الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبُو الْوَلِيدِ ابْنُ رُشْدٍ: مَعْنَاهُ لَا حُكْمَ لَهُ فِي الْمُوَارَثَةِ عَلَى مَا كَانَ يُفْعَل بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. (1)
وَاسْتَدَلُّوا كَذَلِكَ بِأَنَّ فِي عَقْدِ الْمُوَالَاةِ إِبْطَال حَقِّ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، لأَِنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْعَاقِدِ وَارِثٌ، كَانَ وَرَثَتُهُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ عَنْهُ، فَقَامُوا مَقَامَ الْوَرَثَةِ الْمُعَيَّنِينَ. وَكَمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إِبْطَال حَقِّهِمْ، فَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى إِبْطَال حَقِّ مَنْ قَامَ مَقَامَهُمْ.
(وَالثَّالِثُ) لإِِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَالْمَالِكِيَّةِ فِي الْقَوْل الْمُقَابِل لِلْمَشْهُورِ: وَهُوَ أَنَّ وَلَاءَ الْمُوَالَاةِ إِنَّمَا يَثْبُتُ لِلشَّخْصِ إِذَا أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ آخَرُ، وَلَوْ لَمْ يُوَالِهِ. فَبِنَفْسِ الإِْسْلَامِ عَلَى يَدَيْهِ يَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُ، وَيَرِثُهُ بِهِ.
وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَعَطَاءٍ، وَبِهِ قَضَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. (2) وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ الآْنِفُ الذِّكْرِ.
(1) المقدمات الممهدات 3 129.
(2)
بدائع الصنائع 4 170، والاشراف للقاضي عبد الوهاب 2 994 - 995، المقدمات الممهدات 3 133، وكفاية الطالب الرباني 6 226، 226، والفواكه الدواني 2 209، وبداية المجتهد 2 362، والمهذب 2 22، وأسنى المطالب 4 459، وحاشية الشرواني التحفة 10 375، والمغني 9 254، والسيل الجرار للشوكاني 3 397، 398.
سَبَبُ ثُبُوتِ وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ:
18 -
ذَهَبَ أَصْحَابُ الْقَوْل الثَّالِثِ إِلَى أَنَّ سَبَبَ ثُبُوتِ هَذَا الْوَلَاءِ نَفْسُ إِسْلَامِ الْمَرْءِ عَلَى يَدِ آخَرَ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ تَمِيمٍ رضي الله عنه قَال: سَأَلْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا السُّنَّةُ فِي الرَّجُل مِنْ أَهْل الشِّرْكِ يُسْلِمُ عَلَى يَدِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَال عليه الصلاة والسلام: هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ. (1)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَهُمْ أَصْحَابُ الْقَوْل الأَْوَّل أَنَّ سَبَبَ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ عَقْدُ الْمُوَالَاةِ، وَهُوَ الإِْيجَابُ وَالْقَبُول بِأَنْ يَقُول لِصَاحِبِهِ: أَنْتَ مَوْلَايَ تَرِثُنِي إِذَا مِتُّ وَتَعْقِل عَنِّي إِذَا جَنَيْتُ. فَيَقُول: قَبِلْتُ. سَوَاءٌ قَال ذَلِكَ لِلَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ أَوْ لآِخَرَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الإِْرْثَ وَالْعَقْل فِي الْعَقْدِ. وَلَوْ أَسْلَمَ شَخْصٌ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَلَمْ يُوَالِهِ وَوَالَى غَيْرَهُ، فَهُوَ مَوْلًى لِلَّذِي وَالَاهُ. وَاحْتَجُّوا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} (2) حَيْثُ جَعَل الْوَلَاءَ لِلْعَاقِدِ دُونَ غَيْرِهِ.
قَال الْكَاسَانِيُّ: وَكَذَا لَمْ يُنْقَل أَنَّ الصَّحَابَةَ أَثْبَتُوا الْوَلَاءَ بِنَفْسِ الإِْسْلَامِ، وَكُل النَّاسِ كَانُوا يُسْلِمُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالصَّحَابَةِ
(1) حديث تميم: " هو أولى الناس. . " سبق تخريجه فـ 17.
(2)
سورة النساء 33.