الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تاشفين الى المنصور، وانكبت على رجليه تستعطفه وتذكره صلة الرحم الصنهاجية لرفع محنة الجند عن البلد، فاكرم المنصور مقدمها وكف جنوده عن الفساد، وخرج من الغد قافلا بهم الى حضرته، وانعقدت السلم بينه وبين المرابطين. وعزل يوسف بن تاشفين امره بتلمسان تاشفين بن تينعمر ترضية للمنصور.
نزل المنصور بعد قفوله بالقلعة واثخن في زناتة بنواحي الزاب والمغرب الاوسط، ثم عاد الى بجاية، فمات بعد اشهر، ولما ولي العزيز صالح زناتة، وتزوج ابنة ماخوخ.
لما كف الحماديون عن بني ومانو وبني يلومي تذكروا ضغائنهم، وعادوا الى العداء. فكانت بينهم حروب. هلك في بعضها ماخوخ.
فخلفه بنوه تاشفين وعلي وابو بكر. وكان بنو عبد الواد وتوجين وبنو راشد وبنو ورسيفان مددا لبني يلومي. وربما مادهم ايضا بنو مرين. ولم يزالوا في فتنتهم حتى جاء الموحدون.
8 - الحماديون والمسيحيون
عرف المغرب في هذا العصر البربري من أمم أروبا المسيحية أمة النرمان واصل هذه اللفظة نرثمن. ومعناهما رجال الشمال. وهم من النرويج والدانمارك. انتشروا في شرق أروبا. وانتقلوا أيام شرلمان الى الغرب وسكنوا حوالي الاودية الفرنسية. واستقروا سنة 299 (911 م) بنرمنديا احدى كور فرنسا.
وكانت القرصنة بالبحر أهم أعمالهم. وهجموا على الاندلس من ناحية اشبونة سنة 229 وتكرر اجلابهم على الثغور وبلغوا سنة 245 بلد نكور من سواحل المغرب.
ولم مجن للنرمان قبل بالاساطيل العربية حتى جاء الهلاليون
وضعفت دولة صنهاجة بانقسامها. واستيلاء العرب على اراضيها واستنزاف ماليتها باللعطاءات تسكينا لثوراتهم واستبداد كثير من الولاة على المدن. وحدث بين الصقليين شقاق فاستعان بعضهم بالنرمان. فخفوا لنصرتهم. ولكن لما نزلوا المدن رفعوا عليها أعلامهم وذهبت صقلية شهيدة الخلاف والخديعة. فاستولى النرمان عليها سنة 485 واصبحت مركزا عظيما للنصارى في الحروب الصليبية.
وكان الحماديون أقوياء. فلم يقدر النرمان على التوسع الا في المملكة الشرقية الضعيفة ولم يطب آل باديس نفسا بتسليم المملكة للحماديين. فاخذوا يفاوضون المرابطين ويدعونهم لحماية ثغورهم.
ولا طريق لهم الا بالمملكة الحمادية. فشمر الحماديون عن ساعد الجد لقطع كل حركة تمس باستقلالهم حتى عقد معهم المرابطون معاهدة سلمية ودية.
كان الحماديون يرون في توهين الرومان لبني عمهم اعانة لهم على امتلاك مملكتهم يوما ما. ورأى النرمان ان لا يهيجوا الحماديين بسوء. فظلت العلاقات بينهم حسنة. ولكن النرمان لما رأوهم ملكوا جربة وطمعوا في المهدية قلبوا لهم ظهر المجن.
ففي سنة 537 طرق النرمان جيجل فاحتلوها عنوة. وانتهبوا الاموال وأحرقوا المنازل وخربوا قصر النزهة الذي بناه يحي بن العزيز وسفكوا الدماء وسبوا الحريم. ولم ينج من أهلها الا من تعلق بالجبل. ثم أقلعوا عنها. وتركوها خاوية على عروشها. وفي سنة 539 فتحوا برشك وقتلوا أهلها وسبوا حريمهم وباعوه بصقلية على المسلمين.
ولما ملك عبد المؤمن بجاية وخضع له يحي لحق أخوه الحارث صاحب بونة بصاحب صقلية. فاعانه على البقاء بها حتى اخذها منه عبد المؤمن.
هذه علاقات الحماديين والمسيحيين السياسية وكانت بالمدن
الحمادية طوائف مسيحية اما من بقايا الرومان او من البربر الذين فقدوا جنسيتهم ونسوا اصلهم او من سبي أروبا فكان الحماديون يحسنون معاملتهم ويحفظون حقوقهم على أقليتهم احسانا وحفظا لم يوجد ما يقرب منهما في عصر يزعم القابضون على مناحي حياته انهم أرقى دولة عرفها التاريخ وان عصرهم أزهر العصور، زعما لا مؤيد له غير القوة المادية.
وهاك ملخص ما اطال به ذوماس لتري في وصف حياة المسيحيين تحت الحماديين. قال:
" كان لبابوات رومة علائق مع الحماديين وخصوصا اشهرهم الناصر بن علناس ويلقبونهم ملوك موريطانيا السطيفية".
" ولما أسسوا القلعة تقبلوا بها المسيحيين بصدور رحبة.
وأحسنوا اليهم مدة دولتهم. وضمنوا لهم حرية دينهم تحت قسيس منهم من رتبة (افيك (".
" وفي سنة 508 (1114 م) أسسوا بالقلعة كنيسة مريم العذراء.
وقسيسهم يومئذ عزون. وتسميه العامة الخليفة. وابتنى لنفسه دارا حذاء الكنيسة".
"وانتخب أصل بونة اسقفا عليهم يدعى سرفاند. فسماه لهم ارشفيك قرطاجنة وصادق عليه الناصر، ولما سافر سرفاند الى رومة حمله الناصر هدايا جليلة ورسالة ودية إلى البابا قرقوار السابع.
واشترى جميع الاسرى الذين عثر عليهم بممالكه وأرسلهم الى البابا واعدا اياه بعتق كل أسير مسيحي يعثر عليه من بعد".
"سرت الكنيسة الرومانية كثيرا بفعل الناصر. فلما عاد سرفاند الى بونة ارسل معه كبار رجال الكنيسة رسائل شكر وثناء للناصر.