المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل السادس والعشرون في اختلاف الأمة في حكم هذا المنصب وشروطه - تاريخ ابن خلدون - جـ ١

[ابن خلدون]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الأول]

- ‌المؤلف والكتاب

- ‌كلمة الناشر

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌المقدمة في فضل علم التّاريخ وتحقيق مذاهبه والالماع لما يعرض للمؤرخين من المغالط وذكر شيء من أسبابها

- ‌فصل

- ‌الكتاب الأول في طبيعة العمران في الخليقة وما يعرض فيها من البدو والحضر والتغلب والكسب والمعاش والصنائع والعلوم ونحوها وما لذلك من العلل والأسباب

- ‌الباب الأوّل من الكتاب الأول في العمران البشري على الجملة وفيه مقدمات

- ‌الأولى في أنّ الاجتماع الإنسانيّ ضروريّ

- ‌المقدمة الثانية في قسط العمران من الأرض والإشارة إلى بعض ما فيه من الأشجار [1] والأنهار والأقاليم

- ‌تكملة لهذه المقدمة الثانية في أن الربع الشمالي من الأرض أكثر عمرانا من الربع الجنوبي وذكر السبب في ذلك

- ‌تفصيل الكلام على هذه الجغرافيا

- ‌الإقليم الأوّل

- ‌الإقليم الثّاني:

- ‌الإقليم الثّالث:

- ‌الإقليم الرّابع:

- ‌ الإقليم الخامس

- ‌الإقليم السّادس

- ‌ الإقليم السّابع

- ‌المقدمة الثالثة في المعتدل من الأقاليم والمنحرف وتأثير الهواء في ألوان البشر والكثير في أحوالهم

- ‌المقدمة الرابعة في أثر الهواء في أخلاق البشر

- ‌المقدمة الخامسة في اختلاف أحوال العمران في الخصب والجوع وما ينشأ عن ذلك من الآثار في أبدان البشر وأخلاقهم

- ‌المقدمة السادسة في أصناف المدركين من البشر بالفطرة أو الرياضة ويتقدمه الكلام في الوحي والرؤيا

- ‌ولنذكر الآن تفسير حقيقة النبوة على ما شرحه كثير من المحققين ثم نذكر حقيقة الكهانة ثم الرؤيا ثم شان العرافين وغير ذلك من مدارك الغيب

- ‌أصناف النفوس البشرية

- ‌الوحي

- ‌الكهانة

- ‌الرؤيا

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌فصل

- ‌الباب الثاني في العمران البدويّ والأمم الوحشية والقبائل وما يعرض في ذلك من الأحوال وفيه فصول وتمهيدات

- ‌الفصل الأول في أن أجيال البدو والحضر طبيعية

- ‌الفصل الثاني في أن جيل العرب في الخلقة طبيعيّ

- ‌الفصل الثالث في أن البدو أقدم من الحضر وسابق عليه وان البادية أصل العمران والأمصار مدد لها

- ‌الفصل الرابع في أن أهل البدو أقرب إلى الخير من أهل الحضر

- ‌الفصل الخامس في أن أهل البدو أقرب إلى الشجاعة من أهل الحضر

- ‌الفصل السادس في أن معاناة أهل الحضر للأحكام مفسدة للبأس فيهم ذاهبة بالمنعة منهم

- ‌الفصل السابع في أن سكنى البدو لا تكون إلا للقبائل أهل العصبية

- ‌الفصل الثامن في أن العصبية إنما تكون من الالتحام بالنسب أو ما في معناه

- ‌الفصل التاسع في أن الصريح من النسب إنما يوجد للمتوحشين في القفر من العرب ومن في معناهم

- ‌الفصل العاشر في اختلاط الأنساب كيف يقع

- ‌الفصل الحادي عشر [1] في أن الرئاسة لا تزال في نصابها المخصوص من أهل العصبية

- ‌الفصل الثاني عشر في ان الرئاسة على أهل العصبية لا تكون في غير نسبهم

- ‌الفصل الثالث عشر في أن البيت والشرف بالاصالة والحقيقة لأهل العصبية ويكون لغيرهم بالمجاز والشبه

- ‌الفصل الرابع عشر في أن البيت والشرف للموالي وأهل الاصطناع إنما هو بمواليهم لا بأنسابهم

- ‌الفصل الخامس عشر في أن نهاية الحسب في العقب الواحد أربعة اباء

- ‌الفصل السادس عشر في أن الأمم الوحشية أقدر على التغلب ممن سواها

- ‌الفصل السابع عشر في ان الغاية التي تجري إليها العصبية هي الملك

- ‌الفصل الثامن عشر في أن من عوائق الملك حصول الترف وانغماس القبيل في النعيم

- ‌الفصل التاسع عشر في أن من عوائق الملك المذلة للقبيل والانقياد إلى سواهم

- ‌الفصل العشرون في أن من علامات الملك التنافس في الخلال الحميدة وبالعكس

- ‌الفصل الحادي والعشرون في أنه إذا كانت الأمة وحشية كان ملكها أوسع

- ‌الفصل الثاني والعشرون في أن الملك إذا ذهب عن بعض الشعوب من أمة فلا بد من عوده إلى شعب آخر منها ما دامت لهم العصبية

- ‌الفصل الثالث والعشرون في أن المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده

- ‌الفصل الرابع والعشرون في أن الأمة إذا غلبت وصارت في ملك غيرها أسرع إليها الفناء

- ‌الفصل الخامس والعشرون في أن العرب لا يتغلبون إلا على البسائط

- ‌الفصل السادس والعشرون في أن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب

- ‌الفصل السابع والعشرون في أن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين على الجملة

- ‌الفصل الثامن والعشرون في أن العرب أبعد الأمم عن سياسة الملك

- ‌الفصل التاسع والعشرون في أن البوادي من القبائل والعصائب مغلوبون لأهل الأمصار

- ‌الباب الثالث من الكتاب الأول في الدول العامة والملك والخلافة والمراتب السلطانية وما يعرض في ذلك كله من الأحوال وفيه قواعد ومتممات

- ‌الفصل الأول في أن الملك والدولة العامة إنما يحصلان بالقبيل والعصبية

- ‌الفصل الثاني في أنه إذا استقرت الدولة وتمهدت فقد تستغني عن العصبية

- ‌الفصل الثالث في أنه قد يحدث لبعض أهل النصاب الملكي دولة تستغني عن العصبية

- ‌الفصل الرابع في أن الدول العامة الاستيلاء العظيمة الملك أصلها الدين اما من نبوة أو دعوة حق

- ‌الفصل الخامس في أن الدعوة الدينية تزيد الدولة في أصلها قوة على قوة العصبية التي كانت لها من عددها

- ‌الفصل السادس في أن الدعوة الدينية من غير عصبية لا تتم

- ‌الفصل السابع في أن كل دولة لها حصة من الممالك والأوطان لا تزيد عليها

- ‌الفصل الثامن في أن عظم الدولة واتساع نطاقها وطول أمدها على نسبة القائمين بها في القلة والكثرة

- ‌الفصل التاسع في ان الأوطان الكثيرة القبائل والعصائب قل ان تستحكم فيها دولة

- ‌الفصل العاشر في ان من طبيعة الملك الانفراد بالمجد

- ‌الفصل الحادي عشر في ان من طبيعة الملك الترف

- ‌الفصل الثاني عشر في ان من طبيعة الملك الدعة والسكون

- ‌الفصل الثالث عشر في أنه إذا تحكمت طبيعة الملك من الانفراد بالمجد وحصول الترف والدعة أقبلت الدولة على الهرم

- ‌الفصل الرابع عشر في أن الدولة لها أعمار طبيعية كما للأشخاص

- ‌الفصل الخامس عشر في انتقال الدولة من البداوة إلى الحضارة

- ‌الفصل السادس عشر في أن الترف يزيد الدولة في أولها قوة إلى قوتها

- ‌الفصل السابع عشر في أطوار الدولة واختلاف أحوالها وخلق أهلها باختلاف الأطوار

- ‌الفصل الثامن عشر في أن آثار الدولة كلها على نسبة قوتها في أصلها

- ‌الفصل التاسع عشر في استظهار صاحب الدولة على قومه وأهل عصبيته بالموالي والمصطنعين

- ‌الفصل العشرون في أحوال الموالي والمصطنعين في الدول

- ‌الفصل الحادي والعشرون فيما يعرض في الدول من حجر السلطان والاستبداد عليه

- ‌الفصل الثاني والعشرون في ان المتغلبين على السلطان لا يشاركونه في اللقب الخاص بالملك

- ‌الفصل الثالث والعشرون في حقيقة الملك وأصنافه

- ‌الفصل الرابع والعشرون في أن إرهاف الحد مضرّ بالملك ومفسد له في الأكثر

- ‌الفصل الخامس والعشرون في معنى الخلافة والإمامة

- ‌الفصل السادس والعشرون في اختلاف الأمة في حكم هذا المنصب وشروطه

- ‌الفصل السابع والعشرون في مذاهب الشيعة في حكم الإمامة

- ‌الفصل الثامن والعشرون في انقلاب الخلافة إلى الملك

- ‌الفصل التاسع والعشرون في معنى البيعة

- ‌الفصل الثلاثون في ولاية العهد

- ‌وعرض هنا أمور تدعو الضّرورة إلى بيان الحقّ فيها

- ‌فالأول منها ما حدث في يزيد من الفسق أيّام خلافته

- ‌والأمر الثّاني هو شأن العهد مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما تدّعيه الشّيعة من وصيّته لعليّ رضي الله عنه

- ‌والأمر الثّالث شأن الحروب الواقعة في الإسلام بين الصّحابة والتّابعين

- ‌الفصل الحادي والثلاثون في الخطط الدينية الخلافية

- ‌فأمّا إمامة الصّلاة

- ‌وأمّا الفتيا

- ‌وأمّا القضاء

- ‌العدالة:

- ‌الحسبة والسكة

- ‌الفصل الثاني والثلاثون في اللقب بأمير المؤمنين وانه من سمات الخلافة وهو محدث منذ عهد الخلفاء

- ‌الفصل الثالث والثلاثون في شرح اسم البابا والبطرك في الملة النصرانية واسم الكوهن عند اليهود

- ‌الفصل الرابع والثلاثون في مراتب الملك والسلطان والقابها

- ‌ الوزارة

- ‌الحجابة:

- ‌ديوان الأعمال والجبايات

- ‌ديوان الرسائل والكتابة

- ‌الشرطة:

- ‌قيادة الأساطيل:

- ‌الفصل الخامس والثلاثون في التفاوت بين مراتب السيف والقلم في الدول

- ‌الفصل السادس والثلاثون في شارات الملك والسلطان الخاصة به

- ‌الآلة:

- ‌السرير:

- ‌السكة:

- ‌مقدار الدرهم والدينار الشرعيين

- ‌الخاتم

- ‌الطراز:

- ‌الفساطيط والسياج

- ‌المقصورة للصلاة والدعاء في الخطبة

- ‌الفصل السابع والثلاثون في الحروب ومذاهب الأمم وترتيبها

- ‌الفصل الثامن والثلاثون في الجباية وسبب قلتها وكثرتها

- ‌الفصل التاسع والثلاثون في ضرب المكوس أواخر الدولة

- ‌الفصل الأربعون في أن التجارة من السلطان مضرة بالرعايا ومفسدة للجباية

- ‌الفصل الحادي والأربعون في أن ثروة السلطان وحاشيته إنما تكون في وسط الدولة

- ‌فصل:

- ‌الفصل الثاني والأربعون في أن نقص العطاء من السلطان نقص في الجباية

- ‌الفصل الثالث والأربعون في أن الظلم مؤذن بخراب العمران

- ‌فصل:

- ‌الاحتكار:

- ‌الفصل الرابع والأربعون في أن الحجاب كيف يقع في الدول وفي أنه يعظم عند الهرم

- ‌الفصل الخامس والأربعون في انقسام الدولة الواحدة بدولتين

- ‌الفصل السادس والأربعون في أن الهرم إذا نزل بالدولة لا يرتفع

- ‌الفصل السابع والأربعون في كيفية طروق الخلل للدولة

- ‌الفصل الثامن والأربعين فصل في اتساع الدولة أولا إلى نهايته ثم تضايقه طورا بعد طور إلى فناء الدولة واضمحلالها [1]

- ‌الفصل التاسع والأربعون في حدوث الدولة وتجددها كيف يقع

- ‌الفصل الخمسون في ان الدولة المستجدة إنما تستولي على الدولة المستقرة بالمطاولة لا بالمناجزة

- ‌الفصل الحادي والخمسون في وفور العمران اخر الدولة وما يقع فيها من كثرة الموتان والمجاعات

- ‌الفصل الثاني والخمسون في أن العمران البشري لا بد له من سياسة ينتظم بها أمره

- ‌الفصل الثالث والخمسون في أمر الفاطمي وما يذهب إليه الناس في شأنه وكشف الغطاء عن ذلك

- ‌الفصل الرابع والخمسون في ابتداء الدول والأمم وفي الكلام على الملاحم والكشف عن مسمى الجفر

- ‌الباب الرابع من الكتاب الأول في البلدان والأمصار وسائر العمران وما يعرض في ذلك من الأحوال وفيه سوابق ولواحق

- ‌الفصل الأول في أن الدول من المدن والأمصار وأنها إنما توجد ثانية عن الملك

- ‌الفصل الثاني في أن الملك يدعو إلى نزول الأمصار

- ‌الفصل الثالث في أن المدن العظيمة والهياكل المرتفعة إنما يشيدها الملك الكثير

- ‌الفصل الرابع في أن الهياكل العظيمة جدا لا تستقل ببنائها الدولة الواحدة

- ‌الفصل الخامس فيما تجب مراعاته في أوضاع المدن وما يحدث إذا غفل عن المراعاة

- ‌الفصل السادس في المساجد والبيوت العظيمة في العالم

- ‌الفصل السابع في أن المدن والأمصار بإفريقية والمغرب قليلة

- ‌الفصل الثامن في أن المباني والمصانع في الملة الإسلامية قليلة بالنسبة إلى قدرتها وإلى من كان قبلها من الدول

- ‌الفصل التاسع في أن المباني التي كانت تختطها العرب يسرع إليها الخراب إلا في الأقل

- ‌الفصل العاشر في مبادي الخراب في الأمصار

- ‌الفصل الحادي عشر في ان تفاضل الأمصار والمدن في كثرة الرزق لأهلها ونفاق الأسواق إنما هو في تفاضل عمرانها في الكثرة والقلة

- ‌الفصل الثاني عشر في أسعار المدن

- ‌الفصل الثالث عشر في قصور أهل البادية عن سكنى المصر الكثير العمران

- ‌الفصل الرابع عشر في أن الأقطار في اختلاف أحوالها بالرفه والفقر مثل الأمصار

- ‌الفصل الخامس عشر في تأثل العقار والضياع في الأمصار وحال فوائدها ومستغلاتها

- ‌الفصل السادس عشر في حاجات المتمولين من أهل الأمصار إلى الجاه والمدافعة

- ‌الفصل السابع عشر في أن الحضارة في الأمصار من قبل الدول وأنها ترسخ باتصال الدولة ورسوخها

- ‌الفصل الثامن عشر في أن الحضارة غاية العمران ونهاية لعمره وانها مؤذنة بفساده

- ‌الفصل التاسع عشر في أن الأمصار التي تكون كراسي للملك تخرب بخراب الدولة وانقراضها

- ‌الفصل العشرون في اختصاص بعض الأمصار ببعض الصنائع دون بعض

- ‌الفصل الحادي والعشرون في وجود العصبية في الأمصار وتغلب بعضهم على بعض

- ‌الفصل الثاني والعشرون في لغات أهل الأمصار

- ‌الباب الخامس من الكتاب الأول في المعاش ووجوبه من الكسب والصنائع وما يعرض في ذلك كله من الأحوال وفيه مسائل

- ‌الفصل الأول في حقيقة الرزق والكسب وشرحهما وان الكسب هو قيمة الأعمال البشرية

- ‌الفصل الثاني في وجوه المعاش وأصنافه ومذاهبه

- ‌الفصل الثالث في أن الخدمة ليست من الطبيعي

- ‌الفصل الرابع في ابتغاء الأموال من الدفائن والكنوز ليس بمعاش طبيعي

- ‌الفصل الخامس في أن الجاه مفيد للمال

- ‌الفصل السادس في أن السعادة والكسب إنما يحصل غالبا لأهل الخضوع والتملق وان هذا الخلق من أسباب السعادة

- ‌الفصل السابع في أن القائمين بأمور الدين من القضاء والفتيا والتدريس والإمامة والخطابة والأذان ونحو ذلك لا تعظم ثروتهم في الغالب

- ‌الفصل الثامن في أن الفلاحة من معاش المتضعين وأهل العافية من البدو

- ‌الفصل التاسع في معنى التجارة ومذاهبها وأصنافها

- ‌الفصل العاشر في أي أصناف الناس يحترف بالتجارة وأيهم ينبغي له اجتناب حرفها

- ‌الفصل الحادي عشر في أن خلق التجار نازلة عن خلق الأشراف والملوك

- ‌الفصل الثاني عشر في نقل التاجر للسلع

- ‌الفصل الثالث عشر في الاحتكار

- ‌الفصل الرابع عشر في أن رخص الأسعار مضر بالمحترفين بالرخص

- ‌الفصل الخامس عشر في أن خلق التجارة نازلة عن خلق الرؤساء وبعيدة من المروءة

- ‌الفصل السادس عشر في أن الصنائع لا بد لها من العلم [2]

- ‌الفصل السابع عشر في أن الصنائع إنما تكمل بكمال العمران الحضري وكثرته

- ‌الفصل الثامن عشر في أن رسوخ الصنائع في الأمصار إنما هو برسوخ الحضارة وطول أمده

- ‌الفصل التاسع عشر في أن الصنائع إنما تستجاد وتكثر إذا كثر طالبها

- ‌الفصل العشرون في أن الأمصار إذا قاربت الخراب انتقضت منها الصنائع

- ‌الفصل الحادي والعشرون في أن العرب أبعد الناس عن الصنائع

- ‌الفصل الثاني والعشرون فيمن حصلت له ملكة في صناعة فقل أن يجيد بعد في ملكة أخرى

- ‌الفصل الثالث والعشرون في الإشارة إلى أمهات الصنائع

- ‌الفصل الرابع والعشرون في صناعة الفلاحة

- ‌الفصل الخامس والعشرون في صناعة البناء

- ‌الفصل السادس والعشرون في صناعة النجارة

- ‌الفصل السابع والعشرون في صناعة الحياكة والخياطة

- ‌الفصل الثامن والعشرون في صناعة التوليد

- ‌الفصل التاسع والعشرون في صناعة الطب وانها محتاج إليها في الحواضر والأمصار دون البادية

- ‌الفصل الثلاثون في أن الخط والكتابة من عداد الصنائع الإنسانية

- ‌الفصل الحادي والثلاثون في صناعة الوراقة

- ‌الفصل الثاني والثلاثون في صناعة الغناء

- ‌الفصل الثالث والثلاثون في أن الصنائع تكسب صاحبها عقلا وخصوصا الكتابة والحساب

- ‌الباب السادس من الكتاب الأول في العلوم وأصنافها والتعليم وطرقه وسائر وجوهه وما يعرض في ذلك كله من الأحوال وفيه مقدمة ولواحق

- ‌فالمقدّمة في الفكر الإنسانيّ

- ‌الفصل الأول في أن العلم والتعليم طبيعي في العمران البشري

- ‌الفصل الثاني في أن التعليم للعلم من جملة الصنائع

- ‌الفصل الثالث في ان العلوم إنما تكثر حيث يكثر العمران وتعظم الحضارة

- ‌الفصل الرابع في أصناف العلوم الواقعة في العمران لهذا العهد

- ‌الفصل الخامس في علوم القرآن من التفسير والقراءات

- ‌وأمّا التفسير

- ‌الفصل السادس في علوم الحديث

- ‌الفصل السابع في علم الفقه وما يتبعه من الفرائض

- ‌الفصل الثامن في علم الفرائض

- ‌الفصل التاسع في أصول الفقه وما يتعلق به من الجدل والخلافيات

- ‌وأما الخلافات

- ‌وأما الجدال

- ‌الفصل العاشر في علم الكلام

- ‌الفصل الحادي عشر في أن عالم الحوادث الفعلية إنما يتم بالفكر

- ‌الفصل الثاني عشر في العقل التجريبي وكيفية حدوثه [1]

- ‌الفصل الثالث عشر في علوم البشر وعلوم الملائكة

- ‌الفصل الرابع عشر في علوم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌الفصل الخامس عشر في أن الإنسان جاهل بالذات عالم بالكسب

- ‌الفصل السادس عشر في كشف الغطاء عن المتشابه من الكتاب والسنة وما حدث لأجل ذلك من طوائف السنّية والمبتدعة في الاعتقادات

- ‌الفصل السابع عشر في علم التصوّف

- ‌تذييل:

- ‌الفصل الثامن عشر في علم تعبير الرؤيا

- ‌الفصل التاسع عشر في العلوم العقلية وأصنافها

- ‌الفصل العشرون في العلوم العددية

- ‌ومن فروع علم العدد صناعة الحساب

- ‌ ومن فروعه الجبر والمقابلة

- ‌ ومن فروعه أيضا المعاملات

- ‌ ومن فروعه أيضا الفرائض

- ‌الفصل الحادي والعشرون في العلوم الهندسية

- ‌ومن فروع هذا الفن الهندسة المخصوصة بالأشكال الكروية والمخروطات

- ‌ ومن فروع الهندسة المساحة

- ‌ المناظرة من فروع الهندسة

- ‌الفصل الثاني والعشرون في علم الهيئة

- ‌ومن فروعه علم الأزياج [1]

- ‌الفصل الثالث والعشرون في علم المنطق

- ‌الفصل الرابع والعشرون في الطبيعيات

- ‌الفصل الخامس والعشرون في علم الطب

- ‌الفصل السادس والعشرون في الفلاحة

- ‌الفصل السابع والعشرون في علم الإلهيات

- ‌الفصل الثامن والعشرون في علوم السحر والطلسمات

- ‌الفصل التاسع والعشرون علم أسرار الحروف

- ‌الكلام على استخراج نسبة الأوزان وكيفياتها ومقادير المقابل منها وقوة الدرجة المتميزة بالنسبة إلى موضع المعلق من امتزاج طبائع وعلم طب أو صناعة الكيميا

- ‌الطب الروحانيّ

- ‌مطاريح الشعاعات في مواليد الملوك وبنيهم

- ‌الانفعال الروحانيّ والانقياد الرباني

- ‌مقامات المحبة وميل النفوس والمجاهدة والطاعة والعبادة وحب وتعشق وفناء الفناء وتوجه ومراقبة وخلة وأئمة

- ‌فصل في المقامات للنهاية

- ‌الوصية والتختم والإيمان والإسلام والتحريم والاهلية

- ‌كيفية العمل في استخراج أجوبة المسائل من زايرجة العالم بحول الله منقولا عمن لقيناه من القائمين عليها

- ‌2- فصل في الاطلاع على الأسرار الخفية من جهة الارتباطات الحرفية

- ‌فصل في الاستدلال على ما في الضمائر الخفية بالقوانين الحرفية

- ‌الفصل الثلاثون في علم الكيمياء

- ‌الفصل الحادي والثلاثون في إبطال الفلسفة وفساد منتحلها

- ‌الفصل الثاني والثلاثون في إبطال صناعة النجوم وضعف مداركها وفساد غايتها

- ‌الفصل الثالث والثلاثون في انكار ثمرة الكيميا واستحالة وجودها وما ينشأ من المفاسد عن انتحالها

- ‌الفصل الرابع والثلاثون في أن كثرة التآليف في العلوم عائقة عن التحصيل

- ‌الفصل الخامس والثلاثون في المقاصد التي ينبغي اعتمادها بالتأليف والغاء ما سواها

- ‌الفصل السادس والثلاثون في أن كثرة الاختصارات المؤلفة في العلوم مخلة بالتعليم

- ‌الفصل السابع والثلاثون في وجه الصواب في تعليم العلوم وطريق إفادته

- ‌الفصل الثامن والثلاثون في أن العلوم الإلهية لا توسع فيها الأنظار ولا تفرع المسائل

- ‌الفصل التاسع والثلاثون في تعليم الولدان واختلاف مذاهب الأمصار الإسلامية في طرقه

- ‌الفصل الأربعون في أن الشدة على المتعلمين مضرة بهم

- ‌الفصل الحادي والأربعون في أن الرحلة في طلب العلوم ولقاء المشيخة مزيد كمال في التعلم

- ‌الفصل الثاني والأربعون في أن العلماء من بين البشر أبعد عن السياسة ومذاهبها

- ‌الفصل الثالث والأربعون في أن حملة العلم في الإسلام أكثرهم العجم

- ‌الفصل الرابع والأربعون في أن العجمة إذا سبقت إلى اللسان قصرت بصاحبها في تحصيل العلوم عن أهل اللسان العربيّ

- ‌الفصل الخامس والأربعون في علوم اللسان العربيّ

- ‌ علم النّحو

- ‌علم اللغة

- ‌علم البيان

- ‌علم الأدب

- ‌الفصل السادس والأربعون في أن اللغة ملكة صناعية

- ‌الفصل السابع والأربعون في أن لغة العرب لهذا العهد مستقلة مغايرة للغة مضر وحمير

- ‌الفصل الثامن والأربعون في أن لغة أهل الحضر والأمصار لغة قائمة بنفسها للغة مضر

- ‌الفصل التاسع والأربعون في تعليم اللسان المضري

- ‌الفصل الخمسون في أن ملكة هذا اللسان غير صناعة العربية ومستغنية عنها في التعليم

- ‌الفصل الواحد والخمسون في تفسير الذوق في مصطلح أهل البيان وتحقيق معناه وبيان أنه لا يحصل للمستعربين من العجم

- ‌الفصل الثاني والخمسون في أن أهل الأمصار على الإطلاق قاصرون في تحصيل هذه الملكة اللسانية التي تستفاد بالتعليم ومن كان منهم أبعد عن اللسان العربيّ كان حصولها له أصعب وأعسر

- ‌الفصل الثالث والخمسون في انقسام الكلام إلى فني النظم والنثر

- ‌الفصل الرابع والخمسون في أنه لا تتفق الإجادة في فني المنظوم والمنثور معا إلا للأقل

- ‌الفصل الخامس والخمسون في صناعة الشعر ووجه تعلمه

- ‌الفصل السادس والخمسون في أن صناعة النظم والنثر إنما هي في الألفاظ لا في المعاني

- ‌الفصل السابع والخمسون في أن حصول هذه الملكة بكثرة الحفظ وجودتها بجودة المحفوظ

- ‌الفصل الثامن والخمسون في بيان المطبوع من الكلام والمصنوع وكيف جودة المصنوع أو قصوره

- ‌الفصل التاسع والخمسون في ترفع أهل المراتب عن انتحال الشعر

- ‌الفصل الستون في أشعار العرب وأهل الأمصار لهذا العهد

- ‌(الموشحات والأزجال للأندلس)

- ‌الموشحات والأزجال في المشرق

- ‌خاتمة

الفصل: ‌الفصل السادس والعشرون في اختلاف الأمة في حكم هذا المنصب وشروطه

النّظر العقليّ في جلب المصالح الدّنيويّة ودفع المضارّ والخلافة هي حمل الكافّة على مقتضى النّظر الشّرعي في مصالحهم الأخرويّة والدّنيويّة الرّاجعة إليها إذ أحوال الدّنيا ترجع كلّها عند الشّارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشّرع في حراسة الدّين وسياسة الدّنيا به فافهم ذلك واعتبره فيما نورده عليك من بعد والله الحكيم العليم.

‌الفصل السادس والعشرون في اختلاف الأمة في حكم هذا المنصب وشروطه

وإذ قد بيّنّا حقيقة هذا المنصب وأنّه نيابة عن صاحب الشّريعة في حفظ الدّين وسياسة الدّنيا به تسمّى خلافة وإمامة والقائم به خليفة وإماما فأمّا تسميته إماما فتشبيها بإمام الصّلاة في اتّباعه والاقتداء به ولهذا يقال الإمامة الكبرى وأمّا تسميته خليفة فلكونه يخلف النّبيّ في أمّته فيقال خليفة بإطلاق وخليفة رسول الله واختلف في تسميته خليفة الله فأجازه بعضهم اقتباسا من الخلافة العامّة الّتي للآدميّين في قوله تعالى «إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً 2: 30» وقوله «جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ 6: 165» .

ومنع الجمهور منه لأنّ معنى الآية ليس عليه وقد نهى أبو بكر عنه لمّا دعي به وقال: «لست خليفة الله ولكنّي خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم» ولأنّ الاستخلاف إنّما هو في حقّ الغائب وأمّا الحاضر فلا. ثمّ إنّ نصب الإمام واجب قد عرف وجوبه في الشّرع بإجماع الصّحابة والتّابعين لأنّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاته بادروا إلى بيعة أبي بكر رضي الله عنه وتسليم النّظر إليه في أمورهم وكذا في كلّ عصر من بعد ذلك ولم تترك النّاس فوضى في عصر من الأعصار واستقرّ ذلك

ص: 239

إجماعا دالا على وجوب نصب الإمام. وقد ذهب بعض النّاس إلى أنّ مدرك وجوبه العقل، وأنّ الإجماع الّذي وقع إنّما هو قضاء بحكم العقل فيه.

قالوا وإنّما وجب بالعقل لضرورة الاجتماع للبشر واستحالة حياتهم ووجودهم منفردين ومن ضرورة الاجتماع التّنازع لازدحام الأغراض. فما لم يكن الحاكم الوازع أفضى ذلك إلى الهرج المؤذن بهلاك البشر وانقطاعهم مع أنّ حفظ النّوع من مقاصد الشّرع الضّروريّة وهذا المعنى بعينه هو الّذي لحظه الحكماء في وجوب النّبوءات في البشر وقد نبّهنا على فساده وأنّ إحدى مقدّماته أنّ الوازع إنّما يكون بشرع من الله تسلّم له الكافّة تسليم إيمان واعتقاد وهو غير مسلّم لأنّ الوازع قد يكون بسطوة الملك وقهر أهل الشّوكة ولو لم يكن شرع كما في أمم المجوس وغيرهم ممّن ليس له كتاب أو لم تبلغه الدّعوة أو نقول يكفي في رفع التّنازع معرفة كلّ واحد بتحريم الظّلم عليه بحكم العقل فادّعاؤهم أنّ ارتفاع التّنازع إنّما يكون بوجود الشّرع هناك ونصب الإمام هنا غير صحيح بل كما يكون بنصب الإمام يكون بوجود الرّؤساء أهل الشّوكة أو بامتناع النّاس عن التّنازع والتّظالم فلا ينهض دليلهم العقليّ المبنيّ على هذه المقدّمة فدلّ على أنّ مدرك وجوبه إنّما هو بالشّرع وهو الإجماع الّذي قدّمناه.

وقد شذّ بعض النّاس فقال بعدم وجوب هذا النّصب رأسا لا بالعقل ولا بالشّرع منهم الأصمّ من المعتزلة وبعض الخوارج وغيرهم، والواجب عند هؤلاء إنّما هو إمضاء الحكم الشّرع فإذا تواطأت الأمّة على العدل وتنفيذ أحكام الله تعالى لم يحتج إلى إمام ولا يجب نصبه وهؤلاء محجوجون بالإجماع. والّذي حملهم على هذا المذهب إنّما هو الفرار عن الملك ومذاهبه من الاستطالة والتّغلّب والاستمتاع بالدّنيا لمّا رأوا الشّريعة ممتلئة بذمّ ذلك والنّعي على أهله ومرغّبة في رفضه. واعلم أنّ الشّرع لم يذمّ الملك لذاته ولا حظر القيام به وإنّما ذمّ المفاسد النّاشئة عنه من القهر والظّلم والتّمتّع باللّذات ولا شكّ أنّ في هذه مفاسد محظورة

ص: 240

وهي من توابعه كما أثنى على العدل والنّصفة وإقامة مراسم الدّين والذّبّ عنه وأوجب بإزائها الثّواب وهي كلّها من توابع الملك.

فإذا إنّما وقع الذّمّ للملك على صفة وحال دون حال أخرى ولم يذمّه لذاته ولا طلب تركه كما ذمّ الشّهوة والغضب من المكلّفين وليس مراده تركهما بالكلّيّة لدعاية الضّرورة إليها وأمّا المراد تصريفهما على مقتضى الحقّ وقد كان لداود وسليمان صلوات الله وسلامه عليهما الملك الّذي لم يكن لغيرهما وهما من أنبياء الله تعالى وأكرم الخلق عنده ثمّ نقول لهم إنّ هذا الفرار عن الملك بعدم وجوب هذا النّصب [1] لا يغنيكم شيئا لأنّكم موافقون على وجوب إقامة أحكام الشّريعة وذلك لا يحصل إلّا بالعصبيّة والشّوكة والعصبيّة مقتضية بطبعها للملك فيحصل الملك وإن لم ينصّب إمام وهو عين ما قرّرتم عنه. وإذا تقرّر أنّ هذا النّصب واجب بإجماع فهو من فروض الكفاية وراجع إلى اختيار أهل العقد والحلّ فيتعيّن عليهم نصبه ويجب على الخلق جميعا طاعته لقوله تعالى «أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ 4: 59» .

وأمّا شروط هذا المنصب فهي أربعة: العلم والعدالة والكفاية وسلامة الحواسّ والأعضاء ممّا يؤثّر في الرّأي والعمل واختلف في شرط خامس وهو النّسب القرشيّ فأمّا اشتراط العلم فظاهر لأنّه إنّما يكون منفّذا لأحكام الله تعالى إذا كان عالما بها وما لم يعلمها لا يصحّ تقديمه لها ولا يكفي من العلم إلّا أن يكون مجتهدا لأنّ التّقليد نقص والإمامة تستدعي الكمال في الأوصاف والأحوال وأمّا العدالة فلأنّه منصب دينيّ ينظر في سائر المناصب الّتي هي شرط فيها فكان أولى باشتراطها فيه.

ولا خلاف في انتفاء العدالة فيه بفسق الجوارح من ارتكاب المحظورات وأمثالها وفي انتفائها بالبدع الاعتقاديّة خلاف.

[1] أي نصب الامام.

ص: 241

وأمّا الكفاية فهو أن يكون جريئا على إقامة الحدود واقتحام الحروب بصيرا بها كفيلا يحمل النّاس عليها عارفا بالعصبيّة وأحوال الدّهاء قويّا على معاناة السّياسة ليصحّ له بذلك ما جعل إليه من حماية الدّين وجهاد العدوّ وإقامة الأحكام وتدبير المصالح.

وأمّا سلامة الحواسّ والأعضاء من النّقص والعطلة [1] كالجنون والعمى والصّمم والخرس وما يؤثّر فقده من الأعضاء في العمل كفقد اليدين والرّجلين والأنثيين فتشترط السّلامة منها كلّها لتأثير ذلك في تمام عمله وقيامه بما جعل إليه وإن كان إنّما يشين في المنظر فقط كفقد إحدى هذه الأعضاء فشرط السّلامة منه شرط كمال ويلحق بفقدان الأعضاء المنع من التّصرّف وهو ضربان ضرب يلحق بهذه في اشتراط السّلامة منه شرط وجوب وهو القهر والعجز عن التّصرّف جملة بالأسر وشبهه وضرب لا يلحق بهذه وهو الحجر باستيلاء بعض أعوانه عليه من غير عصيان ولا مشاقّة فينتقل النّظر في حال هذا المستولي فإن جرى على حكم الدّين والعدل وحميد السّياسة جاز قراره وإلّا استنصر المسلمون بمن يقبض يده عن ذلك ويدفع علّته حتّى ينفّذ فعل الخليفة.

وأمّا النّسب القرشيّ فلإجماع الصّحابة يوم السّقيفة على ذلك واحتجّت قريش على الأنصار لمّا همّوا يومئذ ببيعة سعد بن عبّادة وقالوا «منّا أمير ومنكم أمير» بقوله صلى الله عليه وسلم: «الأئمّة من قريش» وبأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أوصانا بأن نحسن إلى محسنكم ونتجاوز عن مسيئكم ولو كانت الإمارة فيكم لم تكن الوصيّة بكم فحجّوا الأنصار ورجعوا عن قولهم «منّا أمير ومنكم أمير» وعدلوا عمّا كانوا همّوا به من بيعة سعد لذلك. وثبت أيضا في الصّحيح «لا يزال هذا الأمر في هذا الحيّ من قريش» وأمثال هذه الأدلّة كثيرة إلّا أنّه لمّا ضعف أمر قريش وتلاشت

[1] تعطل الرجل إذا بقي لا عمل له والاسم العطلة وفلان ذو عطلة إذا لم تكن له صنعة يمارسها (لسان العرب) وقد استعملها ابن خلدون بمعنى فقد الحواس أو تعطيلها.

ص: 242

عصبيّتهم بما نالهم من التّرف والنّعيم وبما أنفقتهم الدّولة في سائر أقطار الأرض عجزوا بذلك عن حمل الخلافة وتغلّبت عليهم الأعاجم وصار الحلّ والعقد لهم فاشتبه ذلك على كثير من المحقّقين حتّى ذهبوا إلى نفي اشتراط القرشيّة وعوّلوا على ظواهر في ذلك، مثل قوله صلى الله عليه وسلم «اسمعوا وأطيعوا وإن ولّي عليكم عبد حبشيّ ذو زبيبة» وهذا لا تقوم به حجّة في ذلك فإنّه خرج مخرج التّمثيل والغرض للمبالغة في إيجاب السّمع والطّاعة ومثل قول عمر «لو كان سالم مولى حذيفة حيّا لولّيته أو لما دخلتني فيه الظّنّة» وهو أيضا لا يفيد ذلك لما علمت أنّ مذهب الصّحابيّ ليس بحجّة وأيضا فمولى القوم منهم وعصبيّة الولاء حاصلة لسالم في قريش وهي الفائدة في اشتراط النّسب ولمّا استعظم عمر أمر الخلافة ورأى شروطها كأنّها مفقودة في ظنّه عدل إلى سالم لتوفّر شروط الخلافة عنده فيه حتّى من النّسب المفيد للعصبيّة كما نذكر ولم يبق إلّا صراحة النّسب فرآه غير محتاج إليه إذ الفائدة في النّسب إنّما هي العصبيّة وهي حاصلة من الولاء فكان ذلك حرصا من عمر رضي الله عنه على النّظر للمسلمين وتقليد أمرهم لمن لا تلحقه فيه لائمة ولا عليه فيه عهدة.

ومن القائلين بنفي اشتراط القرشيّة القاضي أبو بكر الباقلانيّ لمّا أدرك عليه عصبيّة قريش من التّلاشي والاضمحلال واستبداد ملوك العجم من الخلفاء فأسقط شرط القرشيّة وإن كان موافقا لرأي الخوارج لما رأى عليه حال الخلفاء لعهده وبقي الجمهور على القول باشتراطها وصحّة الإمامة للقرشيّ ولو كان عاجزا عن القيام بأمور المسلمين وردّ عليهم سقوط شرط الكفاية الّتي يقوى بها على أمره لأنّه إذا ذهبت الشّوكة بذهاب العصبيّة فقد ذهبت الكفاية وإذا وقع الإخلال بشرط الكفاية تطرّق ذلك أيضا إلى العلم والدّين وسقط اعتبار شروط هذا المنصب وهو خلاف الاجتماع.

ولنتكلّم الآن في حكمة اشتراط النّسب ليتحقّق به الصّواب في هذه المذاهب

ص: 243

فنقول: إنّ الأحكام الشّرعيّة كلّها لا بدّ لها من مقاصد وحكم تشتمل عليها وتشرع لأجلها ونحن إذا بحثنا عن الحكمة في اشتراط النّسب القرشيّ ومقصد الشّارع منه لم يقتصر فيه على التبرّك بوصلة النّبيّ صلى الله عليه وسلم كما هو في المشهور وإن كانت تلك الوصلة موجودة والتّبرّك بها حاصلا لكنّ التّبرّك ليس من المقاصد الشّرعيّة كما علمت فلا بدّ إذن من المصلحة في اشتراط النّسب وهي المقصودة من مشروعيّتها وإذا سبرنا وقسمنا لم نجدها إلّا اعتبار العصبيّة الّتي تكون بها الحماية والمطالبة ويرتفع الخلاف والفرقة بوجودها لصاحب المنصب فتسكن إليه الملّة وأهلها وينتظم حبل الألفة فيها وذلك أنّ قريشا كانوا عصبة مضر وأصلهم وأهل الغلب منهم وكان لهم على سائر مضر العزّة بالكثرة والعصبيّة والشّرف فكان سائر العرب يعترف لهم بذلك ويستكينون لغلبهم فلو جعل الأمر في سواهم لتوقّع افتراق الكلمة بمخالفتهم وعدم انقيادهم ولا يقدر غيرهم من قبائل مضر أن يردّهم عن الخلاف ولا يحملهم على الكرّة فتتفرّق الجماعة وتختلف الكلمة.

والشّارع محذّر من ذلك حريص على اتّفاقهم ورفع التّنازع والشّتات بينهم لتحصل اللّحمة والعصبيّة وتحسن الحماية بخلاف ما إذا كان الأمر في قريش لأنّهم قادرون على سوق النّاس بعصا الغلب إلى ما يراد منهم فلا يخشى من أحد من خلاف عليهم ولا فرقة لأنّهم كفيلون حينئذ بدفعها ومنع النّاس منها فاشترط نسبهم القرشيّ في هذا المنصب وهم أهل العصبيّة القويّة ليكون أبلغ في انتظام الملّة واتّفاق الكلمة وإذا انتظمت كلمتهم انتظمت بانتظامها كلمة مضر أجمع فأذعن لهم سائر العرب وانقادت الأمم سواهم إلى أحكام الملّة ووطئت جنودهم قاضية البلاد كما وقع في أيّام الفتوحات واستمرّ بعدها في الدّولتين إلى أن اضمحلّ أمر الخلافة وتلاشت عصبيّة العرب ويعلم ما كان لقريش من الكثرة والتّغلّب على بطون مضر من مارس أخبار العرب وسيرهم وتفطّن لذلك في أحوالهم.

وقد ذكر ذلك ابن إسحاق في كتاب السّير وغيره فإذا ثبت أنّ اشتراط

ص: 244

القرشيّة إنّما هو لدفع التّنازع بما كان لهم من العصبيّة والغلب وعلمنا أنّ الشّارع لا يخصّ الأحكام بجيل ولا عصر ولا أمّة علمنا أنّ ذلك إنّما هو من الكفاية فرددناه إليها وطردنا العلّة المشتملة على المقصود من القرشيّة وهي وجود العصبيّة فاشترطنا في القائم بأمور المسلمين أن يكون من قوم أولي عصبيّة قويّة غالبة على من معها لعصرها ليستتبعوا من سواهم وتجتمع الكلمة على حسن الحماية ولا يعلم ذلك في الأقطار والآفاق كما كان في القرشيّة إذ الدّعوة الإسلاميّة الّتي كانت لهم كانت عامّة وعصبيّة العرب كانت وافية بها فغلبوا سائر الأمم وإنّما يخصّ لهذا العهد كلّ قطر بمن تكون له فيه العصبيّة الغالبة وإذا نظرت سرّ الله في الخلافة لم تعد هذا لأنّه سبحانه إنّما جعل الخليفة نائبا عنه في القيام بأمور عباده ليحملهم على مصالحهم ويردّهم عن مضارّهم وهو مخاطب بذلك ولا يخاطب بالأمر إلّا من له قدرة عليه ألا ترى ما ذكره الإمام ابن الخطيب [1] في شأن النّساء وأنّهنّ في كثير من الأحكام الشّرعية جعلن تبعا للرّجال ولم يدخلن في الخطاب بالوضع. وإنّما دخلن عنده بالقياس وذلك لمّا لم يكن لهن من الأمر شيء وكان الرّجال قوّامين عليهنّ اللَّهمّ إلّا في العبادات الّتي كلّ أحد فيها قائم على نفسه فخطابهنّ فيها بالوضع لا بالقياس ثمّ إنّ الوجود شاهد بذلك فإنّه لا يقوم بأمر أمّة أو جيل إلّا من غلب عليهم وقلّ أن يكون الآمر الشّرعيّ مخالفا للأمر الوجوديّ والله تعالى أعلم.

[1] قوله الإمام ابن الخطيب هو الفخر الرازيّ قاله نصر.

ص: 245