الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انتهى الى وهران. فتردى في ليلة مظلمة. وألفي صباحا بجانب البحر ميتا. فاحتز رأسه وحمل الى تينملل. فعلق على شجرة وكان ترديه ليلة السابع والعشرين من رمضان سنة 39.
وكان تاشفين قد عهد الى ابنه ابراهيم. فلما بلع نعيه مراكش وبويع ابراهيم نازعه عمه اسحق بن علي. وكانا صغيرين غير شاعرين بحراجة الحال. فاستمر الخلاف بينهما الى أن دخل الموحدون مراكش في شوال سنة 541 فقتلوهما وغيرهما من المرابطين وكان الحادث جللا.
6 - سقوط دولة المرابطين
ظهر أيام علي بن يوسف بجبال المصامدة محمد بن تومرت.
وأعلن حربه على المرابطين. ثم توفي. فخلعه عبد المؤمن بن علي.
واستولى على جهات من المغرب الاقصى قوي بها جمعه.
وفي سنة 534 خرج عبد المؤمن من تينملل عازما على استئصال دولة المرابطين وسلك طريق الجبال المانعة حيث الارزاق الواسعة.
لا يخشى فيها مكروها ولا يعدم حطبا ولا ماء. وخرج تاشفين بن علي من مراكش محاذيا له في البسائط معرضا لكل خطر من هجوم وبرد ووحل وغير ذلك. يسير بسير عبد المؤمن ويقف بوقوفه ويدافع هجومه. فسئم الناس من خطته وأخذوا يتسللون لعبد المؤمن حيث لا يعدمون مرافق الحياة، وتنازعت مسوفة مع لمتونة. فانضم كثير من قوادها وعظمائها الى عبد المؤمن.
تقدم عبد المؤمن نحو المشرق بعد وفاة علي بن يوسيف وبث السرايا في عمل تلمسان. فخضعت له مديونة، ونزع اليه بنو ومانو،
فوفد منهم عليه وهو بالريف زيري بن ماخوخ، وقلة بنو مكود في عودة، ثم وفد عليه أبو بكر بن ماخوخ ويوسف بن يدر من امرائهم، فسرح معهم عسكرا مع يوسف ابن وانو دين وابن يغمور فاثخنوا في بلاد بني يلومي وبني عبد الواد، فاستصرخوا تاشفين بن علي، فأمدهم بالعساكر معها الربرتير قائد الروم، ونزلوا منداس، واجتمع اليهم بنو ورسيفان وبنو توجين وبنو ينكاسن من مرين، فكانت لهم الكرة، واستنقذوا أموالهم، وقتلوا أبا بكر بن ماخوخ في ستمائة من قومه، وتحصن الموحدون وفل ومانو بجبل سيرات، ولحق تاشفين بن ماخوخ بعبد المؤمن صريخا فارتحل معه الى تلمسان، ثم سيرات، واوقع بجنود لمتونة وزناتة.
سبق تاشفين بن علي عبد المؤمن الى تلمسان، فضبطها وعسكر بسطفسيف وهو نهر يمر بتلمسان به غلات أهلها، ونزل عبد المؤمن بمديونة، وأغارت سراياه على بني يستيتن وبني سنوس وبني وردروسن وبني ستلتن، وبعث تاشفين بن علي قائده الربرتين لاعتراض غنائم السرايا. فقتل ولم ينج من عسكره الا ثلاثة من الروم وثلاثة من بني وانار وذلك عام 39 ثم نزل عبد المؤمن بين الصخرتين وهو جبل مطل على تلمسان من قبليها. فبنى به لجنوده حصنا. وأقام يقاتل تاشفين من هناك مدة شهرين.
بعث تاشفين الى الجهات مستمدا فوافته العساكر من الجهات منها عسكر بجاية. فاوقع بهم الموحدون وفرقوهم شذر مذر. واعترض تاشفين بن ماخوخ فل بجاية في قفولهم فنال منهم أعظم النيل. ولم يبق لتاشفين بن علي أمل في الانتصار فغادر تلمسان في شعبان إلى وهران.
وارسل الى قائد اسطوله بالاندلس محمد بن ميمون. فأتاه بعشرة أساطيل. وارسى قريبا من معسكره.
ترك عبد المؤمن جيشا لحصار تلمسان. وخرج اثر تاشفين وامامه ابو حفص عمر بن يحيى في ثمانين ساقة من الموحدين وبني ومانو.
وقصد بلاد بني يلومي وغيرهم. فكانت بينهم معركة منداس.
انتهت بخضوع زناتة. فلحق ابو حفص بوهران ونزل ازاء معسكر المرابطين.
ووصف صاحب الحلل الموشية معركة منداس هذه بما ملخصه:
"قال ابن اليسع حدثني غير واحد من الموحدين قالوا لما نزلنا من جبل تلمسان نريد بلاد زناتة اتبعنا المرابطون. فنزلنا بسيطا.
وأدرنا به أربعة صفوف من الرجال بيد الصف الاول القنا الطوال.
وبيد الثاني وهو خلف الاول الحراب والدروق. وبيد الثالث مخالي الحجارة. والصف الرابع من الرماة. والخيل وسط الدائرة. قد ترك لها فرج بالصفوف للكر والفر. فإذا هجمت خيل المرابطين رماها الصفوف بسلاحهم. واذا أدبرت خرج أثرها خيل الموحدين فتصيب منهم فاذا كر عليها المرابطون رجعت الى دائرتها. وعرف هذا اليوم بيوم منداس. فقد فيه من جيوش المرابطين ما لا يحصى. وظهر فيه أمر عبد المؤمن وكثر جمعه " اهـ.
ولما انتقلت الحرب الى وهران فشل كثير من قواد المرابطين فتفرقوا. ورأى تاشفين بن علي أنه أحيط به. وكان قد بنى حصنا على شاطئ البحر. فترك بوهران خيامه وجنوده. وصار الى الحصن ليقترب من أسطوله فينجو فيه الى الاندلس عسى أن يحفظ هناك دولته من السقوط كما فعل قبله بنو أمية. ولكن الموحدين لم يمهلوه. فحالوا بينه وبين أساطيله واحدقوا بالحصن وأضرموا حوله النيران كي لا يخفى عليهم شأنه. وفي ليلة السابع والعشرين من رمضان- وكانت ممطرة مظلمة- خرج كي يضرب في جيش الموحدين
ويوجد الفرصة لخرق الحصار واللحاق باسطوله. فتردى به فرسه وهلك. ففر كثير من المرابطين الى تلمسان وغيرها. واستعد بعضهم للحصار بوهران، فجهدهم العطش. ونزلوا يوم عيد الفطر على حكم عبد المؤمن، فحكم بقتلهم، لم ينج منهم الا واحد.
وبعد فتح وهران توجه عبد المؤمن نحو تلمسان، فدخل اقادير، وعفا عن أهلها ودخل تاقرارت حيث المرابطون عنوة، فقتل رجالها وغنم أموالها. وذكر ابن اليسع ان عدد القتلى بها بلغ مائة الف أو أزيد، وبعد سبعة أشهر من فتح تلمسان عاد عبد المؤمن الى المغرب الاقصى. فقطع منه دعوة المرابطين بفتحه مراكش سنة 41.
وهكذا انتصر عبد المؤمن بما مهد له ابن تومرت قبل من نشر رسائل الطعن في المرابطين حتى سقطت هيبتهم ثم باحكامه خطته الحربية حيث سار بالجبال الكفيلة بحاجيات الجيش الممتنعة على العدو.
وملك بذلك زمام الحرب. فصار يقاتل متى أراد القتال ويستريح متى شاء. وطاول المرابطين في هذه الحرب سبع سنوات حتى سئم جيشهم وقلق الناس مما يكون عادة لازما للحرب من اشتداد الازمات وارتفاع الاسعار.
وقد كانت دولة المرابطين يومئذ في منتهى عظمتها وريعان شبابها. فما كانت لتسقط بهذه السرعة لولا قوة العلة التي نزلت بها وكان عنصرا علتها ابن تومرت وعبد المؤمن. وما من حركة يكون عنصراها مثل هذين الرجلين الا كان الفوز حليفها. ولكي تطمئن النفس الى سقوط هذه الدولة من غير تدريج نلخص عللها فيما يلي:
1 -
دهاء ابن تومرت السياسي البارع في طرق نشر الدعوة واسقاط هيبة الحكومة المرابطية.
2 -
احكام عبد المؤمن لخطته الحربية جغرافيا وسياسيا.
3 -
قدم العداوة بين المصامدة والملثمين.
4 -
طبيعة البربر التي تمثل الكلمة الشائعة: "لكل جديد لذة". فنصر من نصر منهم الموحدين لا لسخط على المرابطين ومن نصر من زناتة المرابطين فانما نصروهم منافسة ومخالفة لمن كانوا مع الموحدين منهم.
5 -
حدوث غلاء مقلق.
6 -
اضطراب البلدان لخلوها من الحامية.
7 -
اضطراب مركز القيادة العامة وتناقض أوامرها تكتب بالامر وتعقبه بضده.
8 -
موت علي بن يوسف على حين شباب الفتنة.
9 -
اسلام مسوفة للمتونة في وقت الحاجة والضرورة.
10 -
اضطرار أمير المسلمين تاشفين لقيادة ااجيوش بنفسه وتعرضه للتلف.
11 -
تنازع ابراهيم وعمه اسحق على الامر بعد هلاك تاشفين وكلاهما صغير مضعف. ففقد المرابطون باشفين أميرا قويا على جمع الكلمة.
12 -
تفريط المتنازعين في تحصين عاصمتهم مراكش وشحنها بالاقوات. فبعد قليل من حصار الموحدين لها اضطر أهلها الى أكل الجيف والدواب. وكان معهم جيش من الروم لم يصبروا على هذه الازمة. ففتحوا للموحدين أحد أبواب المدينة. وكأنما فتحوا للمرابطين ودولتهم قبورهم.
وهكذا تفقد الامم استقلالها متى فقدت من بنيها كفؤا لجمع كلمتها ووجد من بينها خونة لا يهمهم مستقبلها ولا ينظرون لأبعد من خيال مصلحتهم الخاصة.
وكان تأسيس دولة المرابطين بالصحراء على يد عبد الله بن يس سنة 434 وثبتت قدمها بالمغرب بتأسيس مراكش سنة 454 واستقر أمرها بالجزائر منذ تأسيس تاقرارت (تلمسان الجديدة) سنة 474.
وانتهت في الجزائر بموت تاشفين سنة 539 وبالمغرب بفتح مراكش سنة 41 ولم يحفظوا دولتهم بالصحراء لتفرق عشائرهم في الممالك الشمالية بالمغرب والاندلس. وكانت مدتهم بالجزائر خمسا وستين سنة. وكل جديد فالى بلى.
لدوا للموت وابنوا للخراب
…
فكلكموا يصير الى ذهاب
نقود المرابطين
12 -
نقود يوسف بن تاشفين ضرب هذا الدينار بسجلماسة سنة 480.
13 -
نقود علي بن يوسف بن تاشفين ضرب هذا الدينار بتلمسان سنة 534.
14 -
نقود تاشفين بن علي ضرب هذا الدينار بمراكش سنة 538.
15 -
نقود اسحق بن علي ضرب هذا الدينار بقرطبة سنة541.
(ش 36) منظر عام لجامع سيدي ابو مروان
الرسام بربروغر
(ش 37) مخطط- جامع قلعة بني حماد.
(ش 38) مخطط غرفة الصلاة للجامع الكبير في قسنطينة
(ش 39) فناء جامع سيدي أبو مروان الرسام لوسور ووايلد
(ش 40) فناء جامع سيدي أبو مروان الرسام بربروغر