الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فخشي أبو حاتم على نفسه. فخرج الى تالميت في أهله والعجم ونفوسة. واجتمعت اليه لواتة وقبائل الصحراء ما عدا أهل تيلغمت فانهم شايعوا التيهرتيين.
استعد أبو حاتم لفتح تاهرت. فقصدها من ثلاث جهات: جاء هو في الرستميين ولواتة وغيرهم من ناحية القبلة. وزحفت العجم وصنهاجة ومن لف لفها من ناحية المشرق. وتقدمت نفوسة ومن انضاف اليها من ناحية المغرب. ودارت رحا الحرب من الجهات الثلاث. فرغب التهرتيون في السلم. فاشترط ابو حاتم تسليم شيوخهم اليه يرى فيهم رأيه. فلم يقبلوا. وعادت الحرب. واستدعى التيهرتيون يعقوب بن أفلح من مكانة بزواغة. وكان منابذا لابن أخيه. فبايعوه. وانحازت اليهم بذلك طائفة من لواتة. وعادت الحرب جذعة.
وبعد اربع سنين من اتقاد نار هذه الفتنة تقدم ابو يعقوب المزاتي في قومه ونزل حول تيهرت لايقاف الفتنة. وسئمت الناس الحرب. فرضوا وساطته. فعقد هدنة لمدة اربعة أشهر. تقوى فيها حزب ابي حاتم. فدخل المدينة. وغادرها عمه يعقوب.
ها قد وقفنا بالقارىء على ناحية من مناحي حياة هذه الدولة في ايجاز من غير اطالة بوصف المعارك واحصاء القتلى وذكر الابطال.
ولا يستبعد مع هذه الفتن ما قدمنا من حديث العمران والمعارف فان القوم كانوا أحرارا. والحرية تعمل مع الفتن ما لا يعمله الاستعباد مع الامن.
13 - سقوط الدولة الرستمية
تأسست الدولة الرستمية بتأسيس تيهرت سنة 144 (761م) وبويع
مؤسسها عبد الرحمن بن رستم بالخلافة سنة 160 وسقطت في أيدي الشيعة سنة 296 (909م) فتكون مدتها 152 سنة قمرية (148 شمسية) والبكري موافق في تاريخ تأسيس الدولة وسقوطها. ولكن يقول ان مدة الرستميين كانت ثلاثين ومائة سنة.
أما اسباب سقوطها فترجع الى افتراق كلمة الامة واختلاف الرستميين فيما بينهم وظهور عدو قوي الى جانبهم هم الشيعة. وقد رأيت في الفصل السابق كثرة الثورات لأسباب ضعيفة واستفحال أمرها حتى ان الثائرين قد يستولون على العاصمة ويطردون منها الرستميين وذ لك يدل على ان القبائل كانت ذات حرية واسعة اكتسبتها بقوتها وضعف الحكومة ولم تحسن استعمالها.
وهؤلاء الرستميون الذين لم تكن لهم قوة حربية تجعل القبائل تحت سلطانهم فعلا أخذ داء التنافس يسري اليهم. وبدأ ذلك عصر ابي حاتم حيث ان عمه يعقوب خالف عليه أولا ثم خالف عليه أخوه اليقظان ثانيا وافضى الخلاف الى قتله وانتصاب اليقظان مكانه. وكان لأبي حاتم بنت تدعى دوسرا قد أحرق كبدها ما نزل بأبيها. وكثير من أهل تيهرت غير راضين عن اليقظان.
فالشعب كانت تعبث باتحاده العصبيات القومية والتعصبات المذهبية. والحكومة تعبث بهيبتها المنافسات السياسية والاختلافات الداخلية. تلك حالة الدولة الرستمية في الوقت الذي ظهرت فيه الدعوة الشيعية بكتامة وقضت على دولة الاغالبة.
لما قضى أبو عبد الله الشيعي على دولةْ الاغالبة قصد تيهرت ونزل عليها. ولم يلق في طريقه كيدا. فخرج اليه أهلها متبرئين من اليقظان وواعدين له بفتح المدينة. ثم خرج اليقظان في جمع من أهل بيته. ولقي أبا عبد الله الشيعي مسلما مسالما. وخشيت دوسرا ان