الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستمر فيها حتى ألم بذكر المقصورة فقال يصفها:
طورا تكون بما حوته محيطة
…
فكأنها سور من الاسوار
وتكون طورا عنهمو مخوءة
…
فكأنها سر من الاسرار
وكأنما علمت مقادير الورى
…
فتصرفت لهم على مقدار
فاذا أحسنت بالامام يزورها
…
في قومه قامت الى الزوار
يبدو فتبدر ثم تخفى بعده
…
كتكون الهالات للاقمار
قال المقري: "وقد بطلت حركات هذه القصورة الآن وبقيت آثارها حسبما شاهدته سنة عشر وألف".
وكان شاعر بني عبد المؤمن من قسنطينة ابا علي حسن بن علي بن عمر الفقون. قال عبد القادر الراشدي: "وبنو الفقون من قرية فقونة بأوراس ولم يتحرر لي نسبهم " وفد على خلفائهم بمراكش ونظم رحلته في قصيدة ذكرها العبدري في رحلته والمقري في نفح الطيب، وامتدح الناصر بن المنصور بقصيدة بليغة لما نزل بقسنطينة سنة 601 وكان كثر الوفادة على السادة من ولاة بجاية، وله ديوان شعر كان موجودا بأيدي الناس.
وكانت بجاية يومئذ عاصمة المغرب علما وأدبا لا يفوقها إلا مراكش عاصمة الخلافة، ولابي العباس الغبريني جزء في علمائها وادبائها طبع بالجزائر، وهو متداول بين الناس.
12 - الاعتقادات والمذاهب الفقهية
كان مبنى اعتقاد المسلمين في الإله على الكتاب وصحيح السنة. يثبتون له من الصفات ما أثبتاه وينزهونه عما نزهاه عنه، ثم ظهرت بعد ترجمة كتب اليونان وغيرهم أيام العباسيين طريقتا النظر والرياضة
لمعرفة الله، وطريقة الرياضة نفرد لها فصلا بعنوان التصوف. وطريقة النظر والاستدلال بالطبيعيات على الإلهيات مع التقيد بالدين هي المسماة كلاما وأهلها متكلمين.
نكر أهل السنة طريقة الكلام، وسموا أهلها معتزلة حتى جاء أبو الحسن الاشعري، فقرأ على أبي علي الجبائي المعتزلي، ولازمه الى الاربعين من عمره، ثم اعتزل الاعتزال ونصر السنة بطريقة الكلام نفسها، وألف كتبا كثيرة منها تفسيره المسمى المختزن في خمسمائة مجلد، وكانت منه نسخة واحدة بدار الخلافة. فبذل الصاحب بن عباد- وكان يميل الى الاعتزال- لخازن المكتبة عشرة آلاف دينار ليحرقها " فاحترق ذلك التفسير فيما احترق من الكتب، وكانت وفاة الاشعري ببغداد سنة 324.
وانقسم أهل السنة الى سلفيين يؤمنون بآيات وأحاديث الصفات كما جاءت ولا يعتمدون على الكلام، والى أشاعرة يعتمدون على الكلام ويؤولون بعض آيات وأحاديث الصفات.
وكان أهل المغرب سلفيين حتى رحل ابن تومرت الى المشرق وعزم على احداث انقلاب بالمغرب سياسي علمي ديني. فأخذ بطريقة الاشعري ونصرها وسمى المرابطين السلفيين "مجسمين " وتم انقلابه على يد عبد المؤمن، فتم انتصار الاشاعرة بالمغرب. واحتجبت السلفية بسقوط دولة صنهاجة، فلم ينصرها بعدهم إلا أفراد قليلون من أهل العلم في أزمنة مختلفة، ولشيخ قسنطينة في القرن الثاني عشر عبد القادر الراشدي أبيات في الانتصار للسلفيين طالعها:
خبرا عني المؤول اني
…
كافر بالذي قضته العقول
ومنذ أعلن المعز بن باديس مذهب مالك أصبح هو مذهب أهل السنة بالمغرب. وزاده المرابطون تأييدا. فكان لا يقطع أمر في
مملكتهم الا بمشورة الفقهاء المالكيين فعظم شأنهم ونفقت كتب المذهب. قال صاحب المعجب:
"وكثر العمل بكتب المذهب ونبذ ما سواها حتى نسي النظر في كتاب الله وحديث رسوله (ص) فلم يكن أحد من مشاهير ذلك الزمان يعتني بهما كل الاعتناء. ودان الناس بتكفير من يخوض في علم الكلام. وقرر الفقهاء عند علي بن يوسف بن تاشفين تقبيحه وكراهة السلف له وانه بدعة في الدين، وربما أدى الى اختلال في العقائد فكان يكتب عنه في كل وقت بالتشديد في نبذه وتوعد من وجد عنده شيء من كتبه، وأمر باحراق كتب ابي حامد الغزالي لما دخلت المغرب، وتقدم بالوعيد الشديد من سفك الدم واستئصال المال الى من وجد عنده شيء منها واشتد الامر في ذلك " اهـ.
ولم يكن يومئذ بالمغرب غير مذهب مالك وربما كان من أهل الاندلس من أخد بمذهب الشافعي أو أبي سليمان داوود امام أهل الظاهر. وولادته سنة 202 ووفاته سنة 270 وأظهر من أيد مذهبه بالاندلس ابن حزم المتوفي سنة 456.
وعكست دولة الموحدين كل ما كان أيام المرابطين، ففي سنة 550 بنى عبد المؤمن المساجد وأصلحها وحرق كتب الفروع ورد الناس الى قراءة الحديث ثم جاء حفيده المنصور فجرد كتب الفقه من الآيات والاحاديث، ثم حرقها، فاحرقت مدونة سحنون ونوادر ابن أبي زيد ومختصرة وتهذيب البرادعي وواضحة بن حبيب وغيرها. ومنع الاشتغال بعلم الرأي وأمر جماعة من المحدثين بجمع أحاديث من الموطأ والصحيحين والترمذي وأبي داوود والنسائي والبزار وابن أبي شيبة والدارقطني والبيهقي فجمعوا منها أحاديث في الصلاة وما يتعلق بها فكان يملي هذا المجموع بنفسه على الناس ويأخذهم بحفظه. فانتشر