الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انتصاراته عليهم فطار صيته وعظمت هيبته حتى خشي باديس أن يخلع طاعته لا سيما وقد أسس مدينة القلعة.
وفي سنة 403 جاء التسجيل من الحاكم صاحب مصر الى باديس بولاية عهده لابنه المعز، وكانت حاشية باديس قد سعوا له بحماد.
فاتخذ ذلك التسجيل ذريعة لاختيار حماد. فارسل اليه بالتنازل للمعز عن عملي تيجس وقسنطينة. فأى ذلك حماد وافضى الامر الى حرب اسفرت عن تأسيس الدولة الحمادية.
2 - تأسيس الدولة الحمادية
اقوى أعداء صنهاجة هم زناتة واعظم آل زيري بطوله هو حماد. فوكلوا اليه حروب زناتة. فاوقع بهم مرارا. وكان مظفرا عليهم، ورأى ان يجني ثمرة انتصاراته. فاستوثق من باديس سنة 95 بتلك الشروط ثم احتاط لنفسه. فأسس القلعة، وشحنها بأوليائه ودخائرد اذ لم تكن له ثقة بأشير.
وكانت الامة تتبرم من سماع الدعاء للعبيديين على المنابر.
وكان آل زيري مع الامة باطنا. وليس لهم مع العبيديين الا ظواهر دعت اليها السياسة.
ولما طلب باديس من حماد التنازل عن ذينك العملين رأى هذا الطلب كمقدمة لحرمانه من ثمرة جهاده وان رفضه مفض الى الحرب ولا نتيجة للحرب الا تمتعه بالاستقلال او تعجيل حرمانه من لذة النفوذ فرجا الاستقلال بما كان قد هيأه لمثل هذا من معقل القلعة وأعلن ما تصبو اليه الامة من قطع دعوة بني عبيد فقتل الروافض. ودعا لبني العباس. وذلك سنة 405.
وجهز باديس لحرب حماد كبير قواده هاشم بن جعفر. وجمع
حماد ثلاثين الفا لقي بها هاشما بمدينة الكاف. فهزمه وغنم ماله وعدده. وتقدم الى باجة. فدخلها بالسيف. وأثار تونس على الرافضة. وذلك سنة 406.
وهنالك قاد باديس الجيوش بنفسه. وخرج من القيروان لحرب حماد. فخذل حمادا بعض رجاله من بني حسن الصنهاجيين، ومن زناتة كبني ابي واليل أهل مقرة وبني يطوفت وبني غمرة، ففر حماد حتى اتى اشير في صفر، وبها نائبه خلف الحميري، فمنعه منها وأعلن طاعة باديس، فتوجه حماد الى شلف بني واطيل.
واستولى باديس على المسيلة واشير، وبلغ سهل السرسو.
فأتاه رؤساء بني توجين وكثير من زناتة الناقمين على حماد. فاستظهر بهم، واجاز وادي شلف، فتقابل مع عمه مستهل جمادي الاولى وتقاتلا اشد قتال، فانخزل عن حماد اصحابه الى باديس، فانهزم وأخذ السير الى القلعة، وبها أخوه ابراهيم. فدخلها تاسع جمادى الاولى، وذهب الى دكمة، فأخذ من أهلها ما وجده من طعام وملح وذخيرة، وعاد الى القلعة مستعدا للحصار.
عاد باديس اثر عمه، وحاصره بالقلعة، وبينما حماد يقاسي ألم الحصار وينتظر اليوم الذي يؤخذ فيه اذ نعي اليه باديس آخر ذي القعدة، فأتاه الفرج من حيث لم يحتسب. وهكذا تأيد بالقدر الذي عوده الظفر.
وكان كرامت اخو باديس ذا منزلة لدى صنهاجة، فبايعه كبار القواد ارضاء لصنهاجة لبعدهم عن العاصمة فمضى كرامت الى أشير وفرق الاموال في صنهاجة. وجمع سبعة آلاف مقاتل وخرج اليه حماد في خمسمائة والف فارس فاقتتلوا قتالا شديدا، ثم انهزم كرامت الى اشير، فحاصره بها حماد.
وعاد القواد بشلو باديس الى القيروان فبايعوا للمعز ونقضوا بيعة كرامت فلما بلغه ذلك صالح حمادا على مال يأخذه ويلتحق بالمعز، فاسعفه حماد بذلك ولحق بالمعز في محرم سنة 407 وكان هذا أيضا من أسباب نجاح حماد.
انتقل الميدان بين حماد والمعز الى جهات باغاية وما يليها الى ناحية قفصة ولثمان بقين من صفر سنة 408 سار المعز بالاجناد لحرب حماد. فأجلاه عن باغاية ثم كانت بينهما وقعة شديدة آخر ربيع الاول جرح فيها حماد، وأسر فيها أخوه ابراهيم. وتفرقت عنه رجاله.
فاسلم معسكره بما فيه من معدات وذخائر، ونجا بنفسه. وانتهى المعز الى سطيف وقصر الطير. ثم قفل الى حضرته.
وهنالك مال حماد الى السلم. فارسل إلى المعز. يعرض عليه طاعته. فاشترط عليه ارتهان ابنه القائد. فوسط اخاه ابراهيم في التوثق من المعز. فارسل ابراهيم اليه يضمن له سلامة ابنه. ثم بلغ المعز قصره آخر جمادى الاولى، وسرح ابراهيم بن بلقين، وخلع عليه، فلما بلغ ذلك حمادا زالت ريبته بالمعز، وارسل ولده القائد بهدية جليلة، فبلغ الى المعز منتصف شعبان. فاكرمه. واهدى له هدايا جليلة واقطعه المسيلة وطبنة وغيرهما. ولم يمسكه بل سرحه الى ابيه فعاد اليه في رمضان وبحسن هذه السياسة من المعز تم الصلح بينه وبين حماد، وصلحت الاحوال.
ونرى حمادا لم يكن له غرض في هذه الحرب. وانما كان حذرا مستعدا للطوارئ. فادخل حذره ذلك الريبة في نفس باديس.
وقواها له حاشيته من حسدة حماد. فاشتعلت الحرب مدة عامين.
وانتهت ببقاء حماد على ما كان عليه وانما في صلح المعز اعتراف ضمني بالعجز عن مقاومة حماد.