الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَرَى إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَشُرَيْحٌ وَطَاوُسٌ أَنَّ الْوَلَاءَ يَجْرِي مَجْرَى الْمَال فَيُوَرَّثُ مِنَ الْمُعْتِقِ كَمَا يُوَرَّثُ سَائِرُ أَمْوَالِهِ. (1)
الْمِيرَاثُ بِالْوَلَاءِ
13 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يَرِثُ فِي الْحَالَاتِ الَّتِي يَثْبُتُ لَهُ فِيهَا الْوَلَاءُ جَمِيعَ مَال عَتِيقِهِ إِذَا مَاتَ، وَاتَّفَقَ دِينَاهُمَا، وَلَمْ يُخَلِّفْ وَارِثًا سِوَاهُ، وَذَلِكَ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ. وَالنَّسَبُ يُوَرَّثُ بِهِ، وَلَا يُورَثُ، كَذَلِكَ الْوَلَاءُ. وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ قَال: إِنَّ ابْنَةَ حَمْزَةَ أَعْتَقَتْ غُلَامًا لَهَا، فَتُوُفِّيَ، وَتَرَكَ ابْنَتَهُ وَابْنَةَ حَمْزَةَ، فَقَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَهَا النِّصْفَ وَلاِبْنَتِهِ النِّصْفَ. (2)
وَعَنِ الْحَسَنِ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الْمِيرَاثُ لِلْعَصَبَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةٌ فَالْوَلَاءُ. (3) وَعَنْهُ أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ عَبْدًا، فَقَال لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا تَرَى فِي مَالِهِ؟ قَال: " إِنْ مَاتَ وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا فَهُوَ لَكَ ". (4)
(1) البدائع 4 164، والحاوي 22 109.
(2)
حديث عبد الله بن شداد: " إن ابنة حمزة أعتقت غلاما لها. . . " أخرجه البيهقي (6 240 - ط المعارف العثمانية) ، وحكم عليه بالانقطاع لإرساله.
(3)
حديث الحسن مرسلا: " الميراث للعصبة. . . " أخرجه سعيد بن منصور في سننه (1 75 - ط علمي بريس) .
(4)
حديث: " أن رجلا أعتق عبدا. . . " أخرجه البيهقي في السنن (6 240 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث الحسن مرسلا.
وَيُقَدَّمُ الْمَوْلَى فِي الْمِيرَاثِ عَلَى الْرَدِّ وَذَوِي الأَْرْحَامِ فِي قَوْل جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ.
وَإِنْ كَانَ لِلْمُعْتَقِ عَصَبَةٌ مِنْ نَسَبِهِ، أْو َذَوُو فُرُوضٍ تَسْتَغْرِقُ فُرُوضُهُمُ الْمَالَ، فَلَا شَيْءَ لِلْمَوْلَى. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْحَدِيثِ، وَلِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا تَرَكَتِ الْفُرُوضُ فَلأَِوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ. وَفِي لَفْظٌ: فِلأَِوْلَى عَصَبَةٍ ذَكَرٍ. (1) وَالْعَصَبَةُ مِنَ الْقَرَابَةِ أَوْلَى مِنْ ذِي الْوَلَاءِ، لأَِنَّهُ مُشَبَّهٌ بِالْقَرَابَةِ، وَالْمُشَبَّهُ بِهِ أَقْوَى مِنَ الْمُشَبَّهِ، وَلأَِنَّ النَّسَبَ أَقْوَى مِنَ الْوَلَاءِ، بِدَلِيل أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّحْرِيمُ وَالنَّفَقَةُ وَسُقُوطُ الْقِصَاصِ وَرَدُّ الشَّهَادَةِ، وَلَا يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ بِالْوَلَاءِ. (2) ر: إِرْث فَقْرَةَ 51
أ َمَّا إِذَا اخْتَلَفَ دِينُ الْمُعْتِقِ وَدِينُ الْمُعْتَقِ، فَقَدِ
(1) حديث: " ألحقوا الفرائض بأهلها. . " أخرجه البخاري (فتح الباري 12 27 - ط السلفية)، ومسلم (3 1234 - ط الحلبي) من حديث أسامة بن زيد. ولفظه:" فلأولى عصبة ذكر ": قال ابن حجر في فتح الباري (12 12 - ط السلفية) : قال ابن الجوزي والمنذري: هذه اللفظة غير محفوظة.
(2)
المغني لابن قدامة 9 215، 216 ط هجر.
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ التَّوَارُثِ بَيْنَهُمَا.
فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَرِثُ الْمُعْتِقُ الْمُعْتَقَ مَعَ اخْتِلَافِ دِينَيْهِمَا، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ. (1) وَلأَِنَّهُ مِيرَاثٌ، فَيَمْنَعُهُ اخْتِلَافُ الدِّينِ، كَمِيرَاثِ النَّسَبِ، وَلأَِنَّ اخْتِلَافَ الدِّينِ مَانِعٌ مِنَ الْمِيرَاثِ، فَمَنْعُ الْمِيرَاثِ بِالْوَلَاءِ كَالْقَتْل وَالرِّقِّ، يُحَقِّقُهُ أَنَّ الْمِيرَاثَ بِالنَّسَبِ أَقْوَى، فَإِذَا مُنِعَ الأَْقْوَى فَالأَْضْعَفُ أَوْلَى وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَلْحَقَ الْوَلَاءَ بِالنَّسَبِ بِقَوْلِهِ: الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ. وَكَمَا يَمْنَعُ اخْتِلَافُ الدِّينِ التَّوَارُثَ مَعَ صِحَّةِ النَّسَبِ وَثُبُوتِهِ، كَذَلِكَ يَمْنَعُهُ مَعَ صِحَّةِ الْوَلَاءِ وَثُبُوتِهِ. فَإِذَا اجْتَمَعَا عَلَى الإِْسْلَامِ تَوَارَثَا كَالْمُتَنَاسِبَيْنِ، وَهَذَا أَصَحُّ فِي الأَْثَرِ وَالنَّظَرِ ". (2)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا أَعْتَقَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ لَا لِلْمُعْتِقِ الْكَافِرِ وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ.
(1) حديث: " لا يرث المسلم الكافر. . " أخرجه البخاري (فتح الباري 12 50 - ط السلفية) ، ومسلم (3 1233 - ط الحلبي) .
(2)
السيل الجرار للشوكاني 3 400، وبدائع الصنائع 4 161، والمهذب 2 25، ومغني المحتاج 3 20، 24، والمغني 9 217، والإنصاف ج7 ص383، 384، وأحكام أهل الذمة لابن القيم 2 472 وما بعدها.
أَمَّا لَوْ أَعْتَقَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْكَافِرَ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَإِنَّ وَلَاءَهُ يَنْتَقِل لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ عَصَبَتِهِ لِسَيِّدِهِ النَّصْرَانِيِّ. فَإِنْ أَسْلَمَ سَيِّدُهُ الَّذِي أَعْتَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ يَعُودُ إِلَيْهِ.
قَال الْعَدَوِيُّ: وَالْمُرَادُ بِعَوْدِ الْوَلَاءِ هُنَا إِنَّمَا هُوَ الْمِيرَاثُ فَقَطْ.
وَإِذَا أَعْتَقَ مُسْلِمٌ كَافِرًا فَيَكُونُ الْمِيرَاثُ لِبَيْتِ الْمَال إِلَاّ أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِ أَقَارِبُ كُفَّارٌ فَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُمْ. (1)
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَرِثُ مِنَ الْكَافِرِ وَالْكَافِرَ مِنَ الْمُسْلِمِ بِالْوَلَاءِ؛ (2) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ النُّصَرْاَنِيَّ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ (3) .
14 -
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُعْتَقَ لَا يَرِثُ مَنْ يُعْتِقُهُ لأَِنَّهُ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا أُلْحِقَ الْوَلَاءُ بِالنَّسَبِ فِي حَقِّ الْمُعْتِقِ حَيْثُ أَنْعَمَ عَلَى عَبْدِهِ بِالإِْعْتَاقِ
(1) حاشية العدوي على شرح الرسالة 2 225، وشرح الخرشي 8 162 ـ163.
(2)
المغني 9 217، والإنصاف 7 383 - 384 ومطالب أولي النهى 4 647.
(3)
حديث: " لا يرث المسلم النصراني. . . " أخرجه الدارقطني (4 74 - ط دار المحاسن) من حديث جابر بن عبد الله مرفوعا، ثم ذكر (4 75) أن المحفوظ وقفه على جابر بن عبد الله.