المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الموشحات والأزجال للأندلس) - تاريخ ابن خلدون - جـ ١

[ابن خلدون]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الأول]

- ‌المؤلف والكتاب

- ‌كلمة الناشر

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌المقدمة في فضل علم التّاريخ وتحقيق مذاهبه والالماع لما يعرض للمؤرخين من المغالط وذكر شيء من أسبابها

- ‌فصل

- ‌الكتاب الأول في طبيعة العمران في الخليقة وما يعرض فيها من البدو والحضر والتغلب والكسب والمعاش والصنائع والعلوم ونحوها وما لذلك من العلل والأسباب

- ‌الباب الأوّل من الكتاب الأول في العمران البشري على الجملة وفيه مقدمات

- ‌الأولى في أنّ الاجتماع الإنسانيّ ضروريّ

- ‌المقدمة الثانية في قسط العمران من الأرض والإشارة إلى بعض ما فيه من الأشجار [1] والأنهار والأقاليم

- ‌تكملة لهذه المقدمة الثانية في أن الربع الشمالي من الأرض أكثر عمرانا من الربع الجنوبي وذكر السبب في ذلك

- ‌تفصيل الكلام على هذه الجغرافيا

- ‌الإقليم الأوّل

- ‌الإقليم الثّاني:

- ‌الإقليم الثّالث:

- ‌الإقليم الرّابع:

- ‌ الإقليم الخامس

- ‌الإقليم السّادس

- ‌ الإقليم السّابع

- ‌المقدمة الثالثة في المعتدل من الأقاليم والمنحرف وتأثير الهواء في ألوان البشر والكثير في أحوالهم

- ‌المقدمة الرابعة في أثر الهواء في أخلاق البشر

- ‌المقدمة الخامسة في اختلاف أحوال العمران في الخصب والجوع وما ينشأ عن ذلك من الآثار في أبدان البشر وأخلاقهم

- ‌المقدمة السادسة في أصناف المدركين من البشر بالفطرة أو الرياضة ويتقدمه الكلام في الوحي والرؤيا

- ‌ولنذكر الآن تفسير حقيقة النبوة على ما شرحه كثير من المحققين ثم نذكر حقيقة الكهانة ثم الرؤيا ثم شان العرافين وغير ذلك من مدارك الغيب

- ‌أصناف النفوس البشرية

- ‌الوحي

- ‌الكهانة

- ‌الرؤيا

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌فصل

- ‌الباب الثاني في العمران البدويّ والأمم الوحشية والقبائل وما يعرض في ذلك من الأحوال وفيه فصول وتمهيدات

- ‌الفصل الأول في أن أجيال البدو والحضر طبيعية

- ‌الفصل الثاني في أن جيل العرب في الخلقة طبيعيّ

- ‌الفصل الثالث في أن البدو أقدم من الحضر وسابق عليه وان البادية أصل العمران والأمصار مدد لها

- ‌الفصل الرابع في أن أهل البدو أقرب إلى الخير من أهل الحضر

- ‌الفصل الخامس في أن أهل البدو أقرب إلى الشجاعة من أهل الحضر

- ‌الفصل السادس في أن معاناة أهل الحضر للأحكام مفسدة للبأس فيهم ذاهبة بالمنعة منهم

- ‌الفصل السابع في أن سكنى البدو لا تكون إلا للقبائل أهل العصبية

- ‌الفصل الثامن في أن العصبية إنما تكون من الالتحام بالنسب أو ما في معناه

- ‌الفصل التاسع في أن الصريح من النسب إنما يوجد للمتوحشين في القفر من العرب ومن في معناهم

- ‌الفصل العاشر في اختلاط الأنساب كيف يقع

- ‌الفصل الحادي عشر [1] في أن الرئاسة لا تزال في نصابها المخصوص من أهل العصبية

- ‌الفصل الثاني عشر في ان الرئاسة على أهل العصبية لا تكون في غير نسبهم

- ‌الفصل الثالث عشر في أن البيت والشرف بالاصالة والحقيقة لأهل العصبية ويكون لغيرهم بالمجاز والشبه

- ‌الفصل الرابع عشر في أن البيت والشرف للموالي وأهل الاصطناع إنما هو بمواليهم لا بأنسابهم

- ‌الفصل الخامس عشر في أن نهاية الحسب في العقب الواحد أربعة اباء

- ‌الفصل السادس عشر في أن الأمم الوحشية أقدر على التغلب ممن سواها

- ‌الفصل السابع عشر في ان الغاية التي تجري إليها العصبية هي الملك

- ‌الفصل الثامن عشر في أن من عوائق الملك حصول الترف وانغماس القبيل في النعيم

- ‌الفصل التاسع عشر في أن من عوائق الملك المذلة للقبيل والانقياد إلى سواهم

- ‌الفصل العشرون في أن من علامات الملك التنافس في الخلال الحميدة وبالعكس

- ‌الفصل الحادي والعشرون في أنه إذا كانت الأمة وحشية كان ملكها أوسع

- ‌الفصل الثاني والعشرون في أن الملك إذا ذهب عن بعض الشعوب من أمة فلا بد من عوده إلى شعب آخر منها ما دامت لهم العصبية

- ‌الفصل الثالث والعشرون في أن المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده

- ‌الفصل الرابع والعشرون في أن الأمة إذا غلبت وصارت في ملك غيرها أسرع إليها الفناء

- ‌الفصل الخامس والعشرون في أن العرب لا يتغلبون إلا على البسائط

- ‌الفصل السادس والعشرون في أن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب

- ‌الفصل السابع والعشرون في أن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين على الجملة

- ‌الفصل الثامن والعشرون في أن العرب أبعد الأمم عن سياسة الملك

- ‌الفصل التاسع والعشرون في أن البوادي من القبائل والعصائب مغلوبون لأهل الأمصار

- ‌الباب الثالث من الكتاب الأول في الدول العامة والملك والخلافة والمراتب السلطانية وما يعرض في ذلك كله من الأحوال وفيه قواعد ومتممات

- ‌الفصل الأول في أن الملك والدولة العامة إنما يحصلان بالقبيل والعصبية

- ‌الفصل الثاني في أنه إذا استقرت الدولة وتمهدت فقد تستغني عن العصبية

- ‌الفصل الثالث في أنه قد يحدث لبعض أهل النصاب الملكي دولة تستغني عن العصبية

- ‌الفصل الرابع في أن الدول العامة الاستيلاء العظيمة الملك أصلها الدين اما من نبوة أو دعوة حق

- ‌الفصل الخامس في أن الدعوة الدينية تزيد الدولة في أصلها قوة على قوة العصبية التي كانت لها من عددها

- ‌الفصل السادس في أن الدعوة الدينية من غير عصبية لا تتم

- ‌الفصل السابع في أن كل دولة لها حصة من الممالك والأوطان لا تزيد عليها

- ‌الفصل الثامن في أن عظم الدولة واتساع نطاقها وطول أمدها على نسبة القائمين بها في القلة والكثرة

- ‌الفصل التاسع في ان الأوطان الكثيرة القبائل والعصائب قل ان تستحكم فيها دولة

- ‌الفصل العاشر في ان من طبيعة الملك الانفراد بالمجد

- ‌الفصل الحادي عشر في ان من طبيعة الملك الترف

- ‌الفصل الثاني عشر في ان من طبيعة الملك الدعة والسكون

- ‌الفصل الثالث عشر في أنه إذا تحكمت طبيعة الملك من الانفراد بالمجد وحصول الترف والدعة أقبلت الدولة على الهرم

- ‌الفصل الرابع عشر في أن الدولة لها أعمار طبيعية كما للأشخاص

- ‌الفصل الخامس عشر في انتقال الدولة من البداوة إلى الحضارة

- ‌الفصل السادس عشر في أن الترف يزيد الدولة في أولها قوة إلى قوتها

- ‌الفصل السابع عشر في أطوار الدولة واختلاف أحوالها وخلق أهلها باختلاف الأطوار

- ‌الفصل الثامن عشر في أن آثار الدولة كلها على نسبة قوتها في أصلها

- ‌الفصل التاسع عشر في استظهار صاحب الدولة على قومه وأهل عصبيته بالموالي والمصطنعين

- ‌الفصل العشرون في أحوال الموالي والمصطنعين في الدول

- ‌الفصل الحادي والعشرون فيما يعرض في الدول من حجر السلطان والاستبداد عليه

- ‌الفصل الثاني والعشرون في ان المتغلبين على السلطان لا يشاركونه في اللقب الخاص بالملك

- ‌الفصل الثالث والعشرون في حقيقة الملك وأصنافه

- ‌الفصل الرابع والعشرون في أن إرهاف الحد مضرّ بالملك ومفسد له في الأكثر

- ‌الفصل الخامس والعشرون في معنى الخلافة والإمامة

- ‌الفصل السادس والعشرون في اختلاف الأمة في حكم هذا المنصب وشروطه

- ‌الفصل السابع والعشرون في مذاهب الشيعة في حكم الإمامة

- ‌الفصل الثامن والعشرون في انقلاب الخلافة إلى الملك

- ‌الفصل التاسع والعشرون في معنى البيعة

- ‌الفصل الثلاثون في ولاية العهد

- ‌وعرض هنا أمور تدعو الضّرورة إلى بيان الحقّ فيها

- ‌فالأول منها ما حدث في يزيد من الفسق أيّام خلافته

- ‌والأمر الثّاني هو شأن العهد مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما تدّعيه الشّيعة من وصيّته لعليّ رضي الله عنه

- ‌والأمر الثّالث شأن الحروب الواقعة في الإسلام بين الصّحابة والتّابعين

- ‌الفصل الحادي والثلاثون في الخطط الدينية الخلافية

- ‌فأمّا إمامة الصّلاة

- ‌وأمّا الفتيا

- ‌وأمّا القضاء

- ‌العدالة:

- ‌الحسبة والسكة

- ‌الفصل الثاني والثلاثون في اللقب بأمير المؤمنين وانه من سمات الخلافة وهو محدث منذ عهد الخلفاء

- ‌الفصل الثالث والثلاثون في شرح اسم البابا والبطرك في الملة النصرانية واسم الكوهن عند اليهود

- ‌الفصل الرابع والثلاثون في مراتب الملك والسلطان والقابها

- ‌ الوزارة

- ‌الحجابة:

- ‌ديوان الأعمال والجبايات

- ‌ديوان الرسائل والكتابة

- ‌الشرطة:

- ‌قيادة الأساطيل:

- ‌الفصل الخامس والثلاثون في التفاوت بين مراتب السيف والقلم في الدول

- ‌الفصل السادس والثلاثون في شارات الملك والسلطان الخاصة به

- ‌الآلة:

- ‌السرير:

- ‌السكة:

- ‌مقدار الدرهم والدينار الشرعيين

- ‌الخاتم

- ‌الطراز:

- ‌الفساطيط والسياج

- ‌المقصورة للصلاة والدعاء في الخطبة

- ‌الفصل السابع والثلاثون في الحروب ومذاهب الأمم وترتيبها

- ‌الفصل الثامن والثلاثون في الجباية وسبب قلتها وكثرتها

- ‌الفصل التاسع والثلاثون في ضرب المكوس أواخر الدولة

- ‌الفصل الأربعون في أن التجارة من السلطان مضرة بالرعايا ومفسدة للجباية

- ‌الفصل الحادي والأربعون في أن ثروة السلطان وحاشيته إنما تكون في وسط الدولة

- ‌فصل:

- ‌الفصل الثاني والأربعون في أن نقص العطاء من السلطان نقص في الجباية

- ‌الفصل الثالث والأربعون في أن الظلم مؤذن بخراب العمران

- ‌فصل:

- ‌الاحتكار:

- ‌الفصل الرابع والأربعون في أن الحجاب كيف يقع في الدول وفي أنه يعظم عند الهرم

- ‌الفصل الخامس والأربعون في انقسام الدولة الواحدة بدولتين

- ‌الفصل السادس والأربعون في أن الهرم إذا نزل بالدولة لا يرتفع

- ‌الفصل السابع والأربعون في كيفية طروق الخلل للدولة

- ‌الفصل الثامن والأربعين فصل في اتساع الدولة أولا إلى نهايته ثم تضايقه طورا بعد طور إلى فناء الدولة واضمحلالها [1]

- ‌الفصل التاسع والأربعون في حدوث الدولة وتجددها كيف يقع

- ‌الفصل الخمسون في ان الدولة المستجدة إنما تستولي على الدولة المستقرة بالمطاولة لا بالمناجزة

- ‌الفصل الحادي والخمسون في وفور العمران اخر الدولة وما يقع فيها من كثرة الموتان والمجاعات

- ‌الفصل الثاني والخمسون في أن العمران البشري لا بد له من سياسة ينتظم بها أمره

- ‌الفصل الثالث والخمسون في أمر الفاطمي وما يذهب إليه الناس في شأنه وكشف الغطاء عن ذلك

- ‌الفصل الرابع والخمسون في ابتداء الدول والأمم وفي الكلام على الملاحم والكشف عن مسمى الجفر

- ‌الباب الرابع من الكتاب الأول في البلدان والأمصار وسائر العمران وما يعرض في ذلك من الأحوال وفيه سوابق ولواحق

- ‌الفصل الأول في أن الدول من المدن والأمصار وأنها إنما توجد ثانية عن الملك

- ‌الفصل الثاني في أن الملك يدعو إلى نزول الأمصار

- ‌الفصل الثالث في أن المدن العظيمة والهياكل المرتفعة إنما يشيدها الملك الكثير

- ‌الفصل الرابع في أن الهياكل العظيمة جدا لا تستقل ببنائها الدولة الواحدة

- ‌الفصل الخامس فيما تجب مراعاته في أوضاع المدن وما يحدث إذا غفل عن المراعاة

- ‌الفصل السادس في المساجد والبيوت العظيمة في العالم

- ‌الفصل السابع في أن المدن والأمصار بإفريقية والمغرب قليلة

- ‌الفصل الثامن في أن المباني والمصانع في الملة الإسلامية قليلة بالنسبة إلى قدرتها وإلى من كان قبلها من الدول

- ‌الفصل التاسع في أن المباني التي كانت تختطها العرب يسرع إليها الخراب إلا في الأقل

- ‌الفصل العاشر في مبادي الخراب في الأمصار

- ‌الفصل الحادي عشر في ان تفاضل الأمصار والمدن في كثرة الرزق لأهلها ونفاق الأسواق إنما هو في تفاضل عمرانها في الكثرة والقلة

- ‌الفصل الثاني عشر في أسعار المدن

- ‌الفصل الثالث عشر في قصور أهل البادية عن سكنى المصر الكثير العمران

- ‌الفصل الرابع عشر في أن الأقطار في اختلاف أحوالها بالرفه والفقر مثل الأمصار

- ‌الفصل الخامس عشر في تأثل العقار والضياع في الأمصار وحال فوائدها ومستغلاتها

- ‌الفصل السادس عشر في حاجات المتمولين من أهل الأمصار إلى الجاه والمدافعة

- ‌الفصل السابع عشر في أن الحضارة في الأمصار من قبل الدول وأنها ترسخ باتصال الدولة ورسوخها

- ‌الفصل الثامن عشر في أن الحضارة غاية العمران ونهاية لعمره وانها مؤذنة بفساده

- ‌الفصل التاسع عشر في أن الأمصار التي تكون كراسي للملك تخرب بخراب الدولة وانقراضها

- ‌الفصل العشرون في اختصاص بعض الأمصار ببعض الصنائع دون بعض

- ‌الفصل الحادي والعشرون في وجود العصبية في الأمصار وتغلب بعضهم على بعض

- ‌الفصل الثاني والعشرون في لغات أهل الأمصار

- ‌الباب الخامس من الكتاب الأول في المعاش ووجوبه من الكسب والصنائع وما يعرض في ذلك كله من الأحوال وفيه مسائل

- ‌الفصل الأول في حقيقة الرزق والكسب وشرحهما وان الكسب هو قيمة الأعمال البشرية

- ‌الفصل الثاني في وجوه المعاش وأصنافه ومذاهبه

- ‌الفصل الثالث في أن الخدمة ليست من الطبيعي

- ‌الفصل الرابع في ابتغاء الأموال من الدفائن والكنوز ليس بمعاش طبيعي

- ‌الفصل الخامس في أن الجاه مفيد للمال

- ‌الفصل السادس في أن السعادة والكسب إنما يحصل غالبا لأهل الخضوع والتملق وان هذا الخلق من أسباب السعادة

- ‌الفصل السابع في أن القائمين بأمور الدين من القضاء والفتيا والتدريس والإمامة والخطابة والأذان ونحو ذلك لا تعظم ثروتهم في الغالب

- ‌الفصل الثامن في أن الفلاحة من معاش المتضعين وأهل العافية من البدو

- ‌الفصل التاسع في معنى التجارة ومذاهبها وأصنافها

- ‌الفصل العاشر في أي أصناف الناس يحترف بالتجارة وأيهم ينبغي له اجتناب حرفها

- ‌الفصل الحادي عشر في أن خلق التجار نازلة عن خلق الأشراف والملوك

- ‌الفصل الثاني عشر في نقل التاجر للسلع

- ‌الفصل الثالث عشر في الاحتكار

- ‌الفصل الرابع عشر في أن رخص الأسعار مضر بالمحترفين بالرخص

- ‌الفصل الخامس عشر في أن خلق التجارة نازلة عن خلق الرؤساء وبعيدة من المروءة

- ‌الفصل السادس عشر في أن الصنائع لا بد لها من العلم [2]

- ‌الفصل السابع عشر في أن الصنائع إنما تكمل بكمال العمران الحضري وكثرته

- ‌الفصل الثامن عشر في أن رسوخ الصنائع في الأمصار إنما هو برسوخ الحضارة وطول أمده

- ‌الفصل التاسع عشر في أن الصنائع إنما تستجاد وتكثر إذا كثر طالبها

- ‌الفصل العشرون في أن الأمصار إذا قاربت الخراب انتقضت منها الصنائع

- ‌الفصل الحادي والعشرون في أن العرب أبعد الناس عن الصنائع

- ‌الفصل الثاني والعشرون فيمن حصلت له ملكة في صناعة فقل أن يجيد بعد في ملكة أخرى

- ‌الفصل الثالث والعشرون في الإشارة إلى أمهات الصنائع

- ‌الفصل الرابع والعشرون في صناعة الفلاحة

- ‌الفصل الخامس والعشرون في صناعة البناء

- ‌الفصل السادس والعشرون في صناعة النجارة

- ‌الفصل السابع والعشرون في صناعة الحياكة والخياطة

- ‌الفصل الثامن والعشرون في صناعة التوليد

- ‌الفصل التاسع والعشرون في صناعة الطب وانها محتاج إليها في الحواضر والأمصار دون البادية

- ‌الفصل الثلاثون في أن الخط والكتابة من عداد الصنائع الإنسانية

- ‌الفصل الحادي والثلاثون في صناعة الوراقة

- ‌الفصل الثاني والثلاثون في صناعة الغناء

- ‌الفصل الثالث والثلاثون في أن الصنائع تكسب صاحبها عقلا وخصوصا الكتابة والحساب

- ‌الباب السادس من الكتاب الأول في العلوم وأصنافها والتعليم وطرقه وسائر وجوهه وما يعرض في ذلك كله من الأحوال وفيه مقدمة ولواحق

- ‌فالمقدّمة في الفكر الإنسانيّ

- ‌الفصل الأول في أن العلم والتعليم طبيعي في العمران البشري

- ‌الفصل الثاني في أن التعليم للعلم من جملة الصنائع

- ‌الفصل الثالث في ان العلوم إنما تكثر حيث يكثر العمران وتعظم الحضارة

- ‌الفصل الرابع في أصناف العلوم الواقعة في العمران لهذا العهد

- ‌الفصل الخامس في علوم القرآن من التفسير والقراءات

- ‌وأمّا التفسير

- ‌الفصل السادس في علوم الحديث

- ‌الفصل السابع في علم الفقه وما يتبعه من الفرائض

- ‌الفصل الثامن في علم الفرائض

- ‌الفصل التاسع في أصول الفقه وما يتعلق به من الجدل والخلافيات

- ‌وأما الخلافات

- ‌وأما الجدال

- ‌الفصل العاشر في علم الكلام

- ‌الفصل الحادي عشر في أن عالم الحوادث الفعلية إنما يتم بالفكر

- ‌الفصل الثاني عشر في العقل التجريبي وكيفية حدوثه [1]

- ‌الفصل الثالث عشر في علوم البشر وعلوم الملائكة

- ‌الفصل الرابع عشر في علوم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌الفصل الخامس عشر في أن الإنسان جاهل بالذات عالم بالكسب

- ‌الفصل السادس عشر في كشف الغطاء عن المتشابه من الكتاب والسنة وما حدث لأجل ذلك من طوائف السنّية والمبتدعة في الاعتقادات

- ‌الفصل السابع عشر في علم التصوّف

- ‌تذييل:

- ‌الفصل الثامن عشر في علم تعبير الرؤيا

- ‌الفصل التاسع عشر في العلوم العقلية وأصنافها

- ‌الفصل العشرون في العلوم العددية

- ‌ومن فروع علم العدد صناعة الحساب

- ‌ ومن فروعه الجبر والمقابلة

- ‌ ومن فروعه أيضا المعاملات

- ‌ ومن فروعه أيضا الفرائض

- ‌الفصل الحادي والعشرون في العلوم الهندسية

- ‌ومن فروع هذا الفن الهندسة المخصوصة بالأشكال الكروية والمخروطات

- ‌ ومن فروع الهندسة المساحة

- ‌ المناظرة من فروع الهندسة

- ‌الفصل الثاني والعشرون في علم الهيئة

- ‌ومن فروعه علم الأزياج [1]

- ‌الفصل الثالث والعشرون في علم المنطق

- ‌الفصل الرابع والعشرون في الطبيعيات

- ‌الفصل الخامس والعشرون في علم الطب

- ‌الفصل السادس والعشرون في الفلاحة

- ‌الفصل السابع والعشرون في علم الإلهيات

- ‌الفصل الثامن والعشرون في علوم السحر والطلسمات

- ‌الفصل التاسع والعشرون علم أسرار الحروف

- ‌الكلام على استخراج نسبة الأوزان وكيفياتها ومقادير المقابل منها وقوة الدرجة المتميزة بالنسبة إلى موضع المعلق من امتزاج طبائع وعلم طب أو صناعة الكيميا

- ‌الطب الروحانيّ

- ‌مطاريح الشعاعات في مواليد الملوك وبنيهم

- ‌الانفعال الروحانيّ والانقياد الرباني

- ‌مقامات المحبة وميل النفوس والمجاهدة والطاعة والعبادة وحب وتعشق وفناء الفناء وتوجه ومراقبة وخلة وأئمة

- ‌فصل في المقامات للنهاية

- ‌الوصية والتختم والإيمان والإسلام والتحريم والاهلية

- ‌كيفية العمل في استخراج أجوبة المسائل من زايرجة العالم بحول الله منقولا عمن لقيناه من القائمين عليها

- ‌2- فصل في الاطلاع على الأسرار الخفية من جهة الارتباطات الحرفية

- ‌فصل في الاستدلال على ما في الضمائر الخفية بالقوانين الحرفية

- ‌الفصل الثلاثون في علم الكيمياء

- ‌الفصل الحادي والثلاثون في إبطال الفلسفة وفساد منتحلها

- ‌الفصل الثاني والثلاثون في إبطال صناعة النجوم وضعف مداركها وفساد غايتها

- ‌الفصل الثالث والثلاثون في انكار ثمرة الكيميا واستحالة وجودها وما ينشأ من المفاسد عن انتحالها

- ‌الفصل الرابع والثلاثون في أن كثرة التآليف في العلوم عائقة عن التحصيل

- ‌الفصل الخامس والثلاثون في المقاصد التي ينبغي اعتمادها بالتأليف والغاء ما سواها

- ‌الفصل السادس والثلاثون في أن كثرة الاختصارات المؤلفة في العلوم مخلة بالتعليم

- ‌الفصل السابع والثلاثون في وجه الصواب في تعليم العلوم وطريق إفادته

- ‌الفصل الثامن والثلاثون في أن العلوم الإلهية لا توسع فيها الأنظار ولا تفرع المسائل

- ‌الفصل التاسع والثلاثون في تعليم الولدان واختلاف مذاهب الأمصار الإسلامية في طرقه

- ‌الفصل الأربعون في أن الشدة على المتعلمين مضرة بهم

- ‌الفصل الحادي والأربعون في أن الرحلة في طلب العلوم ولقاء المشيخة مزيد كمال في التعلم

- ‌الفصل الثاني والأربعون في أن العلماء من بين البشر أبعد عن السياسة ومذاهبها

- ‌الفصل الثالث والأربعون في أن حملة العلم في الإسلام أكثرهم العجم

- ‌الفصل الرابع والأربعون في أن العجمة إذا سبقت إلى اللسان قصرت بصاحبها في تحصيل العلوم عن أهل اللسان العربيّ

- ‌الفصل الخامس والأربعون في علوم اللسان العربيّ

- ‌ علم النّحو

- ‌علم اللغة

- ‌علم البيان

- ‌علم الأدب

- ‌الفصل السادس والأربعون في أن اللغة ملكة صناعية

- ‌الفصل السابع والأربعون في أن لغة العرب لهذا العهد مستقلة مغايرة للغة مضر وحمير

- ‌الفصل الثامن والأربعون في أن لغة أهل الحضر والأمصار لغة قائمة بنفسها للغة مضر

- ‌الفصل التاسع والأربعون في تعليم اللسان المضري

- ‌الفصل الخمسون في أن ملكة هذا اللسان غير صناعة العربية ومستغنية عنها في التعليم

- ‌الفصل الواحد والخمسون في تفسير الذوق في مصطلح أهل البيان وتحقيق معناه وبيان أنه لا يحصل للمستعربين من العجم

- ‌الفصل الثاني والخمسون في أن أهل الأمصار على الإطلاق قاصرون في تحصيل هذه الملكة اللسانية التي تستفاد بالتعليم ومن كان منهم أبعد عن اللسان العربيّ كان حصولها له أصعب وأعسر

- ‌الفصل الثالث والخمسون في انقسام الكلام إلى فني النظم والنثر

- ‌الفصل الرابع والخمسون في أنه لا تتفق الإجادة في فني المنظوم والمنثور معا إلا للأقل

- ‌الفصل الخامس والخمسون في صناعة الشعر ووجه تعلمه

- ‌الفصل السادس والخمسون في أن صناعة النظم والنثر إنما هي في الألفاظ لا في المعاني

- ‌الفصل السابع والخمسون في أن حصول هذه الملكة بكثرة الحفظ وجودتها بجودة المحفوظ

- ‌الفصل الثامن والخمسون في بيان المطبوع من الكلام والمصنوع وكيف جودة المصنوع أو قصوره

- ‌الفصل التاسع والخمسون في ترفع أهل المراتب عن انتحال الشعر

- ‌الفصل الستون في أشعار العرب وأهل الأمصار لهذا العهد

- ‌(الموشحات والأزجال للأندلس)

- ‌الموشحات والأزجال في المشرق

- ‌خاتمة

الفصل: ‌(الموشحات والأزجال للأندلس)

(الموشحات والأزجال للأندلس)

وأمّا أهل الأندلس فلمّا كثر الشّعر في قطرهم وتهذّبت مناحيه وفنونه وبلغ التّنميق فيه الغاية استحدث المتأخّرون منهم فنّا منه سمّوه بالموشّح ينظمونه أسماطا أسماطا وأغصانا أغصانا يكثرون من أعاريضها المختلفة. ويسمّون المتعدّد منها بيتا واحدا ويلتزمون عند قوافي تلك الأغصان وأوزانها متتاليا فيما بعد إلى آخر القطعة وأكثر ما تنتهي عندهم إلى سبعة أبيات. ويشتمل كلّ بيت على أغصان عددها بحسب الأغراض والمذاهب وينسبون فيها ويمدحون كما يفعل في القصائد. وتجاروا في ذلك إلى الغاية واستظرفه النّاس جملة الخاصّة والكافّة لسهولة تناوله وقرب طريقه. وكان المخترع لها بجزيرة الأندلس مقدّم بن معافر الفريريّ [1] من شعراء الأمير عبد الله بن محمّد المروانيّ. وأخذ ذلك عنه أبو عبد الله أحمد بن عبد ربّه صاحب كتاب العقد ولم يظهر لهما مع المتأخّرين ذكر وكسدت موشّحاتهما. فكان أوّل من برع في هذا الشّأن عبادة القزّاز شاعر المعتصم ابن صمادح صاحب المرية. وقد ذكر الأعلم البطليوسيّ أنّه سمع أبا بكر بن زهير يقول: كلّ الوشّاحين عيال على عبّادة القزّاز فيما اتّفق له من قوله: [2]

بدر تمّ. شمس ضحا

غصن نقا. مسك شمّ

ما أتمّ. ما أوضحا

ما أورقا ما أنمّ

لا جرم. من لمحا

قد عشقا. قد حرم

وزعموا أنّه لم يسبقه وشّاح من معاصريه الّذين كانوا في زمن الطّوائف.

وذكر غير واحد من المشايخ أنّ أهل هذا الشّأن بالأندلس يذكرون أنّ

[1] وفي نسخة أخرى: القبريري.

[2]

الضمير يعود إلى عبادة.

ص: 817

جماعة من الوشّاحين اجتمعوا في مجلس بأشبيليّة وكان كلّ واحد منهم اصطنع موشّحة وتأنّق فيها فتقدّم الأعمى الطّليطليّ للإنشاد فلمّا افتتح موشّحته المشهورة بقوله:

ضاحك عن جمان. سافر عن درّ [1]

ضاق عنه الزّمان. وحواه صدري

صرف [2] ابن بقيّ موشّحته وتبعه الباقون. وذكر الأعلم البطليوسيّ أنّه سمع ابن زهر يقول: ما حسدت قطّ وشّاحا على قول إلّا ابن بقيّ حين وقع له:

أما ترى أحمد. في مجده العالي لا يلحق

أطلعه الغرب. فأرنا مثله يا مشرق

وكان في عصرهما من الموشّحين المطبوعين أبو بكر الأبيض. وكان في عصرهما أيضا الحكيم أبو بكر بن باجة صاحب التّلاحين المعروفة ومن الحكايات المشهورة أنّه حضر مجلس مخدومه ابن تيفلويت صاحب سرقسطة فألقى على بعض قيناته موشّحته الّتي أوّلها:

جرّر الذّيل أيما جرّ

وصل الشّكر منك بالشّكر

فطرب الممدوح لذلك لمّا ختمها بقوله:

عقد الله راية النّصر

لأمير العلا أبي بكر

فلمّا طرق ذلك التّلحين سمع ابن تيفلويت صاح: وا طرباه: وشقّ ثيابه وقال: ما أحسن ما بدأت وختمت وحلف بالأيمان المغلّظة لا يمشي ابن باجة إلى داره إلّا على الذّهب. فخاف الحكيم سوء العاقبة فاحتال بأن جعل ذهبا في نعله ومشى عليه. وذكر أبو الخطّاب بن زهر أنّه جرى في مجلس أبي بكر بن زهير ذكر أبي بكر الأبيض الوشّاح المتقدّم الذّكر فغصّ منه بعض الحاضرين فقال كيف تغصّ ممّن يقول:

[1] وفي نسخة أخرى: بدر.

[2]

وفي نسخة أخرى: حرق.

ص: 818

ما لذّ لي شراب راح «على رياض الأقاح

لولا هضيم الوشاح» إذا أسا [1] في الصّباح

أو في الأصيل «أضحى يقول:

ما للشمول» لطمت خدّي؟

وللشّمال «هبّت فمال

غصن اعتدال» ضمّه بردي

ممّا أباد القلوبا «يمشي لنا مستريبا

يا لحظه ردّ نوبا» ويا لماه الشّنيبا

برّد غليل «صبّ عليل

لا يستحيل» فيه عن عهدي

ولا يزال «في كلّ حال

يرجو الوصال» وهو في الصّدّ

واشتهر بعد هؤلاء في صدر دولة الموحّدين محمّد بن أبي الفضل بن شرف. قال الحسن بن دويدة: رأيت حاتم بن سعيد على هذا الافتتاح:

شمس قاربت بدرا

راح ونديم

وابن بهرودس الّذي له:

يا ليلة الوصل والسعود

باللَّه عودي

وابن مؤهّل الّذي له:

ما العيد في حلّة وطاق. وشمّ وطيب.

وإنّما العيد في التّلاقي. مع الحبيب.

وأبو إسحاق الرّوينيّ [2] قال ابن سعيد: سمعت أبا الحسن سهل بن مالك يقول: إنّه دخل على ابن زهير [3] وقد أسنّ وعليه زيّ البادية إذ كان يسكن بحصن سبتة [4] فلم يعرفه فجلس حيث انتهى به المجلس. وجرت المحاضرة فأنشد لنفسه موشّحة وقع فيها:

كحل الدّجى يجري «من مقلة

الفجر» على الصّباح

ومعصم النّهر «في حلل

خضر» من البطاح

[1] وفي نسخة أخرى: إذ أتى.. وفي نسخة ثانية إذا انثنى.

[2]

وفي نسخة أخرى: الرديني.

[3]

وفي نسخة أخرى: ابن زهر.

[4]

وفي نسخة أخرى: حصن أستبه.

ص: 819

فتحرّك ابن زهير وقال أنت تقول هذا؟ قال: اختبر! قال: ومن تكون؟

فعرّفه، فقال: ارتفع فو الله ما عرفتك، قال ابن سعيد وسابق الحلبة الّذي أدرك هؤلاء أبو بكر بن زهير وقد شرّقت موشّحاته وغرّبت، قال: وسمعت أبا الحسن سهل بن مالك يقول قيل لابن زهير لو قيل لك ما أبدع وأرفع ما وقع لك في التّوشيح قال كنت أقول:

ما للمولّه من سكره لا يفيق. يا له سكران. من غير خمر. ما للكئيب المشوق.

يندب الأوطان.

هل تستعاد. أيامنا

بالخليج. وليالينا

أو نستفاد. من النسيم

الأريج. مسك دارينا

أو هل يكاد. حسن المكان

البهيج. أن يحيّينا؟

روض أظلّه. دوح عليه أنيق. مورق الأفنان. والماء يجري. وعائم وغريق.

من جنى الرّيحان.

واشتهر بعده ابن حيّون الّذي له من الزّجل المشهور قوله:

يفوّق سهمه كلّ حين

بما شئت من يد وعين

وينشد في القصيد:

خلقت مليح علمت رامي

فليس تخلّ ساع من قتال

وتعمل بذي العينين متاعي

ما تعمل يديّ بالنبال

واشتهر معهما يومئذ بغرناطة المهر بن الفرس، قال ابن سعيد، ولمّا سمع ابن زهر قوله:

للَّه ما كان من يوم بهيج

بنهر حمص على تلك المروج

ثمّ انعطفنا على فمّ الخليج

نفضّ في حانه مسك الختام

ص: 820

عن عسجد زانه صافي المدام ورداء الأصيل ضمّه كف الظلام

قال ابن زهر: أين كنّا نحن عن هذا الرداء وكان معه في بلده مطرّف. أخبر ابن سعيد عن والده أنّ مطرّفا هذا دخل على ابن الفرس فقام له وأكرمه، فقال:

لا تفعل! فقال ابن الفرس: كيف لا أقوم لمن يقول:

قلوب تصاب بألحاظ تصيب

فقل كيف تبقى بلا وجد

وبعد هذا ابن حزمون بمرسية. ذكر ابن الرائس أنّ يحيى الخزرجيّ دخل عليه في مجلسه فأنشده موشّحة لنفسه فقال له ابن حزمون: لا يكون الموشّح بموشّح حتّى يكون عاريا عن التّكلّف، قال على مثل ماذا؟ قال على مثل قولي:

يا هاجري هل إلى الوصال

منك سبيل

أو هل ترى عن هواك سالي

قلب العليل

وأبو الحسن سهل بن مالك بغرناطة. قال ابن سعيد كان والدي يعجب بقوله:

إنّ سيل الصباح في الشرق

عاد بحرا في أجمع الأفق

فتداعت نوادب الورق

أتراها خافت من الغرق

فبكت سحرة على الورق

واشتهر بأشبيليّة لذلك العهد أبو الحسن بن الفضل، قال ابن سعيد عن والده، سمعت سهل ابن مالك يقول له: يا ابن الفضل لك على الوشّاحين الفضل بقولك:

وا حسرتا لزمان مضى

عشيّة بأنّ الهوى وانقضى

وأفردت بالرغم لا بالرضى

وبتّ على جمرات الغضى

أعانق بالفكر تلك الطّلول

وألثم بالوهم تلك الرّسوم

ص: 821

قال وسمعت أبا بكر بن الصابونيّ ينشد الأستاذ أبا الحسن الدّباج موشّحاته غير ما مرّة، فما سمعته يقول له للَّه درّك، إلّا في قوله:

قسما بالهوى لذي حجر

ما للّيل المشوّق من فجر

جمد الصّبح ليس يطرد ما للّيليّ فيما أظنّ غد اصح يا ليل إنّك الأبد

أو قفصت قوادم النسر

فنجوم السماء لا تسري

ومن محاسن موشّحات ابن الصابوني قوله:

ما حال صبّ ذي ضنى واكتئاب

أمرضه يا ويلتاه الطبيب

عامله محبوبه باجتناب

ثمّ اقتدى فيه الكرى بالحبيب

جفا جفوني النوم لكنني

لم أبكه الا لفقد الخيال

وذا الوصال اليوم قد غرّني

منه كما شاء وشاء الوصال

فلست باللائم من صدّني

بصورة الحقّ ولا بالمحال

واشتهر ببرّ أهل العدوة ابن خلف الجزائريّ صاحب الموشّحة المشهورة:

الإصباح قدحت زناد

الأنوار في مجامز الزهر

وابن خرز البجائيّ وله من موشّحة:

ثغر الزمان موافق

حباك منه بابتسام

ومن محاسن الموشّحات للمتأخّرين موشّحة ابن سهل شاعر إشبيليّة وسبتة من بعدها فمنها قوله:

هل دري ظبي الحمى أن قد حمى

قلب صبّ حلّه عن مكنس

فهو في نار وخفق مثل ما

لعبت ريح الصّبا بالقبس

وقد نسج على منواله فيها صاحبنا الوزير أبو عبد الله ابن الخطيب شاعر الأندلس والمغرب لعصره وقد مرّ ذكره فقال:

ص: 822

جادك الغيث إذا الغيث همي

يا زمان الوصل بالأندلس

لم يكن وصلك إلّا حلما

في الكرى أو خلسة المختلس

إذ يقود الدّهر أشتات المنى

ينقل الخطو على ما يرسم

زمرا بين فرادى وثنا

مثل ما يدعو الوفود [1] الموسم

والحيا قد جلّل الرّوض سنى

فثغور الزّهر [2] فيه تبسم

وروى النّعمان عن ماء السّما

كيف يروي مالك عن أنس؟

فكساه الحسن ثوبا معلما

يزدهي منه بأبهى ملبس

في ليال كتمت سرّ الهوى

بالدّجى لولا شموس الغرر [3]

مال نجم الكأس فيها وهوى

مستقيم السّير سعد الأثر

وطر ما فيه من عيب سوى

أنّه مرّ كلمح البصر

حين لذّ النّوم منّا [4] أو كما

هجم الصّبح هجوم [4] الحرس

غارت الشّهب بنا أو ربّما

أثّرت فينا عيون النّرجس

أيّ شيء لامرئ قد خلصا

فيكون الرّوض قد مكّن فيه

تنهب الأزهار فيه الفرصا

أمنت من مكره ما تتّقيه

فإذا الماء يناجي والحصا

وخلا كلّ خليل بأخيه

تبصر الورد غيورا برما

يكتسي من غيظه ما يكتسي

وترى الآس لبيبا فهما

يسرق الدّمع بأذني فرس

يا أهيل الحيّ من وادي الغضا

وبقلبي مسكن أنتم به

ضاق عن وجدي بكم رحب الفضا

لا أبالي شرقه من غربة

[1] وفي نسخة أخرى: الحجيج.

[2]

وفي نسخة أخرى: الأزهار.

[3]

وفي نسخة أخرى: القدر.

[4]

وفي نسخة أخرى: شيئا. نجوم.

ص: 823

فأعيدوا عهد أنس قد مضى

تنقذوا عانيكم من كربه [1]

واتّقوا الله وأحيوا مغرما

يتلاشى نفسا في نفس

حبس القلب عليكم كرما

أفترضون خراب الحبس [2]

وبقلبي منكم مقترب

بأحاديث المنى وهو بعيد

قمر أطلع منه المغرب

شقوة المغري به وهو سعيد

قد تساوى محسن أو مذنب

في هواه بين وعد ووعيد

ساحر [3] المقلة معسول اللّمى

جال في النّفس مجال النّفس

سدّد السّهم فأصمى إذ رمى

بفؤادي نبلة المفترس [4]

إن يكن جار وخاب الأمل

وفؤاد الصّبّ بالشّوق يذوب

فهو للنّفس حبيب أوّل

ليس في الحبّ لمحبوب ذنوب

أمره معتمل ممتثل

في ضلوع قد براها وقلوب

حكم اللّحظ بها فاحتكما

لم يراقب [5] في ضعاف الأنفس

ينصف المظلوم ممّن ظلما

ويجازي البرّ منها والمسي

ما لقلبي كلّما هبّت صبا

عاده عيد من الشّوق جديد؟

كان في اللّوح له مكتتبا

قوله إنّ عذابي لشديد

جلب الهمّ له والوصبا

فهو للأشجان في جهد جهيد

لاعج في أضلعي قد أضرما

فهي نار في هشيم اليبس

لم يدع من مهجتي إلّا الدّما [6]

كبقاء الصّبح بعد الغلس

[1] وفي نسخة أخرى: تنقذوا عائذكم.. إلخ وفي النسخة الباريسية: تعتقوا عانيكم من كربه.

[2]

وفي النسخة الباريسية: أفترضون عفاء الحبس.

[3]

وفي نسخة أخرى: احور المقلة.

[4]

وفي نسخة أخرى:

سدد السهم وسمى ورمى

ففؤادي نهبة المفترس

[5]

لم يراقب: أي لم يحاذر الله.

[6]

وفي نسخة أخرى: ذما والذماء: بقية الروح

ص: 824

سلّمي يا نفس في حكم القضا

واعبري الوقت برجعى ومتاب

واتركي [1] ذكرى زمان قد مضى

بين عتبى قد تقضّت وعتاب

واصرفي القول إلى المولى الرّضى

ملهم التّوفيق في أمّ الكتاب

الكريم المنتهى والمنتمي

أسد السّرج وبدر المجلس

ينزل النّصر عليه مثلما

ينزل الوحي بروح القدس

وأمّا المشارقة فالتّكلّف ظاهر على ما عانوه من الموشّحات. ومن أحسن ما وقع لهم في ذلك موشّحة ابن سناء الملك الّتي اشتهرت شرقا وغربا وأوّلها:

حبيبي ارفع حجاب النور

عن العذار

تنظر المسك على كافور

في جلنار

كلّلي يا سحب تيجان الربى

بالحلى واجعلي

سوارها منعطف الجدول

ولمّا شاع فنّ التوشيح في أهل الأندلس، وأخذ به الجمهور، لسلاسته وتنميق كلامه وترصيع أجزائه، نسجت العامّة من أهل الأمصار على منواله، ونظّموا في طريقته بلغتهم الحضريّة من غير أن يلتزموا فيها إعرابا. واستحدثوا فنّا سمّوه بالزجل، والتزموا النظم فيه على مناحيهم لهذا العهد، فجاءوا فيه بالغرائب واتّسع فيه للبلاغة مجال بحسب لغتهم المستعجمة.

وأوّل من أبدع في هذه الطّريقة. الزجليّة أبو بكر بن قزمان، وإن كانت قيلت قبله بالأندلس، لكن لم يظهر حلاها، ولا انسبكت معانيها واشتهرت رشاقتها إلّا في زمانه. وكان لعهد الملّثمين، وهو إمام الزجّالين على الإطلاق.

قال ابن سعيد: ورأيت أزجاله مرويّة ببغداد أكثر ممّا رأيتها بحواضر المغرب.

قال: وسمعت أبا الحسن بن جحدر الإشبيليّ، إمام الزجّالين في عصرنا يقول:

[1] وفي نسخة أخرى: ودعي.

ص: 825

ما وقع لأحد من أئمّة هذا الشأن مثل ما وقع لابن قزمان شيخ الصناعة، وقد خرج إلى منتزه مع بعض أصحابه، فجلسوا تحت عريش وأمامهم تمثال أسد من رخام يصبّ الماء من فيه على صفائح من الحجر متدرّجة فقال:

وعريش قد قام على دكان

بحال رواق

وأسد قد ابتلع ثعبان

من غلظ ساق

وفتح فمه بحال إنسان

بيه الفراق

وانطلق من ثم على الصفاح

وألقى الصياح

وكان ابن قزمان، مع أنّه قرطبيّ الدار، كثيرا ما يتردّد إلى إشبيليّة ونيتاب نهرها، فاتّفق أن اجتمع ذات يوم جماعة من أعلام هذا الشأن. وقد ركبوا في النّهر للنزهة، ومعهم غلام جميل الصورة من سروات أهل البلد وبيوتهم. وكانوا مجتمعين في زورق للصيد، فنظموا في وصف الحال، وبدأ منهم عيسى البليديّ فقال:

يطمع بالخلاص قلبي وقد فاتو

وقد ضمني عشقو لشهماتو

تراه قد حصل مسكين محلاتو

يغلق وكذاك أمر عظيم صاباتو

توحش الجفون الكحل إن غابو

وذيك الجفون الكحل أبلاتو

ثمّ قال أبو عمرو بن الزاهر الإشبيليّ:

نشب والهوى من لج فيه ينشب

ترى ايش دعاه يشقى ويتعذب

مع العشق قام في بألوان يلعب

وخلق كثير من ذا اللعب ماتوا

ثمّ قال أبو الحسن المقرّيّ الدانيّ:

نهار مليح يعجبن أوصافو

شراب وملاح من حولي قد طافوا

والمقلين يقول من فوق صفصافو

والبوري أخرى فقلاتو

ص: 826

ثمّ قال أبو بكر بن مرتين:

الحق تريد حديث بقالي عاد

في الواد النزيه والبوري والصياد

لسنا حيتان ذيك الّذي يصطاد

قلوب الورى هي في شبيكاتو

ثمّ قال أبو بكر بن قزمان:

إذا شمر كمامو يرميها

ترى البوري يرشق لذاك الجيها

وليس مرادو أن يقع فيها

إلا أن يقبل بدياتو

وكان في عصرهم بشرق الأندلس محلف الأسود، وله محاسن من الزّجل منها قوله:

قد كنت منشوب واختشيت النشب

وردّني ذا العشق لأمر صعب

حتى تنظر الخدّ الشريق البهي

تنتهي في الخمر ألما تنتهي

يا طالب الكيميا في عينيّ هي

تنظر بها الفضة وترجع ذهب

وجاءت بعدهم حلبة كان سابقها مدغليس، وقعت له العجائب في هذه الطريقة، فمن قوله في زجله المشهور:

ورذاذ دق ينزل

وشعاع الشمس يضرب

فترى الواحد يفضض

وترى الآخر يذهب

والنبات يشرب ويسكر

والغصون ترقص وتطرب

وتريد تجي إلينا

ثم تستحي وتهرب

ومن محاسن أزجاله قوله:

لاح الضيا والنجوم حيارى

فقم بنا ننزع الكسل

شربت ممزوج من قراعا

أحلى هي عندي من العسل

يا من يلمني كما تقلد

قلدك الله بما تقول

ص: 827

يقول بان الذنوب تولد

وأنّه يفسد العقول

لارض الحجاز موريكن لك أرشد

ايش ما ساقك معي في ذا الفضول

مر أنت للحج والزيارا

ودعني في الشرب منهمل

من ليس لو قدره ولا استطاع

النية أبلغ من العمل

وظهر بعد هؤلاء بأشبيليّة ابن جحدر الّذي فضل على الزّجالين في فتح ميورقة بالزّجل الّذي أوّله هذا:

من عاند التوحيد بالسيف يمحق

أنا بري ممن يعاند الحق

قال ابن سعيد لقيته ولقيت تلميذه المعمع صاحب الزّجل المشهور الّذي أوّله:

يا ليتني ان رأيت حبيبي

أفتل اذنو بالرسيلا

ليش أخذ عنق الغزيل

وسرق فم الحجيلا

ثمّ جاء من بعدهم أبو الحسن سهل ابن مالك إمام الأدب، ثمّ من بعدهم لهذه العصور صاحبنا الوزير أبو عبد الله بن الخطيب إمام النظم والنثر في الملّة الإسلاميّة غير مدافع، فمن محاسنه في هذه الطريقة:

امزج الأكواس واملالي تجدّد

ما خلق المال إلا أن يبدّد

ومن قوله على طريقة الصوفيّة وينحو منحى الشّشتريّ منهم:

بين طلوع وبين نزول

اختلطت الغزول

ومضى من لم يكن

وبقي من لم يزول

ومن محاسنه أيضا قوله في ذلك المعنى:

البعد عنك يا بني أعظم مصائبي

وحين حصل لي قربك سببت قاربي

ص: 828

وكان لعصر الوزير ابن الخطيب بالأندلس محمّد بن عبد العظيم من أهل وادي آش، وكان إماما في هذه الطريقة وله من زجل يعارض به مدغليس في قوله:

لاح الضياء والنجوم حيارى بقوله:

حل المجون يا أهل الشطارا

مذحلت الشمس في الحمل

تجدّدوا كل يوم خلاعا

لا تجعلوا بينها ثمل

إليها يتخلعوا في شنبل

على خضورة ذاك النبات

وحل بغداد واجتياز النيل

أحسن عندي من ذيك الجهات

وطاقتها أصلح من أربعين ميل

ان مرت الريح عليه وجات

لم تلتق الغبار امارا

ولا بمقدار ما يكتحل

وكيف ولاش فيه موضع رقاعا

إلا ونسرّح فيه النحل

وهذه الطريقة الزجليّة لهذا العهد هي فنّ العامّة بالأندلس من الشّعر، وفيها نظمهم حتّى أنّهم لينظمون بها في سائر البحور الخمسة عشر، لكن بلغتهم العاميّة ويسمّونه الشّعر الزجليّ مثل قول شاعرهم:

دهر لي نعشق جفونك وسنين

وأنت لا شفقة ولا قلب يلين

حتى ترى قلبي من أجلك كيف رجع

صنعة السكة بين الحدادين

الدموع ترشرش والنار تلتهب

والمطارق من شمال ومن يمين

خلق الله النصارى للغزو

وأنت تغزو قلوب العاشقين

وكان من المجيدين لهذه الطريقة لأوّل هذه المائة الأديب أبو عبد الله اللّوشيّ وله فيها قصيدة يمدح فيها السلطان ابن الأحمر:

طل الصباح قم يا نديمي نشربو

ونضحكو من بعد ما نطربو

سبيكة الفجر أحكت شفق

في ميلق الليل فقم قلبو

ص: 829

ترى عيارها خالص أبيض نقي

فضة هو لكن الشفق ذهبو

فتنتفق سكتوا عند البشر

نور الجفون من نورها يكسبو

فهو النهار يا صاحبي للمعاش

عيش الغني فيه باللَّه ما أطيبوا

والليل أيضا للقبل والعناق

على سرير الوصل يتقلبو

جاد الزمان من بعد ما كان بخيل

ولش ليفلت من يديه عقربو

كما جرع مرو فما قد مضى

يشرب بيننو ويأكل طيبو

قال الرقيب يا أدبا أيش ذا

في الشرب والعشق ترى ننجبو

وتعجبوا عذالي من ذا الخبر

فقلت يا قوم من ذا تتعجبوا

نعشق مليح الا رقيق الطباع

علاش تكفروا باللَّه أو تكتبوا

ليش يربح الحسن إلا شاعر أديب

يفض بكرا ويدع ثيبو

أما الكاس فحرام نعم هو حرام

على الّذي ما يدري كيف يشربو

ويد الّذي يحسن حسابه ولم

يقدر يحسن ألفاظ أن يجلبوا

وأهل العقل والفكر والمجون

يغفر ذنوبهم لهذا إن أذنبوا

ظبي بهي فيها يطفي الجمر

وقلبي في جمر الغضى يلهبو

غزال بهي ينظر قلوب الأسود

وبالوهم قبل النظر يذهبوا

ثم يحييهم إذا ابتسم يضحكوا

ويفرحوا من بعد ما يندبوا

فميم كالخاتم وثغر نقي

خطيب الأمّة للقبل يخطبو

جوهر ومرجان أي عقد يا فلان

قد صففه الناظم ولم يثقبو

وشارب أخضر يريد لاش يريد

من شبهه بالمسك قد عيبو

يسبل دلال مثل جناح الغراب

ليالي هجري منه يستغربوا

على بدن أبيض بلون الحليب

ما قط راعي للغنم يحلبوا

وزوج هندات ما علمت قبلها

ديك الصلا يا ريت ما أصلبوا

تحت العكاكن منها خصر رقيق

من رقتو يخفي إذا تطلبوا

ص: 830

أرق هو من ديني فيما تقول جديد عتبك حق ما أكذبوا أي دين بقا لي معاك وأي عقل من يتبعك من ذا وذا تسلبوا تحمل ارداف ثقال كالرقيب حين ينظر العاشق وحين يرقبو ان لم ينفس غدر أو ينقشع في طرف ديسا والبشر تطلبوا يصير إليك المكان حين تجي وحين تغيب ترجع في عيني تبو محاسنك مثل خصال الأمير أو الرمل من هو الّذي يحسبو عماد الأمصار وفصيح العرب من فصاحة لفظه يتقرّبو بحمل العلم انفرد والعمل ومع بديع الشعر ما أكتبوا ففي الصدور بالرمح ما أطعنه وفي الرقاب بالسيف ما أضربوا من السماء يحسد في أربع صفات فمن يعدّ قلبي أو يحسبو الشمس نورو والقمر همتو الغيث جودو والنجوم منصبو يركب جواد الجود ويطلق عنان الاغنيا والجند حين يركبوا من خلعتو يلبس كل يوم بطيب منه بنات المعالي تطيبوا نعمتو تظهر على كل من يجيه قاصد ووارد قط ما خيبوا قد أظهر الحق وكان في حجاب لاش يقدر الباطل بعد ما يحجبو وقد بنى بالسر ركن التقى من بعد ما كان الزمان خربو تخاف حين تلقاه كما ترتجيه فمع سماحة وجهو ما أسيبو يلقى الحروب ضاحكا وهي عابسة غلاب هو لا شيء في الدنيا يغلبو إذا جبد سيفه ما بين الردود فليس شيء يغني من يضربو وهو سميّ المصطفى والإله للسلطنة اختار واستنخبو تراه خليفة أمير المؤمنين يقود جيوشو ويزين موكبو لذي الإمارة تخضع الرءوس نعم وفي تقبيل يديه يرغبوا ببيته بقي بدور الزمان يطلعوا في المجد ولا يغربوا

ص: 831

وفي المعالي والشرف يبعدوا وفي التواضع والحيا يقربوا والله يبقيهم ما دار الفلك وأشرقت شمسه ولاح كوكبو وما يغني ذا القصيد في عروض يا شمس خدر ما لها مغربو

ثمّ استحدث أهل الأمصار بالمغرب فنا آخر من الشّعر، في أعاريض مزدوجة كالموشّح، نظموا فيه بلغتهم الحضريّة أيضا وسمّوه عروض البلد، وكان أول من استحدثه فيهم رجل من أهل الأندلس نزل بفاس يعرف بابن عمير، فنظم قطعة على طريقة الموشّح ولم يخرج فيها عن مذاهب الإعراب إلّا قليلا مطلعها:

أبكاني بشاطئ النهر نوح الحمام

على الغصن في البستان قريب الصباح

وكف السحر يمحو مداد الظلام

وماء الندى يجري بثغر الاقاح

باكرت الرياض والطل فيها افتراق

كثير الجواهر في نحور الجوار

ودمع النواعير ينهرق انهراق

يحاكي ثعابين حلقت بالثمار

لووا بالغصون خلخال على كل ساق

ودار الجميع بالروض دور السوار

وأيدي الندى تخرق جيوب الكمام

ويحمل نسيم المسك عنها رياح

وعاج الصبا يطلى بمسك الغمام

وجرّ النسيم ذيلو عليها وفاح

رأيت الحمام بين الورق في القضيب

قد ابتلت ارياشو بقطر الندى

تنوح مثل ذاك المستهام الغريب

قد التف من توبو الجديد في ردا

ولكن بما أحمر وساقو خضيب

ينظم سلوك جوهر ويتقلدا

جلس بين الأغصان جلسة المستهام

جناحا توسد والتوى في جناح

وصار يشتكي ما في الفؤاد من غرام

منها ضمّ منقاره لصدره وصاح

قلت يا حمام أحرمت عيني الهجوع

أراك ما تزال تبكي بدمع سفوح

قال لي بكيت حتى صفت لي الدموع

بلا دمع نبقي طول حياتي ننوح

على فرخ طار لي لم يكن لو رجوع

ألفت البكا والحزن من عهد نوح

كذا هو ألوفا وكذا هو الزمام

انظر جفون صارت بحال الجراح

ص: 832

وأنتم من بكى منكم إذا تم عام

يقول عناني ذا البكا والنواح

قلت يا حمام لو خضت بحر الضنى

كنت تبكي وترثي لي بدمع هتون

ولو كان بقلبك ما بقلبي أنا

ما كان يصير تحتك فروع الغصون

اليوم نقاسي الهجر كم من سنا

حتى لا سبيل جمله تراني العيون

ومما كسا جسمي النحول والسقام

أخفاني نحولي عن عيون اللواح

لو جتنى المنايا كان يموت في المقام

ومن مات بعد يا قوم لقد استراح

قال لي لو رقدت لا وراق الرياض

من خوفي عليه ودا النفوس للفؤاد

وتخضبت من دمعي وذاك البياض

طوق العهد في عنقي ليوم التناد

أمّا طرف منقاري حديثو استفاض

بأطراف البلد والجسم صار في الرماد

فاستحسنه أهل فاس وولعوا به ونظموا على طريقته، وتركوا الإعراب الّذي ليس من شأنهم، وكثر سماعه بينهم واستفحل فيه كثير منهم ونوّعوه أصنافا إلى المزدوج والكازي والملعبة والغزل. واختلفت أسماؤها باختلاف ازدواجها وملاحظاتهم فيها. فمن المزدوج ما قاله ابن شجاع من فصولهم وهو من أهل تازا:

المال زينة الدنيا وعز النفوس

يبهي وجوها ليس هي باهيا

فها كل من هو كثير الفلوس

ولوه الكلام والرتبة العاليا

يكبر من كثر ما لو ولو كان صغير

ويصغر عزيز القوم إذ يفتقر

من ذا ينطبق صدري ومن ذا تغير

وكاد ينفقع لولا الرجوع للقدر

حتى يلتجي من هو في قومو كبير

لمن لا أصل عند وو لا لو خطر

لذا ينبغي يحزن على ذي العكوس

ويصبغ عليه ثوب فراش صافيا

اللي صارت الاذناب أمام الرءوس

وصار يستفيد الواد من الساقيا

ضعف الناس على ذا وفسد ذا الزمان

ما يدروا على من يكثروا ذا العتاب

اللي صار فلان يصبح بو فلان

ولو رأيت كيف يردّ الجواب

ص: 833

عشنا والسلام حتى رأينا عيان

أنفاس السلاطين في جلود الكلاب

كبار النفوس جدّا ضعاف الاسوس

هم ناحيا والمجد في ناحيا

يرو أنهم والناس يروهم تيوس

وجوه البلد والعمدة الراسيا

ومن مذاهبهم قول ابن شجاع منهم في بعض مزدوجاته:

تعب من تبع ذا الزمان

أهمل يا فلان لا يلعب الحسن فيك

ما منهم مليح عاهد الا وخان

قليل من عليه تحبس ويحبس عليك

يهبوا على العشاق ويتمنعوا

ويستعمدوا تقطيع قلوب الرجال

وان واصلوا من حينهم يقطعوا

وان عاهدوا خانوا على كل حال

مليح كان هويتو وشت قلبي معو

وصيرت من خدّي لقدمو نعال

ومهدت لو من وسط قلبي مكان

وقلت لقلبي أكرم لمن حل فيك

وهوّن عليك ما يعتريك من هوان

فلا بدّ من هول الهوى يعتريك

حكمتوا علي وارتضيت بو أمير

فلو كان يرى حالي إذا يبصرو

يرجع مثل در حولي بوجه الغدير

مرديه ويتعطس بحال انحرو

وتعلمت من ساعا بسبق الضمير

ويفهم مرادو قبل أن يذكرو

ويحتل في مطلو لو أن كان

عصر في الربيع أو في الليالي يريك

ويمشي بسوق كان ولو بأصبهان

وايش ما يقل يحتاج لو يجيك

حتّى أتى على آخرها.

وكان منهم عليّ بن المؤذّن بتلمسان، وكان لهذه العصور القريبة من فحولهم بزرهون من ضواحي مكناسة رجل يعرف بالكفيف، أبدع في مذاهب هذا الفنّ. ومن أحسن ما علق له بمحفوظي قوله في رحلة السلطان أبي الحسن وبني مرين إلى إفريقية يصف هزيمتهم بالقيروان، ويعزّيهم عنها ويؤنسهم بما وقع لغيرهم بعد أن عيّبهم على غزاتهم إلى إفريقية في ملعبة من فنون هذه الطريقة

ص: 834

يقول في مفتحها، وهو من أبدع مذاهب البلاغة في الأشعار بالمقصد في مطلع الكلام وافتتاحه ويسمّى براعة الاستهلال:

سبحان مالك خواطر الأمرا

ونواصيها في كل حين وزمان

ان طعناه أعظم لنا نصرا

وان عصيناه عاقب بكل هوان

إلى أن يقول في السؤال عن جيوش المغرب بعد التخلّص:

كن مرعى قل ولا تكن راعي

فالراعي عن رعيته مسئول

واستفتح بالصلاة على الداعي

للإسلام والرضا السني المكمول

على الخلفاء الراشدين والاتباع

واذكر بعدهم إذا تحب وقول

أحجاجا تخللوا الصحرا

ودّوا سرح البلاد مع السكان

عسكر فاس المنيرة الغرّا

وين سارت بو عزايم السلطان

أحجاج بالنبيّ الّذي زرتم

وقطعتم لو كلاكل البيدا

عن جيش الغرب حين يسألكم

المتلوف في افريقيا السودا

ومن كان بالعطايا يزوّدكم

ويدع برية الحجاز رغدا

قام قل للسد صادف الجزرا

ويعجز شوط بعد ما يخفان

ويزف كر دوم تهب في الغبرا

أي ما زاد غزالهم سبحان

لو كان ما بين تونس الغربا

وبلاد الغرب سدّ السكندر

مبنى من شرقها إلى غربا

طبقا بحديد أو ثانيا بصفر

لا بد الطير أن تجيب نبا

أو يأتي الريح عنهم بفرد خبر

ما أعوصها من أمور وما شرا

لو تقرأ كل يوم على الديوان

لجرت بالدم وانصدع حجرا

وهوت الخراب وخافت الغزلان

أدر لي بعقلك الفحاص

وتفكر لي بخاطرك جمعا

ان كان تعلم حمام ولا رقاص

عن السلطان شهر وقبله سبعا

تظهر عند المهيمن القصاص

وعلامات تنشر على الصمعا

ص: 835

الا قوم عاريين فلا سترا

مجهولين لا مكان ولا إمكان

ما يدروا كيف يصوروا كسرا

وكيف دخلوا مدينة القيروان

أمولاي أبو الحسن خطينا الباب

قضية سيرنا إلى تونس

فقنا كنا على الجريد والزاب

واش لك في أعراب افريقيا القوبس

ما بلغك من عمر فتى الخطاب

الفاروق فاتح القرى المولس

ملك الشام والحجاز وتاج كسرى

وفتح من افريقيا وكان

ردّ ولدت لو كرّه ذكرى

ونقل فيها تفرّق الاخوان

هذا الفاروق مردي الأعوان

صرح في افريقيا بذا التصريح

وبقت حمى إلى زمن عثمان

وفتحها ابن الزبير عن تصحيح

لمن دخلت غنائمها الديوان

مات عثمان وانقلب علينا الريح

وافترق الناس على ثلاثة أمرا

وبقي ما هو للسكوت عنوان

إذا كان ذا في مدّة البرارا

اش نعمل في أواخر الأزمان

وأصحاب الحضر في مكناساتا

وفي تاريخ كأنا وكيوانا

تذكر في صحتها أبياتا

شق وسطيح وابن مرانا

ان مرين إذا تكف براياتا

لجدّا وتونس قد سقط بنيانا

قد ذكرنا ما قال سيد الوزرا

عيسى بن الحسن الرفيع الشان

قال لي رأيت وأنا بذا أدري

لكن إذا جاء القدر عميت الأعيان

ويقول لك ما دهى المرينيا

من حضرة فاس إلى عرب دياب

أراد المولى بموت ابن يحيى

سلطان تونس وصاحب الأبواب

ثمّ أخذ في ترحيل السلطان وجيوشه، إلى آخر رحلته ومنتهى أمره، مع أعراب إفريقية، وأتى فيها بكلّ غريبة من الإبداع. وأمّا أهل تونس فاستحدثوا فنّ الملعبة أيضا على لغتهم الحضريّة، إلّا أنّ أكثره رديء ولم يعلق بمحفوظي منه شيء لرداءته

.

ص: 836