الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وموطن سليم فيما بين المدينة وخيبر وتيماء. ومجال هلال في بسائط الطائف إلى جبل غزوان شرقي مكة. وجشم حيث هلال وبقية هوازن. وبنو المنتفق بارض تيماء من نجد. والمعقل بالبحرين.
هذه مواطنهم في الجاهلية. وبعد الاسلام حافظوا عليها مع توسعهم في غيرها.
وفي ولاية عبد الله بن الحبحاب انتقلت طائفة من سليم الى مصر. ثم لحق بهم أحياء من هلال واحلافهم. واشتغلوا بالفلاحة والكسب. فراشوا وكثروا. ودخل إخوانهم بالجزيرة في دعوة القرامطة سنة 316 وحارب الفاطميون القرامطة بالشام. وأنتصر عليهم العزيز بن المعز. فنقل كثيرا من سليم وهلال إلى صعيد مصر.
وأمعن في نقل هلال بحيث لم يبق منهم بنجد الا العاجز عن الحرب ونزل بنو قرة من هلال ببرقة.
كانت هذه القبائل بادية ظواعن. اشرف اعمالهم الغارة واطيب مكاسبهم النهب. لم يتهذبوا بآداب الاسلام. ولم يقدر على اخضماعهم لا الأمويون ولا العباسيون ولا الفاطميون. فأكثروا من الفساد.
وتضرر بهم العباد والبلاد.
هذه صورة موجزة من خبر هذه القبائل قبل دخولها المغرب.
وكان حظ الجزائر منهم بعد نزوحهم اليه قبيلة هلال واحلافها. ولم يدخلها من سليم الا القليل. ولهذا اقتصرنا في عنوان الباب على بني هلال.
2 - نزوح الهلاليين الى افريفية
كان بنو عبيد بمصر يدبرون الثورات بالمغرب كي لا يفقدوا نفوذهم منه. فساء ذلك ملوك صنهاجة. وخشوا إن قطعوا دعوتهم
ان يوجدوا السبيل على سلطانهم لمنافسيهم من اقربائهم ومشاقيهم من كتامة وغيرها. ولما ولي المعز بن باديس نصر اهل السنة وهم أكثر السكان واضعف الشيعة حتى لا يستطيعوا مقاومته متى قطع دعوة بني عبيد.
وكان وزير بني عبيد المتحكم في دولتهم ابا القاسم الجرجرائي فطمع المعز في استفساده عليهم. ولكن لم ينل معه مراده. وتوفي سنة 438 فخلفه اليازوري. وكان دونه شأنا. فاستخف به المعز وخاطبه بما احفظه. فاظلم الجو بينهما. وأعلن المعز الدعاء لبني العباس سنة 440 وعجز كل من بني عبيد بمصر وشيعتهم بالمغرب عن اعادة الدعوة العبيدية بافريقية. فرأى اليازوري أن يرسل على المعز عرب الصعيد.
فان ظفروا به والا فلها ما بعدها.
وفي سنة 41 أذن اليازوري لعرب الصعيد باجازة النيل. ورغبهم في أرض المغرب. وأعان من اجابه منهم ببعير ودينار. واقطع زغبة طرابلس وقابس، ورياحا القيروان وباجة، ودريدا قسنطينة. وكتب الى المعز:"قد انفذنا اليكم خيولا فحولا وارسلنا عليها رجالا كهولا ليقضي الله أمرا كان مفعولا".
نزل رعيل العرب برقة. وأعجبتهم أرضها. فكتبوا الى اخوانهم بالصعيد يرغبونهم في اللحاق بهم. ولكن حكومة بني عبيد لم تأذن لهم هذه المرة أجازة النيل الا باداء دينارين لكل شخص، فأحذ القادرون على الاداء في الرحيل حتى ضاقت بهم برقة. فبقي بنو سليم، وتقدم بنو هلال الى افريقية.
كان كل من بني عبيد وصنهاجة يجهلون نتيجة هذه الحملة.
فاستكثر المعز من شراء العبيد حتى اجتمع له منهم ثلاثون الفا.
وتقدمت رياح سنة 43 لامتلاك اقطاعها. فاحسن المعز إلى أميرهم
مؤنس بن يحي واصهر اليه واسكنه ببعض قصوره بالقيروان.
فحسنت معه نية مؤنس وعاد تشاؤم المعز بمقدمهم تفاؤلا. ففكر في اتخاذ جند منهم يتقوى بهم على بني عمه الحماديين. وعرفه مؤنس عواقب دخول العرب مملكتهم. وحذره فسادهم. فأبى الا استقدامهم. فذهب اليهم مؤنس بدعوى المعز. فقدموا ولكن بدعوى المستنصر الفاطمي واخذوا يعيثون في الارض فسادا.
ساءت نيه المعز مع مؤنس واتهمه باغراء العرب على الفساد.
فقبض على أخيه واهله بالقيروان. فورم أنف مؤنس لفعلته، وجمع العرب ووضع بين أيديهم زربيه قائلا: هل يستطيع احد ان يبلغ وسطها دون أن يطأ حواشيها؟ قالوا لا. قال كذك القيروان لا نملكها الا اذا ملكنا ضواحيها.
استعد المعز لحرب العرب فجمع عبيده وقومه وبقايا عرب الفتح. واستمد ابن عمه الحمادي فأمده بالف فارس. واستنفر زناتة. فأتاه منهم ألف فارس، ولحق برياح زغبة وعدي. وكانت جموع المعز اضعافهم. ولكن قد قيل قديما:"للكثرة الرعب وللقلة النصر".
تزاحف الجمعان، فانخزل عرب الفتح الى اخوانهم الهلاليين،
وخانت زناتة وصنهاجة الحمادية، فترك المعز معسكره للعرب، وفر الى القيروان، واستولى العرب على افريقية ومدنها مثل ابة والاربس وباجة. وخشي المعز على نفسه بالقيروان. فلحق في خفارة بعض أمراء العرب بالمهدية سنة 49 وذاق وبال سوء ظنه بمؤنس واغتراره بقوته. وتلاحق الى الهلاليين اخوانهم بالصعيد ونجد. ودامت حركة الهجرة نحو نصف قرن. وموجتها في اتجاه نحو الغرب.