الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 - تمهيد
استكان العرب بعد ثورة ابن غانية لقوة الدولة التي عرفت كيف تسوسهم. لكن الحفصيين نواب بني عبد المؤمن بتونس استقلوا عنهم. وحنو الى وطنهم. فطمعوا في فتح مراكش. ولم يقووا على تحقيق أمانيهم الا بمعاضدة زناتة. فعاضدتهم وهي تسر حسوا في ارتغاء. وكانت النتيجة سقوط الدولة المؤمنية وقيام ثلاث دول مكانها هم الحفصيون والزيانيون والمرينيون.
لم تعترف هذه الدول بعضها لبعض بالاستقلال. فاستمرت الحروب بينهن. وربما وقعت الحرب بين الامراء المرشحين للملك في الدولة الواحدة. وتقاربت قواتهم الحربيه والسياسية فلم ينحسم النزاع.
وكان ملوك تلك الدول في حاجة الى العرب لكن اضطربت سياستهم معهم. فاذا كانت الحرب واحتاجوا الهم أقطعوهم الاراضي الواسعة وجباية القبائل المستضعفة ونفحوهم بالهدايا والاموال وقربوهم بالصهر والاستشارة. واذا استغنوا عنهم بالسلم قلبوا لهم ظهر المجن وحاولوا تجريدهم من امتيازاتهم. فلم يعدم العرب في الامراء المرشحين للملك والملوك الطامعين في التوسع ما يعينهم على احداث ثورة للاحتفاظ بامتيازاتهم.
وكان العرب يحسنون الاستفادة في أمثال هذه الظروف لتقوية حريتهم وتوسيع مجالات تنقلهم في الشمال والجنوب وكانوا يفترقون حسب افتراق مصالحهم على الدول والملوك.
ونتج عن هذه السياسة ضعف الدول وفقد الامن وقلة الانتاج واستحكام العداوة بين القبائل وطمع اسبانيا في امتلاك المغرب، ولولا قيام الدولة التركية بأساطيلها في وجوه الدول الاروبية للحق المغرب بالاندلس وصقلية. على أن عوامل الافتراق التي غرست في هذا الدور لم تزل تنخر جسمنا الى اليوم.
والمسؤل عن هذه النتائج السيئة هم الحفصيون الذين أسقطوا الدولة المؤمنية حامية الاندلس وآسية العرب. ثم عجزوا عن حفظ المغرب وتوحيده. ثم اضطربت سياستهم مع العرب وقووا أغراضهم في الحياة البدوية بدلا من تمدينهم وتهذيبهم. والعرب بداة لا غرض لهم في الملك. فليس عليهم ضمان في هذه النتائج السياسية التي هي خاصة الملك.
ولعلنا بهذا الفصل وضعنا أساس البحث للناقد البصير في قواعد ابن خلدون الاجتماعية التي وضعها على حساب العرب البداة دون الحفصيين الملوك الذين كان ريشه منهم هواه معهم. يعرف ذلك من عرف حياته ودقق النظر في أساليب تاريخه. فأدرك الفرق بين أسلوبه في الدولة الحفصية وأسلوبه في غيرها. حتى انه أجهد نفسه في تصحيح نسب ابن تومرت في آل البيت ونسب الحفصيين في آل عمر بن الخطاب (رض) مع أنه انكر انسابا هي أقوى من هذين النسبين والكمال لله.