الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالنَّبِيِّ:
ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مِمَّا يَفْتَرِقُ الْوَلِيُّ عَنِ النَّبِيِّ فِيهِ: (1)
أ - الْعِصْمَةُ:
84 -
فَالأَْنْبِيَاءُ مَعْصُومُونَ وُجُوبًا، وَلَيْسَ الأَْوْلِيَاءُ كَذَلِكَ، فَيَجُوزُ عَلَيْهِمْ مَا يَجُوزُ عَلَى سَائِرِ عِبَادِ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ اقْتِرَافِ الذُّنُوبِ. قَال الشَّوْكَانِيُّ: لَكِنَّهُمْ قَدْ صَارُوا إِلَى رُتْبَةٍ رَفِيعَةٍ وَمَنْزِلَةٍ عَلِيَّةٍ، فَقَل أَنْ يَقَعَ مِنْهُمْ مَا يُخَالِفُ الصَّوَابَ وَيُنَافِي الْحَقَّ، وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ فَلَا يُخْرِجُهُمْ عَنْ كَوْنِهِمْ أَوْلِيَاءَ لِلَّهِ. (2)
وَقَال النَّوَوِيُّ: وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ مَحْفُوظًا، فَلَا يُصِرُّ عَلَى الذُّنُوبِ، وَإِنْ حَصَلَتْ مِنْهُ هَفَوَاتٌ فِي أَوْقَاتٍ أَوْ زَلَاّتٌ، فَلَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ فِي حَقِّهِمْ. (3)
ب - الإِْيمَانُ بِهِ وَوُجُوبُ الاِتِّبَاعِ:
85 -
الأَْنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ يَجِبُ لَهُمُ الإِْيمَانُ بِجَمِيعِ مَا يُخْبِرُونَ بِهِ عَنِ اللَّهِ عز وجل وَتَجِبُ طَاعَتُهُمْ فِيمَا يَأْمُرُونَ بِهِ، بِخِلَافِ الأَْوْلِيَاءِ فَإِنَّهُمْ
(1) مجموع فتاوى ابن تيمية 11 208،221، 223، ولوامع الأنوار البهية 2 301، وقطر الولي للشوكاني ص 248، وشرح العقيدة الطحاوية للغنيمي الميداني ص 139، وكشاف اصطلاحات الفنون 2 1529.
(2)
قطر الولي ص 248.
(3)
بستان العارفين ص 173.
لَا تَجِبُ طَاعَتُهُمْ فِي كُل مَا يَأْمُرُونَ وَلَا الإِْيمَانُ بِجَمِيعِ مَا يُخْبِرُونَ بِهِ. قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: بَل يُعْرَضُ أَمْرُهُمْ وَخَبَرُهُمْ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَمَا وَافَقَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَجَبَ قَبُولُهُ، وَمَا خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ كَانَ مَرْدُودًا. ثُمَّ قَال: ذَلِكَ أَنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ يَجِبُ عَلَيْهِمُ الاِعْتِصَامُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنُّةِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمْ مَعْصُومٌ يُسَوَّغُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ اتِّبَاعُ مَا يَقَعُ فِي قَلْبِهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ بِالْكِتَابِ وَالسُّنُّةِ. (1)
ج - الْوَحْيُ:
86 -
الأَْنْبِيَاءُ مُكَرَّمُونَ بِتَلَقِّي الْوَحْيِ وَمُشَاهَدَةِ الْمَلَكِ، وَلَيْسَ الأَْوْلِيَاءُ كَذَلِكَ. فَالْوَلِيُّ لَا يَسَعُهُ إِلَاّ اتِّبَاعُ النَّبِيِّ، حَتَّى إِنَّ الْوَلِيَّ لَوِ ادَّعَى النُّبُوَّةَ صَارَ عَدُوًّا لِلَّهِ، لَا وَلِيًّا لَهُ.
د) وُجُوبُ تَبْلِيغِ الْوَحْيِ:
87 -
الأَْنْبِيَاءُ مَأْمُورُونَ بِتَبْلِيغِ الأَْحْكَامِ وَسَائِرِ مَا يُوحَى إِلَيْهِمْ بِهِ مِنَ اللَّهِ وَإِرْشَادِ الأَْنَامِ لِدِينِهِ، وَلَيْسَ الأَْوْلِيَاءُ كَذَلِكَ، لأَِنَّهُمْ لَا يَتَلَقَّوْنَ ذَلِكَ مُبَاشَرَةً بِوَاسِطَةِ الْوَحْيِ، وَإِنَّمَا يَتَّبِعُونَ الأَْنْبِيَاءَ.
هـ - الأَْمْنُ مِنْ سُوءِ الْخَاتِمَةِ:
88 -
فَالأَْنْبِيَاءَ مَأْمُونُونَ عَنْ خَوْفِ سُوءِ الْخَاتِمَةِ، أَمَّا الْوَلِيُّ فَلَا يَعْلَمُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ مَا دَامَ حَيًّا هَل سَيُخْتَمُ لَهُ بِالْمُوَافَاةِ عَلَى
(1) مجموع فتاوى ابن تيمية 11 208 ـ209.