الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث من الكتاب الأول في الدول العامة والملك والخلافة والمراتب السلطانية وما يعرض في ذلك كله من الأحوال وفيه قواعد ومتممات
الفصل الأول في أن الملك والدولة العامة إنما يحصلان بالقبيل والعصبية
وذلك أنّا قرّرنا في الفصل الأوّل أنّ المغالبة والممانعة إنّما تكون بالعصبيّة لما فيها من النّعرة والتّذامر [1] واستماتة كلّ واحد منهم دون صاحبه. ثمّ إنّ الملك منصب شريف ملذوذ يشتمل على جميع الخيرات الدّنيويّة والشّهوات البدنيّة والملاذّ النّفسانيّة فيقع فيه التّنافس غالبا وقلّ أن يسلّمه أحد لصاحبه إلّا إذا غلب عليه فتقع المنازعة وتفضي إلى الحرب والقتال والمغالبة وشيء منها لا يقع إلّا بالعصبيّة كما ذكرناه آنفا وهذا الأمر بعيد عن أفهام الجمهور بالجملة ومتناسون له لأنّهم نسوا عهد تمهيد الدّولة منذ أوّلها وطال أمد مرباهم في الحضارة وتعاقبهم فيها جيلا بعد جيل فلا يعرفون ما فعل الله أوّل الدّولة إنّما يدركون أصحاب الدّولة وقد استحكمت صبغتهم ووقع التّسليم لهم والاستغناء عن العصبيّة في تمهيد أمرهم ولا يعرفون كيف كان الأمر من أوّله وما لقي أوّلهم من المتاعب دونه
[1] تذامر القوم: حضّ بعضهم بعضا على القتال.