الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والولد الّذين تكون الاستماتة دونهم فيحتاج في ذلك إلى تحفّظ آخر والله القويّ العزيز.
المقصورة للصلاة والدعاء في الخطبة
وهما من الأمور الخلافيّة ومن شارات الملك الإسلاميّ ولم يعرف في غير دول الإسلام. فأمّا البيت المقصورة من المسجد لصلاة السّلطان فيتّخذ سياجا على المحراب فيحوزه وما يليه فأوّل من اتّخذها معاويّة بن أبي سفيان حين طعنه الخارجيّ والقصّة معروفة وقيل أوّل من اتّخذها مروان بن الحكم حين طعنه اليمانيّ ثمّ اتّخذها الخلفاء من بعدهما وصارت سنّة في تمييز السّلطان عن النّاس في الصّلاة وهي إنّما تحدث عند حصول التّرف في الدّول والاستفحال شأن أحوال الأبّهة كلّها وما زال الشّأن ذلك في الدّول الإسلاميّة كلّها وعند افتراق الدّولة العبّاسيّة وتعدّد الدّول بالمشرق وكذا بالأندلس عند انقراض الدّولة الأمويّة وتعدّد ملوك الطّوائف وأمّا المغرب فكان بنو الأغلب يتّخذونها بالقيروان ثمّ الخلفاء العبيديّون ثمّ ولاتهم على المغرب من صنهاجة بنو باديس بفاس وبنو حماد بالقلعة ثمّ ملك الموحّدين سائر المغرب والأندلس ومحوا ذلك الرّسم على طريقة البداوة الّتي كانت شعارهم ولمّا استفحلت الدّولة وأخذت بحظّها من التّرف وجاء أبو يعقوب المنصور ثالث ملوكهم فاتّخذ هذه المقصورة وبقيت من بعده سنّة لملوك المغرب والأندلس وهكذا كان الشّأن في سائر الدّول سنّة الله في عباده.
وأمّا الدّعاء على المنابر في الخطبة فكان الشّأن أوّلا عند الخلفاء ولاية الصّلاة بأنفسهم فكانوا يدعون لذلك بعد الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم والرّضى عن أصحابه وأوّل من اتّخذ المنبر عمرو بن العاص لمّا بنى جامعه بمصر وأوّل من دعا للخليفة على المنبر ابن عبّاس دعا لعليّ رضي الله عنهما في خطبته وهو بالبصرة عامل له عليها فقال اللَّهمّ انصر عليّا على الحقّ واتّصل العمل على ذلك فيما بعد وبعد أخذ
عمرو بن العاص المنبر بلغ عمر بن الخطّاب ذلك فكتب إليه عمر بن الخطّاب أمّا بعد فقد بلغني أنّك اتّخذت منبرا ترقى به على رقاب المسلمين أو ما يكفيك أن تكون قائما والمسلمون تحت عقبيك فعزمت عليك إلّا ما كسرته فلمّا حدثت الأبّهة وحدث في الخلفاء المانع من الخطبة والصّلاة استنابوا فيهما فكان الخطيب يشيد بذكر الخليفة على المنبر تنويها باسمه ودعاء له بما جعل الله مصلحة العالم فيه ولأنّ تلك السّاعة مظنّة للإجابة ولما ثبت عن السّلف في قولهم من كانت له دعوة صالحة فليضعها في السّلطان وكان الخليفة يفرد بذلك فلمّا جاء الحجر والاستبداد صار المتغلّبون على الدّول كثيرا ما يشاركون الخليفة في ذلك ويشاد باسمهم عقب اسمه وذهب ذلك بذهاب تلك الدّول وصار الأمر إلى اختصاص السّلطان بالدّعاء له على المنبر دون من سواه وحظر أن يشاركه فيه أحد أو يسمو إليه وكثيرا ما يغفل المعاهدون من أهل الدّول هذا الرّسم عند ما تكون الدّولة في أسلوب الغضاضة ومناحي البداوة في التّغافل والخشونة ويقنعون بالدّعاء على الإبهام والإجمال لمن ولي أمور المسلمين ويسمّون مثل هذه الخطبة إذا كانت على هذا المنحى عبّاسيّة يعنون بذلك أنّ الدّعاء على الإجمال إنّما يتناول العبّاسيّ تقليدا في ذلك لما سلف من الأمر ولا يحفلون بما وراء ذلك من تعيينه والتّصريح باسمه يحكى أنّ يغمراسن بن زيّان عاهد دولة بني عبد الوادّ لمّا غلبه الأمير أبو زكريّا يحيى بن أبي حفص على تلمسان ثمّ بدا له في إعادة الأمر إليه على شروط شرطها كان فيها ذكر اسمه على منابر عمله فقال يغمراسن تلك أعوادهم يذكرون عليها من شاءوا وكذلك يعقوب بن عبد الحقّ عاهد دولة بني مرين حضره رسول المنتصر الخليفة بتونس من بني أبي حفص وثالث ملوكهم وتخلّف بعض أيّامه عن شهود الجمعة فقيل له لم يحضر هذا الرّسول كراهية لخلوّ الخطبة من ذكر سلطانه فأذن في الدّعاء له وكان ذلك سببا لأخذهم بدعوته وهكذا شأن الدّول في بدايتها وتمكّنها في الغضاضة والبداوة فإذا انتبهت عيون سياستهم