الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِنْ عَقَدَ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ فَأَجَازَهُ الْوَكِيل الأَْوَّل جَازَ أَيْضًا لِنُفُوذِهِ بِرَأْيِهِ (1) .
وَاسْتَثْنَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ صُورَتَيْنِ حَيْثُ أَجَازُوا لِلْوَكِيل أَنْ يُوَكِّل غَيْرَهُ، وَهُمَا:
الصُّورَةُ الأُْولَى:
أَنْ يَكُونَ الْعَمَل مَحَل الْوَكَالَةِ يَتَرَفَّعُ الْوَكِيل عَنِ الْقِيَامِ بِمِثْلِهِ، كَالأَْعْمَال الدَّنِيئَةِ فِي حَقِّ أَشْرَافِ النَّاسِ الْمُرْتَفِعِينَ عَنْ فِعْلِهَا فِي الْعَادَةِ كَبَيْعِ دَابَّةٍ فِي سُوقٍ، أَوْ يَعْجِزُ الْوَكِيل عَنِ الْعَمَل الَّذِي وُكِّل فِيهِ لِكَوْنِهِ لَا يُحْسِنُهُ.
نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، لأَِنَّ الإِْذْنَ يَنْصَرِفُ إِلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَلأَِنَّ التَّفْوِيضَ فِي مِثْل هَذِهِ الْحَالَةِ إِنَّمَا يُقْصَدُ مِنْهُ الاِسْتِنَابَةُ.
وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ هَذَا الْحُكْمَ بِمَا إِذَا كَانَ الْمُوَكِّل يَعْلَمُ بِوَجَاهَةِ الْوَكِيلِ، أَوِ اشْتَهَرَ الْوَكِيل بِهَا، أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ الْمُوَكِّل بِهَذَا فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيل أَنَّ يُوَكِّلَ، وَيَضْمَنُ إِنْ وَكَل فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِتَعَدِّيهِ (2) .
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ:
أَنْ يَكُونَ الْعَمَل الَّذِي فِيهِ
(1) اللباب 2 / 144، والهداية وشروحها 6 / 100 ط دار الفكر.
(2)
كشاف القناع 3 / 466، ومغني المحتاج 2 / 226، وأسنى المطالب2 / 270، وحاشية الدسوقي 3 / 388.
التَّوْكِيل مِمَّا يَعْمَلُهُ الْوَكِيل بِنَفْسِهِ وَلَكِنَّهُ يَعْجِزُ عَنْ عَمَلِهِ كُلِّهِ لِكَثْرَتِهِ وَانْتِشَارِهِ:
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ التَّوْكِيل فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مَدَى حَقِّ الْوَكِيل فِي التَّوْكِيلِ، بِمَعْنَى هَل يَحِقُّ لَهُ التَّوْكِيل فِي فِعْل الْعَمَل كُلِّهِ أَوْ فِيمَا زَادَ عَلَى مَقْدِرَتِهِ فَقَطْ؟ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي إِلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّوْكِيل إِلَاّ فِي الْعَمَل الزَّائِدِ فَقَطْ، لأَِنَّ التَّوْكِيل إِنَّمَا جَازَ لِلْحَاجَةِ فَاخْتَصَّ بِمَا دَعَتْ إِلَيْهِ الْحَاجَةُ فَقَطْ، بِخِلَافِ وُجُودِ إِذْنِهِ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ.
غَيْرَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَالُوا: يُوَكِّل مَنْ يُشَارِكُهُ فِي الْكَثِيرِ الَّذِي وُكِّل فِيهِ لِيُعِينَهُ عَلَيْهِ لَا أَنْ يُوَكِّل غَيْرَهُ اسْتِقْلَالاً (1) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى جَوَازِ التَّوْكِيل فِي الْعَمَل كُلِّهِ، لأَِنَّ الْوَكَالَةَ اقْتَضَتْ جَوَازَ التَّوْكِيلِ، فَصَحَّ التَّوْكِيل فِي فِعْل الْعَمَل كُلِّهِ، كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي التَّوْكِيل بِلَفْظِهِ (2) .
(1) حاشية الدسوقي 3 / 388، وشرح الخرشي 6 / 78، وشرح المنهج 3 / 411، ومغني المحتاج 2 / 226، والمغني 5 / 216، والإنصاف 5 / 364، وكشاف القناع 3 / 466.
(2)
مغني المحتاج 2 / 226، والمغني 5 / 215.