الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - بنو مرين بالجزائر
الضغائن بين مرين وعبد الواد قديمة، ناشئة عن الجوار في الوطن ثم في الملك وعن المنافسة في الاستقلال برئاسة زناتة، فكثرت الحروب بينهما، وكان ملك مرين أعظم، فكان الفوز لهم غالبا، فلما احتضر يغمراسن اوصى خلفه بمسالمة مرين والتوسع في مملكة الحفصيين، لكن مرين التي لا يرضيها مقاسمة عبد الواد لها رئاسة زناتة كانت تتجنى عليهم تارة بانهم آووا ثائرا عليها، ولم يكن يومئذ تسليم المجرمين السياسيين من الحقوق المقررة بين الدول، وأخرى بأنهم ردوا شفاعتها في مجرم سياسي من رعاياهم أو في تخلية سبيل الممالك الحفصية، فلم يكن في اماكان عبد الواد ارضاؤها، وكانت أيام السلم بينهما هي أيام اشتغالهما بفتن داخلية.
وقعت بين يغمراسهن وابي يحي واقعتا اسلي قرب وجدة سنة 648 وابي سليط سنة 55 ثم وقعت بينه وبين يعقوب واقعه ناحية تازا سنة 57 واصطلحا سنة 58 ثم تحاربا بوادي تلاغ قرب ملوية سنة 666 وعزم يعقوب بعدها على فتح تلمسان، فتهيأ له يغمراسن، فمال الى الصلح، لكن يغمراسن كتب اليه:
فلا صلح حتى نروي السيف والقنا
…
وتأخذب الواد منكم بثارها
وأشفي غليلي من مرين التي طغت
…
بسبي غوانيها وقتل خيارها
فكانت بينهما واقعة اسلي سنة 70 انتصر فيها يعقوب، وحاصر تلمسان ثلاثة أيام وثلاثة أشهر، ووفد عليه محمد بن عبد القوي التوجيني، فاختلفت أيدي مرين وتوجين على العيث في ساحة تلمسان،
ثم أقلعوا عنها، وانعقد الصلح بين الفريقين سنة 73 وانتقم يغمراسن من توجين.
ثم ان يعقوب عزم على الجواز الى الاندلس، فارسل الى يغمراسن في تأكيد الصلح رسالة منها هذان البيتان:
فلتترك الناس الى جهادهم
…
مؤملين في حمى بلادهم
واقعد ولا تنهض الى توجين
…
فانها في العهد مع مرين
فأحفظ يغمراسن حمايته لتوجين وهي من رعيته. ونقض الصلح. فكانت بينهما واقعة الملعب سنة 80 والملعب ميدان لعب الخيل باحواز تلمسان. وانهزم يغمراسن فانحصر بتلمسان أياما.
وشاركت توجين مرين ايضا في اعمال الفساد، ثم عاد كل الى مقره.
وانتقم يغمراسن من توجين. وتوفي، واوصى ابنه عثمان بمسالمة مرين، فعقد السلم مع يعقوب سنة 84.
ثم آوى عثمان بعض الثوار على يوسف بن يعقوب، فخرج يوسف سنة 89 الى تلمسان، وحاصرها ستة عشر يوما اصابت فيها ايدي الجيش نواحيها بالنهب والتخريب، ووفد ثابت بن منديل المغراوي على يوسف سنة 94 مستصرخا به على عثمان، فارسل اليه بالشفاعة فيه، فردها عثمان، وخرج يوسف منتقما منه سنة 95 فحاصر ندرومة اربعين يوما، ثم حاصر تلمسان سنة 96 اياما ثم نصب عليها قوس الزيار في رجب سنة 97 وحاصرها سنة أشهر، وانزل جيوشه بوجدة للغارة على مملكة تلمسان.
وفي رجب سنة 98 خضعت ندرومة لبني مرين لاضرار غارات العسكر بها وفي شعبان نزل يوسف على تلمسان، واقام محاصرا لها الى ان قتله احد خصيانه في ذي القعدة سنة 706.
وأعظم آفات الملوك عبيدها وملكت مرين في هذه المدة كل مملكة تلمسان ما عدا المدينة
ودخلت جيوشها مملكة بجاية، فملكت ندرومة وهنين سنة 98 ووهران ومستغانم ومزغران وتنس ومليانة سنة 99 والقصبات وبرشك وشرشال ووانشريس ومازونة والبطحاء وتامزقدت سنة 700 وتفرقينت ولمدية سنة 703 ولما قتل يعقوب رغب في الملك كل من أخيه ابي يحي وابنه ابي سالم وحافده ابي ثابت عامر، فراسل عامر بني عبد الواد في تخلية ممالكهم على ان يؤيدوه، ففعلوا، وتم له الامر، ووفى لهم بالعهد، وبقيت السلم بين الدولتين الى أن نقضها ابو سعيد عثمان، فأغار سنة 714 على تلمسان وبلغ الملعب، وعاثت جيوشه في الجهات قتلا ونهبا، وفتحوا معاقل بني يزناسن ثم عادوا الى فاس.
واستولت مرين من بعد على تلمسان ست مرات وعلى الجزائر الحفصية مرتين وتداخلت بعد ابي حمو الثاني في أمر العرش ونصبت حمايتها على المستعينين بها على الملك، ثم ضعفت عن ذلك حتى انها احتمت بالدولة الحفصية.
ولم تجن الجزائر من تداخل مرين في أمرها غير تخريب قصور ونسف عمران الى تعطيل حركة الانتاج وسير الاقتصاد الى افساد الرعايا ونشر الفوضى الى اضعاف الحكومة الشرعية وشغلها عن ترقية ممالكها.
وقد ترك يوسف بن يعقوب وابو الحسن ابن أخيه بالجزائر آثارا، منها ابتناء قصبة لمدية سنة 704 ومنها تأسيس المنصورة سنة 700 حيث المعسكر المحاصر لتلمسان، بني اولا قصر السلطان بمضرب قبابه وبازائه جامع كبير ومنارة عظيمة على رأسها تفافيح من ذهب بسبعمائة دينار، وادير على القصر والجامع سور وابتنى الناس حوله المنازل والقصور وغرسوا البساتين وأجروا المياه وادير على ذلك سور سنة 702 فكانت مصرا من أعظم الامصار عمرانا ونفاق أسواق، ذات حمامات وخانات ومارستان، وخربها من بعد بنو عبد الواد وطمسوا معالها.
ومنها البرج الاحمر وبرج المرسى بوهران بناهما ابو الحسن سنة 748 وبني في حصاره لتلمسات مدينة غربيها سماها ايضا المنصور.
وخربت ايضا وبقي بعض آثاره المدهشة.
وما هدمت مرين من المجتمع الجزائري لا تجبره أمثال تلك البناءات قال تعالى- ومن أصدق من الله قيلا-: {ان الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلكيفعلون} .
ـ[صورة]ـ
(ش 41) داخل الجامع الأعظم في تلمسان
ـ[صورة]ـ
(ش 42) الجامع الأعظم في تلمسان.
ـ[صورة]ـ
(ش 43) ضريح السلطان في تلمسان.