المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني والخمسون في أن العمران البشري لا بد له من سياسة ينتظم بها أمره - تاريخ ابن خلدون - جـ ١

[ابن خلدون]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الأول]

- ‌المؤلف والكتاب

- ‌كلمة الناشر

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌المقدمة في فضل علم التّاريخ وتحقيق مذاهبه والالماع لما يعرض للمؤرخين من المغالط وذكر شيء من أسبابها

- ‌فصل

- ‌الكتاب الأول في طبيعة العمران في الخليقة وما يعرض فيها من البدو والحضر والتغلب والكسب والمعاش والصنائع والعلوم ونحوها وما لذلك من العلل والأسباب

- ‌الباب الأوّل من الكتاب الأول في العمران البشري على الجملة وفيه مقدمات

- ‌الأولى في أنّ الاجتماع الإنسانيّ ضروريّ

- ‌المقدمة الثانية في قسط العمران من الأرض والإشارة إلى بعض ما فيه من الأشجار [1] والأنهار والأقاليم

- ‌تكملة لهذه المقدمة الثانية في أن الربع الشمالي من الأرض أكثر عمرانا من الربع الجنوبي وذكر السبب في ذلك

- ‌تفصيل الكلام على هذه الجغرافيا

- ‌الإقليم الأوّل

- ‌الإقليم الثّاني:

- ‌الإقليم الثّالث:

- ‌الإقليم الرّابع:

- ‌ الإقليم الخامس

- ‌الإقليم السّادس

- ‌ الإقليم السّابع

- ‌المقدمة الثالثة في المعتدل من الأقاليم والمنحرف وتأثير الهواء في ألوان البشر والكثير في أحوالهم

- ‌المقدمة الرابعة في أثر الهواء في أخلاق البشر

- ‌المقدمة الخامسة في اختلاف أحوال العمران في الخصب والجوع وما ينشأ عن ذلك من الآثار في أبدان البشر وأخلاقهم

- ‌المقدمة السادسة في أصناف المدركين من البشر بالفطرة أو الرياضة ويتقدمه الكلام في الوحي والرؤيا

- ‌ولنذكر الآن تفسير حقيقة النبوة على ما شرحه كثير من المحققين ثم نذكر حقيقة الكهانة ثم الرؤيا ثم شان العرافين وغير ذلك من مدارك الغيب

- ‌أصناف النفوس البشرية

- ‌الوحي

- ‌الكهانة

- ‌الرؤيا

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌فصل

- ‌الباب الثاني في العمران البدويّ والأمم الوحشية والقبائل وما يعرض في ذلك من الأحوال وفيه فصول وتمهيدات

- ‌الفصل الأول في أن أجيال البدو والحضر طبيعية

- ‌الفصل الثاني في أن جيل العرب في الخلقة طبيعيّ

- ‌الفصل الثالث في أن البدو أقدم من الحضر وسابق عليه وان البادية أصل العمران والأمصار مدد لها

- ‌الفصل الرابع في أن أهل البدو أقرب إلى الخير من أهل الحضر

- ‌الفصل الخامس في أن أهل البدو أقرب إلى الشجاعة من أهل الحضر

- ‌الفصل السادس في أن معاناة أهل الحضر للأحكام مفسدة للبأس فيهم ذاهبة بالمنعة منهم

- ‌الفصل السابع في أن سكنى البدو لا تكون إلا للقبائل أهل العصبية

- ‌الفصل الثامن في أن العصبية إنما تكون من الالتحام بالنسب أو ما في معناه

- ‌الفصل التاسع في أن الصريح من النسب إنما يوجد للمتوحشين في القفر من العرب ومن في معناهم

- ‌الفصل العاشر في اختلاط الأنساب كيف يقع

- ‌الفصل الحادي عشر [1] في أن الرئاسة لا تزال في نصابها المخصوص من أهل العصبية

- ‌الفصل الثاني عشر في ان الرئاسة على أهل العصبية لا تكون في غير نسبهم

- ‌الفصل الثالث عشر في أن البيت والشرف بالاصالة والحقيقة لأهل العصبية ويكون لغيرهم بالمجاز والشبه

- ‌الفصل الرابع عشر في أن البيت والشرف للموالي وأهل الاصطناع إنما هو بمواليهم لا بأنسابهم

- ‌الفصل الخامس عشر في أن نهاية الحسب في العقب الواحد أربعة اباء

- ‌الفصل السادس عشر في أن الأمم الوحشية أقدر على التغلب ممن سواها

- ‌الفصل السابع عشر في ان الغاية التي تجري إليها العصبية هي الملك

- ‌الفصل الثامن عشر في أن من عوائق الملك حصول الترف وانغماس القبيل في النعيم

- ‌الفصل التاسع عشر في أن من عوائق الملك المذلة للقبيل والانقياد إلى سواهم

- ‌الفصل العشرون في أن من علامات الملك التنافس في الخلال الحميدة وبالعكس

- ‌الفصل الحادي والعشرون في أنه إذا كانت الأمة وحشية كان ملكها أوسع

- ‌الفصل الثاني والعشرون في أن الملك إذا ذهب عن بعض الشعوب من أمة فلا بد من عوده إلى شعب آخر منها ما دامت لهم العصبية

- ‌الفصل الثالث والعشرون في أن المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده

- ‌الفصل الرابع والعشرون في أن الأمة إذا غلبت وصارت في ملك غيرها أسرع إليها الفناء

- ‌الفصل الخامس والعشرون في أن العرب لا يتغلبون إلا على البسائط

- ‌الفصل السادس والعشرون في أن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب

- ‌الفصل السابع والعشرون في أن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين على الجملة

- ‌الفصل الثامن والعشرون في أن العرب أبعد الأمم عن سياسة الملك

- ‌الفصل التاسع والعشرون في أن البوادي من القبائل والعصائب مغلوبون لأهل الأمصار

- ‌الباب الثالث من الكتاب الأول في الدول العامة والملك والخلافة والمراتب السلطانية وما يعرض في ذلك كله من الأحوال وفيه قواعد ومتممات

- ‌الفصل الأول في أن الملك والدولة العامة إنما يحصلان بالقبيل والعصبية

- ‌الفصل الثاني في أنه إذا استقرت الدولة وتمهدت فقد تستغني عن العصبية

- ‌الفصل الثالث في أنه قد يحدث لبعض أهل النصاب الملكي دولة تستغني عن العصبية

- ‌الفصل الرابع في أن الدول العامة الاستيلاء العظيمة الملك أصلها الدين اما من نبوة أو دعوة حق

- ‌الفصل الخامس في أن الدعوة الدينية تزيد الدولة في أصلها قوة على قوة العصبية التي كانت لها من عددها

- ‌الفصل السادس في أن الدعوة الدينية من غير عصبية لا تتم

- ‌الفصل السابع في أن كل دولة لها حصة من الممالك والأوطان لا تزيد عليها

- ‌الفصل الثامن في أن عظم الدولة واتساع نطاقها وطول أمدها على نسبة القائمين بها في القلة والكثرة

- ‌الفصل التاسع في ان الأوطان الكثيرة القبائل والعصائب قل ان تستحكم فيها دولة

- ‌الفصل العاشر في ان من طبيعة الملك الانفراد بالمجد

- ‌الفصل الحادي عشر في ان من طبيعة الملك الترف

- ‌الفصل الثاني عشر في ان من طبيعة الملك الدعة والسكون

- ‌الفصل الثالث عشر في أنه إذا تحكمت طبيعة الملك من الانفراد بالمجد وحصول الترف والدعة أقبلت الدولة على الهرم

- ‌الفصل الرابع عشر في أن الدولة لها أعمار طبيعية كما للأشخاص

- ‌الفصل الخامس عشر في انتقال الدولة من البداوة إلى الحضارة

- ‌الفصل السادس عشر في أن الترف يزيد الدولة في أولها قوة إلى قوتها

- ‌الفصل السابع عشر في أطوار الدولة واختلاف أحوالها وخلق أهلها باختلاف الأطوار

- ‌الفصل الثامن عشر في أن آثار الدولة كلها على نسبة قوتها في أصلها

- ‌الفصل التاسع عشر في استظهار صاحب الدولة على قومه وأهل عصبيته بالموالي والمصطنعين

- ‌الفصل العشرون في أحوال الموالي والمصطنعين في الدول

- ‌الفصل الحادي والعشرون فيما يعرض في الدول من حجر السلطان والاستبداد عليه

- ‌الفصل الثاني والعشرون في ان المتغلبين على السلطان لا يشاركونه في اللقب الخاص بالملك

- ‌الفصل الثالث والعشرون في حقيقة الملك وأصنافه

- ‌الفصل الرابع والعشرون في أن إرهاف الحد مضرّ بالملك ومفسد له في الأكثر

- ‌الفصل الخامس والعشرون في معنى الخلافة والإمامة

- ‌الفصل السادس والعشرون في اختلاف الأمة في حكم هذا المنصب وشروطه

- ‌الفصل السابع والعشرون في مذاهب الشيعة في حكم الإمامة

- ‌الفصل الثامن والعشرون في انقلاب الخلافة إلى الملك

- ‌الفصل التاسع والعشرون في معنى البيعة

- ‌الفصل الثلاثون في ولاية العهد

- ‌وعرض هنا أمور تدعو الضّرورة إلى بيان الحقّ فيها

- ‌فالأول منها ما حدث في يزيد من الفسق أيّام خلافته

- ‌والأمر الثّاني هو شأن العهد مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما تدّعيه الشّيعة من وصيّته لعليّ رضي الله عنه

- ‌والأمر الثّالث شأن الحروب الواقعة في الإسلام بين الصّحابة والتّابعين

- ‌الفصل الحادي والثلاثون في الخطط الدينية الخلافية

- ‌فأمّا إمامة الصّلاة

- ‌وأمّا الفتيا

- ‌وأمّا القضاء

- ‌العدالة:

- ‌الحسبة والسكة

- ‌الفصل الثاني والثلاثون في اللقب بأمير المؤمنين وانه من سمات الخلافة وهو محدث منذ عهد الخلفاء

- ‌الفصل الثالث والثلاثون في شرح اسم البابا والبطرك في الملة النصرانية واسم الكوهن عند اليهود

- ‌الفصل الرابع والثلاثون في مراتب الملك والسلطان والقابها

- ‌ الوزارة

- ‌الحجابة:

- ‌ديوان الأعمال والجبايات

- ‌ديوان الرسائل والكتابة

- ‌الشرطة:

- ‌قيادة الأساطيل:

- ‌الفصل الخامس والثلاثون في التفاوت بين مراتب السيف والقلم في الدول

- ‌الفصل السادس والثلاثون في شارات الملك والسلطان الخاصة به

- ‌الآلة:

- ‌السرير:

- ‌السكة:

- ‌مقدار الدرهم والدينار الشرعيين

- ‌الخاتم

- ‌الطراز:

- ‌الفساطيط والسياج

- ‌المقصورة للصلاة والدعاء في الخطبة

- ‌الفصل السابع والثلاثون في الحروب ومذاهب الأمم وترتيبها

- ‌الفصل الثامن والثلاثون في الجباية وسبب قلتها وكثرتها

- ‌الفصل التاسع والثلاثون في ضرب المكوس أواخر الدولة

- ‌الفصل الأربعون في أن التجارة من السلطان مضرة بالرعايا ومفسدة للجباية

- ‌الفصل الحادي والأربعون في أن ثروة السلطان وحاشيته إنما تكون في وسط الدولة

- ‌فصل:

- ‌الفصل الثاني والأربعون في أن نقص العطاء من السلطان نقص في الجباية

- ‌الفصل الثالث والأربعون في أن الظلم مؤذن بخراب العمران

- ‌فصل:

- ‌الاحتكار:

- ‌الفصل الرابع والأربعون في أن الحجاب كيف يقع في الدول وفي أنه يعظم عند الهرم

- ‌الفصل الخامس والأربعون في انقسام الدولة الواحدة بدولتين

- ‌الفصل السادس والأربعون في أن الهرم إذا نزل بالدولة لا يرتفع

- ‌الفصل السابع والأربعون في كيفية طروق الخلل للدولة

- ‌الفصل الثامن والأربعين فصل في اتساع الدولة أولا إلى نهايته ثم تضايقه طورا بعد طور إلى فناء الدولة واضمحلالها [1]

- ‌الفصل التاسع والأربعون في حدوث الدولة وتجددها كيف يقع

- ‌الفصل الخمسون في ان الدولة المستجدة إنما تستولي على الدولة المستقرة بالمطاولة لا بالمناجزة

- ‌الفصل الحادي والخمسون في وفور العمران اخر الدولة وما يقع فيها من كثرة الموتان والمجاعات

- ‌الفصل الثاني والخمسون في أن العمران البشري لا بد له من سياسة ينتظم بها أمره

- ‌الفصل الثالث والخمسون في أمر الفاطمي وما يذهب إليه الناس في شأنه وكشف الغطاء عن ذلك

- ‌الفصل الرابع والخمسون في ابتداء الدول والأمم وفي الكلام على الملاحم والكشف عن مسمى الجفر

- ‌الباب الرابع من الكتاب الأول في البلدان والأمصار وسائر العمران وما يعرض في ذلك من الأحوال وفيه سوابق ولواحق

- ‌الفصل الأول في أن الدول من المدن والأمصار وأنها إنما توجد ثانية عن الملك

- ‌الفصل الثاني في أن الملك يدعو إلى نزول الأمصار

- ‌الفصل الثالث في أن المدن العظيمة والهياكل المرتفعة إنما يشيدها الملك الكثير

- ‌الفصل الرابع في أن الهياكل العظيمة جدا لا تستقل ببنائها الدولة الواحدة

- ‌الفصل الخامس فيما تجب مراعاته في أوضاع المدن وما يحدث إذا غفل عن المراعاة

- ‌الفصل السادس في المساجد والبيوت العظيمة في العالم

- ‌الفصل السابع في أن المدن والأمصار بإفريقية والمغرب قليلة

- ‌الفصل الثامن في أن المباني والمصانع في الملة الإسلامية قليلة بالنسبة إلى قدرتها وإلى من كان قبلها من الدول

- ‌الفصل التاسع في أن المباني التي كانت تختطها العرب يسرع إليها الخراب إلا في الأقل

- ‌الفصل العاشر في مبادي الخراب في الأمصار

- ‌الفصل الحادي عشر في ان تفاضل الأمصار والمدن في كثرة الرزق لأهلها ونفاق الأسواق إنما هو في تفاضل عمرانها في الكثرة والقلة

- ‌الفصل الثاني عشر في أسعار المدن

- ‌الفصل الثالث عشر في قصور أهل البادية عن سكنى المصر الكثير العمران

- ‌الفصل الرابع عشر في أن الأقطار في اختلاف أحوالها بالرفه والفقر مثل الأمصار

- ‌الفصل الخامس عشر في تأثل العقار والضياع في الأمصار وحال فوائدها ومستغلاتها

- ‌الفصل السادس عشر في حاجات المتمولين من أهل الأمصار إلى الجاه والمدافعة

- ‌الفصل السابع عشر في أن الحضارة في الأمصار من قبل الدول وأنها ترسخ باتصال الدولة ورسوخها

- ‌الفصل الثامن عشر في أن الحضارة غاية العمران ونهاية لعمره وانها مؤذنة بفساده

- ‌الفصل التاسع عشر في أن الأمصار التي تكون كراسي للملك تخرب بخراب الدولة وانقراضها

- ‌الفصل العشرون في اختصاص بعض الأمصار ببعض الصنائع دون بعض

- ‌الفصل الحادي والعشرون في وجود العصبية في الأمصار وتغلب بعضهم على بعض

- ‌الفصل الثاني والعشرون في لغات أهل الأمصار

- ‌الباب الخامس من الكتاب الأول في المعاش ووجوبه من الكسب والصنائع وما يعرض في ذلك كله من الأحوال وفيه مسائل

- ‌الفصل الأول في حقيقة الرزق والكسب وشرحهما وان الكسب هو قيمة الأعمال البشرية

- ‌الفصل الثاني في وجوه المعاش وأصنافه ومذاهبه

- ‌الفصل الثالث في أن الخدمة ليست من الطبيعي

- ‌الفصل الرابع في ابتغاء الأموال من الدفائن والكنوز ليس بمعاش طبيعي

- ‌الفصل الخامس في أن الجاه مفيد للمال

- ‌الفصل السادس في أن السعادة والكسب إنما يحصل غالبا لأهل الخضوع والتملق وان هذا الخلق من أسباب السعادة

- ‌الفصل السابع في أن القائمين بأمور الدين من القضاء والفتيا والتدريس والإمامة والخطابة والأذان ونحو ذلك لا تعظم ثروتهم في الغالب

- ‌الفصل الثامن في أن الفلاحة من معاش المتضعين وأهل العافية من البدو

- ‌الفصل التاسع في معنى التجارة ومذاهبها وأصنافها

- ‌الفصل العاشر في أي أصناف الناس يحترف بالتجارة وأيهم ينبغي له اجتناب حرفها

- ‌الفصل الحادي عشر في أن خلق التجار نازلة عن خلق الأشراف والملوك

- ‌الفصل الثاني عشر في نقل التاجر للسلع

- ‌الفصل الثالث عشر في الاحتكار

- ‌الفصل الرابع عشر في أن رخص الأسعار مضر بالمحترفين بالرخص

- ‌الفصل الخامس عشر في أن خلق التجارة نازلة عن خلق الرؤساء وبعيدة من المروءة

- ‌الفصل السادس عشر في أن الصنائع لا بد لها من العلم [2]

- ‌الفصل السابع عشر في أن الصنائع إنما تكمل بكمال العمران الحضري وكثرته

- ‌الفصل الثامن عشر في أن رسوخ الصنائع في الأمصار إنما هو برسوخ الحضارة وطول أمده

- ‌الفصل التاسع عشر في أن الصنائع إنما تستجاد وتكثر إذا كثر طالبها

- ‌الفصل العشرون في أن الأمصار إذا قاربت الخراب انتقضت منها الصنائع

- ‌الفصل الحادي والعشرون في أن العرب أبعد الناس عن الصنائع

- ‌الفصل الثاني والعشرون فيمن حصلت له ملكة في صناعة فقل أن يجيد بعد في ملكة أخرى

- ‌الفصل الثالث والعشرون في الإشارة إلى أمهات الصنائع

- ‌الفصل الرابع والعشرون في صناعة الفلاحة

- ‌الفصل الخامس والعشرون في صناعة البناء

- ‌الفصل السادس والعشرون في صناعة النجارة

- ‌الفصل السابع والعشرون في صناعة الحياكة والخياطة

- ‌الفصل الثامن والعشرون في صناعة التوليد

- ‌الفصل التاسع والعشرون في صناعة الطب وانها محتاج إليها في الحواضر والأمصار دون البادية

- ‌الفصل الثلاثون في أن الخط والكتابة من عداد الصنائع الإنسانية

- ‌الفصل الحادي والثلاثون في صناعة الوراقة

- ‌الفصل الثاني والثلاثون في صناعة الغناء

- ‌الفصل الثالث والثلاثون في أن الصنائع تكسب صاحبها عقلا وخصوصا الكتابة والحساب

- ‌الباب السادس من الكتاب الأول في العلوم وأصنافها والتعليم وطرقه وسائر وجوهه وما يعرض في ذلك كله من الأحوال وفيه مقدمة ولواحق

- ‌فالمقدّمة في الفكر الإنسانيّ

- ‌الفصل الأول في أن العلم والتعليم طبيعي في العمران البشري

- ‌الفصل الثاني في أن التعليم للعلم من جملة الصنائع

- ‌الفصل الثالث في ان العلوم إنما تكثر حيث يكثر العمران وتعظم الحضارة

- ‌الفصل الرابع في أصناف العلوم الواقعة في العمران لهذا العهد

- ‌الفصل الخامس في علوم القرآن من التفسير والقراءات

- ‌وأمّا التفسير

- ‌الفصل السادس في علوم الحديث

- ‌الفصل السابع في علم الفقه وما يتبعه من الفرائض

- ‌الفصل الثامن في علم الفرائض

- ‌الفصل التاسع في أصول الفقه وما يتعلق به من الجدل والخلافيات

- ‌وأما الخلافات

- ‌وأما الجدال

- ‌الفصل العاشر في علم الكلام

- ‌الفصل الحادي عشر في أن عالم الحوادث الفعلية إنما يتم بالفكر

- ‌الفصل الثاني عشر في العقل التجريبي وكيفية حدوثه [1]

- ‌الفصل الثالث عشر في علوم البشر وعلوم الملائكة

- ‌الفصل الرابع عشر في علوم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌الفصل الخامس عشر في أن الإنسان جاهل بالذات عالم بالكسب

- ‌الفصل السادس عشر في كشف الغطاء عن المتشابه من الكتاب والسنة وما حدث لأجل ذلك من طوائف السنّية والمبتدعة في الاعتقادات

- ‌الفصل السابع عشر في علم التصوّف

- ‌تذييل:

- ‌الفصل الثامن عشر في علم تعبير الرؤيا

- ‌الفصل التاسع عشر في العلوم العقلية وأصنافها

- ‌الفصل العشرون في العلوم العددية

- ‌ومن فروع علم العدد صناعة الحساب

- ‌ ومن فروعه الجبر والمقابلة

- ‌ ومن فروعه أيضا المعاملات

- ‌ ومن فروعه أيضا الفرائض

- ‌الفصل الحادي والعشرون في العلوم الهندسية

- ‌ومن فروع هذا الفن الهندسة المخصوصة بالأشكال الكروية والمخروطات

- ‌ ومن فروع الهندسة المساحة

- ‌ المناظرة من فروع الهندسة

- ‌الفصل الثاني والعشرون في علم الهيئة

- ‌ومن فروعه علم الأزياج [1]

- ‌الفصل الثالث والعشرون في علم المنطق

- ‌الفصل الرابع والعشرون في الطبيعيات

- ‌الفصل الخامس والعشرون في علم الطب

- ‌الفصل السادس والعشرون في الفلاحة

- ‌الفصل السابع والعشرون في علم الإلهيات

- ‌الفصل الثامن والعشرون في علوم السحر والطلسمات

- ‌الفصل التاسع والعشرون علم أسرار الحروف

- ‌الكلام على استخراج نسبة الأوزان وكيفياتها ومقادير المقابل منها وقوة الدرجة المتميزة بالنسبة إلى موضع المعلق من امتزاج طبائع وعلم طب أو صناعة الكيميا

- ‌الطب الروحانيّ

- ‌مطاريح الشعاعات في مواليد الملوك وبنيهم

- ‌الانفعال الروحانيّ والانقياد الرباني

- ‌مقامات المحبة وميل النفوس والمجاهدة والطاعة والعبادة وحب وتعشق وفناء الفناء وتوجه ومراقبة وخلة وأئمة

- ‌فصل في المقامات للنهاية

- ‌الوصية والتختم والإيمان والإسلام والتحريم والاهلية

- ‌كيفية العمل في استخراج أجوبة المسائل من زايرجة العالم بحول الله منقولا عمن لقيناه من القائمين عليها

- ‌2- فصل في الاطلاع على الأسرار الخفية من جهة الارتباطات الحرفية

- ‌فصل في الاستدلال على ما في الضمائر الخفية بالقوانين الحرفية

- ‌الفصل الثلاثون في علم الكيمياء

- ‌الفصل الحادي والثلاثون في إبطال الفلسفة وفساد منتحلها

- ‌الفصل الثاني والثلاثون في إبطال صناعة النجوم وضعف مداركها وفساد غايتها

- ‌الفصل الثالث والثلاثون في انكار ثمرة الكيميا واستحالة وجودها وما ينشأ من المفاسد عن انتحالها

- ‌الفصل الرابع والثلاثون في أن كثرة التآليف في العلوم عائقة عن التحصيل

- ‌الفصل الخامس والثلاثون في المقاصد التي ينبغي اعتمادها بالتأليف والغاء ما سواها

- ‌الفصل السادس والثلاثون في أن كثرة الاختصارات المؤلفة في العلوم مخلة بالتعليم

- ‌الفصل السابع والثلاثون في وجه الصواب في تعليم العلوم وطريق إفادته

- ‌الفصل الثامن والثلاثون في أن العلوم الإلهية لا توسع فيها الأنظار ولا تفرع المسائل

- ‌الفصل التاسع والثلاثون في تعليم الولدان واختلاف مذاهب الأمصار الإسلامية في طرقه

- ‌الفصل الأربعون في أن الشدة على المتعلمين مضرة بهم

- ‌الفصل الحادي والأربعون في أن الرحلة في طلب العلوم ولقاء المشيخة مزيد كمال في التعلم

- ‌الفصل الثاني والأربعون في أن العلماء من بين البشر أبعد عن السياسة ومذاهبها

- ‌الفصل الثالث والأربعون في أن حملة العلم في الإسلام أكثرهم العجم

- ‌الفصل الرابع والأربعون في أن العجمة إذا سبقت إلى اللسان قصرت بصاحبها في تحصيل العلوم عن أهل اللسان العربيّ

- ‌الفصل الخامس والأربعون في علوم اللسان العربيّ

- ‌ علم النّحو

- ‌علم اللغة

- ‌علم البيان

- ‌علم الأدب

- ‌الفصل السادس والأربعون في أن اللغة ملكة صناعية

- ‌الفصل السابع والأربعون في أن لغة العرب لهذا العهد مستقلة مغايرة للغة مضر وحمير

- ‌الفصل الثامن والأربعون في أن لغة أهل الحضر والأمصار لغة قائمة بنفسها للغة مضر

- ‌الفصل التاسع والأربعون في تعليم اللسان المضري

- ‌الفصل الخمسون في أن ملكة هذا اللسان غير صناعة العربية ومستغنية عنها في التعليم

- ‌الفصل الواحد والخمسون في تفسير الذوق في مصطلح أهل البيان وتحقيق معناه وبيان أنه لا يحصل للمستعربين من العجم

- ‌الفصل الثاني والخمسون في أن أهل الأمصار على الإطلاق قاصرون في تحصيل هذه الملكة اللسانية التي تستفاد بالتعليم ومن كان منهم أبعد عن اللسان العربيّ كان حصولها له أصعب وأعسر

- ‌الفصل الثالث والخمسون في انقسام الكلام إلى فني النظم والنثر

- ‌الفصل الرابع والخمسون في أنه لا تتفق الإجادة في فني المنظوم والمنثور معا إلا للأقل

- ‌الفصل الخامس والخمسون في صناعة الشعر ووجه تعلمه

- ‌الفصل السادس والخمسون في أن صناعة النظم والنثر إنما هي في الألفاظ لا في المعاني

- ‌الفصل السابع والخمسون في أن حصول هذه الملكة بكثرة الحفظ وجودتها بجودة المحفوظ

- ‌الفصل الثامن والخمسون في بيان المطبوع من الكلام والمصنوع وكيف جودة المصنوع أو قصوره

- ‌الفصل التاسع والخمسون في ترفع أهل المراتب عن انتحال الشعر

- ‌الفصل الستون في أشعار العرب وأهل الأمصار لهذا العهد

- ‌(الموشحات والأزجال للأندلس)

- ‌الموشحات والأزجال في المشرق

- ‌خاتمة

الفصل: ‌الفصل الثاني والخمسون في أن العمران البشري لا بد له من سياسة ينتظم بها أمره

ويأتي بالهواء الصّحيح ولهذا أيضا فإنّ الموتان يكون في المدن الموفورة العمران أكثر من غيرها بكثير كمصر بالمشرق وفاس بالمغرب والله يقدّر ما يشاء [1]

‌الفصل الثاني والخمسون في أن العمران البشري لا بد له من سياسة ينتظم بها أمره

اعلم أنّه قد تقدّم لنا في غير موضع أنّ الاجتماع للبشر ضروريّ وهو معنى العمران الّذي نتكلّم فيه وأنّه لا بدّ لهم في الاجتماع من وازع حاكم يرجعون إليه وحكمه فيهم تارة يكون مستندا إلى شرع منزل من عند الله يوجب انقيادهم إليه إيمانهم بالثّواب والعقاب عليه الّذي جاء به مبلّغه وتارة إلى سياسة عقليّة يوجب انقيادهم إليها ما يتوقّعونه من ثواب ذلك الحاكم بعد معرفته بمصالحهم. فالأولى يحصل نفعها في الدّنيا والآخرة لعلم الشّارع بالمصالح في العاقبة ولمراعاته نجاة العباد في الآخرة والثّانية إنّما يحصل نفعها في الدّنيا فقط وما تسمعه من السّياسة المدنيّة فليس من هذا الباب وإنّما معناه عند الحكماء ما يجب أن يكون عليه كلّ واحد من أهل ذلك المجتمع في نفسه وخلقه حتّى يستغنوا عن الحكّام رأسا ويسمّون المجتمع الّذي يحصل فيه ما يسمّى من ذلك «بالمدينة الفاضلة» ، والقوانين المراعاة في ذلك «بالسّياسة المدنيّة» وليس مرادهم السّياسة الّتي يحمل عليها أهل الاجتماع بالمصالح العامّة فإنّ هذه غير تلك وهذه المدينة الفاضلة عندهم نادرة أو بعيدة الوقوع وإنّما يتكلّمون عليها على جهة الفرض والتّقدير ثمّ إنّ السّياسة العقليّة الّتي قدّمناها تكون على وجهين أحدهما يراعى

[1] بعد الدراسات الحديثة المتعلقة بحياة الإنسان في المدينة والريف، حيث أن متوسط عمر الإنسان في الريف يزيد عن مثله في المدينة كثيرا، وهذا يؤكد نظرية ابن خلدون من هذه الناحية، لان مناخ المدينة المشبع بدخان المصانع والمعامل والسيارات وغيرها غير مناخ الريف النظيف النقي.

ص: 377

فيها المصالح على العموم ومصالح السّلطان في استقامة ملكه على الخصوص وهذه كانت سياسة الفرس وهي على جهة الحكمة. وقد أغنانا الله تعالى عنها في الملّة ولعهد الخلافة لأنّ الأحكام الشّرعيّة مغنية عنها في المصالح العامّة والخاصّة وأحكام الملك مندرجة فيها. الوجه الثّاني أن يراعى فيها مصلحة السّلطان وكيف يستقيم له الملك مع القهر والاستطالة وتكون المصالح العامّة في هذه تبعا وهذه السّياسة الّتي يحمل عليها أهل الاجتماع الّتي لسائر الملوك في العالم من مسلم وغيره إلّا أنّ ملوك المسلمين يجرون منها على ما تقتضيه الشّريعة الإسلاميّة بحسب جهدهم فقوانينها إذا مجتمعة من أحكام شرعيّة وآداب خلقيّة وقوانين في الاجتماع طبيعيّة، وأشياء من مراعاة الشّوكة والعصبيّة ضروريّة والاقتداء فيها بالشّرع أوّلا ثمّ الحكماء في آدابهم والملوك في سيرهم ومن أحسن ما كتب في ذلك وأودع كتاب طاهر بن الحسين لابنه عبد الله بن طاهر لمّا ولّاه المأمون الرّقّة ومصر وما بينهما فكتب إليه أبوه طاهر كتابه المشهور عهد إليه فيه ووصّاه بجميع ما يحتاج إليه في دولته وسلطانه من الآداب الدّينيّة والخلقيّة والسّياسة الشّرعيّة والملوكيّة، وحثّه على مكارم الأخلاق ومحاسن الشّيم بما لا يستغني عنه ملك ولا سوقة. ونصّ الكتاب (بسم الله الرحمن الرحيم) أمّا بعد فعليك بتقوى الله وحده لا شريك له وخشيته ومراقبته عز وجل ومزايلة [1] سخطه واحفظ رعيّتك في اللّيل والنّهار والزم ما ألبسك الله من العافية بالذّكر لمعادك وما أنت صائر إليه وموقوف عليه ومسئول عنه، والعمل في ذلك كلّه بما يعصمك الله عز وجل وينجّيك يوم القيامة من عقابه وأليم عذابه فإنّ الله سبحانه قد أحسن إليك وأوجب الرّأفة عليك بمن استرعاك أمرهم من عباده وألزمك العدل فيهم والقيام بحقّه وحدوده عليهم والذبّ عنهم والدّفع عن حريمهم ومنصبهم والحقن لدمائهم والأمن لسربهم وإدخال الرّاحة عليهم ومؤاخذك بما فرض عليك وموقفك عليه وسائلك عنه ومثيبك عليه بما قدّمت وأخّرت ففرّغ لذلك فهمك

[1] مزايلة: بمعنى الابتعاد عن.

ص: 378

وعقلك وبصرك ولا يشغلك عنه شاغل، وإنّه رأس أمرك وملاك [1] شأنك وأوّل ما يوقفك الله عليه وليكن أوّل ما تلزم به نفسك وتنسب إليه فعلك المواظبة على ما فرض الله عز وجل عليك من الصّلوات الخمس والجماعة عليها بالنّاس قبلك وتوابعها على سننها من إسباغ الوضوء لها وافتتاح ذكر الله عز وجل فيها ورتّل في قراءتك وتمكّن في ركوعك وسجودك وتشهّدك ولتصرف فيه رأيك ونيّتك واحضض عليه جماعة ممّن معك وتحت يدك وادأب عليها فإنّها كما قال الله عز وجل تنهى عن الفحشاء والمنكر ثمّ اتّبع ذلك بالأخذ بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمثابرة على خلائقه واقتفاء أثر السّلف الصّالح من بعده، وإذا ورد عليك أمر فاستعن عليه باستخارة الله عز وجل وتقواه وبلزوم ما أنزل الله عز وجل في كتابه من أمره ونهيه وحلاله وحرامه وائتمام ما جاءت به الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمّ قم فيه بالحقّ للَّه عز وجل ولا تميلنّ عن العدل فيما أحببت أو كرهت لقريب من النّاس أو لبعيد وآثر الفقه وأهله والدّين وحملته وكتاب الله عز وجل والعاملين به [2] فإنّ أفضل ما يتزيّن به المرء الفقه في الدّين والطّلب له والحثّ عليه والمعرفة بما يتقرّب به إلى الله عز وجل فإنّه الدّليل على الخير كلّه والقائد إليه والآمر والنّاهي عن المعاصي والموبقات كلّها ومع توفيق الله عز وجل يزداد المرء معرفة وإجلالا له ودركا [3] للدّرجات العلى في المعاد مع ما في ظهوره للنّاس من التّوقير لأمرك والهيبة لسلطانك والأنسة بك والثّقة بعدلك وعليك بالاقتصاد في الأمور كلّها فليس شيء أبين نفعا ولا أخصّ أمنا ولا أجمع فضلا منه. والقصد داعية إلى الرّشد والرّشد دليل على التّوفيق والتّوفيق قائد إلى السّعادة وقوام الدّين والسّنن الهادية بالاقتصاد وكذا في دنياك كلّها. ولا تقصّر في طلب

[1] ملاك: ملاك الأمر: قوامه (المنجد) .

[2]

صحيح العبارة ومقتضى سياق الجملة: «وآثر الفقه وأهله. والدين والعاملين به، وكتاب الله عز وجل وحملته» .

[3]

وصولا.

ص: 379

الآخرة والأجر والأعمال الصّالحة والسّنن المعروفة ومعالم الرّشد والإعانة والاستكثار من البرّ والسّعي له إذا كان يطلب به وجه الله تعالى ومرضاته ومرافقة أولياء الله في دار كرامته أما تعلم أنّ القصد في شأن الدّنيا يورث العزّ ويمحّص من الذّنوب وأنّك لن تحوط نفسك من قائل ولا تنصلح أمورك بأفضل منه فأته واهتد به تتمّ أمورك وتزد مقدرتك وتصلح عامّتك وخاصّتك وأحسن ظنّك باللَّه عز وجل تستقم لك رعيّتك والتمس الوسيلة إليه في الأمور كلّها تستدم به النّعمة عليك ولا تتهمنّ أحدا من النّاس فيما تولّيه من عملك قبل أن تكشف أمره فإنّ إيقاع التّهم بالبراء والظّنون السّيئة بهم آثم إثم. فاجعل من شأنك حسن الظّنّ بأصحابك واطرد عنك سوء الظّنّ بهم، وارفضه فيهم يعنك ذلك على استطاعتهم ورياضتهم. ولا يجدنّ عدوّ الله الشّيطان في أمرك مغمزا [1] فإنّه يكتفي بالقليل من وهنك ويدخل عليك من الغمّ بسوء الظّنّ بهم ما ينقص لذاذة عيشك. واعلم أنّك تجد بحسن الظّنّ قوّة وراحة، وتكتفي به ما أحببت كفايته من أمورك وتدعو به النّاس إلى محبّتك والاستقامة في الأمور كلّها ولا يمنعك حسن الظّنّ بأصحابك والرّأفة برعيّتك أن تستعمل المسألة والبحث عن أمورك والمباشرة لأمور الأولياء وحياطة الرّعيّة والنّظر في حوائجهم وحمل مئوناتهم أيسر عندك ممّا سوى ذلك فإنّه أقوم للدّين وأحيا للسّنّة. وأخلص نيّتك في جميع هذا وتفرّد بتقويم نفسك تفرّد من يعلم أنّه مسئول عمّا صنع ومجزيّ بما أحسن ومؤاخذ بما أساء فإنّ الله عز وجل جعل الدّين حرزا وعزّا ورفع من اتّبعه وعزّزه واسلك بمن تسوسه وترعاه نهج الدّين وطريقة الهدى [2] . وأقم حدود الله تعالى في أصحاب الجرائم على قدر منازلهم وما استحقّوه ولا تعطّل ذلك ولا تتهاون به ولا تؤخّر عقوبة أهل العقوبة فإنّ في تفريطك في ذلك ما يفسد عليك حسن ظنّك واعتزم على أمرك في ذلك بالسّنن المعروفة وجانب البدع والشّبهات يسلم لك دينك وتقم

[1] وفي بعض النسخ وردت هذه العبارة: «ولا تتخذن عدو الله الشيطان في أمرك معمدا» .

[2]

وفي بعض النسخ طريقه الأهدى.

ص: 380

لك مروءتك. وإذا عاهدت عهدا فأوف به وإذا وعدت خيرا فأنجزه واقبل الحسنة وادفع بها، واغمض عن عيب كلّ ذي عيب من رعيّتك، واشدد لسانك عن قول الكذب والزّور، وأبغض أهل النّميمة، فإنّ أوّل فساد أمورك في عاجلها وآجلها، تقريب الكذوب، والجراءة على الكذب، لأنّ الكذب رأس المآثم، والزّور والنّميمة خاتمتها، لأنّ النّميمة لا يسلم صاحبها وقائلها، لا يسلم له صاحب ولا يستقيم له أمر. وأحبب أهل الصّلاح. والصّدق، وأعزّ الأشراف بالحقّ، وآس [1] الضّعفاء، وصل الرّحم، وابتغ بذلك وجه الله تعالى وإعزاز أمره، والتمس فيه ثوابه والدّار الآخرة. واجتنب سوء الأهواء والجور، واصرف عنهما رأيك، وأظهر براءتك من ذلك لرعيّتك وأنعم بالعدل في سياستهم [2] وقم بالحقّ فيهم، وبالمعرفة الّتي تنتهي بك إلى سبيل الهدى. وأملك نفسك عند الغضب، وآثر الحلم والوقار، وإيّاك والحدّة والطّيش والغرور فيما أنت بسبيله. وإيّاك أن تقول أنا مسلّط أفعل ما أشاء فإنّ ذلك سريع إلى نقص الرّأي وقلّة اليقين باللَّه [3] عز وجل وأخلص للَّه وحده النّيّة فيه واليقين به. واعلم أنّ الملك للَّه سبحانه وتعالى يؤتيه من يشاء وينزعه ممّن يشاء. ولن تجد تغيّر النّعمة وحلول النّقمة على أحد أسرع منه إلى حملة [4] النّعمة من أصحاب السّلطان والمبسوط لهم في الدّولة إذا كفروا نعم الله وإحسانه واستطالوا بما أعطاهم الله عز وجل من فضله. ودع عنك شره نفسك ولتكن ذخائرك وكنوزك الّتي تدّخر وتكنز البرّ والتّقوى واستصلاح الرّعيّة وعمارة بلادهم والتّفقّد لأمورهم والحفظ لدمائهم والإغاثة لملهوفهم. واعلم أنّ الأموال إذا اكتنزت وادّخرت في الخزائن لا تنمو وإذا كانت في صلاح الرّعيّة وإعطاء حقوقهم وكفّ الأذيّة عنهم نمت وزكت وصلحت بها العامّة وترتّبت بها الولاية وطاب بها الزّمان واعتقد فيها العزّ والمنفعة. فليكن كنز خزائنك تفريق

[1] وفي بعض النسخ وأعن الضعفاء.

[2]

وفي بعض النسخ وأنعم بالعدل سياستهم.

[3]

وفي بعض النسخ وقلة اليقين للَّه.

[4]

وفي بعض النسخ جهلة النعمة.

ص: 381

الأموال في عمارة الإسلام وأهله. ووفّر منه على أولياء أمير المؤمنين قبلك حقوقهم وأوف من ذلك حصصهم وتعهّد ما يصلح أمورهم ومعاشهم فإنّك إذا فعلت ذلك قرّت النّعمة عليك [1] واستوجبت المزيد من الله تعالى وكنت بذلك على جباية خراجك وجمع أموال رعيّتك وعملك أقدر [2] وكان الجميع لما شملهم من عدلك وإحسانك أسلس لطاعتك وأطيب أنفسا بكلّ ما أردت [3] وأجهد نفسك فيما حدّدت لك في هذا الباب وليعظم حقّك فيه وإنّما يبقى من المال ما أنفق في سبيل الله واعرف للشّاكرين حقّهم وأثبهم عليه وإيّاك أن تنسيك الدّنيا وغرورها هول الآخرة فتتهاون بما يحقّ عليك فإنّ التّهاون يورث التّفريط والتّفريط يورث البوار. وليكن عملك للَّه عز وجل وارج الثّواب فيه [4] فإنّ الله سبحانه قد أسبغ عليك فضله. واعتصم بالشكر وعليه فاعتمد يزدك الله خيرا وإحسانا فإنّ الله عز وجل يثيب بقدر شكر الشّاكرين وإحسان المحسنين. ولا تحقّرنّ ذنبا ولا تمالئنّ حاسدا ولا ترحمنّ فاجرا ولا تصلنّ كفورا ولا تداهننّ عدوا ولا تصدّقنّ نمّاما ولا تأمننّ غدّارا ولا توالينّ فاسقا ولا تتّبعنّ غاويا ولا تحمدنّ مرائيا ولا تحقّرنّ إنسانا ولا تردّنّ سائلا فقيرا ولا تحسننّ باطلا ولا تلاحظنّ مضحكا ولا تخلفنّ وعدا ولا تزهونّ فخرا ولا تظهرنّ غضبا ولا تبايننّ رجاء ولا تمشينّ مرحا ولا تفرطنّ في طلب الآخرة ولا ترفع [5] للنّمام عينا ولا تغمضنّ عن ظالم رهبة منه أو محاباة ولا تطلبنّ ثواب الآخرة في الدّنيا. وأكثر مشاورة الفقهاء واستعمل نفسك بالحلم وخذ عن أهل التّجارب وذوي العقل والرّأي والحكمة. ولا تدخلنّ في مشورتك أهل الرّفه والبخل ولا تسمعنّ لهم قولا فإنّ ضررهم أكثر من نفعهم وليس شيء أسرع فسادا لما استقبلت فيه أمر رعيّتك من الشّحّ. واعلم أنّك إذا كنت حريصا كنت

[1] وفي بعض النسخ قرت النعمة بك.

[2]

وفي نسخة أخرى: وكنت بذلك على جباية أموال رعيتك وخراجك أقدر.

[3]

وفي نسخة أخرى: وطب نفسا بكل ما أردت.

[4]

وفي نسخة أخرى منه.

[5]

وفي نسخة أخرى ترفض.

ص: 382

كثير الأخذ قليل العطيّة وإذا كنت كذلك لم يستقم لك أمرك [1] إلّا قليلا فإنّ رعيّتك إنّما تعقد على محبّتك بالكفّ عن أموالهم وترك الجور عليهم. وابتدئ [2] من صافاك من أوليائك بالإفضال عليهم وحسن العطيّة لهم. واجتنب الشّحّ واعلم أنّه أوّل ما عصى الإنسان به ربّه وإنّ العاصي بمنزلة خزي [3] وهو قول الله عز وجل «وَمن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 59: 9» [4] فسهّل طريق الجود بالحقّ واجعل للمسلمين كلّهم من فيئك [5] حظّا ونصيبا وأيقن أنّ الجود أفضل أعمال العباد فأعدّه لنفسك خلقا وارض به عملا ومذهبا. وتفقّد الجند في دواوينهم ومكانتهم [6] وأدرّ عليهم أرزاقهم ووسّع عليهم في معايشهم يذهب الله عز وجل بذلك فاقتهم فيقوى لك أمرهم وتزيد قلوبهم في طاعتك وأمرك خلوصا وانشراحا. وحسب ذي السّلطان من السّعادة أن يكون على جنده ورعيّته ذا رحمة في عدله وحيطته [7] وإنصافه وعنايته وشفقته وبرّه وتوسعته فزايل مكروه أحد البابين باستشعار فضيلة [8] الباب الآخر ولزوم العمل به تلق إن شاء الله تعالى نجاحا وصلاحا وفلاحا. واعلم أنّ القضاء من الله تعالى بالمكان الّذي ليس فوقه شيء من الأمور لأنّه ميزان الله الّذي تعدّل عليه أحوال النّاس في الأرض. وبإقامة العدل في القضاء والعمل تصلح أحوال الرّعيّة وتأمن السّبل وينتصف المظلوم وتأخذ النّاس حقوقهم وتحسن المعيشة ويؤدّى حقّ الطّاعة ويرزق الله العافية والسّلامة ويقيم الدّين ويجري السّنن والشّرائع في مجاريها. واشتدّ في أمر الله عزّ

[1] وفي نسخة أخرى لم يستقم أمرك.

[2]

وفي نسخة أخرى ووال.

[3]

وفي نسخة أخرى الخزي.

[4]

آخر آية 16 من سورة التغابن.

[5]

وفي نسخة أخرى «في فيئك» .

[6]

وفي نسخة أخرى مكاتبهم

[7]

وفي نسخة أخرى وعطيته.

[8]

وفي نسخة أخرى فضل.

ص: 383

وجلّ وتورّع عن النّطف [1] وامض لإقامة الحدود. وأقلّ [2] العجلة وأبعد عن الضّجر والقلق واقنع بالقسم وانتفع بتجربتك وانتبه في صمتك واسدد في منطقك وأنصف الخصم وقف عند الشّبهة وأبلغ في الحجّة ولا يأخذك في أحد من رعيّتك محاباة ولا مجاملة ولا لومة لائم وتثبّت وتأنّ وراقب وانظر وتنكّر وتدبّر واعتبر وتواضع لربّك وارفق بجميع الرّعيّة وسلّط الحقّ على نفسك ولا تسرعنّ إلى سفك دم، فإنّ الدّماء من الله عز وجل بمكان عظيم انتهاكا لها بغير حقّها. وانظر هذا الخراج الّذي استقامت عليه الرّعيّة وجعله الله للإسلام عزّا ورفعة ولأهله توسعة ومنعة ولعدوّه وعدوّهم [3] كبتا وغيظا ولأهل الكفر من معاديهم ذلّا وصغارا فوزّعه بين أصحابه بالحقّ والعدل والتّسوية والعموم ولا تدفعنّ شيئا منه عن شريف لشرفه ولا عن غني لغناه ولا عن كاتب لك ولا عن أحد من خاصّتك ولا حاشيتك ولا تأخذنّ منه فوق الاحتمال له. ولا تكلّف أمرا فيه شطط. واحمل النّاس كلّهم على أمر الحقّ فإنّ ذلك أجمع لأنفسهم [4] وألزم لرضاء العامّة. واعلم أنّك جعلت بولايتك خازنا وحافظا وراعيا وإنّما سمّي أهل عملك رعيّتك لأنّك راعيهم وقيّمهم. فخذ منهم ما أعطوك من عفوهم ونفّذه في قوام أمرهم وصلاحهم وتقويم أودهم. واستعمل عليهم أولي الرّأي والتّدبير والتّجربة والخبرة بالعلم والعمل [5] بالسياسة والعفاف. ووسّع عليهم في الرّزق فإنّ ذلك من الحقوق اللّازمة لك فيما تقلّدت وأسند إليك فلا يشغلك عنه شاغل ولا يصرفك عنه صارف فإنّك متى آثرته وقمت فيه بالواجب استدعيت به زيادة النّعمة من ربّك وحسن الأحدوثة في عملك واجتررت به المحبّة من رعيّتك وأعنت على الصّلاح فدرّت الخيرات ببلدك وفشت العمارة بناحيتك وظهر الخصب في كورك وكثر خراجك وتوفّرت

[1] النطف: التلطخ بالعيب.

[2]

وفي نسخة أخرى «وأقلل» .

[3]

في بعض النسخ لم ترد هذه الكلمة.

[4]

في بعض النسخ «لألفتهم» .

[5]

في بعض النسخ «والعدل» .

ص: 384

أموالك وقويت بذلك على ارتياض جندك وإرضاء العامّة بإفاضة العطاء فيهم من نفسك وكنت محمود السّياسة مرضيّ العدل في ذلك عند عدوّك وكنت في أمورك كلّها ذا عدل وآلة وقوّة وعدّة. فنافس [1] في ذلك ولا تقدّم عليه شيئا تحمد عاقبة أمرك إن شاء الله تعالى. واجعل في كلّ كورة من عملك أمينا يخبرك أخبار [2] عمّالك ويكتب إليك بسيرهم وأعمالهم حتّى كأنّك مع كلّ عامل في عمله معاين لأموره كلّها. فإن أردت أن تأمرهم بأمر فانظر في عواقب ما أردت من ذلك فإن رأيت السّلامة فيه والعافية ورجوت فيه حسن الدّفاع والصّنع فأمضه وإلّا فتوقّف عنه وراجع أهل البصر والعلم به ثمّ خذ فيه عدّته فإنّه ربّما نظر الرّجل في أمره وقدّره وأتاه على ما يهوى [3] فأغواه ذلك وأعجبه فإن لم ينظر في عواقبه أهلكه ونقص عليه أمره. فاستعمل الحزم في كلّ ما أردت وباشره بعد عون الله عز وجل بالقوّة. وأكثر من استخارة ربّك في جميع أمورك. وافرغ من يومك ولا تؤخّره لغدك وأكثر مباشرته بنفسك فإنّ للغد [4] أمورا وحوادث تلهيك عن عمل يومك الّذي أخّرت. واعلم أنّ اليوم إذا مضى ذهب بما فيه وإذا أخّرت عمله اجتمع عليك عمل يومين فيثقلك [5] ذلك حتّى تمرض منه. وإذا أمضيت لكلّ يوم عمله أرحت بدنك ونفسك وجمعت أمر سلطانك وانظر أحرار النّاس وذوي الفضل منهم ممّن بلوت صفاء طويّتهم وشهدتّ مودّتهم لك ومظاهرتهم بالنّصح والمحافظة على أمرك فاستخلصهم وأحسن إليهم وتعاهد أهل البيوتات ممّن قد دخلت عليهم الحاجة واحتمل مئونتهم وأصلح حالهم حتّى لا يجدوا لخلّتهم مسّا [6] وأفرد نفسك للنّظر [7] في أمور الفقراء والمساكين ومن لا يقدر على رفع مظلمته إليك

[1] في بعض النسخ «فتنافس» .

[2]

في بعض النسخ «خبر» .

[3]

في بعض النسخ «وقدّره وأثاه على ما يهوى» .

[4]

في بعض النسخ «الغير» .

[5]

في بعض النسخ «فيشغلك» .

[6]

في بعض النسخ «منافرا» بمعنى مفاخرا.

[7]

في بعض النسخ «بالنظر» .

ص: 385

والمحتقر الّذي لا علم له بطلب حقّه فسل عنه أحفى مسألة ووكّل بأمثاله أهل الصّلاح من رعيّتك ومرهم برفع حوائجهم وحالاتهم [1] إليك لتنظر فيما يصلح الله به أمرهم وتعاهد ذوي البأساء وأيتامهم [2] وأراملهم واجعل لهم أرزاقا من بيت المال اقتداء بأمير المؤمنين أعزّه الله تعالى في العطف عليهم والصّلة لهم ليصلح الله بذلك عيشهم ويرزقك به بركة وزيادة. وأجر للأضرّاء من بيت المال وقدّم حملة القرآن منهم والحافظين لأكثره في الجراية على غيرهم وانصب لمرضى المسلمين دورا تأويهم وقوّاما يرفقون بهم وأطبّاء يعالجون أسقامهم وأسعفهم بشهواتهم ما لم يؤدّ ذلك إلى إسراف [3] في بيت المال. واعلم أنّ النّاس إذا أعطوا حقوقهم وأفضل أمانيّهم لم يرضهم ذلك ولم تطب أنفسهم دون رفع حوائجهم إلى ولاتهم طمعا في نيل الزّيادة وفضل الرّفق منهم [4] . وربّما تبرّم المتصفّح لأمور النّاس لكثرة ما يرد عليه ويشغل فكره وذهنه فيها [5] ما يناله به من مئونة ومشقّة. وليس من يرغب في العدل ويعرف محاسن أموره في العاجل وفضل ثواب الآجل كالّذي يستقبل ما يقرّبه إلى الله تعالى ويلتمس رحمته [6] وأكثر الإذن للنّاس عليك وأبرز لهم [7] وجهك وسكّن لهم حواسّك واخفض لهم جناحك وأظهر لهم بشرك ولن لهم في المسألة والنّطق واعطف عليهم بجودك وفضلك. وإذا أعطيت فأعط بسماحة وطيب نفس والتماس للصّنيعة والأجر من غير تكدير ولا امتنان فإنّ العطيّة على ذلك تجارة مربحة إن شاء الله تعالى. واعتبر بما ترى من أمور الدّنيا ومن مضى قبلك من أهل السّلطان والرّئاسة في القرون الخالية والأمم

[1] في بعض النسخ «وخلالهم» .

[2]

في بعض النسخ «ويتماهم» .

[3]

في بعض النسخ «مسرف» .

[4]

في بعض النسخ «بهم» .

[5]

في بعض النسخ «ويشغل ذكره وفكره منها» .

[6]

في بعض النسخ «يستقل ما يقرّبه من الله تعالى، وتلتمس به رحمته.

[7]

في بعض النسخ «وأرهم» .

ص: 386

البائدة. ثمّ اعتصم في أحوالك كلّها باللَّه سبحانه وتعالى والوقوف عند محبّته والعمل بشريعته وسنته وبإقامة دينه وكتابه واجتنب ما فارق ذلك وخالفه ودعا إلى سخط الله عز وجل. واعرف ما يجمع عمّالك من الأموال وما ينفقون منها ولا تجمع حراما ولا تنفق إسرافا. وأكثر مجالسة العلماء ومشاورتهم ومخالطتهم وليكن هواك اتّباع السّنن وإقامتها وإيثار مكارم الأخلاق ومعاليها وليكن أكرم دخلائك وخاصّتك عليك من إذا رأى عيبا فيك لم تمنعه هيبتك عن إنهاء ذلك إليك في سرّك وإعلانك [1] بما فيه من النّقص فإنّ أولئك أنصح أوليائك ومظاهرون لك [2] . وانظر عمّالك الّذين بحضرتك وكتّابك فوقّت لكلّ رجل منهم في كلّ يوم وقتا يدخل فيه عليك بكتبه ومؤامراته وما عنده من حوائج عمّالك وأمور الدّولة ورعيّتك ثمّ فرّغ لما يورد عليك من ذلك سمعك وبصرك وفهمك وعقلك وكرّر النّظر فيه والتّدبّر له فما كان موافقا للحقّ والحزم فأمضه واستخر الله عز وجل فيه وما كان مخالفا لذلك فاصرفه إلى المسألة عنه والتّثبّت منه ولا تمننّ على رعيّتك ولا غيرهم بمعروف تؤتيه إليهم. ولا تقبل من أحد إلّا الوفاء والاستقامة والعون في أمور أمير [3] المسلمين ولا تضعنّ المعروف إلّا على ذلك. وتفهّم كتابي إليك وأنعم النّظر فيه والعمل به واستعن باللَّه على جميع أمورك واستخره فإنّ الله عز وجل مع الصّلاح وأهله وليكن أعظم سيرتك وأفضل رغبتك ما كان للَّه عز وجل رضى ولدينه نظاما ولأهله عزّا وتمكينا وللملّة والذّمّة [4] عدلا وصلاحا وأنا أسأل الله أن يحسن عونك وتوفيقك ورشدك وكلاءتك والسّلام. وحدّث الأخباريّون أنّ هذا الكتاب لمّا ظهر وشاع أمره أعجب به النّاس واتّصل بالمأمون فلمّا قرئ عليه قال ما أبقى أبو الطّيّب يعني طاهرا شيئا من أمور الدّنيا والدّين والتّدبير والرّأي والسّياسة وصلاح الملك والرّعيّة وحفظ

[1] في بعض النسخ «في ستر، وإعلامك

»

[2]

في بعض النسخ «ومظاهريك» .

[3]

لم ترد هذه الكلمة في بعض النسخ.

[4]

الملة: الإسلام، وأهل الذمة: أهل الكتاب من يهود ونصارى وقد دخلوا في ذمة الإسلام وحمايتهم.

ص: 387