الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن ملك الاتراك الجزائر. فعادت بين الدولتين المحتضرتين مخاطبات في الاتحاد على الاتراك لم تأت بثمرة.
والاخبار التي قصصناها تدل على أن عظمة زناتة اضرت بالحفصيين وعظمة الحفصيين أضرت بزناتة وان قوتيهما لم تجتمعا في عصر واحد.
ولعل السر في ذلك أن افريقية الشمالية لا تحتمل اكثر من دولة واحدة، ولا تصلح الا بادارة قوية متحدة مثل الادارة المؤمنية.
6 - سقوط الدولة الحفصية
عرفت الدولة الحفصية في حياتها دور الصعود والعظمة الى خلع الواثق. ثم دور الاضطراب والفتن الى خلافة أحمد الاول. ثم دور الانتعاش الى موت ابي عمر عثمان. ثم دور الاحتضار الى قبض الاتراك على محمد السادس. ومن غرائب الاتفاق ان الدولة العثمانية التي حلت محل الحفصيين انتهت ايضا بخلع محمد السادس وحيد الدين.
وليس لخلفاء هذا الدور الاخير كبير نفوذ بالجزائر. وكان من امرائهم بقسنطينة عبد العزيز. وعلى عهده احتلت اسبانيا بجاية ودلس والجزائر سنة 915 (1510 م) من غير مقاومة حفصية. وانتقل عبد العزيز الى قلعة بني عباس لمضايقة بجاية. وبها توفي سنة 966 وهي قلعة حصينة جنوبها سهل مجانة الغني وتهيمن على الطرق الرابطة بين بجاية وقسنطينة والجزائر. وقلعة بني حماد بعيدة عنها الى الجنوب الشرقي من برج بوعريريج. وهي في الشمال الغربي منه. وقد غلط صاحب تحفة الزائر. فظنها اياها. وفي سنة 919 ملكت اسبانيا جيجل.
والامير الحفصي يومئذ بقسنطينة ابو بكر. وفي سنة 41 تنازل الحسن لها عن بونة. فتم خروج الجزائر من ايدي الحفصيين، ومدتهم بها
ما بين سنتي 628 - 941 ثلاث عشرة وثلاثمائة سنة. ومدتهم بتونس ما بين سنتي 627 - 981 اربع وخمسون وثلاثمائة.
وعلة سقوط دولتهم امتناع بداة العرب والبربر من الجباية، وقلة اهتمام الخلفاء بالدولة، وانقطاعهم الى لذاتهم الشخصية، ووقوعهم بين دولتين عظيمتين هما اسبانيا غربا والعثمانيون شرقا.
ورائد العثمانيين الى المغرب هو بربروس، كان معنيا بغزو مراكب النصارى البحرية ومدائنهم الساحلية، واعجبه موقع تونس، فاستمال صاحبها محمد بن الحسن بالهدايا ومنحه خمس الغنائم، ونزل عليه. ولحق به أخوه خير الدين، وكثرت أمواله وجنوده فهاجم بجاية وبقية السواحل التي ملكتها اسبانيا، وسر به الحفصيون والامة، فوصل يده بابي بكر وعبد العزيز أميري قسنطينة والقلعة واستدعته كتامة لاسترجاع جيجل، فملكها سنة 20 واتخذها مركز حركته ثم ملك الجزائر سنة 22 وبعث بفتحها الى السلطان سليم العثماني، فولاه بها، وكان ذلك أول قدم للدولة العثمانية بالجزائر، واغضب صنيع بربروس الحفصيين، فوصلوا ايديهم بملوك تلمسان واستمالوا أحمد بن القاضي أعظم زعماء البربر يومئذ، ولم تفدهم هذه السياسة غير التشويش على الاتراك وتعطيل هجومهم على تونس.
وهنا نلخص عن القيرواني والدمشقي ما بين حياة الخلفاء المتأخرين وموقفهم بين الاتراك والاسبان قال القيرواني ما ملخصه:
" لما ولي يحي بن محمد المسعود جاءته بيعة بلد العناب وقابس وصفاقس، ودانت له البلاد، وخرج أكثرها عن محمد بن اخيه، وملك الاتراك الجزائر واضطربت على ابنه الحسن البلاد، وخرجت عنه سوسة والقيروان، وملك الاتراك قسنطينة ودخلوا عليه تونس سنة 935 فاحتمى بملك اسبانيا، فأخرجهم عنه سنة 41 واستقدمت
بطانة ابنه أحمد علي باشا الجزائر، فملك تونس سنة 77 واستنجد أحمد اسبانيا، فاشترطت عليه شروطا اباها. وقبلها أخوه محمد، فأدخلوه تونس وفر عنها الأتراك ثانية الى أن قدم الوزير سنان باشا من الأستانة في ربيع الأول سنة 81 واجتمع اليه الاتراك والعرب والبربر من الجزائر وتونس وطرابلس، ففتح برج الاسبان بحلق الوادي سادس جمادى الأولى ثم قلعة البستيون المتحكمة في تونس في الخامس والعشرين منه " اهـ.
وقال الدمشقي في أخبار الدول ما خلاصته: "كان محمد بن الحسن مشتغلا باللهو والخمر مهملا لأمور الملك، وترك خمسة واربعين ذكرا، خلفه منهم الحسن فقتل أخوته لم ينج منهم الا الرشيد وعبد المؤمن لغيبتهما، واشتغل بالخمور والفجور وجمع حوله أكثر من أربعمائة أمرد، فمالت عنه الأمة الى الرشيد.
" ولجأ الرشيد الى خير الدين صاحب الجزائر. واستعان به على حرب أخيه. فشكاه الحسن الى سلطانه سليمان. فاستقدمه، وأمره باستصحاب الرشيد ليمسكه عنده. ولكن خير الدين لما وفد عليه زين له امتلاك تونس ليتمكن من التحكم في البحر، وعرفه سخط الامة على الحسن. فاذن له.
" وجاء خير الدين تونس. فكاد أهلها بانه آتى بالرشيد. فملك المدينة. وفر الحسن الى اخواله من العرب. ثم شعروا بالمكيدة.
فأغار الحسن على تونس من غير طائل. ثم لحق بملك اسبانيا مستنجدا. فاستقبحت الامة فعل الحسن. واخلصت لخير الدين.
ولكن قوة اسبانيا كانت فوق الطوق. فانهزم خير الدين بعد حروب.
ودخل ملك اسبانيا والحسن تونس حوالي سنة 40 ثم عاد الملك بنفائس الذخائر. وكثر عدد الاسبان بتونس، وابتنوا مدينة مسورة، وتضرر بهم عامة المسلمين.
"وثارت القيروان على الحسن. فخرج لاخمادها. فقدم الناس بعده ولده حميدة (أحمد) ولحق هو باسبانيا. واتى منها بعمارة حاصرت تونس. وبعد حروب انتصر حميدة. وأسر اباه. ثم تغيرت سيرته. فمد عينه الى الحريم، وجمع حوله أكثر من ثلاثمائة بنت، فنكرته الامة، وانتظرت خروجه لقتال العرب فاستقدمت علي باشا الجزائر. فاستولى على تونس في شوال سنة 78 (في غيره 77 (.
" واستنجد حميدة اسبانيا. فأنجدته. وفتحت تونس، لكنها ولت مكانه أخاه محمدا صورة من غير مال ولا رجال. والامر كله للاسبان، وعاود الاتراك غزو تونس، فنزلوا عليها في ربيع الاول سنة 82 (في غيره 81) وبعد حروب شداد استولوا على تونس، وأسروا قائدها الاسباني وبعثوا بالسلطان محمد الى الاستانة فانتهى به أمر الحفصيين " اهـ.