الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوراثية. وعلى هذا النظام تأسست دولة بني أمية ثم بني العباس وهلم جرا.
تأسست دولة بني أمية وكانت خطتها توسيع نطاق الممالك العربية من جهة والمحافظة على الجامعة الاسلامية من جهة أخرى. فغزت وفتحت وحاربت الثوار السياسيين والدينيين ولم تزل على ذلك حتى قضى عليها بنو العباس.
فتح بنو أمية فيما فتحوا المغرب ووحدوه دينيا وسياسيا. ولكن كان بعيدا عن الشام مركز حكومتهم وأهله البربر ألفوا حياة الانقسام والفوضى منذ قرون. ولم يخف عليهم تطاحن العرب بالمشرق. وبلغهم ما به من مذاهب دينية وأحزاب سياسية. فقاموا على السلطة العربية. وسعوا في تمزيق تلك الوحدة وزادهم اقداما ما كان من تغلب آل عقبة بن نافع على المغرب واستبدادهم به وتواثبهم على امارته. وشغلت عنهم الدولة الاموية. فقضوا على ذلك التوحيد جنينا. وعمت الفوضى وطن البربر من مبتداه الى منتهاه. ولم يبق للعرب به أمر ولا نهي.
ولما تم لبني العباس تأسيس دولتهم بالمشرق التفتوا الى المغرب. فجهزوا له الجيوش. وكانت حروب أسفرت عن استرجاع قسم من المغرب للدولة العباسية واستقلال قسم منه تحت رؤساء متعددين من الخوارج.
2 - الخوارج
بعد مقتل عثمان (ض) كان الناس فرقا. فرقة وقفت موقف الحياد. وفرقة لم ترض خلافة علي (ض) وأخذت تطالب بدم عثمان، وفرقة بايعت عليا بعضها يرى أنه أحق بالخلافة. وأكثرها من الثوار على عثمان لم يريدوا من مبايعتهم لعلي الا الاحتماء به من العثمانيين
اذا كانوا يظنون انه يرضى عن صنيعهم ويقرب منزلتهم. ولكنهم تبينوا من بعد انه غير راض عنهم وسمعوا منه مرارا التصريح بلعن قتلة عثمان. فاوجسوا خيفة من اصطلاحه مع العثمانيين فكانوا هم السبب في وقعة الجمل سنة 36 ثم كانوا هم الحاملين لعلي على قبول التحكيم الذي دعا اليه معاوية سنة 37 وبعد امضائه على عهد التحكيم طلب اليه فريق من العراقيين نقض العهد واشهار الحرب فلم يستطع مجاراتهم في هذا التلاعب. فانعزلوا عنه. وأعلنوا بالخروج عن طاعته. وغادروا الكوفة الى النهروان. فارسل اليهم عبد الله ابن العباس ليستصلحهم بالحجة والمفاهمة. ثم لحق هو نفسه. ونتج عن هذه السياسة الحكيمة ان عاد فريق منهم الى الطاعة وأصر آخرون على الخلاف. فأعرض عنهم. حتى بلغه انهم قتلوا صحابيا وزوجه. فارسل اليهم بالكف عن الفساد. فقتلوا الرسول. وهنالك توجه اليهم بجيوشه وخاطبهم خطابا بين لهم فيه صوابه وخطأهم. فلم ينفعهم خطابه. وكانت الحرب. فأتى القتل على أهل النهروان. ولم ينج منهم الا قليل تفرقوا في الجهات.
هؤلاء هم المسمون بالخوارج لخروجهم عن الامام علي. واصل معنى الخوارج الطوائف الخارجة عن طاعة امامها. وخصه المتكلمون والمؤرخون بالخارجين عن علي ومن والاهم ورضي سيرتهم. فصار علما لاصحاب فكرة خاصة. وليس مرادا به مدح او قدح اذ لا يعقل ذم طائفة- ايا كانت- لعملها بمبدأ استصوبته. وانما ينظر في مبدأها وما فيه من مقبول أو مردود.
كان شعار الخوارج في الثورة على علي "لا حكم الا لله" وهو شعار لا خلاف في مدلوله الحقيقي بين المسلمين. وأصله قوله تعالى "ان الحكم الا لله". وانما انفرد الخوارج بهذا الشعار لكونهم
انه حكم الرجال بدين الله. وعلي أجل من ان تعلق به هذه الوصمة. وهم يلقبون أنفسهم الشراة جمع شار بمعنى بائع. يريدون انهم باعوا أنفسهم في سبيل الله أخذا من قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} .
لم تمت فكرة الخوارج بالنهروان شان الافكار لا تبلى بلاء الاجسام ولا يقضي عليها سنان ولا حسام. بل ظهرت من بعد. وكانت لاهلها مع خصومهم حروب شهيرة ومعارك مذكورة مع الامويين والعباسيين.
وكان الخوارج على رأي واحد لا يختلفون الا في اليسير من الفروع حتى جاء أحد موالي بني هاشم الى نافع بن الازرق فقال له: ان من خالفنا مشركون وأطفالهم في النار وقتلهم جائز، بدليل قوله تعالى:{وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} فاخذ نافع بقوله. وجعل يبدي آراء في تكفير المسلمين مشطة. فانكر عليه نجدة بن عامر في طائفة معه. وكانوا بالاهواز. فارتحل نجدة باتباعه الى اليمامة. ووقعت بينه وبين نافع مراسلات ومناظرات لم تزد عود الخلاف الا صلابة. وكان بالبصرة أبو بيهس هيصم بن جابر الضبعي وعبد الله ابن اباض (بفتح الهمزة وكسرها) المري في جمع من الخوارج. فكاتبهم نافع يدعوهم الى قتال المخالفين. فقال هيصم لابن اباض: "ان نافعا غلا فكفر". وانك قصرت فكفرت اذ زعمت ان من خالفنا غير مشرك وانما هم كفار النعم. وان مناكحهم ومواريثهم والاقامة فيهم حل طلق. قال المبرد في كامله: "والصفرية والنجدية في ذلك الوقت يقولون بقول ابن اباض".
ومن تلك المقالات افترق الخوارج الى مذاهب اشهرها: الازارقة أصحاب نافع بن الازرق. يقولون بالبراءة والاستعراض