الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالخرافات والاضاليل فأوردوها موارد الردى وصدوها عن سبل الهدى، ولله عبد الحق الاشبيلي استاذ بجاية اذ يقول:
لا يخدعنك عن دين الهدى نفر
…
لم يرزقوا في التماس الحق تأييدا
عمي القلوب عروا عن كل فائدة
…
لأنهم كفروا بالله تقليدا
14 - سقوط الدولة المؤمنية
كان الاولون من خلفاء هذه الدولة يباشرون أمور المملكة بأنفسهم ويطالعون أخبار حكامهم ولا سيما المنصور. فقد قال عنه صاحب المعجب ما ملخصه:
" وكان يقعد للناس عامة ولا يحجب عنه صغير ولا كبير حتى قضى بين رجلين في نصف درهم. ثم قعد للناس في أيام مخصوصة لمسائل مخصوصة. وكان قاضيه يجلس حيث يسمع حكمه في جميع القضايا، ليس بينهما غير ستر من ألواح وكان يدخل عليه أمناء الاسواق وأشياخ الحضر مرتين في الشهر يسألهم عن أسواقهم وأسعارهم وحكامهم. واذا وفد عليه أهل بلد فأول ما يسألهم عنه عمالهم وقضاتهم وولاتهم، ويحذرهم كتمان الشهادة، وقد يتلو قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والاقربين " اهـ.
بهذا استقامت أمورهم، فلما ولي الناصر تغيرت الحالة بعض التغير ففوض الشؤن لوزيره أبي سعيد بن جامع الذي لم يكن نبيه البيت في الموحدين، فاستهان بشيوخهم حتى فر من بساط الناصر من يعتمد عليه منهم.
وفي سنة 607 خرج الناصر لغزو الاندلس بعدما استنفر الناس
عامة، وأساء ابن جامع التدبير، وأوغر صدور بعض العظماء، فكانت وقعة العقاب على المسلمين سنة 609 فني فيها أكثر رجال الدولة وذهبت الحامية من البلدان وانحرف قواد الاندلس عن بني عبد المؤمن ثم ظهر الخلاف بينهم انفسهم، وتواثبوا على عرش مراكش، فاختلت الدولة.
وفي سنة 610 صعد بنو مرين الى تلول المغرب الاقصى، فملكوا بواديه وأعلنوا حرب بني عبد المؤمن سنة 613 واقتطع عنهم ابو زكرياء الحفصي ولايتي تونس وبجاية سنة 28 وثبت يغمراسن بن زيان والي تلمسان على ولايتهم حتى أخضعه أبو زكرياء سنة 640.
وفي سنة 610 صعد بنو مرين الى تلول المغرب الاقصى، فملكوا واجفل امامه بنو مرين، ووفد عليه يغمراسن ابن زيان في ألف فارس من قومه، فبايعه بفاس وخلع عليه السعيد وأمره باستئصال مرين وأمده بالاموال والرجال، فخرج اليهم يغمراسن حتى ألحقهم بكرت، ثم عاد الى فاس فقيل له انك مغدور، فغادر فاسا هو وقومه وسالم بني مرين، وبعث اليه السعيد بالامان، فامتنع خشية الغدر.
وفي سنة 45 خرج السعيد من مراكش لاخضاع المستبدين عليه من بني مرين وبني عبد الواد وبني ابي حفص، وحشد أمما كثيرة، وبلغ تازا في المحرم سنة 46 فأرسل اليه أمير مرين ابو يحي ابو بكر ابن عبد الحق ببيعته، وعرض عليه العود الى مراكش وانه يكفيه أمر يغمراسن، وكان السعيد شهما حازما يقظا بعيد الهمة، فشكر لابي يحي خدمته، وأمره بامداده وتوجه نحو تلمسان.
وخرج يغمراسن في أهله وقومه الى قلعة تامززدكت قبلة وجدة فاعتصم بها وأوفد وزيره الفقيه عبدون على السعيد بالطاعة والاعتذار عن تخلفه، فابى السعيد الا حضوره، فامتنع يغمراسن خشية على
نفسه فقصد السعيد القلعة وأحاط بها ثلاثة أيام وفي الرابع ركب حين القيلولة يبحث عن عورة يأخذ منها القلعة فبصر به فارس من بني عبد الواد كان يحرس القوم، فطعنه وكبه عن فرسه، وكان يغمراسن وابن عمه يعقوب بن جابر قريبين منه، معرفا السعيد وانقض القوم من الشعاب على مواليه. وبلغ النبأ المحلة فتفرقوا ايدي سبا وذلك في صفر سنة 46.
وبادر يغمراسن الى السعيد وهو يجود بنفسه فحياه وفداه واقسم له على البراءة من دمه فلما قضى حمله الى العباد ودفنه وارسل مع حرمه واخته من اوصلهن الى مأمنهن، وانتهى أمر بني عبد المؤمن من تلمسان ثم قضى عليهم بنو مرين بدخولهم مراكش سنة 68.
وكانت مدة هذه الدولة بولاية بجاية من سنة 547 الى سنة 628 وبولاية تلمسان من سنة 539 الى سنة 646 ومدتها منذ مبايعة المهدي بتينملل الى القبض على اسحق ابن اسحق بن يوسف بن عبد المؤمن بتينملل من سنة 515 الى سنة 674.
ثم انقضت تلك السنون وأهلها
…
فكأنها وكأنهم أحلام