المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌6 - زغبة - تاريخ الجزائر في القديم والحديث - جـ ٢

[مبارك الميلي]

فهرس الكتاب

- ‌الكتاب الثانيفي العصر العربي

- ‌الباب الأولفي غزو العرب لافريقية وتأسيس امارتهم فيها

- ‌1 - جزيرة العرب

- ‌2 - العرب قبل الاسلام

- ‌3 - العرب بعد الاسلام

- ‌4 - العرب في افريقية

- ‌5 - العرب في الجزائر

- ‌6 - الجزائر تحت ملوك البربر

- ‌7 - الفتح العربي

- ‌8 - البربر والاسلام

- ‌9 - الفتح العربي والحضارات القديمة

- ‌10 - العرب والبربر بعد الفتح

- ‌11 - ولاة المغرب من قبل الخلفاء

- ‌الباب الثانيفي الدولة الرستمية

- ‌1 - تمهيد

- ‌2 - الخوارج

- ‌3 - الخوارج بالمغرب

- ‌4 - الامارات الاباضية

- ‌5 - تأسيس الدولة الرستمية

- ‌6 - المملكة الرستمية

- ‌7 - الحكومة الرستمية

- ‌8 - الايمة الرستميون

- ‌9 - الاقتصاد والحضارة

- ‌10 - العلوم والآداب

- ‌11 - ابو عبد الرحمن بكر بن حماد التاهرتي

- ‌12 - الحروب والفتن

- ‌13 - سقوط الدولة الرستمية

- ‌14 - تيهرت

- ‌الباب الثالثفي الدولة الادريسية

- ‌1 - تمهيد

- ‌2 - تأسيس الدولة الادريسية

- ‌3 - الحكومة الادريسية

- ‌4 - العلويون بالمغرب الاوسط

- ‌5 - ممالك بنى محمد بن سليمان

- ‌6 - سقوط الدولة الادريسية

- ‌الباب الرابعفي الدولة الاغلبية

- ‌1 - كلمة عن الدولة العباسية

- ‌2 - تأسيس الدولة الاغلبية

- ‌3 - الحكومة الاغلبية

- ‌4 - الجزائر الاغلبية

- ‌5 - سقوط الدولة الاغلبية

- ‌الباب الخامسفي الدولة العبيدية

- ‌1 - تمهيد

- ‌2 - الشيعة الاسماعيلية بالجزائر

- ‌3 - تأسيس الدولة العبيدية

- ‌4 - الحكومة العبيدية

- ‌5 - تيهرت العبيدية وزناتة

- ‌6 - العبيديون وجبل اوراس

- ‌7 - الجزائر بين العبيديين والامويين

- ‌8 - امارة بني حمدون بالمسيلة

- ‌9 - الجزائر الصنهاجية

- ‌10 - الحالة السياسية والمالية بالجزائر العربية

- ‌11 - الحالة العلمية والدينية

- ‌12 - سيادة العرب بالبحر الرومي

- ‌الباب السادسفي نزوح الهلاليين إلى المغرب

- ‌1 - تمهيد

- ‌2 - نزوح الهلاليين الى افريفية

- ‌3 - الهلاليون بالجزائر

- ‌4 - نتائج النزوح الهلالي

- ‌5 - الحياة الهلالية

- ‌الهلاليون ومواطنهم بالجزائر

- ‌الكتاب الثالثفي العصر البربري

- ‌الباب الأولفي القبائل البربرية الجزائرية

- ‌1 - تمهيد

- ‌2 - زناتة

- ‌3 - صنهاجة

- ‌4 - كتامة وزواوه

- ‌5 - لواتة ونفزاوة

- ‌6 - بنو فاتن

- ‌7 - هوارة

- ‌8 - مصمودة وبقية القبائل

- ‌الباب الثانيفي الدولة الحمادية

- ‌1 - تمهيد

- ‌2 - تأسيس الدولة الحمادية

- ‌3 - المملكة الحمادية

- ‌4 - الحكو مة الحمادية

- ‌5 - ملوك الدولة الحمادية

- ‌6 - العرب ايام الحماديين

- ‌7 - زناتة ايام الحماديين

- ‌8 - الحماديون والمسيحيون

- ‌9 - العمران والحضارة

- ‌10 - العلوم والاداب

- ‌11 - سقوط الدولة الحمادية

- ‌12 - العواصم الصنهاجية بالجزائر

- ‌الباب الثالثفي دولة المرابطين

- ‌1 - تمهيد

- ‌2 - المرابطون

- ‌3 - المرابطون بتلمسان

- ‌4 - حكومة المرابطين

- ‌5 - امراء المرابطين

- ‌6 - سقوط دولة المرابطين

- ‌الباب الرابعفي الدولة الموحدية المومنية

- ‌1 - تمهيد

- ‌2 - تأسيس الدولة الموحدية المؤمنية

- ‌3 - الحكومة الموحدية المؤمنية

- ‌4 - عبد المؤمن وبنوه

- ‌5 - ولاة الجزائر المؤمنية

- ‌6 - ثورة ابن غانية

- ‌7 - العرب في الدولة المؤمنية

- ‌8 - البربر في الدولة المؤمنية

- ‌9 - المسيحية والاسرائلية

- ‌10 - الاقتصاد والعمران والحضارة

- ‌11 - العلوم والآداب

- ‌12 - الاعتقادات والمذاهب الفقهية

- ‌13 - التصوف والصوفية

- ‌14 - سقوط الدولة المؤمنية

- ‌الباب الخامسفي أحوال العربلعهد الحفصيين والزيانيين والمرينييين

- ‌1 - تمهيد

- ‌2 - رياح والاثبج وسليم

- ‌3 - رياح والاصلاح

- ‌4 - امارة بني مزني ببسكرة

- ‌5 - رئاسة الثعالبة بمتيجة واخبار المعقل

- ‌6 - زغبة

- ‌الباب السادسفي الدولة الحفصية

- ‌1 - تأسيس الدولة الحفصية

- ‌2 - الحكومة الحفصية

- ‌3 - ولاة الجزائر الحفصية

- ‌4 - رؤساء القبائل

- ‌5 - الحفصيون وزناتة

- ‌6 - سقوط الدولة الحفصية

- ‌الباب السابعفي دولة بني مرين

- ‌1 - بنو مرين

- ‌2 - بنو مرين بالجزائر

- ‌3 - استيلاء أبي الحسن على الجزائر

- ‌4 - استيلاء أبي عنان على الجزائر

- ‌5 - الاستيلاءات الاخيرة على تلمسان

- ‌الباب الثامنفي دولة بني زيان

- ‌1 - تأسيس الدولة الزيانية

- ‌2 - المملكة الزيانية

- ‌3 - عاصمة المملكة الزيانية

- ‌4 - الحكومة الزيانية ومشاهير من رجالها

- ‌5 - ملوك آل زيان

- ‌6 - مغراوة وبنو زيان

- ‌7 - توجين وبنو زيان

- ‌8 - الثوار من بني زيان

- ‌9 - الاقتصاد والعمران والحضارة

- ‌10 - سقوط الدولة الزيانية

- ‌11 - الحركة العلمية والادبية بالجزائر البربرية

- ‌12 - الحياة الدينية بالجزائر البريرية

- ‌13 - سيادة البربر بالبحر الرومي

الفصل: ‌6 - زغبة

زناتة فكانوا أحلافا لهم، وأكثر انجياشهم الى مرين، وكان المنبات من ذوي منصور أحلافا ليغمراسن بن زيان، وذوو عبيد الله محاربين له، ثم خضع الخراج منهم لبني عبد الواد اذ كانت مواطنهم في مملكتهم فأدوا لهم الخراج وعسكروا معهم.

ولما أخذت الدولة في الضعف منحت الخراج خفارة وجدة وندرومة وبني يزناسن ومديونة وبني سنوس. ثم اقطعتهم اياها.

فتملكوها. وتملكوا ايضا هنين ووضعوا على المجيز منها الى تلمسان ضريبة فصارت جباية معظم مملكة تلمسان الغريبة لهم.

ولما تملك ابو الحسن المريني تلمسان استخدم ذوي عبيد الله، وانتزع منهم كثيرا من أملاكهم بالصحراء فثار عليه شيخهم يعقوب بن يغمور بن عبد الملك من العثامنة، ولكن لم يفعل أكثر من تشرده بالصحراء وولي مكانه منصور بن يعقوب بن عبد الملك ثم ابنه رحو، ولما عادت تلمسان لبني عبد الواد صدق يعقوب بن يغمور في ولائهم، ورأس على قومه ومات فخلفه ابنه طلحة، وكان لرحو مقامات في خدمة ابي حمو الثاني. فولاه رئاسة قومه. وجعل طلحة رديفه، ويظهر ان رئاسة الخراج مغمورة برئاسة عامر وسويد من زغبة.

‌6 - زغبة

تمتد مواطن زغبة غربي مواطن رياح على جنوب عمالتي الجزائر ووهران وتقدموا مع احلافهم بني بادين الى التل أواخر الدولة المؤمنية، ونقل يغمراسن بن زيان بني عامر من نواحي زاغز الى جنوب تلمسان أشجاء للمعقل الذين كثر عيشهم هنالك. وتبعت حميان بني عامر، وصارت في عدادهم ثم خشي يغمراسن على دولته من زغبة

ص: 373

فحجرهم بالصحراء وأذلهم بالمغرم والعساكرة في جنده. واستمروا على ضعفهم المالي والسياسي مدة عظمة دولة تلمسان.

وكانت بين قبائل زناتة حروب خاضت زغبة غمارها توسلا الى دخول التل، فلما تمكن الضعف من بني عبد الواد ايام ابي حمو الثاني نزل ابو زيان ابن جبل تيطري سنة 767 وقام بدعوته حصين وسويد وبعض بني عامر، وكاد يتغلب على تلمسان ودامت ثورته نحو اثنتي عشرة سنة توالت فيها على ابي حمو الهزائم وتغلبت زغبة على كثير من التلول، ولم تنجل هذه الغمرة عن ابي حمو الا باقطاعه زغبة كل ما تغلب ضعليه أعداؤه منها او طمع فيه أولياؤه.

تقوت زغبة بهذه الاقطاعات ووضعت عنها ذل المغرم وجبت من في أراضيها من البربر وحرمت عروة لضعفها من الاقطاع، وقعدت حصين واكثر بني يزيد عن الضعن.

ولزغبة حروب مع جيرانها فكانت بين بني يزيد والذواودة حروب وتغلبت الذواودة على الدهوس. فاستنجد بنو يزيد بعامر وهم يومئذ جوبهم فانجدوهم، وأخرجوا رياحا عنهم. ففرض لهم أبو بكر بن زغلي رئيس بني يزيد على قومه الف غرارة من الحبوب يأخذونها كل سنة وعرفت هذه الضريبة بالغرارة وكانت حروب ايضا بين عروة وجيرانهم من العمور ومسلم وسعيد، وبين سويد وبني عامر مع جيرانهم من المعقل وكانت فتن بين بطون زغبة المتجاورين.

وتنقلت رئاسة بني يزيد في كثير من بطونهم ثم استقرت في بني زغلي. فوليهم زيان بن زغلي ثم أخوه ديفل ثم أخوهما ابو بكر ثم ابناء ساسي فمعتوق ثم موسى بن ابي الفضل بن زغلي كان ايام ابي الحسن المريني، ثم أخوه أحمد ثم اخوهما علي ثم ابو الليل بن موسى وتوفي سنة 791 فخلفه ابنه.

ص: 374

ومن رؤساء حصين لعهد ابن خلدون علي بن صالح بن دياب ابن مبارك بن محيا بن مهلهل بن شكر بن عامر بن محمد بن خشعة.

ومن رؤساء عروة لعهده محمد بن زيان بن عسكر بن خليفة بن النظر ويرادفه سمعون بن ابي يحي بن خليفة بن عسكر.

وأقوى بطون زغبة سويد احلاف مرين وبنو عامر احلاف بني عبد الواد. ويحالف سويدا محيا من العمور والعطاف والديالم وبنو يقظان وعبيد الله من زغبة. ويحالف يني عامر أولاد زكرير من العمور والنضر من زغبة. وموطن بني عامر تسالة وملاتة الى هيدور جبل وهران. وموطن سويد ما بين وانشريس وتلمسان عرضا وخليج رزيو والشط الشرقي طولا. وينحدرون شتاء الى مزاب فيمرون بافلو وتاجموت. وموطنهم اغنى مواطن زغبة واكثرها سكانا ومع ذلك لم يبلغ بنو عامر ولا سويد عظمة الذواودة لكثرة الفتن بالمغرب الاوسط وخلوه من امارة كامارة بني مزني تؤيد اخوانها من العرب ولعدم اجتماع كلمة زغبة على هذين البطنين.

وكانت سويد موالين لعبد الواد قبل تملكهم تلمسان، ورئاستهم لاولاد عيسى بن عبد القوي، وكان رئيسهم لعهد يغمراسن مهدي بن عيسى ثم ابنه يوسف واقطعه ببلاد سيرات والبطحاء وأقطع ابن عمه عنتر بن طراد بن عيسى قرارة البطحاء ورأس بعد يوسف أخوه عمر، وادناه يغمراسن، فربما استخلفه في خروجه للحرب على تلمسان ومملكتها الشرقية، ثم كانت بينهما فتنة هلك فيها عمر، وتأخر قومه فنزلوا خلف مواطن توجين وحالفوهم على حرب عبد الواد.

ورأس طغون سويد عثمان بن عمر وترك من الابناء ميمونا وسعيدا ويحي، فخلفه ميمون ثم تغلب عليه سعيد، فلحق ببني مرين وتوفي بسجلماسة ايام الامير ابي علي أخي السلطان ابي الحسن،

ص: 375

ووفد سعيد بن عثمان على السلطان يوسف المريني وهو محاصر لتلمسان فاكرمه ثم أجمع قتله، ففر الى قومه واجلب أثناء ذلك الحصار على أطراف التلول فملك السرسو وجبل كريكرة، وعادت تلمسان لعبد الواد وافضى أمرها الى أبي تاشفين الاول، وكانت بينه وبين عريف بن يحي مودة، فقربه اليه ثم سخطه فلحق ببني مرين سنة 720 وانتقم منه ابو تاشفين بسجن عمه سعيد. فلم يزل مسجونا حتى توفي حوالي سنة 737.

وخلف سعيدا ابنه سبعون، وهلك سنة 32 فخلفه أخوه عطية، وهلك بعد فتح تلمسان، فعقد ابو الحسن مكانه لونزمار بن عريف، فغضب المسعود بن سعيد ولحق ببني عامر. واجلب على ابي الحسن بالدعي بن هيدور. ففرق ونزمار جموعهم، ثم رقى أبو عنان ونزمار الى مجلسه وعقد على بادية سويد لاخيه عيسى وقتله ابو حمود الثاني في زحفه الى تلمسان وعقد مكانه على سويد لميمون ابن سعيد. فدس عليه محمد وابو بكر ابنا عريف من اغتاله. وخلفاه في رئاسة قومهما. وغمسا ايديهما في ثورة ابي زيان واطمع محمد ابا حمو في استصلاح أخيه وطالت تمنيته اياه. فاتهمه بالمراوغة واودعه السجن سنة 70 فلق ابو بكر باخيهما ونزمار. فحمل عبد العزيز المريني على فتح تلمسان. وبعد وفاة عبد العزبز كاد ابو حمو الى تلمسان. واستقام معه ونزمار وحمل اخويه على مصافاته. فاقطع ابو حمو ابا بكر كلميتو ومحمدا مازونة.

وأعظم رؤساء سويد هما عريف بن يحي بن عثمان وابنه ونزمار.

فقد اتخذ أبو الحسن المريني عريفا خليلا ووزيرا مشيرا وسفيرا بينه وبين ملوك مصر وتونس وغرناطة ورفع مقامه على كل عربي في ممالكه، وهو الذي كان يغريه بفتح تلمسان، وحضر معه فتحها وفتح تونس، وكان على يمينه في موكب دخوله تونس وعاد لحرب عبد الواد لما

ص: 376

ملكوا تلمسان، فهزموه ولم يجد السبيل للعود الى تونس، فلحق بفاس، وأكرمه ابو عنان الثائر يومئذ على ابيه. وتوفي ايامه وكان منجبا، فاشتهر من ابنائه ونزمار ومحمد وابو بكر وعيسى.

وكان ونزمار أكبرهم، وعقد له ابو الحسن بعد فتح تلمسان على قبيلة بني مالك وجعل له رئاسة البدو بجميع ممالكه وأخذ الصدقات والضرائب منهم. فعكف على بابه كبراء العرب وشيوخهم ونزلوا على اشارته، ولما اوقعت مغراوة بابي الحسن سنه 50 انجاه الى جبل العمور. والحقه بسجلماسة. فبعث اليه ابوه عريف بالرجوع عنه ارضاء لابي عنان. فلما خلص الامر لابي عنان اقطع ونزمار قلعة تاوغزوت والسرسو وكثيرا من بلاد توجين وهلك عريف فاستقدمه واجلسه مجلس ابيه حذو ارياكته.

وبعد موت ابي عنان كثرت الاضطرابات بالمغربين الاوسط والاقصى فنبذ ونزمار مجلس الساطان. وانتبذ بوادي ملوية. وبنى هنالك قصر مرادة وغيره وتوجهت اليه ملوك مرين وغيرهم وشيوخ العرب ورؤساء الاقطار مستشيرين صادريرن عن رأيه. وكان يحاول استئصال دولة عبد الواد وهو علة ضعفهم ومحرك الحروب والثورات عليهم. وخرب أبو حمو قصر مرادة من منتزهاته سنة 85 فانتقم منه ونزمار بادخال مرين تلمسان وتخريبهم قصور الملك بها ولم أعلم متى مات؟ ويظهر ان سويدا بعده تلاشى أمرها، ولم يبق لرؤسائهم كبير اعتبار.

وبنو عامر كانت رئاستهم في بني يعقوب ويرادفهم بنو حميد.

ثم سخط عثمار بن يغمراسن بني يعقوب ورضي بني حميد لاستقامتهم على طاعته. فاستشاط بنو يعقوب غيرة لتقديم بني عمهم. ووصلوا

ص: 377

أيديهم بمرين ثم حالفوا سويدا. وعظمت رئاسة بني حميد. وتعددت بطونهم، فعد منها الشيخ عبد القادر المشرفي سبعا وستين ولم يسلم بنو حميد بعد من الخلاف على دولة عبد الواد فكان من رؤسائهم من وصلوا أيدهم بمرين أو بالحفصيين. ثم كان بين أبناء أبي حمو الثاني نزاع شديد على الملك كان لبني عامر فيه ايدد الطولى، ثم أصبحوا بعد سقوط دولة بني عبد الواد بعضهم جند الاسبان وبعضهم رعية لهم.

وكان رئيس بني يعقوب امرة يغمراسن وابنه داود بن هلال بن عطاف بن رداد بن كريش بن عياد بن منيع بن يعقوب. وكان أبو زكريا بن أبي اسحق الحفصي لدى عثمان بن يغمراسن. ورام امتلاك بجاية على عمه أبي حفص فمنعه. فتظاهر بالصيد. ولحق بداود ابن هلال. فأمره عثمان برده عليه. فأبى. وأوصله الى عطية بن سليمان الذوادي. فتغلب على بجاية. وأقطع داود أرض كدارة من بسيط حمزة. وسخطه عثمان بن يغمراسن فلحق بالصحراء. وكان حصار يوسف بن يعقوب لتلمسان. فوفد عليه داود برسالة من ابي زكرياء. فكان ليوسف في تلك الرسالة ريبة. فلما قفل من عنده بعث أثره من قتله في سيق.

وخلفه ابنه سعيد، وانجلى الحصار عن تلمسان، فرضي عنه عبد الواد لقتل مرين اباه، ثم دفعته الغيرة من مكانة بني حميد الى الوفود على السطان ابي ثابت المريني، فرده بخفي حنين، وقتله بنو حميد ايام ابي حمو الاول، فخلفه ابنه عثمان واختلفت أيامه مع بني حميد سلما وحربا، ثم حالف سويدا، ولحق في قومه بالمغرب احتماء بعريف ابن يحي السويدي، ثم عادوا الى مواطنهم لما زحف ابو الحسن الى تلمسان، فقتل بنو حميد عثمان، وخلفه رديفه هجرس بن غانم بن هلال

ص: 378

الى أن مات، فخلفه سليم بن داود، ثم ابنه ساسي، فلم يزل ساسي ابن سليم في خلافه على عبد الواد، وانتقل الى النضر من عروة.

وكان رئيس بني حميد لعهد يغمراسن معروف بن سعيد بن رباب ثم ابنه يعقوب، وكان مع داود بن هلال في انجاد عامر لابي بكر بن زغلي على رياح، ثم ابنه ابراهيم، وهلك بعد مقتل سعيد بن داود، فخلفه ابنه عامر، وكان شهما حازما حسن السمعة، ووفد على ابي سعيد سلطان مرين قبل سنة 720 وخطبه بنته، فأنكحه عامر اياها، ووصله السلطان بمال خطير، وقتله عثمان بن سعيد اليعقوبي غدرا.

وخلفه ابنه صغير وفر في قومه الى الصحراء لما ملك ابو الحسن تلمسان ونزل القليعة جنوب مزاب، ثم جاءه تائبا، وصحبه الى تونس وحضر معه وقعة القيروان وعادت تلمسان لعبد الواد. فاخلص لهم الطاعة. وملك ابو عنان تلمسان فاصحر كعادته. وردد الغارات على أطراف ممالك مرين. ووصل يده باعدائهم. وبلغه خلاف يعقوب ابن علي الذوادي على ابي عنان. فوفد بقومه عليه. وابو حمو الثاني يومئذ بتونس. فاتفق يعقوب وصغير على تجهيزه لطلب ملك سلفه بتلمسان. فعاد به صغير في جمع من الذواودة أبلغوهم تخوم بلادهم.

ولقيتهم سويد فهزموها. واحتلوا تلمسان بعد وفاة ابي عنان. ومات صغير سنة 769 ودفن بالعباد. واحتفى ابو حمو بجنازته.

وخلف صغيرا اخوه خالد. ويرادفه عبد الله بن صغير. وكان ابو حمو قد قرب اليه عبد الله بن عسكر بن معرف بن يعقوب بن معروف ابن سعيد فحملت الغيرة خالدا على الخلاف، ووصل يده بعبد العزيز سلطان مرين. وحارب ابا حمو ونال منه ثم غمس يده في ثورة ابي زيان، فاخرج له ابو حمو ابنه ابا تاشفين في جموع سويد والديالم والعطاف وغيرهم، وكانت جموع خالد عظيمة لكن ابو تاشفين هزمه

ص: 379

وقتل عبد الله وملوك ابني اخيه صغير على وادي مينة سنة 777 وهلك خالد على فراشه سنة 78.

وخلقه المسعود بن صغير، فكان دون عمه، وافترقت عنه الجموع وتخلى عنهم ابو زيان، وضاقت به السبل فاستأمن لابي حمو هو وساسي بن سليم، فأمنهما وقومهما. وعزم على استئصالهم فتقبض ذات يوم على المسعود وعشرة من بني عامر بن ابراهيم وصبح ابو تاشفين احياء بني يعقوب بسيرات. ثم اعترض فلهم ببني راشد فعظمت النكاية. ونجا ساسي الى النضر وشفع ابو العباس سلطان مرين بسعي ونزمار بن عريف في المسعود وجماعته. فسرحهم ابو حمو وعادوا الى الخلاف، وضعفت مرين عن صريخهم. فاستصرخوا صاحب تونس ابا العباس الحفصي. فوعدهم. ووفد عليه علي بن عمر بن ابراهيم كبير الثائرين على ابي حمو بعد ابن عمه خالد. فلم يزده على المواعيد. وهنالك خضع لابي حمو فقدمه على بني عابر.

وكان قد استبد برئاسة عامر بعد خلاف خالد بن عامر عمه سليمان ابن ابراهيم ويادفه عبد الله بن عسكر الى أن عزله ابو حمو بعلى ابن أخيه فلحق ببني يعقوب النازلين على أبي بكر بن عريف.

هذا ما أفادنا به ابن خلدون من أخبار العرب وانا لنأسف لاغفال من بعده هذا الشأن. فلم نجد حديثا نصله بحديثه الا نتفا لا تجلي غامضا وقد تكون رسائل صغيرة مبعثرة في زوايا الوطن لو جمعت لتكونت منها حلقات لهذه السلسلة غير انا لم نسمع بها ولعل الله يبعث في الامة روحا علمية فيظهر كل ما لديه من حلقات ولعل الله ييسر لنا جمع هذه الحلقات من بعد فنلحقها بالكتاب الرابع ان شاء الله.

ص: 380