الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - حكومة المرابطين
الدولة المرابطية مستقلة استقلالا تاما. ولكن حكومتها وهي أقوى نفوذا من خلفاء بني العباس كانت تعترف بسيادتهم. فتذكر اسماءهم في سكتها وخطبها. واستفادت من ذلك قوة أدبية لان الناس يومئذ لا يسلمون دعوى الخلافة لغير العرب.
والحكومة المرابطية مقيدة بالكتاب والسنة لا يمضي أمراؤها وعمالها أمرا الا باستشارة شيوخ الدين وموافقتهم، ومنذ استولى يوسف بن تاشفين على الاندلس تلقب بأمير المسلمين، وجرى على ذلك خلفه، ولم يتلقبوا بأمير المؤمنين لانه شعار الخلافة التي سلموها لبني العباس، وللامير وزراء في حضرته وعمال على الجهات وقضاة بعاصمته وغيرها.
والقضاء مستقل عن الادارة كل الاستقلال، وكان على مذهب مالك لان المرابطين ما عرفوا الدين الا على يد عبد الله بن يس المالكي ثم ملكوا الاندلس أهم ممالكهم وأهلها أيضا مالكيون ولم تكن المالكية يومئذ عبارة عن جمود محض ووقوف عند أقوال الكاتبين في المذهب. بل هي اتباع لمالك عن بينة وبصيرة وخبرة بكتاب الله وسنة رسوله واقضية السلف.
وكانت عناية الحكومة بحفظ الاندلس من هجمات المسيحيين.
ولم تشغل نفسها بمحاربة جيرانها من الدول الاسلامية بل سالمتهم واحسنت جوارهم. فاتخذت للجهاد وحماية البلاد جيشا من لمتونة ومسوفة وغيرهم من الملثمين. وقد وصفهم البكري وهم في صحرائهم بقوله:
" ولهم في القتال شدة وجلد ليسا لغيرهم. يختارون الموت على الانهزام ولا يحفظ لهم فرار من زحف. يقاتلون على الخيل والنجب.
وأكثر قتالهم رجالة صفوفا، بايدي الصف الاول القنا الطوال للمداعسة والطعان. وما يليه من الصفوف بايدهم المزاريق. يحمل الواحد منهم عدة. يزرقها فلا يكاد يخطيء ولا يشوي. ولهم رجل قدموه أمام الصف بيده الراية. فهم يقفون ما وقفت منتصبة. وان أمالها الى الارض جلسوا جميعا فكانوا أثبت من الهضاب " اهـ.
وفي سنة 64 عزز يوسف جيشه باشتراء جملة من العبيد السودان. بلغوا نحو الفين فاركبهم فرسانا وبعث الى الاندلس في شراء العلوج فانتهى عنده منهم خمسون ومائتا فارس، ثم استعمل ابنه علي جيشا من الروم وأركبهم وقدمهم على جباية المغارم. قال صاحب الحلل الموشية:"وعلي بن يوسف اول من استعمل الروم بالمغرب " اهـ.
وكانت مالية الدولة تجمع من الجبايات الشرعية زكاة وجزية واخماس غنائم قال ابن ابي زرع: "ولم يجر في عمل المرابطين طول أيامهم رسم مكس ولا معونة ولا خراج لا في بادية ولا في حاضرة " اهـ. وقال ايضا: "جبى يوسف بن تاشفين من المال على وجهه ما لم يجبه أحد قبله. فيقال انهم وجدوا في بيت المال بعد وفاته ثلاثة عشر ألف ربع من الورق وخمسة آلاف واربعين ربعا من دنانير الذهب المطبوعة " اهـ.
وهذا شاهد بثروة الامة واقتصاد الامراء، وقد اتفقت كلمة المؤرخين على وصف حكومة المرابطين بالعدل وإقامة الأمن، قال ابن ابي زرع:
"وكانت أيامهم ايام دعة ورفاهية ورخاء متصل وعافية وأمن، بيع القمح ايامهم اربعة اوسق بنصف مثقال، والثمار ثمانية اوسق بنصف مثقال، والقطاني لا تباع ولا تشترى، كان ذلك مصطحبا