الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويؤدون هناك وظائفهم الدينية من عقد نكاح ووعظ ويزورون أسرى المسيحيين ويحملون لهم الاعانات وعبارات التسلية وربما اضطروا لاتباع زي أهل البلاد فسمح لهم البابا هنوريوس الثالث سنة 626 (1229 م) بتغيير لباسهم واطالة لحاهم ما داموا في المغرب (وكانت عادتهم حلق اللحي والشوارب) وارسل من جاء بعد هنوريوس من البابوات رسائل الشكر لأمراء الموحدين على حسن معاملتهم للمسيحيين الذين كثر عددهم حتى وضع على رأسههم قس من رتبة افيك سنة 630 (1233 م) اهـ كلامه.
10 - الاقتصاد والعمران والحضارة
لم تعرف الجزائر في حياتها ايام أمن وعدل كأيام عبد المؤمن وبنيه فنشطت لذلك الحركة الاقتصادية الداخلية، وربط العرب بقوافلهم التجارية بين الجهات الشمالية والجنوبية وقوي اتصال المغرب بالمشرق تجاريا برا وبحرا ونظمت التجارة الاروبية مع المغرب تنظيما دوليا وكانت في الدرجة الثانية بالنسبة لتجارة المشرق.
عقد عبد المؤمن معاهدة تجارية مع دول أوربا وكانت جمهورية جنوة انشطها تجارة فعقدت مع عبد المؤمن معاهدتها التجارية سنة 548 (1153 م) ثم أوفدت سنة 555 (1160 م) قنصلها أطوبون من أسرة كاملة الشهيرة فقابله عمال عبد المؤمن بالاجلال أينما حل حتى قابل عبد المؤمن وأمضى معه معاهدة تضمن حرية التجارة لرعايا جنوة برا وبحرا على أن يأخذ عن البضائع الواردة الى بجاية العشر والواردة الى غيرها ثمانية من مائة. وأسست جنوة اثر هذه المعاهدة شركات خاصة للتجارة بالمغرب.
وكان ببجاية قناصل للدول التجارية لحفظ حقوق رعايا دولتهم
ـ[صورة زخرفة البوابة]ـ
وكاتب خاص لضبط حساب تجار دولته وتقديمه للديوانة المؤمنية.
ومراسي الجزائر الجارية العظمى يومئذ هي هنين مرسى تلمسان وطريقها الى الاندلس خربها شرلكان. ويليها شرقا المرسى الكبير فوهران فارزيو فمزغران فمستغانم فتنس فشرشال فالجزائر فبجاية فجيجل فالقل فاستورة قرب السكيكدة فبونة.
وكان تجار أروبا يستوردون من المغرب الزيت والصوف والشب وريش النعام والأدم ومواد الدباغة النباتية والشمع والزبيب وسائر الفواكه الجافة ويصدرون إليه الملف وسائر الاقمشة والذهب والفضة والنحاس وسائر لملعادن قطعا ومصنوعة أواني وأدوات منزلية كالمرجل والابر والسكين والناس اليوم من قبيلتنا وجيرانهم يسمون السكين "الجنوي".
ولكي تتصور ما بلغته الثروة الجزائرية اجمالا استحضر ان دولتها المؤمنية كانت لا تعرف جورا ولا يدخل خزينتها إلا مال الزكوات وخراج الارضين وما تفرضه على السلع الاجنبية ومع ذلك كانت ماليتها وافية بشؤونها ولم يشك جنودها نقصا في المرتب أو تأخرا في قبضه على كثرتهم وانتصابهم في سائر المدن حاميات وانتقالهم حينا فحينا الى الاندلس مجاهدين أو الى افريقية للثورات مسكنين.
ولقد حافظت الدولة المؤمنية على ما قبلها من عمران وحضارة واربت على من تقدمها فيهما غير أن عنايتها بالاندلس والمغرب الاقصى أكثر من عنايتها ببقية المغرب وكانت ولاية تلمسان قد قلدت في حضارتها الاندلس أيام المرابطين ثم تلتها ولاية بجاية أيام الموحدين.
وفي سنة 540 أمر عبد المؤمن ببناء أسوار تاقرا مسقط رأسه وأعلى الاسوار وحصن المدينة وبنى جامعها.
وفي سنة 555 عاد من فتح المهدية فمر بالبطحاء وكانت مدينة
بنواحي شلف شمالا شرقيا من غليزان ثم خربت فأمر عبد المؤمن ببنائها قال ابن ابي زرع:
"وسبب بنائه اياها انه لما طالت بالموحدين الاقامة بالمشرق والتغرب عن أوطانهم وأولادهم عزمت طائفة منهم على اغتيال عبد المؤمن إذا نام في خبائه فأعلمه شيخ بنبئهم وقال له دعني أبت على فراشك فان فعلوا كنت فداءك فبات على فراشه فقتل، فلما صلى عبد المؤمن الصبح افتقده فوجده مقتولا. فحمله بين يدي مسيره على ناقة لا مقودها أحد، فلما بركت دفنه في مبركها وبنيت عليه قبة وبني بازاء القبة جامعها، ثم أمر ببناء المدينة حول المسجد، وترك بالمدينة عشرة من كل قبيلة من قبائل المغرب، فقبر الشيخ هناك معظم عند أهل تلك البلاد يزار الى اليوم " اهـ.
وذكر الدمشقي من أهل القرن الحادي عشر في أخبار الدول مدينة البطحاء فقال: "مدينة عظيمة ببلاد الغرب في وطأة من الارض وتسمى مدينة السدرة وبها أنهار كثيرة " اهـ.
وقال ابن أبي زرع يذكر أبا يوسف المنصور: "وحصن البلاد وضبط الثغور وبنى المساجد والمدارس في بلاد افريقية والمغرب والاندلس وبنى المارستانات للمرضى والمجانين وأجرى المرتبات على الفقهاء والطلبة على قدر مراتبهم وطبقاتهم وأجرى الانفاق على أهل المارستانات والجذمى والعميان في جميع عمله وبنى الصوامع والقناطر والجباب للماء واتخذ عليها المنارات وبنى المنازل من سوس الاقصى الى سويقة بني مضكود " اهـ.
وكان السادة من بني عبد المؤمن ولاة بجاية وتلمسان يعنون بالبناء والغراسة عناية الملوك، قال ابن خلدون يذكر ابا الربيع سليمان ابن عبد الله بن عبد المؤمن والي بجاية: "وهو الذي جدد الرفيع