الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في مطاردته لابن غانية، فزاد في تمصيره، واختط مسجده العتيق ومأذنته المرتفعة، ونقش في الحجارة اسمه وتاريخ وضعه، وهو باب أهل الزاب الى السودان".
" ويعرف رئيسه باسم السلطان شهرة غير نكيرة بينهم، وهو اليوم ابو بكر بن موسى بن سليمان من بني ابي غبول، فخذ من بني واكير احدى بطون بني ورقلة، ورئاستهم متصلة في عمود هذا النسب، وكان يوسف بن عبيد الله صاحب تقرت تغلب على ابي بكر أزمان حداثته " اهـ.
وقال الزركشي ما ملخصه: "كان يوسف بن حسن من بيت مشيخة تقرت قد منع جبايته لاول دولة أبي عمر عثمان، فخرج اليه سنة 53 وحاصره وقطع النخيل، ودافعه يوسف اياما حتى عجز، فدخل عليه المدينة، وقدم عليها قائدا من قبله، وأخذ يوسف وولده واخاه وعمه وأهله فاعتقلهم بتونس. ثم بلغه خلاف أهل تقرت، فخرج اليهم آخر سنة 69 واغرمهم مالا وهدم سور البلد، وقدم عاملا بورقلة، وأخذ منها ومن مزاب مالا جليلا، وقفل فدخل تونس في رجب سنة 870 " اهـ.
5 - الحفصيون وزناتة
أهل الشوكة من زناتة لاول القرن السابع هم مرين وعبد الواد وتوجين ومغراوة، والعداوة بين المتجاورين منهم متأصلة، ولتوسط عبد الواد بينهم وعلو كعبهم في الملك تواطؤا على عدائهم.
ولما استقل الحفصيون بتونس ودوا لو يملكون مراكش فيكونوا بين قومهم المصامدة، ولكن دون ذلك زناتة ذات الكثرة والميزة الحربية. فأخذ أبو زكريا الاول يستميلهم بالرغبة والرهبة، وبايعته مغراوة سنة 32 وحاربته توجين. ففتح حصونها، وأسر
أميرها عبد القوي بن العباس، فاعتقله بتونس، ثم من عليه استئلافا له.
وبهذا الفتح جاور أبو زكريا بني عبد الواد. فضاعف الرشيد خليفة مراكش احسانه ليغمراسن واتحفه بأنواع الهدايا، فخلصت موته له وأصبح شجا في حلق التوسع الحفصي وعقبه كأداء في سبيل الخطة التي رسمها أبو زكريا لفتح مراكش.
وفي سنة 39 وفد على ابي زكرياء عبد القوي التوجيني وبعض بنو منديل المغراويين، واستحثوه لحرب يغمراسن، فسرحهم امامه لاحتشاد زناتة واحلافهم من زغبة. وجمع هو جموعه عربا وبربرا.
فبلغت فرسانه اربعة وستون الفا. وخرج في شوال. فوافته زغبة بزاغر. ووجه من مليانة الى يغمراسن يطلب بيعته فابى، فنزل على تلمسان آخر المحرم سنة 40 وعجز يغمراسن عن دفاع ذلك الجيش العرمرم، فخرج في أهله وذويه وخاصته من باب العقبة، وأجلى الموحدين من سبيله، ولحق بالصحراء.
ودخل ابو زكريا تلمسان في ربيع الاول وقبض ايدي الجند عن النهب. وعرض ولايتها على شيوخ الموحدين وكبراء زناتة، فتدافعوها خشية مق يغمراسن. وجاءته الرسل ببيعة يغمراسن ومظاهرته له على بني عبد المؤمن على أن يترك له تلمسان، فقبل مسرورا، وأوفد يغمراسن أمه سوط النساء لاحكام العقد. فتمت السلم على يدها بعود ابنها الى تلمسان مستقلا بماليتها ومعانا بجباية بعض أعمال افريقية مبلغها السنوي مائه الف دينار.
ولكي يحافظ أبو زكرياء على خضوع يغمراسن اقام في قفولة من منافسيه عبد القوي التوجيني والعباس المغراوي ومنصور المليكشي ملوكا مناهضين وولى المستنصر بمليانة محمد بن منديل المغراوي سنة 59 بعدما فتحها من يد ابي علي بن أحمد الملياني الثائر بها، ثم خرج
المستنصر الى المسيلة سنة 64 فوفد عليه محمد بن عبد القوي التوجيني مجددا طاعته، فنصب له فساطيط القطن والكتان وجنب له جياد الخيل بمراكبها المذهبة ولجمها المحلاة وأكثر من المال والظهر والكراع والسلاح واقطعه جباية مقرة واوماش.
وبقيت عبد الواد على مبايعتها للحفصيين، وفي باطنها ما فيه لتقديتهم أعداءها مغراوة وتوجين عليها، ففي سنة 666 فرت رياح أمام المستنصر الى عبد الواد. فأعانوها على استرجاع وطنها، ورددوا الغاراث على توجين ومغراوة. ففتحوا مليانة سنة 68 ولمدية سنة 87 واستولوا على مواطنهم تدريجا. فلحق اعيانهم ببجاية وتونس، وكان منهم جند هو شوكة الجيش الحفصي، وما اتى القرن الثامن حتى انحصرت شوكة زناتة في عبد الواد ومرين.
فاما مرين فقد خشيت من مبايعة يغمراسن لابي زكريا سنة 40 ان يظاهره عليها، فبعثت له بالطاعة وبيعة ما تفتحه من المدن ووعدته العون على فتح مراكش وامدها المستنصر لما توجهت الى مراكش بالمال والخيل والسلاح، فلما فتحتها خطبت له بها زمنا، ثم استغلظ ملكها فقطعت الدعوة الحفصية، وبقي بين الدولتين مهاداة وروابط ودية، وتأكدت بالمصاهرة، ففي سنة 730 اوفد ابو يحي ابو بكر ابنه ابا زكرياء وشيخ الموحدين عبد الله بن تافراقين على ابي سعيد سلطان مرين مستنجدا به على ابي تاشفين الاول، فوعده المظاهرة. وخطب فاطمة شقيقة ابي زكرياء لابنه ابي الحسن. فزفت اليه سنة 31 وقتلت في وواقعة طريف سنة 41 فخطب ابو الحسن بعدها لنفسه اختها شقيقة الفضل سنة 46 وزفت اليه سنة 47.
واضعف الحفصيين الثورات والفتن والحت عليهم عبد الواد بالغارات. فتحركت مرين لنصرة الحفصيين حتى اذا غلبت على تلمسان وحاورت الحفصيين اربى اضرارها بهم على عبد الواد. ففي سنة 699
كانت واقعة جبل الزان بين مرين وابي زكريا المنتخب انهزم فيها.
ومات بها خلق كثير حتى سمي المعترك "مرسى الرؤوس". وفي سنة 701 خرج أبو يحي أخو السلطان يوسف المريني الى بجاية.
فضايقها. وبلغ تاقرارت من وطن سدويكش. وخشي أبو عصيدة على ممالكه. فصانع السلطان يوسف. وأوفد عليه رسله سنة 703 لتجديد عهد الصلة بين الدولتين. واقتفى أثره خالد أمير بجاية.
وأوفد رسله أيضا سنة 704 فانقبضت مرين يومئذ عن بجاية الى سنة 48 حيث استولى ابو الحسن على تونس ومحا الدولة الحفصية. ثم ثار عليه العرب بافريقية وابنه ابو عنان بالمغرب. فاضطر لتسليم الممالك الحفصية فعادت الى أهلها سنة 750.
وفي سنة 53 ملك أبو عنان تلمسان. ونزل لمدية فوفد عليه أمير بجاية أبو عبد الله محمد. وكانت بينهما صداقة منذ كان في منفاه بندرومة. فشكا اليه سوء طاعة جنده وبطانته وامتناع رعيته من الجباية، فكلف ابو عنان من يزين له النزول عن بجاية واستبدال بعض ولايات المغرب بها، فتنازل عنها لابي عنان على ان يلي مكناسة فلم يف له بعهده.
وبامتلاك أبي عنان بجاية فتح باب شر على قسنطينة فوالى عليها غاراته الى ان اشتد مرضه بفاس وظن وزراؤه هلاكه منه. فكتبوا الى عبد الله الياباني سنة 57 بالاقلاع عن قسنطينة وارجف بموت السلطان فأحرق عبد الله مجانيقه. وارتحل لا يلوي على شيء، وكان القائد موسى بن ابراهيم بوادي القطن. فسرح اليه ابو العباس أحمد أمير قسنطينة أخاه زكريا. فبيته في ذي الحجة وقتل طائفة من اركان جيشه، وأبل ابو عنان من مرضه، فآسفته هذه الواقعة، وخرج بنفسه الى قسنطينة، فاستولى عليها، وفتحت قواده تونس، وخرج سلطانها
ابراهيم الثاني، فجمع جموعه، وقصد ابا عنان، فبلغ فحص تبسة، ولكن مرين تسللت الى مغربها، فاضطر ابو عنان الى العهود، فانكفأ ابراهيم الى تونس، وطرد منها مرين، وكل ذلك سنة 58 وأعاد ابو عنان جيوشه الى افريقية سنة 59 فلم تتجاوز عمل بونة، وبعد موته خرجت مرين من الممالك الحفصية، فلم تطأها بعد، وعادت الكرة للحفصيين، فطمع سلطانهم عزوز سنة 827 في فاس حتى دافعه صاحبها عبد الحق ببيعته.
واما عبد الواد فقد أغضبها الحفصيون بتقوية مغراوة وتوجين عليها وأطمعها الجوار في ممالكهم، فأخذت تدبر لهم الثورات وتردد عليهم الغارات حتى ملكت عليهم كثيرا من أعمال بجاية، وطمعت في فتح بجاية نفسها، وحافظت أولا على الدعاء لهم حتى والى ابو عصيدة السلطان يوسف وهو محاصر لها بتلمسان. فقطع ابو زيان الاول دعوتهم الى ان دخل السلطان عزوز تلمسان سنة 827 فبايعه صاحبها.
وفي سنة 677 قدم ابراهيم بن ابي زكرياء الاول من الاندلس طالبا للخلافة بتونس، فنزل على يغمراسن، فبايعه ووعده المظاهرة على شأنه، وخطب منه ابنته لابنه عثمان، فزفت اليه من تونس سنة 81 ولما قتل ايام الدعي فر ابنه ابو زكريا الى صهره عثمان، فأكرم مثواه، ثم بويع بتونس عمر الاول، فوفد على ابي زكريا من حرضه على الثورة عليه، فلم يأذن له صهره عثمان. فتظاهر ذات يوم بالصيد.
ولحق بالعرب الذين أعانوه على امتلاك بجاية. وأصبح يغير على تونس. فاستاء عثمان. وجدد بيعته لابي حفص عمر فطلب منه اشغال ابي زكريا عنه بالغارة على بجاية. فحاصرها عثمان سنة 86 سبعة أيام، فاضطر أبو زكريا لترك افريقية. واقلعت جيوش عثمان الى تلمسان.
فلما ولي ابو عصيدة أجلب على ابي زكريا. فتوسل الى عثمان بالصهر.
وعقد معه سلما. وتفرغ لدفاع ابي عصيدة.
واشتد طلب عبد الواد لبجاية ايام ابي حمو الاول وابنه ابي تاشفين. وانتهى ايام أبي حمو الثاني. ففي سنة 709 استخلف خالد الاول على بجاية عبد الرحمن بن خلوف. فحاربه ابو حمو. واستولى على دلس سنة 12. وارسل اليه سنة 710 صاحب قسنطينة ابو بكر مولاه سعيد بن يخلف في اتصال اليد على ابن الخلوف. تم قتله ابو بكر ودخل بجاية. فوفد على ابي حمو صنهاجة واولاد سباع بن يحي مغرين له بابي بكر. فادعى عليه انه شرط بجاية لنفسه لما وفد عليه مولاه سعيد. وجهز الجيوش لحصارها. ثم جاوزها ففتحوا جبل ابن ثابت سنة 13 وبلغوا بونة. وحاصروا قسنطينة. وشيدوا في قفولهم حصنا بأصفون لحصار بجاية. فهدمه ابو بكر سنة 14.
وأعاد غارته سنة 15 لكن ثورة ابن عمه محمد بن يوسف بن يغمراسن اضطرته الى استرجاع جنوده. فشغل بها حتى هلك.
ووصل ابو بكر يده بمحمد بن يوسف وسوغه سهام يغمراسن بافريقبة. ثم قتله ابو تاشفين الاول سنة 19 وتفرغ للغارة على بجاية وما وراءها شرقا كل عام فيما بين سنتي 19 - 32 وابتنى في طريقها على واديها الحصون. وشغل ابا بكر باطماع ذوي قرابته في ملك تونس. فأسس حصن بكر سنة 21 ونزل عليه أبو ضربة سنة 32 طامعا في استرجاع ملكه. فجهزه بما يحتاج اليه. فهزمه ابو بكر برغيس بين بونة وقسنطينة. فعاد الى تلمسان وبها مات. ثم نزل عليه ابراهيم بن ابي بكر بن عبد الرحمن الحفصي سنة 24 فاعانه ايضا بالجنود والقواد وانحصر منهم ابو بكر في قسنطينة. فدخل ابراهيم تونس في رجب سنة 25 واقلعت عبد الواد عن قسنطينة فخرج ابو بكر واسترجع تونس في شوال. وفي سنة 26 اختط بخميس تيكلات حصنا أعظم من حصن بكر واقرب منه الى بجاية. وسماه تيمززدكت
باسم الحصن الذي قتل عليه الخليفة السعيد سنة 646 وشحنه بالرجال والاقوات والذخائر. وقصدته جيوش أبي بكر سنة 27 فانهزمت شر هزيمة. وبنى سنة 29 حصنا آخر بالياقوتة قبالة بجاية. وسرح سنة 30 محمد بن ابي بكر بن ابي عمران الحفصي لامتلاك تونس. فهزم ابا بكر بالرياش من ناحية مرماجنة. ودخل تونس في صفر.
ونجا ابو بكر الى بونة. وركب البحر الى بجاية، واوفد ابنه ابا زكريا على ابي سعيد المريني. فوعده الاعانة. ولكن ابا بكر استعاد تونس في رجب ثم توفي ابو سعيد وخلفه ابنه ابو الحسن. فخاطب ابا تاشفين في الاقلاع عن بجاية. فرد شفاعته فنهض اليه سنة 32 ونزل بتسالة وبعث المدد في البحر الى بجاية. وجاء ابو بكر من تونس وسرح السرايا من بجاية لتخريب الحصون المقامة لحصارها وقد انقبضت عنها الحامية الى تلمسان، فخربها وغنم ذخائرها وزحف الى المسيلة موطن اولاد سباع شيعة عبد الواد. فخرب أسوارها. وقفل الى تونس في شوال ولم يجتمع بابي الحسن الذي شغل عن تلمسان بثورة أخيه أبي علي.
ولما استولى أبو عنان على تلمسان سنة 53 نجا ابو حمو الثاني الى تونس وصحب ابراهيم الثاني واعانه على اخراج مرين من ميلة وجبل بني ثابت في شوال سنة 58 ثم استقر ابراهيم ببجاية وملك أبو حمو تلمسان ففر بعض مغراوة الى ابراهيم وحماهم من ابي حمو فساء ما بينهما فاغار ابو حمو على بجاية سنة 63 وفتح تدلس وحمزة وبني حسن ثم جهز أبا عبد الله أمير بجاية الاقدم سنة 64 ففتح بجاية سنة 65 ونكر جميل أبي حمو وهو يومئذ مشغول بالفتن. فاخرج قائده من تدلس فسرح اليه جنده سنة 66 فعجزوا عن فتحها. ولكن الامير محمدا جدبه ابن عمه أحمد صاحب قسنطينة من خلفه وأغار على عمله. فاضطر الى موالاة أبي حمو وأعاد له تدلس. وزوج منه
ابنته، فزفت اليه سنة 67 وفيها قتل أحمد الأمير محمدا وملك بجاية.
فتظاهر أبو حمو بالانتصار الى صهره وخرج الى حربه في جموع من قبائل بعضها منحرف عنه. وكان مع الامير أحمد أبو زيان بن عم ابي حمو. فأثاره عليه. ومالت اليه مرضى القلوب. فانهزم ابو حمو شر هزيمة خامس ذي الحجة. وشغل بثورة ابن عمه. فلم يطأ جيشه تراب بجاية بعد.
وضعفت زناتة آخر القرن الثامن. فعادت الكرة للحفصيين.
وفر ابو حمو من ابنه ابي تاشفين وطلب من قائد اسطول بجاية النزول.
فأنزله ببستان الرفيع سنة 89 وجاء الامر من الخليفة احمد الاول محاربه بالامس باكرامه وامداده على استرجاع ملكه من ابنه. فاسترجعه سنة 90 وفتح عزوز تلمسان سنة 827 وولى بها محمد بن ابي تاشفين الثاني. فقطع بيعته من بعد. فحاربه واعان عليه عمه عبد الواحد فاخرجه من تلمسان سنة 31 ثم قتل الامير محمد عمه سنة 33 فخرج اليه عزوز سنة 34 ففتحها وولى بها أحمد بن ابي حمو. ونقل معه الامير محمدا. فاعتقله بقصبة تونس الى أن توفي ونقض أحمد بيعته فخرج اليه سنة 37 ولكنه توفي أثناء سيره بولجة السدرة حيث عين الزال قرب وانشريس. فعاد جيشه بشلوة. وفي ايام ابي عمر عثمان تكررت الهدايا بينه وبين صاحبي فاس وتلمسان. ثم تغلب على تلمسان محمد المتوكل سنة 66 فخرج اليه ابو عمر. وعاد ببيعته.
ثم تقضها ووصل يده باعداء ابي عمر من الذواودة وبني سيلين.
فخرج اليه أبو عمر سنة 70 وخضعت له في طريقه المدن والبوادي.
وبلغ تلمسان في ربيع الثاني سنة 71 وبعد قتال شديد عاد المتوكل الى الطاعة وأنكح ابنته دون خطبة حافد السلطان ابا زكريا يحي بن محمد المسعود وقفل السلطان الى تونس في شعبان. وضعفت بعده الدولة الحفصية فلم يكن بين الحفصيين والزيانيين ولاء ولا عداء الى