الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - الثوار من بني زيان
كان ملوك بني زيان أولي حزم وضبط متى رأوا بأحد من اقربائهم مخايل المزاحمة في الدولة أشخصوه الى الاندلس ليشتغل بالجهاد ويستريحوا من فتنته.
وفي سنة 714 نزل ابو حمو الاول بوادي تهل موافقا لمغراوة.
وترك ابنه ابا تاشفين على تلمسان وسرح للغارة على بلاد الحفصيين محمد بن يوسف بن يغمراسن قائد مليانة في قواد آخرين منهم موسى ابن على الكردي ومسعود بن ابراهيم بن يغمراسن. فتفرقوا في البلاد. واجتمعوا بظاهر بونة. ثم قفلوا. فتنافسوا، وتنازعوا.
وسبق الكردي الى ابي حمو. فاغراه بابن عمه محمد بن يوسف وبقي مسعود بن ابراهيم محاصرا لبجاية.
ولما بلغ محمد بن يوسف وادي تهل عزله السلطان، فسأله زيارة ابن أخته ابي تاشفين، فأذن له، وكتب الى ابنه بالقبض عليه، فابى، وعاد محمد بن يوسف الى السلطان، فأهانه، فخشي على نفسه وفر الى لمدية، فاعتقله عاملها يوسف بن حسن التوجيني، ولكن قومه اشربوا في قلوبهم الفتنة، فحملوه على بيعته وخرجوا فيمن انضم اليهم من العرب، فهزموا ابا حمو الى تلمسان.
ونزل محمد بن يوسف مليانة. واجتمعت اليه توجين ومغراوة، وعاد اليه ابو حمو واستقدم مسعود ابن عمه ابراهيم من حصار بجاية، فترك محمد بن يوسف بمليانة يوسف بن حسن، ولقي مسعودا بمتيجة. فانهزم الى جبل موصاية وحاصره مسعود به أياما. ثم لحق بابي حمو وهو محاصر مليانة. فدخلها عنوة ثم فتح لمدية. وقفل الى تلمسان. وعاد سنة 17 لتمهيد مغراوة وتوجين، وترك بلمدية
يوسف بن حسن - وقد استقاء على طاعته- مواقفا لمحمد بن يوسف.
وبايع محمد بن يوسف ابا يحي الحفصي. فوعده المظاهرة.
وبايعه بنو تيغرين. فانتقل الى وانشريس. ولحق به سماسرة الفتن من مغراوة وغيرهم. حتى قتل أبو تاشفين اباه. ونهض اليه سنة 719 فمال إليه عمر بن عثمان صاحب وانشريس وانحصر محمد بن يوسف فيمن معه بربوة توكال منه حتى اقتحمها عليه ابو تاشفين وقتله، ولو امتثل أمر ابيه اولا بالقبض عليه ما كانت هذه الثورة.
وفي سنة 761 تكدر جو السياسة بين ابي حمو الثاني وابي سالم المريني وكان بنو عبد الحق قد كفلوا أبا زيان محمد بن عثمان بن ابي تاشفين الاول بعد قتلهم جده واباه، فسرحه أبو سالم لطلب ملكه، فنزل فيمن معه من المعقل وغيرهم على جبل بني يزناسن، وبايعه بنو راشد شرقا. فنهض ابو تاشفين الى بني راشد غرة ربيع الاول، وحصرهم بجبل أوشيلاس من غربس. وخرج اثره الوزير عبد الله ابن مسلم الزردالي الى بني يزناسن فأجلى ابا زيان الى المغرب.
وفي شعبان دخل ابو سالم تلمسان، وغادرها بعد ايام الى مغربه، وترك بها ابا زياد في جند من مغراوة وتوجين، فأخرجهم منها ابو حمو في رمضان. ولحق ابو زيان باولاد عريف، وثبت على بيعته الهداج وسويد وتوجين وبنو راشد وبعض بني عبد الواد، فانتقل اليهم، ولم يمهلهم ابو حمو، فخرج في رمضان الى تسالة ثم منداس ثم السرسو، فاصحر ابو زيان وشيعته في ذي القعدة، ثم عاد الى ارض حصين في ذي الحجة، وابو حمو بشلف، فاجلاه عنها، وعاد الى حضرته فاتح سنة 62 وغرب ابو زيان الى ذوي عبيد الله بانقاد، فطرده الوزير الزردالي الى تاوريرت، وانعقد الصلح بين ابي سالم وابي حمو، فانتهت الفتنة.
وفي سنة 65 اعادت مرين ابا زيان لطلب مكله، فاضرم الممالك الشرقية والغربية فتنة، وكاد يفتح تلمسان وهزم ابا حمو بوادي مينة.
فاعتمد التضريب بين جموعه حتى اختلفت كلمتهم، وراجع طاعته اركان الفتنة عمر بن محمد بن مقن وسعيد بن موسى بن علي الكردي وغيرهما، فنزل ابو زيان بقصر مرادة على ونزمار بن عريف مذكي هذه النيران.
وفي سنة 763 ثار أيضا ابو زيان محمد بن السلطان عثمان الثاني وكان ابو عنان قد استحياه بعد قتل ابيه وعمه الزعيم، وبقي تحت أيدي بني عبد الحق، حتى انفلت منهم. ونزل على خالد بن عامر من شوخ بني عامر، فبايعه. وزحف ابو زيان الى تلمسان، ونزل جبل بني ورنيد، فاجلي في شوال الى رياح، ووفد به يعقوب بن علي على ابرهيم الثاني الحفصي ببجاية، ففر سنة 64 الى ابي الليل شيخ بني يزيد فبايعه. وخرج اليه الوزير الزردالي فاخضعه، ولحق ابو زيان بتونس.
ثم استقدمه سعاة الفتنة من تونس، فأسره أمير قسنطينة أحمد، وملك هذا الامير بجاية سنة 67 فخرج ابو حمو لحربه، فارسل عليه ابا زيان، ومال اليه أكثر جيش ابي حمو، فكانت عليه أشنع هزيمة، وعظمت فتنة ابي زيان بمبايعة أكثر بطون زغبة، وملك الجزائر ولمدية ومليانة. وشغل به ابو حمو اربع سنين كانت أشد عليه من سني يوسف واوقع به ابو زيان على تيطري في شعبان سنة 69 وقيعة استأصلت قوته وكاد هو نفسه يؤسر، وشهد هذه المعركة يحي بن خلدون ووصف انكسارهم وما لقوا في قفولهم من شدائد تفيض لسماعها نفس الجبان واقترب ابو زيان من تلمسان سنتي 68 - 69 ثم ملكها عبد العزيز سنة 72 فاصحر ابو زيان وابو حمو كلاهما.
وعاد ابو حمو الى تلمسان بعد موت عبد العزيز فعاد ابو زيان
الى تيطري فى صفر سنة 75 عادت الحرب جذعة. وكاد اولاد عريف من سويد ذوي نفوذ في العرب والبربر. وبهم تقوى ابو زيان.
وبهم فتح عبد العزيز تلمسان ففي سنة 76 استقاموا لأبي حمو وتعهد لهم بمنح ابن عمه جراية سنوية. فانتهت الفتنة ثم ان ابا حمو أراد الانتقام من اركان هذه الثورة، فعزم على عزل يوسف بن عمر صاحب وانشريس. وكان أبو بكر بن عريف خليلا له، فنبذ طاعة أبي حمو.
واستقدم ابا زيان سنة 777 فاسترضى ابو حمو ابا بكر. وانقبض ابو زيان الى سهل حمزة نازلا على أبي الليل اليزيدي، ثم استقدمته الثعالبة سنة 78 فأجلاه أبو حمو، ولحق بوادي ريغ فنقطة فتوزر فتونس.
وفي سنة 838 ثار على احمد العاقل اخوه ابو يحي، وعجز عن فتح تلمسان ولكنه ملك وهران، فكانت بينه وبين أخيه حروب الى أن غلب على وهران في شعبان سنة 52 فركب البحر الى بجاية فتونس، وبها مات سنة 55.
وفي سنة 838 ثار على أحمد العاقل اخوه ابو يحي، وعجز عن تاشفين الثاني فبايعه أولاد ابي اليل أهل حمزة ثم أهل متيحة ونواحي لمدية، وحاصر الجزائر مدة طويلة حتى فتحها في رجب سنة 42 ثم ملك لمدية ومليانة وتنس، واستقل بهذه الناحية الشرقية، وتلقب المستعين وعظم امره على عم أبيه احمد العاقل، وثقلت وطأته على أهل الجزائر ونواحيها، فقتلوه في جملة من أصحابه ثاني شوال سنة 43 وكان ابنه المتوكل عاملا بتنس، فضبط وطن مغراوة حتى ملك تلمسان سنة 866.
وقد أضربنا عن ذكر ثورات ضعيفة، وقدمنا الثوار الناجحين في فصل الملوك.
(ش 44) جامع الصيد (الجامع الجديد) الجزائر
(ش 45)
(ش 46) منبر الجامع الكبير في الجزائر
(ش 47)