فَيَجِبُ مَعَ ذَلِكَ السَّعْيُ فِي إِصْلَاحِ الأَْحْوَال حَتَّى يَكْمُل فِي النَّاسِ مَا لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْهُ مِنْ أُمُورِ الْوِلَايَاتِ وَالإِْمَارَاتِ وَنَحْوِهَا، كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُعْسِرِ السَّعْيُ فِي وَفَاءِ دِينِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَال لَا يُطْلَبُ مِنْهُ إِلَاّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَكَمَا يَجِبُ الاِسْتِعْدَادُ لِلْجِهَادِ بِإِعْدَادِ الْقُوَّةِ وَرِبَاطِ الْخَيْل فِي وَقْتِ سُقُوطِهِ لِلْعَجْزِ، فَإِنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَاّ بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ. (4)
(1) سورة البقرة 286.
(2)
غياث الأمم ص 228، وقواعد الأحكام في مصالح الأنام 2 37، ومغني المحتاج 4 130، وكشاف القناع 6 291، والسياسة الشرعية لابن تيمية ص 25، 29.
(3)
قواعد الأحكام 2 37.
(4)
السياسة الشرعية لابن تيمية ص 36.
وَاجِبَاتُ صَاحِبِ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ:
23 -
تَخْتَلِفُ وَاجِبَاتُ أَصْحَابِ الْوِلَايَاتِ الْعَامَّةِ بِحَسْبِ الْوِلَايَةِ الَّتِي يَتَقَلَّدُهَا كُلٌّ مِنْهُمْ، وَذَلِكَ لِتَبَايُنِ الْوَظَائِفِ وَالأَْعْبَاءِ وَالاِخْتِصَاصَاتِ وَالْمَسْئُولِيَّاتِ الْمَنُوطَةِ بِكُل ذِي وِلَايَةٍ، فَوَاجِبَاتُ الْخَلِيفَةِ مَثَلاً مُخْتَلِفَةٌ عَنْ وَاجِبَاتِ وَالِي الشُّرَطَةِ، وَوَاجِبَاتُ الْوَزِيرِ مُخْتَلِفَةٌ عَنْ وَاجِبَاتِ الْقَاضِي، وَوَاجِبَاتُ أَمِيرِ الْجَيْشِ مُخْتَلِفَةٌ عَنْ وَاجِبَاتِ الْمُحْتَسِبِ، وَهَذِهِ الْوَاجِبَاتُ هِيَ كَمَا يَلِي:
أـ الاِلْتِزَامُ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ:
24 -
الاِلْتِزَامُ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ وَاجِبٌ عَلَى صَاحِبِ الْوِلَايَةِ، وَذَلِكَ فِي أَقْوَالِهِ وَأَعْمَالِهِ وَأَخْلَاقِهِ، فَإِنَّهُ مِلَاكُ الأَْمْرِ وَجِمَاعُ الْخَيْرِ فِيهِ. فَمُتَقَلِّدُ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قُدْوَةً حَسَنَةً لِلنَّاسِ فِي ذَلِكَ، بِأَنْ يَتَعَهَّدَ نَفْسَهُ بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى قَبْل أَنْ يَطْلُبَ ذَلِكَ مِنَ الرَّعِيَّةِ، فَإِنَّهُ أَدْعَى إِلَى امْتِثَالِهِمْ، وَأَقْوَى أَثَرًا فِي صَلَاحِهِمْ وَفَلَاحِهِمْ.
ب ـ أَدَاءُ الأَْمَانَةِ:
25 -
وَمِنْ وَاجِبَاتِ صَاحِبِ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ أَدَاءُ الأَْمَانَةِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ( {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا