الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَوْ وَكَّل شَخْصٌ آخَرَ فِي هِبَةِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ وَهَبَهُ الْمُوَكِّل بِنَفْسِهِ، ثُمَّ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيل الْهِبَةُ (1) .
عَاشِرًا: تَعَدِّي الْوَكِيل فِيمَا وُكِّل فِيهِ:
187 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ
فِي بُطْلَانِ الْوَكَالَةِ بِتَعَدِّي الْوَكِيل فِيمَا وُكِّل فِيهِ عَلَى آرَاءٍ:
الرَّأْيُ الأَْوَّل:
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى عَدَمِ بُطْلَانِ الْوَكَالَةِ بِتَعَدِّي الْوَكِيل فِيمَا وُكِّل عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْوَكِيل إِذَا تَصَرَّفَ فَقَدْ تَصَرَّفَ بِإِذْنِ مُوَكِّلِهِ، فَصَحَّ تَصَرُّفُهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَتَعَدَّ.
كَمَا أَنَّ الْعَقْدَ يَتَضَمَّنُ أَمَانَةً وَتَصَرُّفًا، فَإِذَا تَعَدَّى الْوَكِيل فِيهِ بَطَلَتِ الأَْمَانَةُ، وَبَقِيَ التَّصَرُّفُ. كَالرَّهْنِ يَتَضَمَّنُ أَمَانَةً وَوَثِيقَةً، فَإِذَا تَعَدَّى فِيهِ بَطَلَتِ الأَْمَانَةُ وَبَقِيَتِ الْوَثِيقَةُ.
الرَّأْيُ الثَّانِي:
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِل الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ وَرَدَ بِلَفْظِ قِيل. إِلَى بُطْلَانِ الْوَكَالَةِ بِالتَّعَدِّي مِنَ الْوَكِيلِ، لأَِنَّهَا عَقْدُ أَمَانَةٍ فَتَبْطُل بِالتَّعَدِّي كَالْوَدِيعَةِ (2) .
(1) تكملة ابن عابدين 1 / 280، والفتاوى الهندية 3 / 636، ومغني المحتاج 2 / 233.
(2)
المهذب 1 / 364، ومغني المحتاج 2 / 230، والمغني 5 / 244، وكشاف القناع 3 / 469، ومعونة أولي النهى 4 / 630، والإنصاف 5 / 369ـ 370.
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ هَذَا الْخِلَافَ يَجْرِي فِيمَا إِذَا كَانَ التَّعَدِّي بِالْفِعْلِ، بِأَنْ كَانَ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ أَوْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا.
أَمَّا إِذَا كَانَ التَّعَدِّي بِالْقَوْل كَمَا لَوْ بَاعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ - وَلَوْ بِسَلَمٍ - فَلَا تَبْطُل الْوَكَالَةُ جَزْمًا، لأَِنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَتَعَدَّ فِيمَا وُكِّل فِيهِ.
وَقَال الْمِرْدَاوِيُّ بَعْدَ سَرْدِ آرَاءِ الْفُقَهَاءِ الْحَنَابِلَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ: مُلَخَّصُهُ: إِنْ أَتْلَفَ الْوَكِيل بِتَعَدِّيهِ عَيْنَ مَا وُكِّل فِيهِ بَطَلَتِ الْوَكَالَةُ، وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُ مَا تَعَدَّى فِيهِ بَاقِيَةً لَمْ تَبْطُل (1) .
الرَّأْيُ الثَّالِثُ:
تَفْسُدُ الْوَكَالَةُ فِي الأَْصَحِّ بِتَعَدِّي الْوَكِيل فِيمَا وُكِّل فِيهِ، وَبِهَذَا قَال الْحَنَابِلَةُ فِيمَا جَاءَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى.
وَذَلِكَ لأَِنَّ الْوَكَالَةَ إِذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ مَعَ اسْتِئْمَانٍ، فَإِذَا زَال أَحَدُهُمَا لَمْ يَزُل الآْخَرُ.
قَال ابْنُ رَجَبٍ: ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنَ الأَْصْحَابِ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ مِنَ الْوَكِيل تَقْتَضِي فَسَادَ الْوَكَالَةِ لَا بُطْلَانَهَا، فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ وَيَصِيرُ مُتَصَرِّفًا بِمُجَرَّدِ الإِْذْنِ (2) .
(1) مغني المحتاج 2 / 230، ونهاية المحتاج 5 / 48، والإنصاف 5 / 370.
(2)
الإنصاف 5 / 369ـ370، ومعونة أولي النهى 4 / 630 وانظر كشاف القناع 3 / 469، والقواعد لابن رجب ص64ـ65 القاعدة (45) .