الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالخير. واذا وعظتموهم فأوجزوا فان كثير الكلام ينسي بعضه بعضا. واصلحوا أنفسكم يصلح لكم الناس. وصلوا الصلوات في أوقاتها باتمام ركوعها وسجودها والتخشع فيها. واذا قدم عليكم رسل الاعداء فاكرموهم، وأقللوا لبثهم حتى يخرجوا من عسكركم وهم جاهلون به. وأكثروا حرسكم، وبددرهم في عسكركم، وأكثروا مفاجأتهم بمحارسهم بغير علم تهم بكم، فمن وجدتموه غفل عن محرسه فأحسنوا ادبه وعاقبوه. وستجدون أقواما حبسوا أنة سهم في الصوامع فدعوهم وما حبسوا أنفسهم له".
ولما احتضر دعا بعض الصحابة منهم عثمان وطلحة وعبد الرحمن ابن عوف. وأعلمهم برأيه في استخلاف عمر. فاستحسنوه. ودعا عثمان ليكتب العهد. وأملى عليه: "بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما عهد به أبو بكر خليفة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند آخر عهده بالدنيا وأول عهده بالآخرة، في الحال التي يؤمن فيها الكافر ويوقن فيها الفاجر: اني استعملت عليكم عمر بن الخطاب. ولم آل لكم خيرا. فان صبر وعدل فذلك علمي به ورأيي فيه، وان جار وبذل فلا علم لي بالغيب، والخير أردت، ولكل امرىء ما اكتسب. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".
نكتفي بهذه النتف من كلام أبي بكر عن بقية خطبه وخطب بقية الخلفاء وعظماء القواد، اذ لا يتسع المقام لذلك ولا لتتبع سيرهم وأعمالهم ولا لشرح فضل الاسلام في نهضة العرب وعظمتهم وتكوين مدنية اساسها العقل الصحيح وأثرها سعادة البشر عامة.
4 - العرب في افريقية
في عصر عمر بن الخطاب رضي الله عنه فتح العرب الشام ومصر وطرابلس. وفي عصر عثمان (ض) دخلوا افريقية.
في سنة (27هـ-647م) صدر الامر من الخليقة لوالي مصر عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري بالهجوم على افريقية. فقدمها بعشرين ألفا. وكان في جيشه من وجوه الصحابة أهل الشجاعة والدهاء مثل عبد الله بن الزبير وعبد الله بن جعفر وعبد الله بن عباس وعقبة بن نافع. فخرج اليهم جرجير صاحب سبيطلة بمائة وعشرين الفا من الروم والبربر. والتقى الجمعان على مسافة يوم وليلة من سبيطلة. فاستعر القتال بين الفريقين. وانتهت المعركة بقتل جرجير وانهزام جيشه.
وبعد هذا الانتصار المشجع المرعب دخل العرب سبيطلة، وانتشروا في البسائط والسهول، يشنون الغارات على الروم والبربر. وبلغوا في غاراتهم قفصة، وفتحوا قصر الاجم صلحا.
وبعد سنة وثلاثة أشهر أقامها الجيش العربي بافريقية طلب أهلها الصلح، وتحملوا لعبد الله بن أبي سرح بمال عظيم قبل انجلاء العرب عنهم. فقبل المال. وعاد الى مصر يحمل غنائم جليلة.
بلغ هرقل امبراطور القسطنطينية خبر انهزام الروم والبربر، وما تحملوه من المال لابن أبي سرح. فغضب عليهم، ونقم منهم تسليم ذلك المال للعرب. فامرهم أن يؤدوا له من المال مثل ما أدوه للعرب. ووجه بطريقا لتنفيذ هذا الامر. فلما نزل البطريق بقرطاجنة وأعلمهم أمر الامبراطور حنقوا عليه وقالوا: الواجب في هذه الحال اعانتنا لا تغريمنا. وأصر البطريق على تنفيذ أمر الامبراطور. فأفضى الجدال الى القتال، وانتصر البطريق عليهم. وخلع ملكهم الذي نصبوه مكان جرجير. فذهب الى الشام مستنصرا بالعرب.
قضى البربر والروم ثمانية عشرة سنة بعد انجلاء العرب عنهم في الفوضى. وشغل العرب عن العود الى غزوهم بما كان من شأن
الثورة على سياسة عثمان (ض) ثم قتله الذي نشأت عنه حروب علي (ض) مع عائشة (ض) ثم معاوية (ض).
افضت الخلافة الى معاوية بن أبي سفيان (ض) فطلب منه ملك افريقية المخلوع ان يعينه على استرجاع منصبه. فوجه معه جيشا عربيا بقيادة معاوية بن حديج السكوني الكندي الصحابي " ولما بلغوا الاسكندرية توفي الملك المخلوع، ومضى الجيش لطيته.
كان مجيء معاوية سنة (45هـ - 665م) في عشرة آلاف، فيها من عظماء العرب أمثال عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الملك بن مروان. وخرج البطريق لملاقاتهم في ثلاثين ألفا. فانهزم عند قصر الاجم. وفتحت سوسة وبنزرت وجربة، وغزيت صقلية. واتخذ معاوبة آبارا للجيش بمكان القيروان.
وفي سنة (46 أو 47هـ) استقدم الخليفة معاوية بن حديج، وولاه على مصر وافريقية. ثم انتزع منه افريقية. ثم عزله عن ولاية مصر سنة (50).
وبعد معاوية ارسل الخليفة الى افريقية عقبة بن نافع الفهري. قيل سنة (46) وقيل سنة (50) وفي كتب الافرنج: انه جاء سنة (668 م) غازيا ثم سمي واليا عليها سنة (669 م). ولعل هذه الرواية تقرب الجمع بين روايتي مؤرخي العرب، فيكون مجيئه سنة (46) أو بعدها بقليل بصفة أمير جيش، وفي سنة (50) الموافقة لسنة (669 م) سمي واليا.
اشتغل عقبة باخضاع البربر والروم لولايته، وتثبيت قدم العرب بافريقية. فأسس مدينة القيروان سنة (50)(670م) بمواد من الخرابات الرومانية. ثم عزله معاوية. وولى على مصر وافريقية معا مسلمة بن مخلد.