الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخلفاء بتنظيم شؤن الدولة واحداث المناصب وضبطها في الحكومة.
فنقلوا الدولة من بساطة الخلافة وسذاجتها الى ضخامة الملك ودقة نظمه، وعنوا كذلك بالعلوم والآداب وترقية المدارك عناية لم يسبقوا بها ولا حاكاهم من بعدهم فيها. ترجموا علوم اليونان وآداب الفرس وحكمة الهند، وبذلوا في ذلك الاموال وقربوا أهل العلم ايا كان جنسهم ودينهم، وأسسوا المكاتب والمدارس، فانطلقت الافكار متسابقة في ميدان الابتكار. فانتشرت العلوم والمعارف وترقت الآداب ولطفت الاذواق، وعم التهذيب الافكار والاعمال من انشاء وتحرير وبناء وتزويق وغناء وتوقيع وهلم جرا.
قال سديو في كتابه "خلاصة تاريخ العرب": "وأظهر ذوو الفنون الميكانيكية تقدمات يشهد بها ما بعثه الرشيد الى شرلمانية ملك الفرنسيس من الساعة الكبيرة الدقاقة التي تعجب منها أهل ديوانه ولم يمكهم معرفة كيفية تركيب عدتها".
وأظهر خلفاء الدور الاول عناية بالعلوم والحضارة ابو جعفر المنصور وهارون الرشيد وعبد الله المأمون، وجاراهم في عنايتهم من بعدم من الخلفاء وقلدهم فيها ولاتهم بالجهات مثل الاغالبة، ولعل تلك الساعة الدقاقة انما اجتازت الى فرنسا على طريق القيروان.
ولما اخذت الدولة في السقوط السياسي كانت العلوم والآداب والصنائع والفنون الجميلة قد نضجت وأصبحت الامة قادرة على القيام بها متعشقة لها، فلم يضرها ما أصاب الدولة من خلل بل بقيت في سيرها الى الامام تخدمها الايام.
2 - تأسيس الدولة الاغلبية
كان المغرب لعهد تاسيس الدولة العباسية يضطرب فتنة، فلما
كانت خلافة ابي جعفر المنصور اهتم به، فولى عليه محمد بن اللاشعث الخزاعي، وكان الاغلب بن سالم الثميمي بخراسان من اضراب ابي مسلم الخراساني وكبار أولياء الدولة. فقدم المغرب مع ابن الاشعث، وكان الزاب هو طريق ثوار المغرب الاوسط الى افريقية فلما خلصت افريقية لابن الأشعث ولى الاغلب على الزاب كي يكون سدا في وجوه الثوار، فنزل قاعدته طبنة.
وفي سنة 148 عاد ابن الاشعث الى المشرق فقلد المنصور الاغلب امارة المغرب، فانتقل الى القيروان، وقتل في بعض مواقفه مع الثوار سنة 150 وصارت الامارة الى آل ابي صفوة الازديين، وكان من ولاة طبنة أيامهم المخارق بن غفار الطائي ثم المهلب بن يزيد من آل المهلب ابن صفرة ثم ابراهيم بن الاغلب، وانقضت امارة آل ابي صفرة وولي الامر هرثمة ابن أعين.
قدم هرثمة القيروان سنة 177 فهاداه ابراهيم بن الاغلب ولاطفه فاقره على عمله بطبنة، فبقي عاملا له ولمحمد ابن مقاتل العكي من بعده، وثار الناس بابن مقاتل واخرجوه من القيروان، فبلغ الخبر ابراهيم بن الاغلب فسار في جنوده ودخل القيروان واعاد اليها أميره العكي، ولكن الناس سئموا سيرته، وداخلوا ابراهيم في مخاطبة الخليفة بولايته على المغرب.
هناك أتيحت لابراهيم فرصة الاستقلال فانتهزها، وكتب الى الرشيد طالبا منه امارة القيروان على ان يؤدي اليه كل عام اربعين الفا ويسقط مائة الف دينار كانت مصر تعين بها المغرب، فاستشار الرشيد اصحابه، فاشار عليه هرثمة بولايته. فكتب العهد له بذلك منتصف سنة 184 (800م).
ولقد كان الرشيد حريصا على بقاء المغرب متصلا بدولته، وقد