الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طبنة ثلاثين حملا من المال وثمانين تختا من الثياب وعشرة بنود مذهبة ومراكب بالسروج المحلاة، وان صندل عامل باغاية ارسل سنة 408 الى مولاه المعز بن باديس هدية فيها 335 برذونا بالسروج المحلاة وعبيد وشيء مستكثر. وهذا غيض من فيض اخذناه من اواخر الدور العربي ليعلم كيف ترك العرب هذا الوطن.
11 - الحالة العلمية والدينية
الحكومات في حاجة الى كتاب لتسجيل الاوامر والاحكام وضبظ المالية. قال ابن السيد في الاقتضاب: "واصناف الكتاب على ما ذكره ابن مقلة خمسة: كاتب خط وكاتب لفظ وكاتب عقد وكاتب حكم وكاتب تدبير. فكاتب الخط هو الوراق والمحرر.
وكاتب اللفط هو المترسل. وكاتب العقد هو كاتب الحساب الذي يكتب للعامل. وكاتب الحكم هو الذي يكتب للقاضي ونحوه ممن يتولى النظر في الاحكام وكاتب التدبير هو كاتب السلطان او كاتب وزير دولته " اهـ.
وقد أفاض في بيان آلاتهم وآدابهم. وذكر اصطلاح الخط يومئذ فقال ما ملخصه: "يحتاج كاتب الخط الى جودة التقدير والعلم بمواقع الفصول فيكون ما يعزله من البياض عن يمين الكتاب وشماله وأعلاه وأسفله على نسب معتدلة، وتباعد ما بين السطور على نسبة واحدة الى أن يأتي فصل فيزاد في ذلك وسعة الفصول على مقدار تناسب الكلام فان كان القول المسأنف مشاكلا للقول الاول أو متعلقا بمعنى منه جعل الفصل صغيرا، وان كان مباينا له بالكلية جعل الفصل اكبر من ذلك " اهـ.
كان كتاب الحكومات علماء ادباء، وكثير من أمراء الاغالبة
والادارسة وبني عبيد وعمالهم علماء ادباء. وعواصمهم كانت قبلة آمال أهل العلم وكعبة طلابه. قربوا اليهم العلماء والشعراء. وانشأوا بيوت الحكمة وهي دور الكتب. وأقاموا بها الوراقين يؤدون وظيفة الطباعة اليوم. واقبل الناس رجالا ونساء على العلوم والآداب لتنشيط الحكومات على ذلك. وظهر فحول الفقهاء ونوابغ الادباء وحكماء الاطباء والمؤرخون والاخباريون والجغرافيون. وظهرت المؤلفات في العلوم الدينية واللسانية والطبيعية والصناعية والفلاحية.
ذكر المقري أن ابراهيم بن أحمد الشيباني البغدادي المتوفي بالقيروان سنة 298 كتب للاغالبة. وكان أيام زيادة الله على بيت الحكمة. وادخل في افريقية رسائل المحدثين واشعارهم وطرائف أخبارهم. وله تآليف.
ومحمد بن يوسف من أهل القرن الرابع ينقل عنه البكري كثيرا. ذكر المقري أيضا انه ألف ديوانا ضخما في مسالك افريفية وممالكها وكتبا جمة في أخبار ملوكها وحروبهم والقائمين عليهم.
وألف تآليف حسانا في أخبار تيهرت ووهران وغيرهما.
وذكر ابن أبي اصيبعة أن اسحق بن عمران البغدادي كان طبيب زيادة الله بن الاغلب. وبه ظهر الطب والفلسفة بالمغرب، وله تآليف كثيرة. وعنه أخذ اسحق بن سليمان المصري الاسرائيلي.
وكان طبيب عبيد الله المهدي وله تآليف جمة. وأخذ عنه ابن الجزار صاحب التآليفه العديدة الذي ترك خمسة وعشرين قنطارا من كتب الطب وغيره.
وحياة الجزائر العلمية المتأثرة بما فيها وما حولها من العواصم يومئذ في حاجة الى تأليفه مستقل. ولم توف حتى اليوم حقها.
وكان الناس لانتشار العلم سلفيين اعتقادا وعملا لا يتقيدون بمذهب من المذاهب، قال محمد بن الحارث في طبقات علماء افريقية:
"كان يحي بن عمر الاندلسي يسأل عن الشيء فيجيب عنه، ثم يسأل عن ذلك عينه بعد زمن فلا يختلف جوابه، وكان غيره يختلف قوله، وهذا من يحي يدل على ركود النظر وقلة الاجالة للفكر والاقتصار على المقال المحفوظ" اهـ.
وقال ان سعيد بن محمد الحداد من أصحاب سحنون "كان مذهبه النظر والقياس والاجتهاد لا يتحلى بتقليد أحد من العلماء، ويقول انما أدخل كثيرا من الناس الى التقليد نقص العقول ودنا الهمم، وكان يقول القول بلا علة تعبد، والتعبد لا يكون الا من المعبود".
واصل هذا القول عندي آية {اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله".
وقد عرف أهل المغرب أولا مذهب ابي حنيفة، ثم ظهر مذهب مالك في القيروان والاندلس، ودخل الجزائر من هاتين الجهتين، وحمل عليه الناس المعز بن باديس، وقطع ما سواه من مذاهب السنية وغيرهم، هذا في الفروع أما في الاعتقادات فلم يزالوا سلفيين يرضون عن جميع الصحابة كما قال سعيد بن المسيب. وقد قيل له ما تقول في عثمان وطلحة والزبير: "أقول ما قولنيه الله عز وجل: {ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا} .
وكان الناس يقرأون بقراءة حمزة لا يعرف قراءة نافع الا الخواص الى ان جاءمم برواية ورش عن نافع محمد بن محمد بن خيرون الاندلسي نزيل القيروان المتوفي سنة 356.
هذا خبر أهل السنة وهم أكثرية المغربيين، ويوجد بينهم الواصلية والخوارج والشيعة، أتى بمذهب الواصلية طائفة منهم زيد بن سنان الزناتي من أهل القرن الثاني. وكان منهم طوائف بنواحي تيهرت ومزاب والزاب.
والخوارج منهم الصفرية بنواحي وهران وتلمسان وتيلغمت فيما بين الاغواط ومزاب، ومنهم الاباضية بممكلة تيهرت، وبقوا بعد سقوط بني رستم بمزاب وورقلة ووادي ريغ والحضنة وجبل أوراس والزاب والجريد.
والشيعة منهم الزيدية بالمملكة الادريسية والاسماعيلية بالمملكة العبيدية.
وقضى على هذه المذاهب المعز بن باديس فغلب المذهب المالكي.
وانحصر المذهب الاباضي بالصحراء في أرض مزاب وورقلة.
وكان انقسام البربر على تلك المذاهب لما بين قبائلهم من منافسات وعداء، فتلك المذاهب فيهم نتيجة السياسة لا ربيبة العلم، ومع ذلك فلا بد ان يبقي المذهب أثرا في اتباعه وان استبدلوا به غيره، لان العامي ليس معه من العلم ما يفرق به بين المذهبين، فتجتمع لديه المتناقضات من حيث لا يشعر، ولو تجرد عالم مفكر لدرس وسطنا مثلا من حيث المعتقدات لالفى بين جنبي الواحد عقائد مختلفة كان أهلها يتقاتلون من أجلها ثم هو لا تحارب أجزاؤه بعضها بعضا! وقد استغل جهل العامة بحقيقة ما تدين بها كثير من الناس في أوقات مختلفة يتظاهرون لها بمذهبها قولا ويصرفونها عنه فعلا.
وكان منهم من ادعى النبوءة فلم يعدم انصارا. ففي سنة 237 قام رجل مؤذن بناحية تلمسان. وادعى النبوءة. وتأول القرآن على غير وجهه. ونهى عن قص الشعر وتقليم الاظفار. ويقول لا تبديل لخلق الله. كأن ازالة تلك تبديل للخلقة! فاتبعته العامة. وطلبه أمير تلمسمان. ففر الى الاندلس. وشاع خبره هنالك ايضا. فقتله الامير بعد الاستتابة.
وليست غاية هؤلاء المتنبئين الا نيل سيادة دينية. ولم يحمل الناس على اتباعهم الا الجهل بدينهم لا كما ظن بعض كتاب عصرنا