الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - تأسيس الدولة الادريسية
كان اسحق الاوربي أمير قومه. ولما نزل عليه أدريس عرفه بنفسه وكاشفه بسره وانه يريد أن يؤسس للطالبيين بالمغرب ما عجزوا عليه بالمشرق. فاجابه اسحق الى ما أراد. ولما كان شهر رمضان جمع عشيرته وعرفهم بادريس. وقرر لهم علمه وفضله ودينه. وعرض عليهم مبايعته، فاجابوه وبايعوه على السمع والطاعة والقيام بأمره والاقتداء به في صلواتهم وغزواتهم. وبعد البيعة قام ادريس خطيبا. فقال:"ايها الناس لا تمدن الاعناق الى غيرنا فان الذي تجدونه من الحق عندنا لا تجدونه عند غيرنا".
بايعت أوربه وتلتها مغيلة وصدينة من بني فاتن. ثم وفدت عليه للبيعة قبائل زواغة وغياثة ومكناسة وغمارة في قبائل أخر من زناتة وغيرهم، فلم يلبث أن جهز الجيوش من أوربة وزناتةْ وهوارة وصنهاجة وغيرها. وقصد بها تامسنا وتادلا من البلاد الواقعة جنوب وليلي الى ناحية المحيط الغربي. وكان أكثر أهلها على اليهودية والمسيحية والوثنية. والاسلام فيهم قليل. فغزاهم ادريس وفتح حصونهم فاسلموا جميعا. وعاد مؤيدا منصورا فدخل وليلي اواخر ذي الحجة من سنة 172.
بينما كان ادريس يخشى أقل الناس ان يعرف مكانه فينم به الى أي وال عباسي فيريق دمه اذا به يؤسس دولة في غير وطنه ويغزو في غير قومه. كل ذلك كان في ظرف أشهر!
لقد فر قبله من بني العباس عبد الرحمن بن معاوية بن هشام الاموي. ونزل الاندلس. ولم يقف عند حد الامن على حياته بل كون تلك الدولة الراقية التي أضاءت على أروبا ثم غربت في حمئة حضارتها. ودعاه ابر جعفر المنصور "صقر قريش" وامره - وان كان
عجيبا- يقر به ان له سلفا في الملك ولقومه بني أميه عصبية من العرب قوية وقد فتحت الاندلس بقواد جدوده وجيوشهم. وفر كذلك من بني العباس عبد الرحمن بن رستم الى المغرب الاوسط. واسس به دولة من قوم لا يتصلون من نسبه بسبب. ولكن يسهل أمره أيضا اتحاده مع أولئك القوم مذهبا وقد عرفوه قبل أيام امامهم أبي الخطاب وعرفوا منزلته لديه. أما ادريس فشأنه اعجب اذ ليس له مع البربر أي سبب. وليس أمره مما تنتجه المصادفات أو يرتفع عن مدارك العقول.
ادريس انما قصد المغرب لعلمه بانحراف أهله عن بني العباس وبعده عن مركز خلافتهم. ولكن هل قصده لمجرد النجاة بنفسه؟ اذن فلم أوغل في المغرب؟ أما كان يكفيه ان يدس نفسه في قبيلة غير خاضعة لولاة القيروان؟
ادريس أكبر نفسا من ان يفر هذا الفرار الى مكان سحيق طلبا للحياة الشخصية. وهو أنبه قدرا من ان يرضي بالخمول وهو أشرف نسبا من أن يدمج نفسه في البربر. وأرى أنه انما قصد المغرب اظهارا للدعوة الطالبية ورجاء في تأسيس دولة علوية اذ ايس من ذلك بالمشرق وانقطعت ثقته بالعرب. وقد رأى العباسيين انتصروا بالفرس فبحث عن شيعة له من البربر.
وقد كان البربر يرتحلون الى المشرق طلبا للعلم وأداء لفريضة الحج ثم يعودون وقد حملوا معهم صورا من نزاعات المشرق السياسية ونزعاته الدينية. وكان من المذاهب الدينية مذهب الزيدية من الشيعة. وهو مذهب ادريس. ومن النزاعات السياسية نزاع العباسيين والطالبيين وكان البربر يتأثرون بكل ما يجري بالمشرق فيجري بوطنهم من الانقسام السياسي والاختلاف الديني مثل ما يجري بالمشرق. فلا بد أن يكون البرب قد عرفوا المذهب الزيدي ولا بد ان