الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
118 ـ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا وَكَّل شَخْصَانِ شَخْصًا وَاحِدًا بِالْخُصُومَةِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا يُخَاصِمُ صَاحِبَهُ، كَانَ ذَلِكَ التَّوْكِيل غَيْرَ صَحِيحٍ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَكِيل أَنْ يَتَوَلَّى الْخُصُومَةَ عَنِ الضِّدَّيْنِ، لأَِنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى فَسَادِ الأَْحْكَامِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُدَّعِيًا مِنْ جَانِبٍ، وَجَاحِدًا مِنَ الْجَانِبِ الآْخَرِ، وَالتَّضَادُّ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، فَفِي الْخُصُومَةِ أَوْلَى.
أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْخُصُومَةُ لِرَجُلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مَعَ شَخْصٍ آخَرَ فَوَكَّلُوا جَمِيعًا وَكِيلاً وَاحِدًا فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ جَائِزًا، لأَِنَّ الْوَكِيل مُعَبِّرٌ عَنِ الْمُوَكِّلِ، وَالْوَاحِدُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُعَبِّرًا عَنِ اثْنَيْنِ فَمَا زَادَ، كَمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُعَبِّرًا عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ. (1)
التَّوْكِيل بِقَضَاءِ الدَّيْنِ:
119 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ وَكَّل غَيْرَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَقَال: اقْضِهِ وَلَا تَشْهَدْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيل إِذَا أَنْكَرَهُ رَبُّ الدَّيْنِ، سَوَاءٌ حَضَرَ الْمُوَكِّل أَوْ غَابَ، لأَِنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ. (2)
كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ وَكَّل غَيْرَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَى الْمُوَكِّل وَأَمَرَ الْوَكِيل بِالإِْشْهَادِ فَقَضَاهُ
(1) المبسوط 13 / 15، والفتاوى الهندية 3 / 627.
(2)
معونة أولي النهى 4 / 662، وحاشية الدسوقي 3 / 391، والفتاوى الهندية 3 / 627.
وَلَمْ يَشْهَدْ وَأَنْكَرَ الْغَرِيمُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ. (1)
120 -
وَاخْتَلَفُوا فِي ضَمَانِ الْوَكِيل إِذَا أَمَرَهُ الْمُوَكِّل بِقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالإِْشْهَادِ فَقَضَاهُ وَلَمْ يُشْهِدْ وَأَنْكَرَ رَبُّ الدَّيْنِ الْقَضَاءَ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ الْوَكِيل يَضْمَنُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَلَا يُقْبَل قَوْلُهُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ إِلَاّ بِبَيِّنَةٍ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِأَمِينِهِ، فَلَمْ يُقْبَل قَوْلُهُ عَلَيْهِ فِي الدَّفْعِ إِلَيْهِ كَمَا لَوِ ادَّعَى الْمُوَكِّل ذَلِكَ، وَضَمِنَ الْوَكِيل لِمُوَكِّلِهِ مَا أَنْكَرَ رَبُّ الدَّيْنِ قَضَاءَهُ، لأَِنَّهُ مُفَرِّطٌ بِتَرْكِ الإِْشْهَادِ. (2)
121 -
وَهُنَاكَ أَحْوَالٌ لَا يَضْمَنُ فِيهَا الْوَكِيل بِتَرْكِ الإِْشْهَادِ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ، مِنْهَا:
أ - أَنْ يَقْضِيَ الْوَكِيل الدَّيْنَ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّل وَلَمْ يُشْهِدْ، لَمْ يَضْمَنْ، لأَِنَّ تَرْكَهُ الإِْشْهَادَ رِضًا مِنَ الْمُوَكِّل بِمَا فَعَل وَكِيلُهُ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ.
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ فِي الْوَجْهِ الآْخَرِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي
(1) المهذب 1 / 363، والإنصاف 5 / 395، والفتاوى الهندية 3 / 627، وعقد الجواهر الثمينة 2 / 692، وحاشية الدسوقي 3 / 391.
(2)
المهذب 1 / 363، ومغني المحتاج 2 / 236، والإنصاف 5 / 395، والمغني مع الشرح 5 / 232، ومعونة أولي النهى 4 / 662.