الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَال فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَوْ عَلَّقَ الْوَكَالَةَ عَلَى شَرْطٍ وَتَصَرَّفَ الْوَكِيل بَعْدَ الشَّرْطِ، الأَْصَحُّ الصِّحَّةُ، إِلَاّ أَنَّهُ بَطَل خُصُوصُ الْوَكَالَةِ فَيَبْقَى عُمُومُ الإِْذْنِ. (1) ، وَفَائِدَةُ فَسَادِ الْوَكَالَةِ سُقُوطُ الْمُسَمَّى إِنْ سَمَّى لَهُ أُجْرَةً، وَالرُّجُوعُ إِلَى أُجْرَةِ الْمِثْل. (2)
وَحَذَا كَثِيرٌ مِنَ الْحَنَابِلَةِ حَذْوَ الشَّافِعِيَّةِ فِي أَنَّ فَسَادَ الْوَكَالَةِ لَا يَمْنَعُ نُفُوذَ التَّصَرُّفِ فِيهَا بِالإِْذْنِ، فَقَدْ قَال ابْنُ رَجَبٍ: ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنَ الأَْصْحَابِ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ مِنَ الْوَكِيل تَقْتَضِي فَسَادَ الْوَكَالَةِ لَا بُطْلَانَهَا، فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ وَيَصِيرُ مُتَصَرِّفًا بِمُجَرَّدِ الإِْذْنِ.
وَقَال أَيْضًا: الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ كَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْوَكَالَةِ، إِنَّ فَسَادَهَا لَا يَمْنَعُ نُفُوذَ التَّصَرُّفِ فِيهَا بِالإِْذْنِ، لَكِنَّ خَصَائِصَهَا تَزُول بِفَسَادِهَا، فَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَسْمَاءُ الْعُقُودِ الصَّحِيحَةِ إِلَاّ مُقَيَّدَةً بِالْفَسَادِ. (3)
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ آخَرَ إِلَى أَنَّ الْوَكَالَةَ تَبْطُل كَالْوَدِيعَةِ لِزَوَال الاِئْتِمَانِ، وَالإِْذْنُ فِي التَّصَرُّفِ كَانَ مَنُوطًا بِهِ. (4)
(1) المنثور في القواعد للزركشي 1 / 116.
(2)
الوسيط للغزالي 3 / 284.
(3)
القواعد لابن رجب ص 65.
(4)
القواعد لابن رجب ص 65.
وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا الاِتِّجَاهِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ حَيْثُ قَال: الإِْذْنُ لَيْسَ مُنْفَصِلاً عَنِ الْوَكَالَةِ، فَمَعْنَى فَسَادِ الْوَكَالَةِ بُطْلَانُ الإِْذْنِ. (1)
أَمَّا الشَّرْطُ الصَّحِيحُ فَإِنَّهُ إِذَا خَالَفَ الْوَكِيل الْمُوَكِّل فَإِنَّ لِلْفُقَهَاءِ آرَاءً (تُنْظَرُ فِي فِقْرَةِ 79 وَمَا بَعْدَهَا) .
صِفَةُ عَقْدِ الْوَكَالَةِ:
30 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِفَةِ عَقْدِ الْوَكَالَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ آرَاءٍ:
الرَّأْيُ الأَْوَّل:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْوَكَالَةَ مِنَ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ لأَِنَّ الْوَكَالَةَ تَبَرُّعٌ وَلَا لُزُومَ فِي التَّبَرُّعَاتِ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى عَدَمِ لُزُومِ عَقْدِ الْوَكَالَةِ بِأَنَّ الْمُوَكِّل قَدْ يَرَى الْمَصْلَحَةَ فِي تَرْكِ مَا وَكَّل فِيهِ أَوْ فِي تَوْكِيل آخَرَ، كَذَلِكَ الْوَكِيل قَدْ لَا يَتَفَرَّغُ، فَيَكُونُ لُزُومُ الْعَقْدِ مُضِرًّا بِهِمَا. (2)
(1) الوسيط للغزالي 3 / 284.
(2)
الفتاوى الهندية 3 / 567 وابن عابدين4 / 416، والشرح الصغير 3 / 523، وعقد الجواهر الثمينة 2 / 688، وروضة الطالبين 4 / 332، ومغني المحتاج 2 / 231 ـ 232، وكشاف القناع 3 / 468، والإنصاف 5 / 368، والمبدع 4 / 362، ودرر الحكام 3 / 528.