الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دسيسة سويدية الى مشاقة عامرية ومن نفاق اسباني الى غلظة تركية، ولا ظل في التاريخ العام لدولة صغيرة كهذه منيت بمثل ما منيت به وامتدت حياتها مثلها؟
وآخر هذه الدولة جدير بقول محمد الفازازي يصف حياة الاندلس في القرن السابع:
الروم تضرب في البلاد وتغنم
…
والجور يأخذ ما بقي والمغرم
والمال يورد كله قشتالة
…
والجند يسقط والرعية تسلم
وذو والتعين ليس فيهم مسلم
…
الا معين في الفساد مسلم
أسفي على تلك البلاد وأهلها
…
الله يلطف بالجميع ويرحم!
11 - الحركة العلمية والادبية بالجزائر البربرية
نهضت الدول البربرية بالعلوم والآداب نهوضا رغب المفكرين في الرحلة الى ملوكها، وكانت الدول الاوربية قد ملكت على المسلمين صقلية واغلب الاندلس، فارتحل رجالها الى تونس وبجاية وتلمسان وفاس، وبعد بني عبد المؤمن ظهر الحفصيون والزيانيون والمرينيون، فكانت منافستهم في تقريب العلماء من مجالسهم تساوي منافستهم في ضخامة السلطان وامتلاك الاوطان فعمت المعارف المدن والقرى وكرع من مناهلها العربي والبربري، ومن تصفح كتب التراجم ورأى كثرة المنسوبين الى القرى الصغيرة والقبائل البدوية حكم بعموم هذه النهضة واتنظام سيرها في طريق الرقي غير متأثرة بالانقلابات السياسية والنتائج الحربية، فما استجدت دولة الا واستجدت قوى هذه النهضة، وقد بلغت غايتها في القرن الثامن، واخذت تتقهقر منذ القرن التاسع.
ذكر ابن قنفذ في الفارسية ان ابا زكريا الاول ترك من الكتب
ستة وثلاثين ألف سفر، هذه عناية مؤسس الدولة فما بالك بمن بعده؟ وذكر ابن ابي زرع ان سانجة ملك الاسبان وفد سنة 684 على يعقوب ابن عبد الحق يخطب سلمه فصالحه على ان يبعث له بما في بلاده من كتب المسلمين، فبعث اليه بثلاثة عشر حملا.
وقد ابتنى سلاطين هذه الدول المدارس ووقفوا عليها الاوقاف.
وجعلوا من مجالسهم حظا لمناظرة العلماء بين أيديهم، واتخذوا الاطباء والمفاتي والشعراء فنهضوا بجميع فنون العلم وظهرت المؤلفات في مختلف المواضيع، وقلد المغاربة الاندلسيين في موسيقاهم وموشحاتهم وأزجالهم، فاحسنوا التلقيد.
وانشأ بتلمسان مدارس ابو حمو الاول وابنه ابو تاشفين وابو حمو الثاني وابنه احمد العاقل، وانشأ خامسة بالعباد ابو الحسن المريني، واول مدرسة أسست في الاسلام كانت بنيسبور اواخر القرن الرابع، واول من عمم بناء المدارس في المدن الوزير نظام الملك المتوفي سنة 485.
وذكر ابن خلدون في المقدمة صناعة التعليم، فاستحسن تعليم تونس وبجاية وتلمسان، وانتقد تعليم فاس بأنه لا يكسب ملكة ولا يفتق لسانا ولا يقرب مطلوبا.
قال الغبريني في ترجمة ابي بكر بن سيد الناس الاشبيلي نزيل بجاية المتوفي بتونس سنة 659: " كان اذا قرأ الحديث يسنده الى النبي (ص) ثم يأخذ في ذكر رجاله من الصحابي الى شيخه كل واحد باسمه ونسبه وصفته وولادته ووفاته وحاكايته ان عرفت له ثم يشرح الحديث ويتعرض لما فيه من فقه وخلاف عال ودقائق ورقائق، كل ذلك بفصاحة لسان وجودة بيان " اهـ.
ووصف اقراء ابي القاسم ابن اندراس المرسي نزيل بجاية المتوفي
بتونس سنة 674 لكتب الطب، فقال:"وكانت الابحاث في كل ذلك جارية على القوانين النظرية والاستدلالات الجلية" اهـ.
وانتقد القاضي ابو عبد الله المقري التلمساني المتوفي بفاس سنة 759 تعليم زمانه فنقل عن شيخه الابلي قوله: " انما أفسد العلم كثرة التواليف وانما أذهبه بنيان المدارس". وشرحه بما محصله ان كثرة التآليف تجعلها سهلة التناول، فتضعف الرغبة ويقل التحصيل، وحياة المدارس يأباها كبار العلماء. فيخسرهم الطلبة، ثم قال:"وقد اقتصر أهل هذه المائة على حفظ ما قل لفظه ونزر حظه، وافنوا أعمارهم في فهم رموزه وحل لغوزه. ولم يصلوا الى رد ما فيه الى اصوله بالتصحيح فضلا عن معرفة الضعيف من ذلك والصحيح" اهـ.
ومن أراد الوقوف على الكتب المقروءة يومئذ فعليه بمجاميع الاسانيد. وقد ذكر الغبريني طائفة منها آخر عنوان الدراية. ولا نقر الابلي على انكار فضل المدارس. فان التعليم لم يكن قاصرا عليها حتى يخسر الطلبة مواهب من لم يوظف بها. وما دام التعليم الحر في الامة فلن يضيرها التعليم الحكومي.
وفحول العلماء ونبغاء الادباء بهذه القرون السابع والثامن والتاسع متفرقة أخبارهبم في الرحلات وكتب التراجم والسير.
والاسفار عن مبلغ المعارف في هذه الاعصار يحتاج الى أسفار.
ناهيك بوسط يخرج أمثال لسان الدين بن الخطيب وعبد الرحمن بن خلدون وابي جبان النحوي وابن عصفور واكثر ايمة العلوم انما هم من أهل هذه القرون.
انجبت تنس مثل ابراهيم بن يخلف الذي استقدمه يغمراسن مرارا الى تلمسان وبلغه وفادته عليها ذات يوم فركب اليه بنفسه ورغبه في المقام لديه. واقطعه اقطاعات. قال العبدري: "وكان شيخنا
زين الدين ابو الحسن بن المنير. يثني عليه كثيرا. وسألني عن الغرب فذكرت له قلة رغبة أهله في العلم. فقال لي اما بلاد يكون فيها مثل ابراهيم التنسي فما خلت من العلم" اهـ.
وانتهت رئاسة الحديث وسائر الفنون في القرن التاسع الى محمد ابن عبد الله بن عبد الجليل الحافظ التنسي المتوفي سنة 899 نقل عن احمد بن داود الاندلسي انه سئل عن علماء تلمسان. فاجاب:
" العلم مع التنسي والصلاح مع السنوسي والرئاسة مع ابن زكري" اهـ. والف للمتوكل "نظم الدر والعقيان في ذكر شرف بني زيان" وهو في جزءين كبيرين. من تامله علم مكانة الرجل في العلم والكياسة ونصح سلطانه وتنبيهه الى ما فيه صلاح الدولة باسلوب لا يشعر معه السلطان بتداخل في شؤنه أو انتقاد لحكومته. واسم الكتاب قاصر جدا عن مغزاه. ولعل قصوره مما اقتضته كياسة المؤلف.
وانجبت برشك ابا زيد عد الرحمن واخاه ابا موسى عيسى ابني محمد بن عبد الله بن الامام. ارتحلا الى المشرق. وتركا به صيتا.
واستقرا بتلمسان. فبنى لهما ابو حمو الاول المدرسة المعروفة بهما داخل باب كشوط. وعنهما اخذت صناعة التدريس بتلمسان.
وكان ببقية المدن اسر تتوارث العلم كالمقريين والمرزوقيين والعقبانيين بتلمسان وكالبادسيين والقنفذيين بقسنطينة. ذكر العبدري في رحلته حسن بن بلقاسم بن باديس واثنى عليه، وولي القضاء هو وحسن بن خلف الله بن باديس واشتهر من بني قنفذ ابو العباس احمد بن حسين بن علي الخطيب المتوفي سنة تسع او عشر وثمانمائة، كان قاضيا خطيبا كثير التآليف في مختلف الفنون، منها الوفيات والفارسية، وقد أخذ الزركشي في كتابه تاريخ الدولتين كتاب الفارسية بنصها لم يحذف منها الا قليلا، ولم يصرح بالعزو اليها الا