الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَوْ أَمَرَ شَخْصٌ آخَرَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَاتَيْنِ بِمَبْلَغٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الْمَالِ، فَاشْتَرَى الْوَكِيل وَاحِدَةً فَقَطْ بِنِصْفِ الْمَبْلَغِ صَحَّ الشِّرَاءُ، وَلَزِمَتِ الْمُوَكِّل الشَّاةُ الْمُشْتَرَاةُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ النَّفَاذُ عَلَى شِرَاءِ الأُْخْرَى، لأَِنَّ الإِْذْنَ وَإِنْ تَنَاوَلَهُمَا مَعًا لَكِنَّ الْعُرْفَ لَا يَمْنَعُ التَّبْعِيضَ وَهُوَ لَا يَضُرُّ بِالْمُوَكِّلِ، وَرُبَّمَا لَمْ يَسْتَطِعِ الْوَكِيل إِلَاّ شِرَاءَ وَاحِدَةً فَقَطْ، فَتَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ، وَهَكَذَا فِي كُل سِلْعَةٍ لَا يَضُرُّ تَفْرِيقُهَا بِالْمُوَكِّل.
وَقَيَّدَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ جَوَازَ الشِّرَاءِ مُفَرَّقًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَا إِذَا لَمْ يَقُل الْمُوَكِّل: اشْتَرِ لِي ذَلِكَ صَفْقَةً، لأَِنَّ تَنْصِيصَهُ عَلَى ذَلِكَ يَدُل عَلَى غَرَضِهِ فِيهِ فَلَمْ يَتَنَاوَل إِذْنَهُ سِوَاهُ. (1)
104 -
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ:
أَنْ يَمْنَعَ الْعُرْفُ تَبْعِيضَهُ، أَوْ يَتَرَتَّبَ عَلَى تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ بِالْمُوَكِّلِ، كَأَنْ يُوَكِّل شَخْصٌ آخَرَ فِي شِرَاءِ ثَوْبٍ مِنَ الصُّوفِ، فَيَشْتَرِي الْوَكِيل بَعْضَهُ فَقَطْ.
وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ مُقْتَضَى عِبَارَاتِ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ - إِلَى أَنَّ الشِّرَاءَ يَقَعُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ
(1) حاشية الشلبي على الكنز 4 / 272، البدائع 7 / 3470، المادة 1480من المجلة، المهذب 1 / 360، والمغني 5 / 252 - 253، ومعونة أولي النهى 4 / 648 - 649، ومطالب أولي النهى 3 / 469 - 470.
الْمُوَكِّلِ، لأَِنَّ الإِْذْنَ تَنَاوَل جَمِيعَهُ، وَفِي التَّبْعِيضِ إِضْرَارٌ بِهِ وَهُوَ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، فَإِذَا لَمْ يَرْضَ بِهِ الْمُوَكِّل لَزِمَ الْوَكِيل مَا اشْتَرَاهُ لِمُخَالَفَتِهِ إِذَنْ مُوَكِّلِهِ.
غَيْرَ أَنَّ جُمْهُورَ الْحَنَفِيَّةِ قَالُوا: إِذَا قَامَ الْوَكِيل بِشِرَاءِ الْبَاقِي مِنَ الصَّفْقَةِ وَقَعَ الشِّرَاءُ صَحِيحًا وَلَزِمَ الْمُوَكِّل بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْل أَنْ يُخَاصِمَهُ الْمُوَكِّل أَمَامَ الْقَضَاءِ، لأَِنَّ شِرَاءَ الْبَعْضِ قَدْ يَقَعُ وَسِيلَةً لِلاِمْتِثَال كَأَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَوْرُوثًا فَيَشْتَرِيَهُ الْوَكِيل شِقْصًا شِقْصًا يَأْخُذُ مِنْ كُل وَارِثٍ حِصَّتَهُ فَإِنِ اشْتَرَى الْبَاقِيَ قَبْل مُخَاصَمَةِ الْمُوَكِّل تَبَيَّنَ أَنَّ شِرَاءَهُ لِلْبَعْضِ كَانَ وَسِيلَةً لِلاِمْتِثَال فَيَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّل.
وَقَال زُفَرُ: لَا يَنْفُذُ الشِّرَاءُ عَلَى الْمُوَكِّل بَل يَقَعُ لِلْوَكِيل. (1)
أَمَّا لَوْ خَاصَمَ الْمُوكِّل وَكِيلَهُ إِلَى الْقَاضِي قَبْل أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَكِيل الْبَاقِيَ وَأَلْزَمَ الْقَاضِي الْوَكِيلَ، ثُمَّ قَامَ الْوَكِيل بِشِرَاءِ الْبَاقِي بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُشْتَرَى لَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّل وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْوَكِيل بِاتِّفَاقِ الْحَنَفِيَّةِ، لِمُخَالَفَتِهِ لأَِمْرِ
(1) اللباب 2 / 148، والبدائع 7 / 3469، تكملة الفتح 8 / 86، المادة 1480 من المجلة، مواهب الجليل 5 / 196 - 197، وجواهر الإكليل 2 / 127.