الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - توجين وبنو زيان
موطن توجين شرقي عبد الواد وجنوب مغراوة فيما بين سعيدة ولمدية، وحياتهم بدوية كمغراوة يبلغون في رحلة الشتاء مزاب والزاب الغربي، وبموطنهم جبل وانشريس وسهل منداس ووزينة والسرسو، وبه من القلاع الحصينة تاوغزت وتاقدمت وتافرقينت ولمدية، وغلبهم بطون من زغبة على السهول فانقبضوا أخيرا الى وانشريس.
وجبل وانشريس جبل عظيم شماله نهر شلف وغربه سهل منداس وجنوبه سهل وزينة غربا وسهل السرسو شرقا، قال الادريسي:" يسكنه قبائل بربرية منها مكناسة وحرسون وواربة وبنو ابي خليل وكتامة ومطماطة وبنو مليلة وبنو وانجان وبنو ابي خليفة ويصلان ورولات وبنو تمسوس وزوارة ونزارة ومطغورة ووارترين وبنو ابي هلال وايزكرو وبنو ابي حكيم وهوارة، وطوله اربعة ايام ينتهي طرفه الى قرب تاهرت " اهـ.
وينسب اليه علماء كثيرون، منهم أبو علي عمر بن عثمان ويونس ابن عطية والحسن بن عثمان بن عطية، لقيهم لسان الدين بن الخطيب بالمغرب، وعدهم من شيوخه، ومنهم محمد بن ابي بكر خطيب جامع الزيتونة المتوفي سنة 853، ومنهم احمد بن يحي صاحب المعيار المتوفي سنة 914 وابنه عبد الواحد القتيل بفاس سنة 955.
وتاوغزوت قلعة منيعة قرب فرندة، حصنها سلامة بن علي بن نصر شيخ بني يدللنن على عهد عبد القوي بن العباس، وتداول رئاستها بنوه من بعده، فدعيت قلعة ابن سلامة، وخربها أبو حمو الثاني سنة 770.
وتاقدمت قرب تاهرت، خربت بتوالي الفتن، وعمرها الامير عبد القادر عمارة بسيطة، ذهته بعده. وتافرقينت ذكرها ابنا خلدون عاصمة لمحمد بن عبد القوي وسمى غيرهما عاصمته تاقدمت.
وقد كانت توجين مشاقة لبني عبد الواد. فاخذت بالدعوة الحفصية، وعقد ابو زكرياء الاول عليها سنة 640 لعظيمها عبد القوي ابن العباس من بني منكوش وربما نسب في آل البيت، وسلك بها سبيل العباس بن منديل.
وامتنعت توجين على آل زيان مدة عبد القوي وابنه ابي زيان محمد. فنازلوها مرارا من غير طائل، ووالى عبد القوي يغمراسن آخر حياته، ومات سنة 647 فخلفه ابنه محمد، وعظم سلطانه، وولى بلمدية حسن بن يعقوب بن عزيز من توجين وبوانشريس أخاه شريطا وبرهيو علي بن عشيرة، وبتاوغزوت سلامة بن علي شيخ بني يدللتن، وقدم على بني يرناتن شيخهم ابن اخته نصر بن مهيب بن نصر بن علي، ووفد على المستنصر الحفصي بالمسيلة سنة 666 ثم ذهب لاعانته على دفاع لويس التاسع، وأعان يعقوب بن عبد الحق على حصار تلمسان والعيث في ساحتها سنتي 70 - 80 واستفاد من هذين السلطانين أموالا جمة، وسعدت به توجين حتى مات سنة 684.
وخلفه ابنه سيد الناس. وكان دونه قيمة، فاختلفت عليه توجين، وضرب عثمان الاول من آل زيان بين رؤسائها، فقتل بنو عبد القوي بعضهم بعضا. واستبد بنو نصر بن مهيب برئاسة قومهم يرناتن وأولاد عزيز بلمدية واولاد سلامة برئاسة قومهم يدللتن.
وبهذا الخلاف اوجدوا السبيل عليهم لعثمان الاول فملك وانشريس سنة 87 ولمدية سنة 88 وكرر غاراته على محاولي الثورة منهم. وقتل شيخ يدللتن يغمراسن بن سلامة سنة 98 فبايعه أخوه محمد، وحوصرت تلمسان الحصار الطويل فلم تسع توجين في توحيد كلمتها بل ازدادت تفرقا وأمكن شيخ بني تيغرين يحي بن عطية مرين من وانشريس. فملكته سنة 703 بعد حروب.
ففي سنة 85 قتل موسى بن محمد بن عبد القوي أخاه سيد الناس. وانتصب مكانه، وحارب مشيخة توجين بسيرات، فقاتلوه، وتردى به فرسه، فهلك لنحو عامين من أمارته، وخلفه عمر ابن أخيه اسماعيل، وبعد اربعة ايام اغتاله ابناء عمه زيان بن محمد.
وقدموا كبيرهم ابراهيم بن زيان، وكان حسن الولاية عليهم. وكاد يحي عهد جده محمد، فقتل باغراء عثمان الأول سنة 90 وبايع بنو تيغرين ابن عمه موسى بن زرارة بن محمد. فاجلاه عثمان الى نواحي لمدية. وهلك هناك. وحوصر عثمان بعد. فملك وانشريس ابو بكر بن ابراهيم بن محمد بن عبد القوي نحو عامين. وهلك.
فبايع بنو تيغرين اخاه عطية الاصم. وخالفهم اولاد عزيز وبقية توجين. فبايعوا ابن عمه يوسف بن زيان بن محمد. وحاصروا بني تيغرين بوانشريس عاما وأزيد. فملك العرب السرسو. ولحق يحي ابن عطية بالسلطان يوسف. فأغراه بوانشريس أنفة من غلبة بني عمه.
ولما ملك مرين توجين ولت بوانشريس علي بن الناصر بن عبد القوي وأمره بيد يحي بن عطية شيخ بني تيغرين، بتاوغزوت سعد ابن سلامة، ولحق أخوه محمد بجبل راشد، ثم هلك علي بن الناصر، فخلفه محمد بن عطية الاصم. وانتفض على مرين سنة 706 قبيل مهلك سلطانهم. وعاد الامر لبني زيان. فاخضعوا توجين.
وأجلوا آل عبد القوي. فلحقوا بالحفصيين.
ففي سنة 710 جاس ابو حمو الاول خلال معاقلهم. ورفع منزلة بني تيغرين وأولاد عزيز. وكانوا خولا لآل عبد القوي يعرفون بالحشم. فعقد على وانشريس ليحي بن عطية بن يوسف بن المنصور.
وعلى لمدية ليوسف بن حسن بن يعقوب العزيزي. وابقى سعد بن سلامة على بني يدللتن. وجعل أمر توجين راجعا لعامله يوسف بن
حيون الهواري. وهلك يحي بن عطية. فخلفه أخوه عثمان ثم عمر ابن عثمان. وكانت ثورة محمد بن يوسف من آل زيان. فخبت فيها توجين ووضعت ثم استقام يوسف بن حسن على طاعة ابي حمو سنة 17 ووالى عمر بن عثمان ابا تاشفين الاول. واعانه على قتل محمد بن يوسف سنة 19 فأبقاه على رئاسته. وعزل عن تاوغزوت سعد ابن سلامة باخيه محمد. وانحصرا معه سنة 35 وماتا في بعض ايام الحصار. وملك أبو الحسن المريني توجين سنة 36 فاستعمل على وانشريس نصر بن عمر بن عثمان. واعاد الى تاوغزوت سعد بن سلامة الى ان مات في طريق عوده من الحج. فخلفه ابنه سليمان.
وبعد نكبة أبي الحسن على القيروان ظهر بنو محمد بن عبد القوي طامعين في استرجاع امارتهم لكنهم اختلفوا. فبايع أولاد عزيز وبنو يرناتن بنواحي لمدية عدي بن يوسف بن زيان بن محمد. وبايع بنو تيغرين وشيخهم نصر بن عمر مسعود بن ابي زيد بن خالد بن محمد. وكانت وقائع بين الفريقين. ولم يتم أمر عدي فلحق بابي الحسن لما نزل الجزائر. وعادت تلسمان لآل زيان. وملكوا توجين فأبقوا على رؤسائهم.
وفي سنة 53 ملكهم ابو عنان. فالحق مسعود بن ابي زيد وسليمان بن سعد بوجوه جنده. وأفرد نصر بن عمر بأمر وانشريس.
واقطع تاوغزوت ونزمار بن عريف. ثم ملك ابو حمو الثاني فأعاد سليمان بن سعد الى عمله. وكانت ثورة ابي زيان. فغمست توجين يدها فيها. ومات نصر بن عمر أثناءها. فخلفه اخوه يوسف وقتل ابو حمو سليمان. واقطع تاوغزوت اولاد عريف. وانقرضت الرئاسة من سائر بطون توجين الا بني تيغرين بجبل وانشريس. قال ابن خلدون: " ويوسف بن عمر لهذا العهد وهو سنة 783 صاحب جبل وانشريس. وحاله مع ابي حمو مختلف في الطاعة والخلاف ".