الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - استيلاء أبي الحسن على الجزائر
كان أبو تاشفين الاول يكثر الاغارة على الممالك الحفصية ويحاول فتح بجاية. فخشيت مرين عاقبة تغلبه على الحفصيين. واوفد ابو يحي ابو بكر الحفصي وفد على أبي سعيد المريني مستغيثا سنة 730 فتظاهرا على أبي تاشفين. وأحكما التظاهر بالتصاهر. وعزما على استئصال دولة عبد الواد. ومات أبو سعيد دون أمنية. وخلفه ابنه أبو الحسن فخاطب ابا تاشفين في الرجوع الى حدود مملكته القديمة وتسليم ما تغلب عليه لصاحب تونس. فأبى ونهض ابو الحسن الى تلمسان. فجاوزها الى تسالة. ونزل هنالك في شعبان سنة 32 واغارت أساطيله على السواحل. وارسل الى أبي يحي في الملاقاة وجمع قوة الدولتين على فتح تلمسان. فاسترجع ابو يحي ممالكه ولم يتقدم إلى تلمسان. واثار أبو تاشفين ابا علي أمير سجلماسة على أخيه الحسن. فارتحل ابو الحسن لاطفاء ثورته.
وفي سنة 35 عاد ابو الحسن الى تلمسان. فحاصر وجدة.
واستولى على ندرومة وهنين. ونزل تسالة وبايعته توجين ومغراوة وانبثت سراياه في الجهات. فاخضعت له سنة 36 وهران وتنس ومليانة والجزائر ولمدية ووانشريس وشلف وسائر المغرب الاوسط. فولى بها العمال. وتوجه لحصار تلمسان. فخندق على معسكره وابتنى المنصورة لسكناه وسكنى جيوشه. وبعد وقائع تمكن من فتح تلمسان. فدخلها في رمضاتن سنة 37 ونزل بالجامع. وقبض أيدي الجند عن الفساد ورفع القتل عن بني عبد الواد. واستلحقهم بجيشه.
وابقاهم على مراتبهم. وفرض لهم العطاء. فاذعنوا وصدورهم تكاد تميز من الحقد.
وبلغ أبا الحسن ان ابا يحيى وافد عليه للتهنئة. فلاقاه سنة 38
الى متيجة وطال مقامه بها حتى مرض. وحذر أبا يحي وزراؤه من هذه الوفادة. فانقبض عنها. وظن عبد الرحمن يعقوب بن ابي الحسن ان اباه هالك. فتوثب على الامر منافسة لاخيه ابي مالك. فتدارك ابو الحسن الامر، وفر ابنه الى موسى بن ابي الفضل أمير بني يزيد بسهل حمزة. فرده عليه، وحبس بوجدة. ثم قتل سنة 742 وأيس أبو الحسن من وفادة ابي يحي. فعاد الى منصورته.
وكان بنو عامر منحرفين عن الطاعة لمكان سويد منافسيهم.
ففر اليهم ابن هيدور جازر الى عمد الرحمن، وادعى انه هو، فبايعه شيخهم صغير بن عامر، وزحف به على لمدية، فهزم قائدها، وجهز ابو الحسن ونزمار بن عريف في قومه سويد. فقضى على الثورة. ولحق ابن هيدور الدعي بزواوة فافتضح. فانتقل الى الذواودة فبعث ابو يحي الحفصي خدمة لابي الحسن الى يعقوب ابن علي من كشف له أمر الدعي. فأشخصه الى أبي الحسن سنة 40 وهو يومئذ بسبتة. فقطعه من خلاف. وهلك سنة 68.
وعني ابو الحسن بالجهاد وفي نفسه تشوقا الى امتلاك تونس.
وانما أقعده عنها مكان صهره ابي يحي. ففي سنة 747 مات ابو يحي، وتغلب على الامر ابنه عمر، وقتل أخاه أحمد ولي العهد، فتعلق ابو الحسن بهذا السبب، وعقد على تلمسان والمغرب الاوسط لابنه ابي عنان، وفوض اليه ادارتها، وفصل منها في صفر سنة 48 فأتته بوهران بيعات أمراء الجريد وجربة وقابس وطرابلس، ووفد عليه بارض بني حسن من نواحي البرواقية اعيان الجزائر ويعقوب ابن علي الذوادي ومنصور بن مزني، فولى على جباية الجزائر مسعود ابن ابرهيم اليرنياني من طبقة الوزراء، وتلقاه بساحة بجاية أميرها محمد لما لم يجد نصيرا، فنقله عزيزا مكرما الى ندرومة واوصى ابنه ابا عنان بالاحسان اليه.
دخل ابو الحسن بجاية، فوضع عن أهلها ربع المغرم وولى عليها محمد بن النوار من طبقة الوزراء، وترك له حامية، وتقدم الى قسنطينة، فتلقاه أميرها ابو زيد في أخوته مبايعين. فنقلهم الى وجدة. واقطعهم جبايتها، وولى على قسنطينة محمد بن العباس.
وانزل ممه بني عسكر. واقر صهره الفضل على بونة. وتقدم الى تونس فملكها وأقام بها الى شوال سنة 50 وفي هذه المدة اجتمع له ملك المغرب. ولم يجتمع لاحد بعد بني عبد المؤمن غيره.
وفي محرم سنة 49 هزم العرب ابا الحسن على القيروان هزيمة منكرة. وكان بعسكره بنو عبد الواد وتوجين ومغراوة. فكانت لهم يد في جر الهزيمة عليه لسلبه اياهم ملكهم. وارجف بموته. فدعا ابنه ابو عنان لنفسه وثار عليه صهره الفضل بن ابي يحي الذي أقره على بونة وكان الفضل يرى أنه سينزل له عن ملك تونس، ولا يغتصبه عرش سلفه، فاستولى على قسنطينة وبجاية، واخرج منها مرين واخذ يجلب على تونس.
وارتحل ابو عنان الى فاس، وترك على تلمسان عثمان بن جرار من أولاد طاع الله من بني عبد الواد، واجتمع بظاهر تونس بنو عبد الواد، فبايعوا عثمان بن عبد الرحمن. وتحالفوا مع مغراوة وتوجين، وهدروا ما بينهم من دماء، وارتحلوا في زهاء خمسمائة فارس الى مواطنهم، فقتلوا عمال مرين، ودعا عثمان بن جرار لنفسه. فنكر الناس دعوته لكونه لا سلف له في الملك، فكان ذلك مما أعان عثمان ابن عبد الرحمن عليه، فغلبه على تلمسان. ودخلها في جمادى الثانية سنة 49 وقتله غريقا. وعقد سلما مع ابي عنان على أن يمنع اباه عنه.
ولم يبق بعد واقحة القيروان على بيعة ابي الحسن غير مدينة