المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالث والخمسون في أمر الفاطمي وما يذهب إليه الناس في شأنه وكشف الغطاء عن ذلك - تاريخ ابن خلدون - جـ ١

[ابن خلدون]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الأول]

- ‌المؤلف والكتاب

- ‌كلمة الناشر

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌المقدمة في فضل علم التّاريخ وتحقيق مذاهبه والالماع لما يعرض للمؤرخين من المغالط وذكر شيء من أسبابها

- ‌فصل

- ‌الكتاب الأول في طبيعة العمران في الخليقة وما يعرض فيها من البدو والحضر والتغلب والكسب والمعاش والصنائع والعلوم ونحوها وما لذلك من العلل والأسباب

- ‌الباب الأوّل من الكتاب الأول في العمران البشري على الجملة وفيه مقدمات

- ‌الأولى في أنّ الاجتماع الإنسانيّ ضروريّ

- ‌المقدمة الثانية في قسط العمران من الأرض والإشارة إلى بعض ما فيه من الأشجار [1] والأنهار والأقاليم

- ‌تكملة لهذه المقدمة الثانية في أن الربع الشمالي من الأرض أكثر عمرانا من الربع الجنوبي وذكر السبب في ذلك

- ‌تفصيل الكلام على هذه الجغرافيا

- ‌الإقليم الأوّل

- ‌الإقليم الثّاني:

- ‌الإقليم الثّالث:

- ‌الإقليم الرّابع:

- ‌ الإقليم الخامس

- ‌الإقليم السّادس

- ‌ الإقليم السّابع

- ‌المقدمة الثالثة في المعتدل من الأقاليم والمنحرف وتأثير الهواء في ألوان البشر والكثير في أحوالهم

- ‌المقدمة الرابعة في أثر الهواء في أخلاق البشر

- ‌المقدمة الخامسة في اختلاف أحوال العمران في الخصب والجوع وما ينشأ عن ذلك من الآثار في أبدان البشر وأخلاقهم

- ‌المقدمة السادسة في أصناف المدركين من البشر بالفطرة أو الرياضة ويتقدمه الكلام في الوحي والرؤيا

- ‌ولنذكر الآن تفسير حقيقة النبوة على ما شرحه كثير من المحققين ثم نذكر حقيقة الكهانة ثم الرؤيا ثم شان العرافين وغير ذلك من مدارك الغيب

- ‌أصناف النفوس البشرية

- ‌الوحي

- ‌الكهانة

- ‌الرؤيا

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌فصل

- ‌الباب الثاني في العمران البدويّ والأمم الوحشية والقبائل وما يعرض في ذلك من الأحوال وفيه فصول وتمهيدات

- ‌الفصل الأول في أن أجيال البدو والحضر طبيعية

- ‌الفصل الثاني في أن جيل العرب في الخلقة طبيعيّ

- ‌الفصل الثالث في أن البدو أقدم من الحضر وسابق عليه وان البادية أصل العمران والأمصار مدد لها

- ‌الفصل الرابع في أن أهل البدو أقرب إلى الخير من أهل الحضر

- ‌الفصل الخامس في أن أهل البدو أقرب إلى الشجاعة من أهل الحضر

- ‌الفصل السادس في أن معاناة أهل الحضر للأحكام مفسدة للبأس فيهم ذاهبة بالمنعة منهم

- ‌الفصل السابع في أن سكنى البدو لا تكون إلا للقبائل أهل العصبية

- ‌الفصل الثامن في أن العصبية إنما تكون من الالتحام بالنسب أو ما في معناه

- ‌الفصل التاسع في أن الصريح من النسب إنما يوجد للمتوحشين في القفر من العرب ومن في معناهم

- ‌الفصل العاشر في اختلاط الأنساب كيف يقع

- ‌الفصل الحادي عشر [1] في أن الرئاسة لا تزال في نصابها المخصوص من أهل العصبية

- ‌الفصل الثاني عشر في ان الرئاسة على أهل العصبية لا تكون في غير نسبهم

- ‌الفصل الثالث عشر في أن البيت والشرف بالاصالة والحقيقة لأهل العصبية ويكون لغيرهم بالمجاز والشبه

- ‌الفصل الرابع عشر في أن البيت والشرف للموالي وأهل الاصطناع إنما هو بمواليهم لا بأنسابهم

- ‌الفصل الخامس عشر في أن نهاية الحسب في العقب الواحد أربعة اباء

- ‌الفصل السادس عشر في أن الأمم الوحشية أقدر على التغلب ممن سواها

- ‌الفصل السابع عشر في ان الغاية التي تجري إليها العصبية هي الملك

- ‌الفصل الثامن عشر في أن من عوائق الملك حصول الترف وانغماس القبيل في النعيم

- ‌الفصل التاسع عشر في أن من عوائق الملك المذلة للقبيل والانقياد إلى سواهم

- ‌الفصل العشرون في أن من علامات الملك التنافس في الخلال الحميدة وبالعكس

- ‌الفصل الحادي والعشرون في أنه إذا كانت الأمة وحشية كان ملكها أوسع

- ‌الفصل الثاني والعشرون في أن الملك إذا ذهب عن بعض الشعوب من أمة فلا بد من عوده إلى شعب آخر منها ما دامت لهم العصبية

- ‌الفصل الثالث والعشرون في أن المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده

- ‌الفصل الرابع والعشرون في أن الأمة إذا غلبت وصارت في ملك غيرها أسرع إليها الفناء

- ‌الفصل الخامس والعشرون في أن العرب لا يتغلبون إلا على البسائط

- ‌الفصل السادس والعشرون في أن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب

- ‌الفصل السابع والعشرون في أن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين على الجملة

- ‌الفصل الثامن والعشرون في أن العرب أبعد الأمم عن سياسة الملك

- ‌الفصل التاسع والعشرون في أن البوادي من القبائل والعصائب مغلوبون لأهل الأمصار

- ‌الباب الثالث من الكتاب الأول في الدول العامة والملك والخلافة والمراتب السلطانية وما يعرض في ذلك كله من الأحوال وفيه قواعد ومتممات

- ‌الفصل الأول في أن الملك والدولة العامة إنما يحصلان بالقبيل والعصبية

- ‌الفصل الثاني في أنه إذا استقرت الدولة وتمهدت فقد تستغني عن العصبية

- ‌الفصل الثالث في أنه قد يحدث لبعض أهل النصاب الملكي دولة تستغني عن العصبية

- ‌الفصل الرابع في أن الدول العامة الاستيلاء العظيمة الملك أصلها الدين اما من نبوة أو دعوة حق

- ‌الفصل الخامس في أن الدعوة الدينية تزيد الدولة في أصلها قوة على قوة العصبية التي كانت لها من عددها

- ‌الفصل السادس في أن الدعوة الدينية من غير عصبية لا تتم

- ‌الفصل السابع في أن كل دولة لها حصة من الممالك والأوطان لا تزيد عليها

- ‌الفصل الثامن في أن عظم الدولة واتساع نطاقها وطول أمدها على نسبة القائمين بها في القلة والكثرة

- ‌الفصل التاسع في ان الأوطان الكثيرة القبائل والعصائب قل ان تستحكم فيها دولة

- ‌الفصل العاشر في ان من طبيعة الملك الانفراد بالمجد

- ‌الفصل الحادي عشر في ان من طبيعة الملك الترف

- ‌الفصل الثاني عشر في ان من طبيعة الملك الدعة والسكون

- ‌الفصل الثالث عشر في أنه إذا تحكمت طبيعة الملك من الانفراد بالمجد وحصول الترف والدعة أقبلت الدولة على الهرم

- ‌الفصل الرابع عشر في أن الدولة لها أعمار طبيعية كما للأشخاص

- ‌الفصل الخامس عشر في انتقال الدولة من البداوة إلى الحضارة

- ‌الفصل السادس عشر في أن الترف يزيد الدولة في أولها قوة إلى قوتها

- ‌الفصل السابع عشر في أطوار الدولة واختلاف أحوالها وخلق أهلها باختلاف الأطوار

- ‌الفصل الثامن عشر في أن آثار الدولة كلها على نسبة قوتها في أصلها

- ‌الفصل التاسع عشر في استظهار صاحب الدولة على قومه وأهل عصبيته بالموالي والمصطنعين

- ‌الفصل العشرون في أحوال الموالي والمصطنعين في الدول

- ‌الفصل الحادي والعشرون فيما يعرض في الدول من حجر السلطان والاستبداد عليه

- ‌الفصل الثاني والعشرون في ان المتغلبين على السلطان لا يشاركونه في اللقب الخاص بالملك

- ‌الفصل الثالث والعشرون في حقيقة الملك وأصنافه

- ‌الفصل الرابع والعشرون في أن إرهاف الحد مضرّ بالملك ومفسد له في الأكثر

- ‌الفصل الخامس والعشرون في معنى الخلافة والإمامة

- ‌الفصل السادس والعشرون في اختلاف الأمة في حكم هذا المنصب وشروطه

- ‌الفصل السابع والعشرون في مذاهب الشيعة في حكم الإمامة

- ‌الفصل الثامن والعشرون في انقلاب الخلافة إلى الملك

- ‌الفصل التاسع والعشرون في معنى البيعة

- ‌الفصل الثلاثون في ولاية العهد

- ‌وعرض هنا أمور تدعو الضّرورة إلى بيان الحقّ فيها

- ‌فالأول منها ما حدث في يزيد من الفسق أيّام خلافته

- ‌والأمر الثّاني هو شأن العهد مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما تدّعيه الشّيعة من وصيّته لعليّ رضي الله عنه

- ‌والأمر الثّالث شأن الحروب الواقعة في الإسلام بين الصّحابة والتّابعين

- ‌الفصل الحادي والثلاثون في الخطط الدينية الخلافية

- ‌فأمّا إمامة الصّلاة

- ‌وأمّا الفتيا

- ‌وأمّا القضاء

- ‌العدالة:

- ‌الحسبة والسكة

- ‌الفصل الثاني والثلاثون في اللقب بأمير المؤمنين وانه من سمات الخلافة وهو محدث منذ عهد الخلفاء

- ‌الفصل الثالث والثلاثون في شرح اسم البابا والبطرك في الملة النصرانية واسم الكوهن عند اليهود

- ‌الفصل الرابع والثلاثون في مراتب الملك والسلطان والقابها

- ‌ الوزارة

- ‌الحجابة:

- ‌ديوان الأعمال والجبايات

- ‌ديوان الرسائل والكتابة

- ‌الشرطة:

- ‌قيادة الأساطيل:

- ‌الفصل الخامس والثلاثون في التفاوت بين مراتب السيف والقلم في الدول

- ‌الفصل السادس والثلاثون في شارات الملك والسلطان الخاصة به

- ‌الآلة:

- ‌السرير:

- ‌السكة:

- ‌مقدار الدرهم والدينار الشرعيين

- ‌الخاتم

- ‌الطراز:

- ‌الفساطيط والسياج

- ‌المقصورة للصلاة والدعاء في الخطبة

- ‌الفصل السابع والثلاثون في الحروب ومذاهب الأمم وترتيبها

- ‌الفصل الثامن والثلاثون في الجباية وسبب قلتها وكثرتها

- ‌الفصل التاسع والثلاثون في ضرب المكوس أواخر الدولة

- ‌الفصل الأربعون في أن التجارة من السلطان مضرة بالرعايا ومفسدة للجباية

- ‌الفصل الحادي والأربعون في أن ثروة السلطان وحاشيته إنما تكون في وسط الدولة

- ‌فصل:

- ‌الفصل الثاني والأربعون في أن نقص العطاء من السلطان نقص في الجباية

- ‌الفصل الثالث والأربعون في أن الظلم مؤذن بخراب العمران

- ‌فصل:

- ‌الاحتكار:

- ‌الفصل الرابع والأربعون في أن الحجاب كيف يقع في الدول وفي أنه يعظم عند الهرم

- ‌الفصل الخامس والأربعون في انقسام الدولة الواحدة بدولتين

- ‌الفصل السادس والأربعون في أن الهرم إذا نزل بالدولة لا يرتفع

- ‌الفصل السابع والأربعون في كيفية طروق الخلل للدولة

- ‌الفصل الثامن والأربعين فصل في اتساع الدولة أولا إلى نهايته ثم تضايقه طورا بعد طور إلى فناء الدولة واضمحلالها [1]

- ‌الفصل التاسع والأربعون في حدوث الدولة وتجددها كيف يقع

- ‌الفصل الخمسون في ان الدولة المستجدة إنما تستولي على الدولة المستقرة بالمطاولة لا بالمناجزة

- ‌الفصل الحادي والخمسون في وفور العمران اخر الدولة وما يقع فيها من كثرة الموتان والمجاعات

- ‌الفصل الثاني والخمسون في أن العمران البشري لا بد له من سياسة ينتظم بها أمره

- ‌الفصل الثالث والخمسون في أمر الفاطمي وما يذهب إليه الناس في شأنه وكشف الغطاء عن ذلك

- ‌الفصل الرابع والخمسون في ابتداء الدول والأمم وفي الكلام على الملاحم والكشف عن مسمى الجفر

- ‌الباب الرابع من الكتاب الأول في البلدان والأمصار وسائر العمران وما يعرض في ذلك من الأحوال وفيه سوابق ولواحق

- ‌الفصل الأول في أن الدول من المدن والأمصار وأنها إنما توجد ثانية عن الملك

- ‌الفصل الثاني في أن الملك يدعو إلى نزول الأمصار

- ‌الفصل الثالث في أن المدن العظيمة والهياكل المرتفعة إنما يشيدها الملك الكثير

- ‌الفصل الرابع في أن الهياكل العظيمة جدا لا تستقل ببنائها الدولة الواحدة

- ‌الفصل الخامس فيما تجب مراعاته في أوضاع المدن وما يحدث إذا غفل عن المراعاة

- ‌الفصل السادس في المساجد والبيوت العظيمة في العالم

- ‌الفصل السابع في أن المدن والأمصار بإفريقية والمغرب قليلة

- ‌الفصل الثامن في أن المباني والمصانع في الملة الإسلامية قليلة بالنسبة إلى قدرتها وإلى من كان قبلها من الدول

- ‌الفصل التاسع في أن المباني التي كانت تختطها العرب يسرع إليها الخراب إلا في الأقل

- ‌الفصل العاشر في مبادي الخراب في الأمصار

- ‌الفصل الحادي عشر في ان تفاضل الأمصار والمدن في كثرة الرزق لأهلها ونفاق الأسواق إنما هو في تفاضل عمرانها في الكثرة والقلة

- ‌الفصل الثاني عشر في أسعار المدن

- ‌الفصل الثالث عشر في قصور أهل البادية عن سكنى المصر الكثير العمران

- ‌الفصل الرابع عشر في أن الأقطار في اختلاف أحوالها بالرفه والفقر مثل الأمصار

- ‌الفصل الخامس عشر في تأثل العقار والضياع في الأمصار وحال فوائدها ومستغلاتها

- ‌الفصل السادس عشر في حاجات المتمولين من أهل الأمصار إلى الجاه والمدافعة

- ‌الفصل السابع عشر في أن الحضارة في الأمصار من قبل الدول وأنها ترسخ باتصال الدولة ورسوخها

- ‌الفصل الثامن عشر في أن الحضارة غاية العمران ونهاية لعمره وانها مؤذنة بفساده

- ‌الفصل التاسع عشر في أن الأمصار التي تكون كراسي للملك تخرب بخراب الدولة وانقراضها

- ‌الفصل العشرون في اختصاص بعض الأمصار ببعض الصنائع دون بعض

- ‌الفصل الحادي والعشرون في وجود العصبية في الأمصار وتغلب بعضهم على بعض

- ‌الفصل الثاني والعشرون في لغات أهل الأمصار

- ‌الباب الخامس من الكتاب الأول في المعاش ووجوبه من الكسب والصنائع وما يعرض في ذلك كله من الأحوال وفيه مسائل

- ‌الفصل الأول في حقيقة الرزق والكسب وشرحهما وان الكسب هو قيمة الأعمال البشرية

- ‌الفصل الثاني في وجوه المعاش وأصنافه ومذاهبه

- ‌الفصل الثالث في أن الخدمة ليست من الطبيعي

- ‌الفصل الرابع في ابتغاء الأموال من الدفائن والكنوز ليس بمعاش طبيعي

- ‌الفصل الخامس في أن الجاه مفيد للمال

- ‌الفصل السادس في أن السعادة والكسب إنما يحصل غالبا لأهل الخضوع والتملق وان هذا الخلق من أسباب السعادة

- ‌الفصل السابع في أن القائمين بأمور الدين من القضاء والفتيا والتدريس والإمامة والخطابة والأذان ونحو ذلك لا تعظم ثروتهم في الغالب

- ‌الفصل الثامن في أن الفلاحة من معاش المتضعين وأهل العافية من البدو

- ‌الفصل التاسع في معنى التجارة ومذاهبها وأصنافها

- ‌الفصل العاشر في أي أصناف الناس يحترف بالتجارة وأيهم ينبغي له اجتناب حرفها

- ‌الفصل الحادي عشر في أن خلق التجار نازلة عن خلق الأشراف والملوك

- ‌الفصل الثاني عشر في نقل التاجر للسلع

- ‌الفصل الثالث عشر في الاحتكار

- ‌الفصل الرابع عشر في أن رخص الأسعار مضر بالمحترفين بالرخص

- ‌الفصل الخامس عشر في أن خلق التجارة نازلة عن خلق الرؤساء وبعيدة من المروءة

- ‌الفصل السادس عشر في أن الصنائع لا بد لها من العلم [2]

- ‌الفصل السابع عشر في أن الصنائع إنما تكمل بكمال العمران الحضري وكثرته

- ‌الفصل الثامن عشر في أن رسوخ الصنائع في الأمصار إنما هو برسوخ الحضارة وطول أمده

- ‌الفصل التاسع عشر في أن الصنائع إنما تستجاد وتكثر إذا كثر طالبها

- ‌الفصل العشرون في أن الأمصار إذا قاربت الخراب انتقضت منها الصنائع

- ‌الفصل الحادي والعشرون في أن العرب أبعد الناس عن الصنائع

- ‌الفصل الثاني والعشرون فيمن حصلت له ملكة في صناعة فقل أن يجيد بعد في ملكة أخرى

- ‌الفصل الثالث والعشرون في الإشارة إلى أمهات الصنائع

- ‌الفصل الرابع والعشرون في صناعة الفلاحة

- ‌الفصل الخامس والعشرون في صناعة البناء

- ‌الفصل السادس والعشرون في صناعة النجارة

- ‌الفصل السابع والعشرون في صناعة الحياكة والخياطة

- ‌الفصل الثامن والعشرون في صناعة التوليد

- ‌الفصل التاسع والعشرون في صناعة الطب وانها محتاج إليها في الحواضر والأمصار دون البادية

- ‌الفصل الثلاثون في أن الخط والكتابة من عداد الصنائع الإنسانية

- ‌الفصل الحادي والثلاثون في صناعة الوراقة

- ‌الفصل الثاني والثلاثون في صناعة الغناء

- ‌الفصل الثالث والثلاثون في أن الصنائع تكسب صاحبها عقلا وخصوصا الكتابة والحساب

- ‌الباب السادس من الكتاب الأول في العلوم وأصنافها والتعليم وطرقه وسائر وجوهه وما يعرض في ذلك كله من الأحوال وفيه مقدمة ولواحق

- ‌فالمقدّمة في الفكر الإنسانيّ

- ‌الفصل الأول في أن العلم والتعليم طبيعي في العمران البشري

- ‌الفصل الثاني في أن التعليم للعلم من جملة الصنائع

- ‌الفصل الثالث في ان العلوم إنما تكثر حيث يكثر العمران وتعظم الحضارة

- ‌الفصل الرابع في أصناف العلوم الواقعة في العمران لهذا العهد

- ‌الفصل الخامس في علوم القرآن من التفسير والقراءات

- ‌وأمّا التفسير

- ‌الفصل السادس في علوم الحديث

- ‌الفصل السابع في علم الفقه وما يتبعه من الفرائض

- ‌الفصل الثامن في علم الفرائض

- ‌الفصل التاسع في أصول الفقه وما يتعلق به من الجدل والخلافيات

- ‌وأما الخلافات

- ‌وأما الجدال

- ‌الفصل العاشر في علم الكلام

- ‌الفصل الحادي عشر في أن عالم الحوادث الفعلية إنما يتم بالفكر

- ‌الفصل الثاني عشر في العقل التجريبي وكيفية حدوثه [1]

- ‌الفصل الثالث عشر في علوم البشر وعلوم الملائكة

- ‌الفصل الرابع عشر في علوم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌الفصل الخامس عشر في أن الإنسان جاهل بالذات عالم بالكسب

- ‌الفصل السادس عشر في كشف الغطاء عن المتشابه من الكتاب والسنة وما حدث لأجل ذلك من طوائف السنّية والمبتدعة في الاعتقادات

- ‌الفصل السابع عشر في علم التصوّف

- ‌تذييل:

- ‌الفصل الثامن عشر في علم تعبير الرؤيا

- ‌الفصل التاسع عشر في العلوم العقلية وأصنافها

- ‌الفصل العشرون في العلوم العددية

- ‌ومن فروع علم العدد صناعة الحساب

- ‌ ومن فروعه الجبر والمقابلة

- ‌ ومن فروعه أيضا المعاملات

- ‌ ومن فروعه أيضا الفرائض

- ‌الفصل الحادي والعشرون في العلوم الهندسية

- ‌ومن فروع هذا الفن الهندسة المخصوصة بالأشكال الكروية والمخروطات

- ‌ ومن فروع الهندسة المساحة

- ‌ المناظرة من فروع الهندسة

- ‌الفصل الثاني والعشرون في علم الهيئة

- ‌ومن فروعه علم الأزياج [1]

- ‌الفصل الثالث والعشرون في علم المنطق

- ‌الفصل الرابع والعشرون في الطبيعيات

- ‌الفصل الخامس والعشرون في علم الطب

- ‌الفصل السادس والعشرون في الفلاحة

- ‌الفصل السابع والعشرون في علم الإلهيات

- ‌الفصل الثامن والعشرون في علوم السحر والطلسمات

- ‌الفصل التاسع والعشرون علم أسرار الحروف

- ‌الكلام على استخراج نسبة الأوزان وكيفياتها ومقادير المقابل منها وقوة الدرجة المتميزة بالنسبة إلى موضع المعلق من امتزاج طبائع وعلم طب أو صناعة الكيميا

- ‌الطب الروحانيّ

- ‌مطاريح الشعاعات في مواليد الملوك وبنيهم

- ‌الانفعال الروحانيّ والانقياد الرباني

- ‌مقامات المحبة وميل النفوس والمجاهدة والطاعة والعبادة وحب وتعشق وفناء الفناء وتوجه ومراقبة وخلة وأئمة

- ‌فصل في المقامات للنهاية

- ‌الوصية والتختم والإيمان والإسلام والتحريم والاهلية

- ‌كيفية العمل في استخراج أجوبة المسائل من زايرجة العالم بحول الله منقولا عمن لقيناه من القائمين عليها

- ‌2- فصل في الاطلاع على الأسرار الخفية من جهة الارتباطات الحرفية

- ‌فصل في الاستدلال على ما في الضمائر الخفية بالقوانين الحرفية

- ‌الفصل الثلاثون في علم الكيمياء

- ‌الفصل الحادي والثلاثون في إبطال الفلسفة وفساد منتحلها

- ‌الفصل الثاني والثلاثون في إبطال صناعة النجوم وضعف مداركها وفساد غايتها

- ‌الفصل الثالث والثلاثون في انكار ثمرة الكيميا واستحالة وجودها وما ينشأ من المفاسد عن انتحالها

- ‌الفصل الرابع والثلاثون في أن كثرة التآليف في العلوم عائقة عن التحصيل

- ‌الفصل الخامس والثلاثون في المقاصد التي ينبغي اعتمادها بالتأليف والغاء ما سواها

- ‌الفصل السادس والثلاثون في أن كثرة الاختصارات المؤلفة في العلوم مخلة بالتعليم

- ‌الفصل السابع والثلاثون في وجه الصواب في تعليم العلوم وطريق إفادته

- ‌الفصل الثامن والثلاثون في أن العلوم الإلهية لا توسع فيها الأنظار ولا تفرع المسائل

- ‌الفصل التاسع والثلاثون في تعليم الولدان واختلاف مذاهب الأمصار الإسلامية في طرقه

- ‌الفصل الأربعون في أن الشدة على المتعلمين مضرة بهم

- ‌الفصل الحادي والأربعون في أن الرحلة في طلب العلوم ولقاء المشيخة مزيد كمال في التعلم

- ‌الفصل الثاني والأربعون في أن العلماء من بين البشر أبعد عن السياسة ومذاهبها

- ‌الفصل الثالث والأربعون في أن حملة العلم في الإسلام أكثرهم العجم

- ‌الفصل الرابع والأربعون في أن العجمة إذا سبقت إلى اللسان قصرت بصاحبها في تحصيل العلوم عن أهل اللسان العربيّ

- ‌الفصل الخامس والأربعون في علوم اللسان العربيّ

- ‌ علم النّحو

- ‌علم اللغة

- ‌علم البيان

- ‌علم الأدب

- ‌الفصل السادس والأربعون في أن اللغة ملكة صناعية

- ‌الفصل السابع والأربعون في أن لغة العرب لهذا العهد مستقلة مغايرة للغة مضر وحمير

- ‌الفصل الثامن والأربعون في أن لغة أهل الحضر والأمصار لغة قائمة بنفسها للغة مضر

- ‌الفصل التاسع والأربعون في تعليم اللسان المضري

- ‌الفصل الخمسون في أن ملكة هذا اللسان غير صناعة العربية ومستغنية عنها في التعليم

- ‌الفصل الواحد والخمسون في تفسير الذوق في مصطلح أهل البيان وتحقيق معناه وبيان أنه لا يحصل للمستعربين من العجم

- ‌الفصل الثاني والخمسون في أن أهل الأمصار على الإطلاق قاصرون في تحصيل هذه الملكة اللسانية التي تستفاد بالتعليم ومن كان منهم أبعد عن اللسان العربيّ كان حصولها له أصعب وأعسر

- ‌الفصل الثالث والخمسون في انقسام الكلام إلى فني النظم والنثر

- ‌الفصل الرابع والخمسون في أنه لا تتفق الإجادة في فني المنظوم والمنثور معا إلا للأقل

- ‌الفصل الخامس والخمسون في صناعة الشعر ووجه تعلمه

- ‌الفصل السادس والخمسون في أن صناعة النظم والنثر إنما هي في الألفاظ لا في المعاني

- ‌الفصل السابع والخمسون في أن حصول هذه الملكة بكثرة الحفظ وجودتها بجودة المحفوظ

- ‌الفصل الثامن والخمسون في بيان المطبوع من الكلام والمصنوع وكيف جودة المصنوع أو قصوره

- ‌الفصل التاسع والخمسون في ترفع أهل المراتب عن انتحال الشعر

- ‌الفصل الستون في أشعار العرب وأهل الأمصار لهذا العهد

- ‌(الموشحات والأزجال للأندلس)

- ‌الموشحات والأزجال في المشرق

- ‌خاتمة

الفصل: ‌الفصل الثالث والخمسون في أمر الفاطمي وما يذهب إليه الناس في شأنه وكشف الغطاء عن ذلك

السّلطان وطاعة الخلفاء وتقويم الخلافة إلّا وقد أحكمه وأوصى به ثمّ أمر المأمون فكتب به إلى جميع العمّال في النّواحي ليقتدوا به ويعملوا بما فيه هذا أحسن ما وقفت عليه في هذه السّياسة والله أعلم.

‌الفصل الثالث والخمسون في أمر الفاطمي وما يذهب إليه الناس في شأنه وكشف الغطاء عن ذلك

اعلم أنّ في المشهور بين الكافّة من أهل الإسلام على ممرّ الأعصار أنّه لا بدّ في آخر الزّمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيّد الدّين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلاميّة ويسمّى بالمهديّ ويكون خروج الدّجّال وما بعده من أشراط [1] السّاعة الثّابتة في الصّحيح على أثره وأنّ عيسى ينزل من بعده فيقتل الدّجّال أو ينزل معه فيساعده على قتله ويأتمّ بالمهديّ في صلاته ويحتجّون في الشّأن بأحاديث خرّجها الأئمّة وتكلّم فيها المنكرون لذلك وربّما عارضوها ببعض الأخبار وللمتصوّفة المتأخّرين في أمر هذا الفاطميّ طريقة أخرى ونوع من الاستدلال وربّما يعتمدون في ذلك على الكشف الّذي هو أصل طرائقهم. ونحن الآن نذكر هنا الأحاديث الواردة في هذا الشّأن وما للمنكرين فيها من المطاعن وما لهم في إنكارهم من المستند ثمّ نتبعه بذكر كلام المتصوّفة ورأيهم ليتبيّن لك الصّحيح من ذلك إن شاء الله تعالى فنقول إنّ جماعة من الأئمّة خرّجوا أحاديث المهديّ منهم التّرمذيّ وأبو داود والبزّاز وابن ماجة والحاكم والطّبرانيّ وأبو يعلى الموصليّ وأسندوها إلى جماعة من الصّحابة مثل عليّ وابن عبّاس وابن عمر وطلحة وابن مسعود وأبي هريرة وأنس وأبي سعيد الخدريّ وأمّ حبيبة وأمّ سلمة وثوبان وقرّة بن إياس وعليّ الهلاليّ وعبد الله بن الحارث بن

[1] علامات.

ص: 388

جزء بأسانيد ربّما يعرّض لها المنكرون كما نذكره إلّا أنّ المعروف عند أهل الحديث أنّ الجرح مقدّم على التّعديل فإذا وجدنا طعنا في بعض رجال الأسانيد بغفلة أو بسوء حفظ أو ضعف أو سوء رأي تطرّق ذلك إلى صحّة الحديث وأوهن منها ولا تقولنّ مثل ذلك ربّما يتطرّق إلى رجال الصّحيحين فإنّ الإجماع قد اتّصل في الأمّة على تلقّيهما بالقبول والعمل بما فيهما وفي الإجماع أعظم حماية وأحسن دفعا وليس غير الصّحيحين بمثابتهما في ذلك فقد تجد مجالا للكلام في أسانيدها بما نقل عن أئمّة الحديث في ذلك.

ولقد توغّل أبو بكر بن أبي خيثمة على ما نقل السهيليّ عنه في جمعه للأحاديث الواردة في المهديّ فقال ومن أغربها إسنادا ما ذكره أبو بكر الإسكاف في فوائد الأخبار مستندا إلى مالك بن أنس عن محمّد بن المنكدر عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كذّب بالمهديّ فقد كفر ومن كذّب بالدّجال فقد كذب [1] وقال في طلوع الشّمس من مغربها مثل ذلك فيما أحسب وحسبك هذا غلوّا. والله أعلم بصحة طريقه إلى مالك بن أنس على أنّ أبا بكر الإسكاف عندهم متّهم وضّاع.

وأمّا التّرمذيّ فخرج هو وأبو داود بسنديهما إلى ابن عبّاس من طريق عاصم بن أبي النّجود أحد القرّاء السّبعة إلى زرّ بن حبيش عن عبد الله بن مسعود عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم لو لم يبق من الدّنيا إلّا يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث الله فيه رجلا منّي أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي. هذا لفظ أبي داود وسكت عليه وقال في رسالته المشهورة إنّ ما سكت عليه في كتابه فهو صالح ولفظ التّرمذيّ لا تذهب الدّنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي وفي لفظ آخر حتّى يلي رجل من أهل بيتي وكلاهما حديث حسن صحيح ورواه أيضا من طريق موقوفا على أبي هريرة وقال

[1] في بعض النسخ «فقد كفر» .

ص: 389

الحاكم رواه الثّوريّ وشعبة وزائدة وغيرهم من أئمّة المسلمين عن عاصم قال:

وطرق عاصم عن زرّ عن عبد الله كلّها صحيحة على ما أصّلته من الاحتجاج بأخبار عاصم إذ هو إمام من أئمّة المسلمين (انتهى) إلّا أنّ عاصما قال فيه أحمد بن حنبل: كان رجلا صالحا قارئا للقرآن خيّرا ثقة والأعمش أحفظ منه وكان شعبة يختار الأعمش عليه في تثبيت الحديث وقال العجليّ كان يختلف عليه في زرّ وأبي وائل يشير بذلك إلى ضعف روايته عنهما وقال محمّد بن سعد كان ثقة إلّا أنّه كثير الخطإ في حديثه وقال يعقوب بن سفيان في حديثه اضطراب وقال عبد الرّحمن بن أبي حاتم قلت لأبي إنّ أبا زرعة يقول عاصم ثقة فقال ليس محلّه هذا وقد تكلّم فيه ابن عليّة فقال كلّ من اسمه عاصم سيّئ الحفظ وقال أبو حاتم محلّه عندي محلّ الصّدق صالح الحديث ولم يكن بذلك الحافظ واختلف فيه قول النّسائيّ وقال ابن حرّاش في حديثه نكرة وقال أبو جعفر العقيليّ لم يكن فيه إلّا سوء الحفظ وقال الدّارقطنيّ في حفظه شيء وقال يحيى القطّان ما وجدت رجلا اسمه عاصم إلّا وجدته رديء الحفظ وقال أيضا سمعت شعبة يقول حدّثنا عاصم بن أبي النّجود وفي النّاس ما فيها وقال الذّهبيّ ثبت في القراءة وهو حسن الحديث. وإن احتجّ أحد بأنّ الشّيخين أخرجا له فنقول أخرجا له مقرونا بغيره لا أصلا والله أعلم.

وخرّج أبو داود في الباب عن عليّ رضي الله عنه من رواية قطن بن خليفة عن القاسم بن أبي مرّة عن أبي الطّفيل عن عليّ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لو لم يبق من الدّهر إلّا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأها عدلا كما ملئت جورا» وقطن [1] بن خليفة وإن وثقه أحمد ويحيى بن القطّان وابن معين والنّسائيّ وغيرهم إلّا أنّ العجليّ قال: حسن الحديث وفيه تشيّع قليل: وقال ابن معين مرّة: ثقة شيعيّ. وقال أحمد بن عبد الله بن يونس: كنّا نمرّ على قطن وهو مطروح لا نكتب عنه. وقال مرّة: كنت أمرّ به وأدعه مثل الكلب. وقال

[1] وفي نسخ نسخة أخرى فطر بن خليفة.

ص: 390

الدّارقطنيّ: لا يحتجّ به. وقال أبو بكر بن عيّاش: ما تركت الرّواية عنه إلّا لسوء مذهبه. وقال الجرجانيّ: زائغ غير ثقة انتهى. وخرّج أبو داود أيضا بسنده إلى عليّ رضي الله عنه عن مروان بن المغيرة عن عمر بن أبي قيس عن شعيب بن أبي خالد عن أبي إسحاق النّسفيّ قال: قال عليّ ونظر إلى ابنه الحسن إنّ ابني هذا سيّد كما سمّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيخرج من صلبه رجل يسمّى باسم نبيّكم يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخلق يملأ الأرض عدلا وقال هارون حدّثنا عمر بن أبي قيس عن مطرّف بن طريف عن أبي الحسن عن هلال بن عمر سمعت عليّا يقول: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم «يخرج رجل من وراء النّهر يقال له الحارث على مقدّمته رجل يقال له منصور يوطّئ أو يمكن لآل محمّد كما مكّنت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم وجب على كلّ مؤمن نصره أو قال إجابته» سكت أبو داود عليه. وقال في موضع آخر في هارون: هو من ولد الشّيعة. وقال السّليمانيّ: فيه نظر. وقال أبو داود في عمر بن أبي قيس: لا بأس في حديثه خطأ. وقال الذّهبي: صدق له أوهام. وأمّا أبو إسحاق الشّيعيّ وإن خرّج عنه في الصّحيحين فقد ثبت أنّه اختلط آخر عمره وروايته عن علي منقطعة، وكذلك رواية أبي داود عن هارون بن المغيرة. وأمّا السّند الثّاني فأبو الحسن فيه وهلال بن عمر مجهولان ولم يعرف أبو الحسن إلّا من رواية مطرّف بن طريف عنه انتهى. وخرّج أبو داود أيضا عن أمّ سلمة قالت سمعت في المستدرك [1] من طريق عليّ بن نفيل عن سعيد بن المسيّب عن أمّ سلمة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«المهديّ من ولد فاطمة» ولفظ الحاكم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر المهديّ فقال: «نعم هو حقّ وهو من بني فاطمة» ولم يتكلّم عليه بالصّحيح ولا غيره وقد ضعّفه أبو جعفر العقيليّ وقال: لا يتابع عليّ بن نفيل عليه ولا يعرف إلّا به. وخرّج أبو داود أيضا عن أمّ سلمة من رواية صالح

[1] وردت هذه الجملة في نسخة أخرى كما يلي: «وخرّج أبو داود أيضا عن أم سلمة وكذا ابن ماجة والحاكم في المستدرك

»

ص: 391

أبي الخليل [1] عن صاحب له عن أمّ سلمة قال: يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكّة فيأتيه ناس من أهل مكّة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الرّكن والمقام فيبعث إليه بعث من الشّام فيخسف بهم بالبيداء بين مكّة والمدينة فإذا رأى النّاس ذلك أتاه أبدال [2] أهل الشّام وعصائب أهل العراق فيبايعونه ثمّ ينشأ رجل من قريش أخواله كلب فيبعث إليهم بعثا فيظهرون عليهم وذلك بعث كلب والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب فيقسم المال ويعمل في النّاس بسنّة نبيّهم صلى الله عليه وسلم ويلقي الإسلام بجرانه على الأرض فيلبث سبع سنين وقال بعضهم تسع سنين ثمّ رواه أبو داود من رواية أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أمّ سلمة فتبيّن بذلك المبهم في الإسناد الأوّل ورجاله رجال الصّحيحين لا مطعن فيهم ولا مغمز وقد يقال إنّه من رواية قتادة عن أبي الخليل وقتادة مدلّس وقد عنعنه والمدلّس لا يقبل من حديثه إلّا ما صرّح فيه بالسّماع، مع أنّ الحديث ليس فيه تصريح بذكر المهدي نعم ذكره أبو داود في أبوابه.

وخرّج أبو داود أيضا وتابعه الحاكم عن أبي سعيد الخدريّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المهديّ منّي أجلى الجبهة اقنى [3] الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يملك سبع سنين» هذا لفظ أبي داود وسكت عليه ولفظ الحاكم: «المهديّ منّا أهل البيت أشمّ الأنف أقنى أجلى يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يعيش هكذا ويبسط يساره وإصبعين من يمينه السّبّابة والإبهام وعقد ثلاث [4] » قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرّجاه. 1 هـ-. وعمران القطّان مختلف في الاحتجاج به إنّما أخرج له البخاريّ استشهادا لا أصلا وكان يحيى القطّان لا يحدّث عنه وقال يحيى بن معين: ليس بالقويّ وقال مرّة: ليس بشيء. وقال أحمد بن حنبل

[1] وفي نسخة أخرى صالح بن الخليل.

[2]

الابدال: الأولياء.

[3]

اجلى الجبهة: واسع الجبهة. اقنى الأنف: مرتفع أعلاه. محدوب في الوسط.

[4]

وفي نسخة أخرى: «وعقد ثلاثة» .

ص: 392

أرجو أن يكون صالح الحديث وقال يزيد بن زريع كان حروريّا [1] وكان يرى السّيف على أهل القبلة وقال النّسائيّ ضعيف وقال أبو عبيد الآجريّ: سألت أبا داود عنه، فقال من أصحاب الحسن وما سمعت إلّا خيرا. وسمعته مرّة أخرى ذكره فقال: ضعيف أفتى في إبراهيم بن عبد الله بن حسن بفتوى شديدة فيها سفك الدّماء. وخرّج التّرمذيّ وابن ماجة والحاكم عن أبي سعيد الخدريّ من طريق زيد العميّ عن أبي صديق النّاجيّ عن أبي سعيد الخدريّ قال: خشينا أن يكون بعض شيء حدث فسألنا نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إنّ في أمّتي المهديّ يخرج ويعيش خمسا أو سبعا أو تسعا» زيد الشّاكّ قال قلنا: وما ذاك؟ قال سنين! قال: «فيجيء إليه الرّجل فيقول: يا مهديّ أعطني» قال: «فيحثو له في ثوبه ما استطاع أن يحمله» لفظ التّرمذيّ وقال: هذا حديث حسن وقد روى من غير وجه عن أبي سعيد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولفظ ابن ماجة والحاكم: «يكون في أمّتي المهديّ إن قصّر فسبع وإلّا فتسع فتنعم أمّتي فيه نعمة لم يسمعوا بمثلها قطّ تؤتى الأرض أكلها ولا يدّخر منه شيء والمال يومئذ كدوس فيقوم الرّجل فيقول: يا مهديّ أعطني فيقول خذ.» انتهى. وزيد العميّ وإن قال فيه الدّارقطنيّ وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين إنّه صالح وزاد أحمد إنّه فوق يزيد الرّقاشيّ وفضل بن عيسى إلّا أنّه قال فيه أبو حاتم: ضعيف يكتب حديثه ولا يحتجّ به. وقال يحيى بن معين في رواية أخرى: لا شيء. وقال مرّة يكتب حديثه وهو ضعيف. وقال الجرجانيّ: متماسك وقال أبو زرعة ليس:

بقويّ واهي الحديث ضعيفا وقال أبو حاتم ليس بذاك وقد حدّث عنه شعبة.

وقال النّسائيّ: ضعيف وقال ابن عدي: عامّة ما يرويه ومن يروى عنهم ضعفاء على أنّ شعبة قد روى عنه ولعلّ شعبة لم يرو عن أضعف منه.

وقد يقال إنّ حديث التّرمذيّ وقع تفسيرا لما رواه مسلم في صحيحه من

[1] نسبة إلى حروراء بلدة قرب الكوفة والحرورية فرقة من الخوارج.

ص: 393

حديث جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون في آخر أمّتي خليفة يحثو المال حثوا لا يعدّه عدّا» ومن حديث أبي سعيد قال: «من خلفائكم خليفة يحثو المال حثوا» ومن طريق أخرى عنهما قال: «يكون في آخر الزّمان خليفة يقسم المال ولا يعدّه» انتهى. وأحاديث مسلم لم يقع فيها ذكر المهديّ ولا دليل يقوم على أنّه المراد منها. ورواه الحاكم أيضا من طريق عوف الأعرابيّ عن أبي الصّدّيق النّاجي عن أبي سعيد الخدريّ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم السّاعة حتّى تملأ الأرض جورا وظلما وعدوانا ثمّ يخرج من أهل بيتي رجل يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا» وقال فيه الحاكم: هذا صحيح على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه. ورواه الحاكم أيضا عن طريق سليمان بن عبيد عن أبي الصّدّيق النّاجي عن أبي سعيد الخدريّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«يخرج في آخر أمّتي المهديّ يسقيه الله الغيث وتخرج الأرض نباتها ويعطي المال صحاحا وتكثر الماشية وتعظم الأمّة يعيش سبعا أو ثمانيا» يعني حججا وقال فيه حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه. مع أنّ سليمان بن عبيد لم يخرّج له أحد من السّتّة لكن ذكره ابن حبّان في الثّقات ولم يرد أنّ أحدا تكلّم فيه ثمّ رواه الحاكم أيضا من طريق أسد بن موسى عن حماد بن سلمة عن مطر الورّاق وأبي هارون العبديّ عن أبي الصّدّيق النّاجي عن أبي سعيد أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تملأ الأرض جورا وظلما فيخرج رجل من عترتي فيملك سبعا أو تسعا فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما» وقال الحاكم فيه: هذا حديث صحيح على شرط مسلم لأنّه أخرج عن حماد بن سلمة وعن شيخه مطر الورّاق. وأمّا شيخه الآخر وهو أبو هارون العبديّ فلم يخرّج له. وهو ضعيف جدّا متّهم بالكذب ولا حاجة إلى بسط أقوال الأئمّة في تضعيفه. وأمّا الرّاوي له عن حماد بن سلمة فهو أسد بن موسى يلقّب أسد السّنّة وإن قال البخاريّ: مشهور الحديث واستشهد به في صحيحه. واحتجّ به أبو داود والنّسائيّ

ص: 394

إلّا أنّه قال مرّة أخرى: ثقة لو لم يصنّف كان خيرا له. وقال فيه محمّد بن حزم:

منكر الحديث. ورواه الطّبرانيّ في معجمه الأوسط من رواية أبي الواصل عبد الحميد بن واصل عن أبي الصّدّيق النّاجي عن الحسن بن يزيد السعديّ أحد بني بهذلة عن أبي سعيد الخدريّ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يخرج رجل من أمّتي يقول بسنّتي ينزل الله عز وجل له القطر من السّماء وتخرج الأرض بركتها وتملأ الأرض منه قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يعمل على هذه الأمّة سبع سنين وينزل على بيت المقدس» وقال الطّبرانيّ: فيه رواه جماعة عن أبي الصّدّيق ولم يدخل أحد منهم بينه وبين أبي سعيد أحدا إلّا أبا الواصل فإنّه رواه عن الحسن بن يزيد عن أبي سعيد انتهى. وهذا الحسن بن يزيد ذكره ابن أبي حاتم ولم يعرّفه بأكثر ممّا في هذا الإسناد من روايته عن أبي سعيد ورواية أبي الصّدّيق عنه وقال الذّهبيّ في الميزان: إنّه مجهول. لكن ذكره ابن حبّان في الثّقات وأمّا أبو الواصل الّذي رواه عن أبي الصّدّيق فلم يخرّج له أحد من السّتّة. وذكره ابن حبّان في الثّقات في الطّبقة الثّانية وقال فيه: يروى عن أنس روى عنه شعبة وعتاب بن بشر وخرّج ابن ماجة في كتاب السّنن عن عبد الله بن مسعود من طريق يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل فتية من بني هاشم فلمّا رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذرفت عيناه وتغيّر لونه قال فقلت ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه فقال: «إنّا أهل البيت اختار الله لنا الآخرة على الدّنيا وإنّ أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا حتّى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود فيسألون الخبر فلا يعطونه فيقاتلون وينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتّى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطا كما ملؤها جورا فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثّلج» انتهى.

وهذا الحديث يعرف عند المحدّثين بحديث الرّايات. ويزيد بن أبي

ص: 395

زياد راويه قال فيه شعبة: كان رفّاعا يعني يرفع الأحاديث الّتي لا تعرف مرفوعة. وقال محمّد بن الفضيل: من كبار أئمّة الشّيعة. وقال أحمد بن حنبل: لم يكن بالحافظ وقال مرّة: حديثه ليس بذلك. وقال يحيى بن معين: ضعيف. وقال العجليّ: جائز الحديث، وكان بآخره يلقّن. وقال أبو زرعة: ليّن يكتب حديثه ولا يحتجّ به. وقال أبو حاتم: ليس بالقويّ. وقال الجرجانيّ: سمعتهم يضعّفون حديثه. وقال أبو داود: لا أعلم أحدا ترك حديثه وغيره أحبّ إليّ منه. وقال ابن عديّ هو من شيعة أهل الكوفة ومع ضعفه يكتب حديثه. وروى له مسلم لكن مقرونا بغيره. وبالجملة فالأكثرون على ضعفه.

وقد صرّح الأئمة بتضعيف هذا الحديث الّذي رواه عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله وهو حديث الرّايات. وقال وكيع بن الجرّاح فيه: ليس بشيء. وكذلك قال أحمد بن حنبل وقال أبو قدامة سمعت أبا أسامة يقول في حديث يزيد عن إبراهيم في الرّايات لو حلف عندي خمسين يمينا أسامة [1] ما صدّقته أهذا مذهب إبراهيم؟ أهذا مذهب علقمة؟ أهذا مذهب عبد الله؟ وأورد العقيليّ هذا الحديث في الضّعفاء وقال الذّهبيّ ليس بصحيح. وخرّج ابن ماجة عن عليّ رضي الله عنه من رواية ياسين العجليّ عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفيّة عن أبيه عن جدّه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المهديّ منّا أهل البيت يصلح الله به في ليلة» . وياسين العجليّ وإن قال فيه ابن معين ليس به بأس فقد قال البخاريّ فيه نظر. وهذه اللّفظة من اصطلاحه قويّة في التّضعيف جدّا. وأورد له ابن عديّ في الكامل والذّهبيّ في الميزان هذا الحديث على وجه الاستنكار له وقال هو معروف به. وخرّج الطّبرانيّ في معجمه الأوسط عن عليّ رضي الله عنه أنّه قال للنّبيّ صلى الله عليه وسلم «أمنّا المهديّ أم من غيرنا يا رسول الله؟» فقال: «بل منّا بنا يختم الله كما بنا فتح وبنا يستنقذون من الشّرك وبنا يؤلّف الله قلوبهم بعد

[1] في نسخة أخرى: قسامة.

ص: 396

عداوة بيّنة كما بنا ألّف بين قلوبهم بعد عداوة الشّرك» . قال عليّ: «أمؤمنون أم كافرون؟» قال: «مفتون وكافر» . انتهى. وفيه عبد الله بن لهيعة وهو ضعيف معروف الحال. وفيه عمر بن جابر الحضرميّ وهو أضعف منه. قال أحمد بن حنبل: روي عن جابر مناكير وبلغني أنّه كان يكذب وقال النّسائيّ:

ليس بثقة وقال كان ابن لهيعة شيخا أحمق ضعيف العقل وكان يقول: «عليّ في السّحاب» وكان يجلس معنا فيبصر سحابة فيقول: «هذا عليّ قد مرّ في السّحاب» وخرّج الطّبرانيّ عن عليّ رضي الله تعالى عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يكون في آخر الزّمان فتنة يحصل النّاس فيها كما يحصل الذّهب في المعدن فلا تسبّوا أهل الشّام ولكن سبّوا أشرارهم فإنّ فيهم الابدال [1] يوشك أن يرسل على أهل الشّام صيّب من السّماء فيفرّق جماعتهم حتّى لو قاتلتهم الثّعالب غلبتهم فعند ذلك يخرج خارج من أهل بيتي في ثلاث رايات المكثر يقول بهم خمسة عشر ألفا والمقلّ يقول بهم اثنا عشر ألفا وأمارتهم «أمت أمت» [2] يلقون سبع رايات تحت كلّ راية منها رجل يطلب الملك فيقتلهم الله جميعا ويردّ الله إلى المسلمين ألفتهم ونعمتهم وقاصيتهم ورأيهم [3] هـ-.

وفيه عبد الله بن لهيعة وهو ضعيف معروف الحال ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد ولم يخرّجاه في روايته ثمّ يظهر الهاشميّ فيردّ الله النّاس إلى ألفتهم إلخ وليس في طريقه ابن لهيعة وهو إسناد صحيح كما ذكر.

وخرّج الحاكم في المستدرك عن عليّ رضي الله عنه من رواية أبي الطّفيل عن محمّد بن الحنفيّة قال: «كنّا عند عليّ رضي الله عنه فسأله رجل عن المهديّ فقال له: هيهات ثمّ عقد بيده سبعا فقال ذلك يخرج في آخر الزّمان إذا قال الرّجل الله الله قتل ويجمع الله له قوما قزعا [4] كقزع السّحاب يؤلّف الله بين قلوبهم فلا

[1] الأولياء.

[2]

هذه الكلمة كانت كلمة السر بين أفراد المسلمين في غزوة بدر.

[3]

في نسخة أخرى: «رايتهم» .

[4]

أي أفواجا.

ص: 397

يستوحشون إلى أحد ولا يفرحون بأحد دخل فيهم عدّتهم على عدّة أهل بدر لم يسبقهم الأوّلون ولا يدركهم الآخرون وعلى عدد أصحاب طالوت الّذين جاوزوا معه النّهر. قال أبو الطّفيل قال ابن الحنفيّة: أتريده؟ قلت: نعم. قال: فإنّه يخرج من بين هذين الأخشبين [1] قلت لا جرم والله ولا أدعها حتّى أموت» ومات بها يعني مكّة قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشّيخين» .

وإنّما هو على شرط مسلم فقط فإنّ فيه عمّارا الذّهبيّ [2] ويونس بن أبي إسحاق ولم يخرّج لهما البخاريّ وفيه عمرو بن محمّد العبقريّ ولم يخرّج له البخاريّ احتجاجا بل استشهادا مع ما ينضمّ إلى ذلك من تشيّع عمّار الذّهبيّ وهو وإن وثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم النسائيّ وغيرهم فقد قال عليّ بن المدنيّ [3] عن سفيان أنّ بشر بن مروان قطع عرقوبيه قلت في أيّ شيء؟ قال: في التّشيّع.

وخرّج ابن ماجة عن أنس بن مالك رضي الله عنه في رواية سعد بن عبد الحميد بن جعفر عن عليّ بن زياد اليماميّ عن عكرمة بن عمّار عن إسحاق بن عبد الله عن أنس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «نحن ولد عبد المطّلب سادات أهل الجنّة أنا وحمزة وعليّ وجعفر والحسن والحسين والمهديّ» . انتهى.

وعكرمة بن عمّار وإن أخرج له مسلم فإنّما أخرج له متابعة. وقد ضعّفه بعض ووثّقه آخرون وقال أبو حاتم الرّازيّ: هو مدلّس فلا يقبل إلى أن يصرّح بالسّماع عليّ بن زياد. قال الذّهبيّ في الميزان: لا ندري من هو، ثمّ قال الصّواب فيه: عبد الله بن زياد وسعد بن عبد الحميد وإن وثقه يعقوب بن أبي شيبة وقال فيه يحيى بن معين ليس به بأس فقد تكلّم فيه الثّوريّ قالوا لأنّه رآه يفتي في مسائل ويخطئ فيها. وقال ابن حبّان: كان ممّن فحش عطاؤه فلا يحتجّ فيه. وقال أحمد بن حنبل: سعيد [4] بن عبد الحميد يدّعي أنّه سمع عرض

ص: 398

كتب مالك والنّاس ينكرون عليه ذلك وهو هاهنا ببغداد لم يحتجّ [1] فكيف سمعها؟ وجعله الذّهبيّ ممّن لم يقدح فيه كلام من تكلّم فيه وخرّج الحاكم في مستدركه من رواية مجاهد عن ابن عبّاس موقوفا عليه قال مجاهد قال لي ابن عبّاس: لو لم أسمع أنّك مثل أهل البيت ما حدّثتك بهذا الحديث قال فقال مجاهد: فإنّه في ستر لا أذكره لمن يكره قال فقال ابن عبّاس: «منّا أهل البيت أربعة منّا السّفّاح ومنّا المنذر ومنّا المنصور ومنّا المهديّ» قال فقال مجاهد: بيّن لي هؤلاء الأربعة. فقال ابن عبّاس: «أمّا السّفّاح فربّما قتل أنصاره وعفا عن عدوّه، وأمّا المنذر أراه قال فإنّه يعطي المال الكثير ولا يتعاظم في نفسه ويمسك القليل من حقّه وأمّا المنصور فإنّه يعطى النّصر على عدوّه الشّطر ممّا كان يعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرهب منه عدوّه على مسيرة شهرين والمنصور يرهب منه عدوّه على مسيرة شهر وأمّا المهديّ الّذي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وتأمن البهائم السّباع وتلقي الأرض أفلاذ كبدها» . قال: «قلت وما أفلاذ كبدها؟» قال: «أمثال الأسطوانة من الذّهب والفضّة» . وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه وهو من رواية إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن أبيه وإسماعيل ضعيف وإبراهيم أبوه وإن خرّج له مسلّم فالأكثرون على تضعيفه.

وخرّج ابن ماجة عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقتتل عند كبركم [2] ثلاثة كلّهم ابن خليفة ثمّ لا يصير إلى واحد منهم ثمّ تطلع الرّايات السّود من قبل المشرق فيقتلونهم قتلا لم يقتله قوم» ثمّ ذكر شيئا لا أحفظه قال:

«فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثّلج فإنّه خليفة الله المهديّ» . 1 هـ-.

ورجاله رجال الصّحيحين إلّا أنّ فيه أبا قلابة الجرميّ وذكر الذّهبيّ وغيره أنّه مدلس وفيه سفيان الثّوريّ وهو مشهور بالتّدليس وكلّ واحد منهما عنعن ولم يصرّح بالسّماع فلا يقبل وفيه عبد الرّزاق بن همّام وكان مشهورا بالتّشيّع وعمي

[1] وفي نسخة أخرى «لم يحجّ» .

[2]

وفي نسخة أخرى «كنزكم» .

ص: 399

في آخر وقته فخلّط قال ابن عديّ: «حدّث بأحاديث في الفضائل لم يوافقه عليها أحد» ونسبوه إلى التّشيّع. انتهى. وخرّج ابن ماجة عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزّيديّ من طريق ابن لهيعة عن أبي زرعة عن عمر بن جابر الحضرميّ عن عبد الله بن الحارث بن جزء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج ناس من المشرق فيوطّئون للمهديّ» . يعني سلطانه. قال الطّبرانيّ: تفرّد به ابن لهيعة وقد تقدّم لنا في حديث عليّ الّذي خرّجه الطّبراني في معجمه الأوسط أنّ ابن لهيعة ضعيف وأنّ شيخه عمر بن جابر أضعف منه وخرّج البزّار في مسندة والطّبرانيّ في معجمه الأوسط واللّفظ للطّبرانيّ عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «يكون في أمّتي المهديّ إن قصّر فسبع وإلّا فثمان وإلّا فتسع تنعم فيها أمّتي نعمة لم ينعموا بمثلها ترسل السّماء عليهم مدرارا ولا تدّخر الأرض شيئا من النّبات والمال كدوس يقوم الرّجل يقول يا مهديّ أعطني فيقول خذ» . قال الطّبرانيّ والبزّار تفرّد به محمّد بن مروان العجليّ زاد البزّار: ولا نعلم أنّه تابعه عليه أحد وهو وإن وثقه أبو داود وابن حبّان أيضا بما ذكره في الثّقات وقال فيه يحيى بن معين صالح وقال مرّة ليس به بأس فقد اختلفوا فيه وقال أبو زرعة: ليس عندي بذلك وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: رأيت محمّد بن مروان العجليّ حدّث بأحاديث وأنا شاهد لم نكتبها تركتها على عمد وكتب بعض أصحابنا عنه كأنّه ضعّفه. وخرّجه أبو يعلى الموصليّ في مسندة عن أبي هريرة وقال: «حدّثني خليلي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم السّاعة حتّى يخرج عليهم رجل من أهل بيتي فيضربهم حتّى يرجعوا إلى الحقّ قال قلت:

وكم يملك؟ قال: خمسا واثنتين قال قلت وما خمسا واثنتين قال لا أدري» . وهذا السّند غير محتجّ به وإن قال فيه بشير بن نهيك وقال فيه أبو حاتم لا يحتجّ به فقد احتجّ به الشّيخان ووثقه النّاس ولم يلتفتوا إلى قول أبي حاتم لا يحتجّ به إلّا أنّه قال فيه رجاء [1] ابن أبي رجاء اليشكريّ وهو مختلف فيه قال

[1] وفي نسخة أخرى: «إلا أن فيه رجاء» .

ص: 400

أبو زرعة ثقة وقال يحيى بن معين: ضعيف. وقال أبو داود: ضعيف. وقال مرّة: صالح. وعلّق له البخاريّ في صحيحه حديثا واحدا. وخرّج أبو بكر البزّار في مسندة والطّبرانيّ في معجمه الكبير والأوسط عن قرّة بن إياس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتملأنّ الأرض جورا وظلما فإذا ملئت جورا وظلما بعث الله رجلا من أمّتي اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما فلا تمنع السّماء من قطرها شيئا ولا تدّخر الأرض من نباتها يلبث فيكم سبعا أو ثمانيا أو تسعا» . يعني سنين. 1 هـ-. وفيه داود بن المحبّي بن المحرم [1] عن أبيه وهما ضعيفان جدّا. وخرّج الطّبرانيّ في معجمه الأوسط عن ابن عمر قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من المهاجرين والأنصار وعليّ بن أبي طالب عن يساره والعبّاس عن يمينه إذ تلاحى العباس ورجل من الأنصار فأغلظ الأنصاريّ للعبّاس فأخذ النّبيّ صلى الله عليه وسلم بيد العبّاس وبيد عليّ» وقال: «سيخرج من صلب هذا فتى يملأ الأرض جورا وظلما وسيخرج من صلب هذا فتى يملأ الأرض قسطا وعدلا فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى التّميميّ فإنّه يقبل من قبل المشرق وهو صاحب راية المهديّ» . انتهى. وفيه عبد الله بن عمر وعبد الله بن لهيعة وهما ضعيفان. 1 هـ-.

وخرّج الطّبرانيّ في معجمه الأوسط عن طلحة بن عبد الله عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «ستكون فتنة لا يسكن منها جانب إلّا تشاجر جانب حتّى ينادي مناد من السّماء إنّ أميركم فلان. 1 هـ-. وفيه المثنّى بن الصّباح وهو ضعيف جدّا. وليس في الحديث تصريح بذكر المهديّ وإنّما ذكروه في أبوابه وترجمته استئناسا. فهذه جملة الأحاديث الّتي خرّجها الأئمّة في شأن المهديّ وخروجه آخر الزّمان. وهي كما رأيت لم يخلص منها من النّقد إلّا القليل والأقلّ منه. وربّما تمسّك المنكرون لشأنه بما رواه محمّد بن خالد الجنديّ عن أبان بن صالح بن أبي عيّاش عن الحسن البصريّ عن أنس بن مالك عن

[1] وفي نسخة أخرى: داود بن المجبّر بن قحدم.

ص: 401

النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «لا مهديّ إلّا عيسى بن مريم» وقال يحيى بن معين في محمّد بن خالد الجندي: إنّه ثقة. وقال البيهقيّ: تفرّد به محمّد بن خالد.

وقال الحاكم فيه: إنّه رجل مجهول واختلف عليه في إسناده فمرّة يروونه [1] كما تقدّم وينسب ذلك لمحمّد بن إدريس الشّافعيّ ومرّة يروونه [1] عن محمّد بن خالد عن أبان عن الحسن عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلا. قال البيهقيّ: فرجع إلى رواية محمّد بن خالد وهو مجهول عن أبان بن أبي عيّاش وهو متروك عن الحسن عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو منقطع وبالجملة فالحديث ضعيف مضطرب. وقد قيل «أن لا مهديّ إلّا عيسى» أي لا يتكلّم في المهد إلّا عيسى يحاولون بهذا التّأويل ردّ الاحتجاج به أو الجمع بينه وبين الأحاديث وهو مدفوع بحديث جريج ومثله من الخوارق. وأمّا المتصوّفة فلم يكن المتقدّمون منهم يخوضون في شيء من هذا وإنّما كان كلامهم في المجاهدة بالأعمال وما يحصل عنها من نتائج المواجد والأحوال وكان كلام الإماميّة والرافضة من الشّيعة في تفضيل عليّ رضي الله عنه والقول بإمامته وادّعاء الوصيّة له بذلك من النّبيّ صلى الله عليه وسلم، والتّبرّي من الشّيخين كما ذكرناه في مذاهبهم ثمّ حدث فيهم بعد ذلك القول بالإمام المعصوم وكثرت التّآليف في مذاهبهم. وجاء الإسماعيليّة منهم يدّعون الوهيّة الإمام بنوع من الحلول وآخرون يدّعون رجعة من مات من الأئمّة بنوع التّناسخ، وآخرون منتظرون مجيء من يقطع بموته منهم وآخرون منتظرون عود الأمر في أهل البيت مستدلّين على ذلك بما قدّمناه من الأحاديث في المهديّ وغيرها. ثمّ حدث أيضا عند المتأخّرين من الصّوفيّة الكلام في الكشف وفيما وراء الحسّ وظهر من كثير منهم القول على الإطلاق بالحلول والوحدة فشاركوا فيها الإماميّة والرّافضة لقولهم بألوهيّة الأئمّة وحلول الإله فيهم.

وظهر منهم أيضا القول بالقطب والإبدال وكأنّه يحاكي مذهب الرّافضة في

[1] وفي نسخة أخرى: يروى.

ص: 402

الإمام والنّقباء. وأشربوا أقوال الشّيعة وتوغّلوا في الدّيانة بمذاهبهم، حتّى جعلوا مستند طريقهم في لبس الخرقة أنّ عليّا رضي الله عنه ألبسها الحسن البصريّ وأخذ عليه العهد بالتزام الطّريقة. واتّصل ذلك عنهم بالجنيد من شيوخهم. ولا يعلم هذا عن عليّ من وجه صحيح. ولم تكن هذه الطّريقة خاصّة بعليّ كرّم الله وجهه بل الصّحابة كلّهم أسوة في طريق الهدى وفي تخصيص هذا بعليّ دونهم رائحة من التّشيّع قويّة يفهم منها ومن غيرها من القوم دخلهم [1] في التّشيّع وانخراطهم في سلكه. وظهر منهم أيضا القول بالقطب وامتلأت كتب الإسماعيليّة من الرّافضة وكتب المتأخرين من المتصوّفة بمثل ذلك في الفاطميّ المنتظر. وكان بعضهم يمليه على بعض ويلقّنه بعضهم عن بعض وكأنّه مبنيّ على أصول واهية من الفريقين وربّما يستدلّ بعضهم بكلام المنجّمين في القرانات وهو من نوع الكلام في الملاحم ويأتي الكلام عليها في الباب الّذي يلي هذا. وأكثر من تكلّم من هؤلاء المتصوّفة المتأخّرين في شأن الفاطميّ، ابن العربيّ، الحاتميّ في كتاب (عنقاء مغرب) وابن قسيّ في كتاب (خلع النّعلين) وعبد الحقّ بن سبعين وابن أبي واصل [2] تلميذه في شرحه لكتاب (خلع النّعلين) . وأكثر كلماتهم في شأنه ألغاز وأمثال وربّما يصرّحون في الأقلّ أو يصرّح مفسّرو كلامهم. وحاصل مذهبهم فيه على ما ذكر ابن أبي واصل أنّ النّبوة بها ظهر الحقّ والهدى بعد الضّلال والعمى وأنّها تعقبها الخلافة ثمّ يعقب الخلافة الملك ثمّ يعود تجبّرا وتكبّرا وباطلا.

قالوا: ولمّا كان في المعهود من سنّة الله رجوع الأمور إلى ما كانت وجب أن يحيا أمر النّبوة والحقّ بالولاية ثمّ بخلافتها ثمّ يعقبها الدّجل مكان الملك والتّسلّط ثمّ يعود الكفر بحاله. يشيرون بهذا لما وقع من شأن النّبوة والخلافة بعدها والملك بعد الخلافة. هذه ثلاث مراتب. وكذلك الولاية الّتي هي لهذا الفاطميّ والدّجل بعدها كناية عن خروج الدّجّال على أثره والكفر من بعد ذلك. فهي ثلاث

[1] وفي نسخة أخرى: يفهم منها ومن غيرها مما تقدم دخولهم.

[2]

وفي نسخة أخرى: ابن أبي واطيل.

ص: 403

مراتب على نسبة الثّلاث المراتب الأولى. قالوا: ولمّا كان أمر الخلافة لقريش حكما شرعيّا بالإجماع الّذي لا يوهنه إنكار من يزاول علمه وجب أن تكون الإمامة فيمن هو أخصّ من قريش بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم إمّا ظاهرا كبني عبد المطّلب وإمّا باطنا ممّن كان من حقيقة الآل، والآل من إذا حضر لم يلقّب [1] من هو آله.

وابن العربيّ الحاتميّ سمّاه في كتابه «عنقاء مغرب» من تأليفه: خاتم الأولياء وكنى عنه بلبنة الفضّة إشارة إلى حديث البخاريّ في باب خاتم النّبيّين قال صلى الله عليه وسلم: «مثلي فيمن قبلي من الأنبياء كمثل رجل ابتنى بيتا وأكمله حتّى إذا لم يبق منه إلّا موضع لبنة فأنا تلك اللّبنة» فيفسّرون خاتم النّبيّين باللّبنة حتّى أكملت البنيان ومعناه النّبيّ الّذي حصلت له النّبوة الكاملة. ويمثّلون الولاية في تفاوت مراتبها بالنّبوءة ويجعلون صاحب الكمال فيها خاتم الأولياء أي حائز الرّتبة الّتي هي خاتمة الولاية كما كان خاتم الأنبياء حائزا للمرتبة التي هي خاتمة النّبوة. فكنى الشّارح [2] عن تلك المرتبة الخاتمة بلبنة البيت في الحديث المذكور.

وهما على نسبة واحدة فيهما. فهي لبنة واحدة في التّمثيل. ففي النّبوة لبنة ذهب وفي الولاية لبنة فضّة للتّفاوت بين الرّتبتين كما بين الذّهب والفضّة.

فيجعلون لبنة الذّهب كناية عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولبنة الفضّة كناية عن هذا الوليّ الفاطميّ المنتظر وذلك خاتم الأنبياء وهذا خاتم الأولياء. وقال ابن العربيّ فيما نقل ابن أبي واصل عنه وهذا الإمام المنتظر هو من أهل البيت من ولد فاطمة وظهوره يكون من بعد مضيّ (خ ف ج) من الهجرة ورسم حروفا ثلاثة يريد عددها بحساب الجمّل وهو الخاء المعجمة بواحدة من فوق ستّمائة والفاء أخت القاف بثمانين والجيم المعجمة بواحدة من أسفل ثلاثة وذلك ستّمائة وثلاث وثمانون سنة وهي آخر القرن السّابع ولمّا انصرم هذا العصر ولم يظهر حمل ذلك

[1] وفي نسخة أخرى: لم يغب.

[2]

وفي نسخة أخرى: الشارع.

ص: 404

بعض المقلّدين لهم على أنّ المراد بتلك المدّة مولده وعبّر بظهوره عن مولده وأنّ خروجه يكون بعد العشر السبعمائة فإنّه الإمام النّاجم من ناحية المغرب. قال:

«وإذا كان مولده كما زعم ابن العربيّ سنة ثلاث وثمانين وستّمائة فيكون عمره عند خروجه ستّا وعشرين سنة» قال وزعموا أنّ خروج الدّجّال يكون سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة من اليوم المحمّديّ وابتداء اليوم المحمّديّ عندهم من يوم وفاة النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى تمام ألف سنة» قال ابن أبيّ واصل في شرحه كتاب (خلع النّعلين) الوليّ المنتظر القائم بأمر الله المشار إليه بمحمّد المهديّ وخاتم الأولياء وليس هو بنبيّ وإنّما هو وليّ ابتعثه روحه وحبيبه. قال صلى الله عليه وسلم: «العالم في قومه كالنّبيّ في أمّته» . وقال: «علماء أمّتي كأنبياء بني إسرائيل ولم تزل البشرى تتابع به من أوّل اليوم المحمّديّ إلى قبيل الخمسمائة نصف اليوم وتأكّدت وتضاعفت بتباشير المشايخ بتقريب وقته وازدلاف زمانه منذ انقضت إلى هلمّ جرّا» قال وذكر الكنديّ: «أنّ هذا الوليّ هو الّذي يصلّي بالنّاس صلاة الظّهر ويجدّد الإسلام ويظهر العدل ويفتح جزيرة الأندلس ويصل إلى رومية فيفتحها ويسير إلى المشرق فيفتحه ويفتح القسطنطينيّة ويصير له ملك الأرض فيتقوّى المسلمون ويعلو الإسلام ويطّهّر دين الحنفيّة فإنّ من صلاة الظّهر إلى صلاة العصر وقت صلاة» قال عليه الصلاة والسلام: «ما بين هذين وقت» وقال الكنديّ أيضا: «الحروف العربيّة غير المعجمة يعني المفتتح بها سور القرآن جملة عددها سبعمائة وثلاث وأربعون وسبع دجّاليّة [1] ثمّ ينزل عيسى في وقت صلاة العصر فيصلح الدّنيا وتمشي الشّاة مع الذّئب ثمّ مبلغ [2] ملك العجم بعد إسلامهم مع عيسى مائة وستّون عاما عدد حروف المعجم وهي (ق ي ن) دولة العدل منها أربعون عاما قال ابن أبي واصل وما ورد من قوله لا مهديّ إلّا عيسى فمعناه لا مهدي تساوي هدايته ولايته وقيل لا يتكلّم في المهد إلّا عيسى وهذا

[1] نسبة إلى دجال.

[2]

وفي نسخة أخرى: ثم يبقى.

ص: 405

مدفوع بحديث جريج وغيره. وقد جاء في الصّحيح أنّه قال: «لا يزال هذا الأمر قائما حتّى تقوم السّاعة أو يكون عليهم اثنا عشر خليفة يعني قرشيّا» . وقد أعطى الوجود أنّ منهم من كان في أوّل الإسلام ومنهم من سيكون في آخره. وقال: «الخلافة بعدي ثلاثون أو إحدى وثلاثون أو ستّ وثلاثون وانقضاؤها في خلافة الحسن وأوّل أمر معاوية فيكون أوّل أمر معاوية خلافة أخذا بأوائل الأسماء فهو سادس الخلفاء وأمّا سابع الخلفاء فعمر بن عبد العزيز.

والباقون خمسة من أهل البيت من ذرّيّة عليّ يؤيّده قوله: «إنّك لذو قرنيها» يريد الأمّة أي إنّك لخليفة في أوّلها وذرّيّتك في آخرها. وربّما استدلّ بهذا الحديث القائلون بالرّجعة، فالأوّل هو المشار إليه عندهم بطلوع الشّمس من مغربها. وقد قال صلى الله عليه وسلم إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده والّذي نفسي بيده لتنفقنّ كنوزهما في سبيل الله وقد أنفق عمر بن الخطّاب كنوز كسرى في سبيل الله والّذي يهلك قيصر وينفق كنوزه في سبيل الله هو هذا المنتظر حين يفتح القسطنطينيّة: فنعم الأمير أميرها ونعم الجيش ذلك الجيش. كذا قال صلى الله عليه وسلم: «ومدّة حكمه بضع» والبضع من ثلاث إلى تسع وقيل إلى عشر وجاء ذكر أربعين وفي بعض الرّوايات سبعين. وأمّا الأربعون فإنّها مدّته ومدّة الخلفاء الأربعة الباقين من أهله القائمين بأمره من بعده على جميعهم السّلام قال وذكر أصحاب النّجوم والقرانات أنّ مدّة بقاء أمره وأهل بيته من بعده مائة وتسعة وخمسون عاما فيكون الأمر على هذا جاريا على الخلافة والعدل أربعين أو سبعين ثمّ تختلف الأحوال فتكون ملكا» انتهى كلام ابن أبي واصل. وقال في موضع آخر: «نزول عيسى يكون في وقت صلاة العصر من اليوم المحمّديّ حين تمضي ثلاثة أرباعه» قال وذكر الكنديّ يعقوب بن إسحاق في كتاب الجفر الّذي

ص: 406

ذكر فيه القرانات: «أنّه إذا وصل القرآن إلى الثّور على رأس ضحّ بحرفين الضّاد [1] المعجمة والحاء المهملة» يريد ثمانية وتسعين وستّمائة من الهجرة ينزل المسيح فيحكم في الأرض ما شاء الله تعالى قال وقد ورد في الحديث أنّ عيسى ينزل عند المنارة البيضاء شرقيّ دمشق ينزل بين مهرودتين يعني حلّتين مزعفرتين صفراوين ممصّرتين واضعا كفّيه على أجنحة الملكين له لمّة كأنّما خرج من ديماس إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدّر منه جمان كاللّؤلؤ كثير خيلان الوجه وفي حديث آخر مربوع الخلق وإلى البياض والحمرة. وفي آخر: أنّه يتزوّج في الغرب. والغرب دلو البادية يريد أنّه يتزوّج منها وتلد زوجته. وذكر وفاته بعد أربعين عاما. وجاء أنّ عيسى يموت بالمدينة ويدفن إلى جانب عمر بن الخطّاب. وجاء أنّ أبا بكر وعمر يحشران بين نبيّين قال ابن أبي واطيل:

«والشّيعة تقول إنّه هو المسيح مسيح المسائح من آل محمّد قلت وعليه حمل بعض المتصوّفة حديث لا مهديّ إلّا عيسى أي لا يكون مهديّ إلّا المهديّ الّذي نسبته إلى الشّريعة المحمّديّة نسبة عيسى إلى الشّريعة الموسويّة في الاتباع وعدم النّسخ إلى كلام من أمثال هذا يعيّنون فيه الوقت والرّجل والمكان بأدلّة واهية وتحكّمات مختلفة فينقضي الزّمان ولا أثر لشيء من ذلك فيرجعون إلى تجديد رأي آخر منتحل كما تراه من مفهومات لغويّة وأشياء تخييليّة وأحكام نجوميّة في هذا انقضت أعمار الأوّل منهم والآخر.

وأمّا المتصوّفة الّذين عاصرناهم فأكثرهم يشيرون إلى ظهور رجل مجدّد لأحكام الملّة ومراسم الحقّ ويتحيّنون ظهوره لما قرب من عصرنا فبعضهم يقول من ولد فاطمة وبعضهم يطلق القول فيه سمعناه من جماعة أكبرهم أبو يعقوب البادسيّ كبير الأولياء بالمغرب كان في أوّل هذه المائة الثّامنة وأخبرني عنه حافده صاحبنا أبو يحيى زكريّا عن أبيه أبي محمّد عبد الله عن أبيه الوليّ أبي

[1] الضاد عند المغاربة بتسعين والصاد بستين. 1 هـ-. قاله نصر.

ص: 407

يعقوب المذكور هذا آخر ما اطّلعنا عليه أو بلغنا من كلام هؤلاء المتصوّفة وما أورده أهل الحديث من أخبار المهديّ قد استوفينا جميعه بمبلغ طاقتنا والحقّ الّذي ينبغي أن يتقرّر لديك أنّه لا تتمّ دعوة من الدّين والملك إلّا بوجود شوكة عصبيّة تظهره وتدافع عنه من يدفعه حتّى يتمّ أمر الله فيه. وقد قرّرنا ذلك من قبل بالبراهين القطعيّة الّتي أريناك هناك وعصبيّة الفاطميّين بل وقريش أجمع قد تلاشت من جميع الآفاق ووجد أمم آخرون قد استعلت عصبيّتهم على عصبيّة قريش إلّا ما بقي بالحجاز في مكّة وينبع بالمدينة من الطّالبين من بني حسن وبني حسين وبني جعفر وهم منتشرون في تلك البلاد وغالبون عليها وهم عصائب بدويّة متفرّقون في مواطنهم وإماراتهم يبلغون آلافا من الكثرة فإن صحّ ظهور هذا المهديّ فلا وجه لظهور دعوته إلّا بأن يكون منهم ويؤلّف الله بين قلوبهم في اتّباعه حتّى تتمّ له شوكة وعصبيّة وافية بإظهار كلمته وحمل النّاس عليها وأمّا على غير هذا الوجه مثل أن يدعو فاطميّ منهم إلى مثل هذا الأمر في أفق من الآفاق من غير عصبيّة ولا شوكة إلّا مجرّد نسبة في أهل البيت فلا يتمّ ذلك ولا يمكن لما أسلفناه من البراهين الصّحيحة. وأمّا ما تدّعيه العامّة والأغمار من الدّهماء ممّن لا يرجع في ذلك إلى عقل يهديه ولا علم يفيده فيجيبون [1] ذلك على غير نسبة وفي غير مكان، تقليدا لما اشتهر من ظهور فاطمي ولا يعلمون حقيقة الأمر كما بيّنّاه وأكثر ما يجيبون [2] في ذلك القاصية من الممالك وأطراف العمران مثل الزّاب بإفريقيّة والسّوس من المغرب. ونجد الكثير من ضعفاء البصائر يقصدون رباطا بماسة لما كان ذلك الرّباط بالمغرب من الملثّمين من كدالة واعتقادهم أنّه منهم أو قائمون بدعوته زعما لا مستند لهم إلّا غرابة تلك الأمم وبعدهم عن يقين المعرفة بأحوالها من كثرة أو قلّة أو ضعف أو قوّة ولبعد القاصية عن منال الدّولة وخروجها عن نطاقها فتقوى عندهم الأوهام في ظهوره هناك بخروجه عن ربقة

[1] وفي نسخة أخرى: ولا علم يقيده، فيتحينون.

[2]

وفي نسخة أخرى: يتحينون.

ص: 408

الدّولة ومنال الأحكام والقهر ولا محصول لديهم في ذلك إلّا هذا. وقد يقصد ذلك الموضع كثير من ضعفاء العقول للتّلبيس بدعوة يمييه [1] تمامها وسواسا وحمقا، وقتل كثير منهم. اخبرني شيخنا محمّد بن إبراهيم الأبلّيّ قال خرج برباط ماسة لأوّل المائة الثّامنة وعصر السّلطان يوسف بن يعقوب رجل من منتحلي التّصوّف يعرف بالتّويزريّ نسبة إلى توزر مصغّرا وادّعى أنّه الفاطميّ المنتظر واتّبعه الكثير من أهل السّوس من ضالّة وكزولة وعظم أمره وخافه رؤساء المصامدة على أمرهم فدسّ عليه السّكسيويّ من قتله بياتا وانحلّ أمره. وكذلك ظهر في غمارة في آخر المائة السّابعة وعشر التّسعين منها رجل يعرف بالعبّاس وادّعى أنّه الفاطميّ واتّبعه الدّهماء من غمارة ودخل مدينة فاس عنوة وحرق أسواقها وارتحل إلى بلد المزمة فقتل بها غيلة ولم يتمّ أمره. وكثير من هذا النّمط. وأخبرني شيخنا المذكور بغريبة في مثل هذا وهو أنّه صحب في حجّة في رباط العباد وهو مدفن الشّيخ أبي مدين في جبل تلمسان المطلّ عليها رجلا من أهل البيت من سكّان كربلاء كان متبوعا معظّما كثير التّلميذ والخادم. قال وكان الرّجال من موطنه يتلقّونه بالنّفقات في أكثر البلدان. قال وتأكّدت الصّحبة بيننا في ذلك الطّريق فانكشف لي أمرهم وأنّهم إنّما جاءوا من موطنهم بكربلاء لطلب هذا الأمر وانتحال دعوة الفاطميّ بالمغرب. فلمّا عاين دولة بني مرين ويوسف بن يعقوب يومئذ منازل تلمسان قال لأصحابه: ارجعوا فقد أزرى بنا الغلط وليس هذا الوقت وقتنا. ويدلّ هذا القول من هذا الرّجل على أنّه مستبصر في أنّ الأمر لا يتمّ إلّا بالعصبيّة المكافئة لأهل الوقت فلمّا علم أنّه غريب في ذلك الوطن ولا شوكة له وأنّ عصبيّة بني مرين لذلك العهد لا يقاومها أحد من أهل المغرب استكان ورجع إلى الحقّ وأقصر عن مطامعه. وبقي عليه أن يستيقن أنّ عصبيّة الفواطم وقريش أجمع قد ذهبت لا سيّما في المغرب إلّا أنّ التّعصّب لشأنه لم

[1] كذا في جميع النسخ وهو تحريف ولا معنى لكلمة يميه، ومقتضى السياق أن تكون العبارة:

«بدعوة يكون تمامها وسواسا وحمقا» وفي نسخة لجنة البيان العربيّ «بدعوة تمنيه النفس تمامها» .

ص: 409

يتركه لهذا القول والله يعلم وأنتم لا تعلمون. وقد كانت بالمغرب لهذه العصور القريبة نزعة من الدّعاة إلى الحقّ والقيام بالسّنّة لا ينتحلون فيها دعوة فاطميّ ولا غيره وإنّما ينزع منهم في بعض الأحيان الواحد فالواحد إلى إقامة السّنّة وتغيير المنكر ويعني بذلك ويكثر تابعه. وأكثر ما يعنون بإصلاح السّابلة لما أنّ أكثر فساد الأعراب فيها لما قدّمناه من طبيعة معاشهم فيأخذون في تغيير المنكر بما استطاعوا إلّا أنّ الصبغة الدّينيّة فيهم لم تستحكم لما أنّ توبة العرب ورجوعهم إلى الدّين إنّما يقصدون بها الإقصار عن الغارة والنّهب لا يعقلون في توبتهم وإقبالهم إلى مناحي الدّيانة غير ذلك لأنّها المعصية الّتي كانوا عليها قبل المقربة ومنها توبتهم، فتجد ذلك المنتحل للدّعوة والقائم بزعمه بالسّنّة غير متعمّقين في فروع الاقتداء والاتّباع إنّما دينهم الإعراض عن النّهب والبغي وإفساد السّابلة ثمّ الإقبال على طلب الدّنيا والمعاش بأقصى جهدهم. وشتّان بين طلب هذا الأجر من إصلاح الخلق ومن طلب الدّنيا فاتّفاقهما ممتنع لا تستحكم له صبغة في الدّين ولا يكمل له نزوع عن الباطل على الجملة ولا يكثرون. ويختلف حال صاحب الدّعوة معهم في استحكام دينه وولايته في نفسه دون تابعه فإذا هلك انحلّ أمرهم وتلاشت عصبيّتهم وقد وقع ذلك بإفريقيّة لرجل من كعب من سليم يسمّى قاسم بن مرّة بن أحمد في المائة السّابعة ثمّ من بعده لرجل آخر من بادية رياح من بطن منهم يعرفون بمسلّم وكان يسمّى سعادة وكان أشدّ دينا من الأوّل وأقوم طريقة في نفسه ومع ذلك فلم يستتبّ أمر تابعه كما ذكرناه حسبما يأتي ذكر ذلك في موضعه عند ذكر قبائل سليم ورياح وبعد ذلك ظهر ناس بهذه الدّعوة يتشبّهون بمثل ذلك ويلبّسون فيها وينتحلون اسم السّنّة وليسوا عليها إلّا الأقلّ فلا يتمّ لهم ولا لمن بعدهم شيء من أمرهم. انتهى

.

ص: 410