الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - الفتح العربي
بعد قتل الكاهنة دخل حسان جبل أوراس. وخضع له البربر. فعقد لاكبر ابني الكاهنة على جبل أوراس وقومه جراوة. وجند من البربر اثني عشر الفا لا يفارقونه في جميع مواقفه الحربية. وذلك كي يأمن ثورتهم، ويستعين بشجاعتهم.
وبعد فتح جبل أوراس عاد حسان الى القيروان. ووجه همه الى الادارة والحربية. فدون الدواوين. وكتب الخراج. وضرب الجزية على من أقام على المسيحية. ثم أنشأ بتونس دارا لصناعة المراكب البحرية والآلات الحربية.
وعلى يدي حسان تم الفتح العربي حربيا وسياسيا ودينيا، فاستتب الامن. واقبل الناس على شؤونهم. ولكن الغلطة التي غلطها معاوية بن أبي سفيان (ض) باضافة المغرب الى ولاية مصر ما زالت تفتك بالمغرب، وتهدم ما بنته جهود الفاتحين. كان عقبة بن نافع قد وضع أساس الفتح العربي بالمغرب. وبينما هو مشتغل بتكميله اذ أضاف معاوية المغرب الى والي مصر مسلمة بن مخلد. وكانت نتائج هذه الاضافة عزل عقبة، واستحكام العداوة بينه وبين أبي المهاجر، وصاحبه كسيلة. الامر الذي أفضى الى قتله. ولم يزل المغرب تابعا لمصر. فلما تمم حسان الفتح، وعمم الامن عزله والي مصر. فارتحل الى المشرق. واستخلف مكانه أحد عظماء الجند. ولكن لم تكن له كفاءة حسان. فاضطرب حبل الامن. وكثرت الفتن. وخلت أكثر البلاد. وكادت جهود حسان تذهب هباء، لولا ان تداركها الله بمجيء موسى بن نصير.
لما حل هذا الوالي بالقيروان أخذ في اخضاع البربر من جديد. ففرق البعوث في النواحي. وافتتح طبنة من جديد. وارسل أحد
قواده بشر بن ارطاة الى مجانة فافتتحها. وافتتح قلعة حولها. فأضيفت اليه. وسميت قلعة بشر.
بلغ موسى في غزواته بحرا جزيرة ميورقة، وبرا السوس الادنى. قال بيروني:"كان موسى فاتحا عظيما. أخضع قسنطينة الثائرة والمغرب الاقصى وتافيلالت ودرعة وسوس. وجند تسعة عشر الفا من البربر. وأسس طنجة. وجعلها قاعدة الشمال المغربي. وجعل لها حامية ذات سبعة عشر الفا ما بين عرب وبربر"، وكان العامل عليها من قبله طارق بن زياد الليثي.
ولما ثبت الفتح بالمغرب أمر طارقا بغزو الاندلس. فتوجه اليها سنة 92 في جيشين أحدهما تحت رئاسته، نزل به الجبل المعروف باسمه الى اليوم، والآخر تحت رئاسة طريف إن مالك النخعي، ونزل مكانا سمي به أيضا. ولما اجتازوا البحر كسر طارق المراكب كي لا يطمح في الفرار ضعفة الصبر من الجيش. وخطب فيهم خطبته الشهيرة التي ضاعفت شجاعتهم واقدامهم.
قد وضع عقبة في ولايته الاولى أساس الفتح العربي بتأسيس عاصمة المغرب. وجاء حسان فرفع البنيان وأحكم بناء الاركان. وجاء موسى فوضع السقف وحفظ هذا الصرح من عوامل الضعف، ولولا غلطات الخلفاء وجهل الامراء بدواخل الوطن وطبائع أهله وجهل البربر بغرض الفاتحين ما بقي العرب في تشييد صرح الفتح نحو من اربعين عاما. ومع ذلك فهو فتح سريع لم يكتم مؤرخو الافرنج تعجبهم منه.
بحث الافرنج عن سر هذه السرعة العجيبة فوجدوها فيما كان عليه الوطن البربري من عموم الفوضى منذ اواخر العصر الروماني. وليس ذلك بصحيح. وقد قدمنا بحثنا في التعليل بالفوضى في الفصل