الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
تهامه. وهي غرب الجزيرة على بحر القلزم بين اليمن والحجاز.
3 -
الحجاز. وهو يلي تهامة شمالا على البحر. ومن مدنه الطائف ومكة وجدة والمدينة. وهو القسم الذي يشتمل على المشاعر الدينية للعرب في جاهليتهم، ولهم ولغيرهم من المسلمين بعد الاسلام.
4 -
نجد. في وسط الجزيرة. وهو هضبة فسيحة تربط بين بقية أقسام الوطن العربي: العراق شرقا، واليمن جنوبا، والحجاز غربا، والشام شمالا.
5 -
اليمامة. وهي بين نجد واليمن.
هذه الاقسام منها ما فيه الصحاري القاحلة والاراضي الخصبة الصالحة لضروب كثيرة من الحبوب والاشجار، وعليها مراس غنية باللؤلؤ والعقيق. وفيها معادن الذهب والنحاس والحديد وغيرهن.
2 - العرب قبل الاسلام
العرب أوضح الامم نسبا وأبعدها عن الامتزاج والاختلاط. اتفقت الكلمة وأجمعت الآراء على أنهم من سام بن نوح. نزحوا من العراق الى جزيرتهم في أعصر متفاوتة ومتناهية في القدم. واتخذوها موطنا حفظوا به أنسابهم من الاختلاط، وحافظوا عليها من الاندماج المفضى الى الاضمحلال.
وهم شعوب وقبائل تجمعها ثلاث طبقات:
1 -
العرب البائدة. وهي الطبقة المتناهية في القدم. سميت كذلك اما لبيود أخبارها وانقطاع الصلة بيننا وبين تاريخها. واما لبيود قبائلها وفناء أعقابها بذوبانهم فيمن بعدهم من أجيال العرب.
وكلا المعنيين صادق في الجملة: فان من هذه الطبقة من علمت أخباره ولو على سبيل الاجمال، ومنها من لم ينقطع عقبه.
ومن قبائل هذه الطبقة طسم وجديس وعاد وثمود ومدين وعمليق.
2 -
العرب العاربة. سموا كذلك لاصالتهم في العربية. وجذم هذه الطبقة قحطان. وأشهر قبائلها وأجمعها لبطونهم قبيلتا كهلان وحمير.
3 -
العرب المستعربة. وهم بنو اسماعيل الطارئون على القحطانيين. سموا كذلك لانهم عبرانيون، واستعربوا بمخالطة العرب العاربة. وهم شعوب وقبائل يجمعها أصل عدنان المنتهي في نسبه الى اسماعيل. وأجمع قبائلهم وأشهرها مضر وربيعة واياد وانمار. ومن مضر قبيلة قريش.
ونحن نرى أن أول أساس للحياة البشرية هي الحياة الدينية التي تستمد من الرسل والانبياء. فتكون في قرب عهدها بالرسل المستمدة منهم صحيحة. ثم تتغير بطول العهد، بالمغالاة والابتعاد حتى تنحرف عن أصلها وتصبح وثنية.
ولم يخرج العرب عن هذه السنة الكونية. فانحرفوا عن الدين الحق، وتنكبوا الصراط السوي. فأرسل الله في قبيلة عاد منهم هودا، وفي ثمود صالحا، وفي مدين شعيبا. وذلك في أوقات مختلفة. فآمن من آمن منهم، وهلك من كفر. وبادت تلك الاديان ببيود أممها. وكان في الحجاز إسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام. فانتشرت على يده ديانة ابراهيم الخليل (ص) في العرب العاربة والمستعربة. وجاء بعض الاسرائليين بديانة موسى (ص) الى الجزيرة. فاعتنقها بعض العرب. ثم بعد ظهور المسيحية أخذ بها بعض القبائل منهم.
ولم يزل جل العرب على ديانة ابراهيم (ص) غير أنهم أحدثوا فيها أحداثا وابتدعوا فيها بدعا. فصاروا يعبدون الاصنام والاوثان والطواغيت. وقد يعبدون الارواح كالجن والملائكة.
قال السهيلي: "يقال لكل صنم من حجر أو غيره صنم. ولا يقال وثن الا لما كان من غير صخرة كالنحاس ونحوه"(1) وقال ابن هشام عن الطواغيت: "وهي بيوت تعظيمها كتعظيم الكعبة: لها سدنة وحجاب، وتهدي اليها كما تهدي للكعبة، وتطوف بها لطوافها بها، وتنحر عندها. وهي تعرف فضل الكعبة عليها: لانها كانت قد عرفت أنها بيت ابراهيم الخليل ومسجده "(2) وأصل عبادة العرب للاصنام أن أهل مكة كانوا لا يظعن منهم ظاعن الا حمل معه حجرا من الحرم تبركا به. وحينما يقيم يضعه ويطوف به طوافه بالكعبة. وبطول العهد صاروا يعبدون ما أعجبهم من الحجارة. وذكر السهيلي وجها آخر في أصل دخول الوثنية الى العرب. وهو لا يتعارض مع ما سبق. قال: "وقد ذكر البخاري عن ابن عباس: قال صارت الاوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد. وهي أسماء قوم صالحين من قوم نوح. فلما هلكوا أوحى الشيطان الى قومهم: ان انصبوا في مجالسهم التي كانوا يجلسونها انصابا، وسموها بأسمائهم. ففعلوا. فلم تعبد، حتى اذا هلك أولئك وتنوسخ العلم عبدت "(3).
وقد بقيت للعرب بقايا من شريعة ابراهيم (ص) كتعظيم البيت والطواف به والحج والعمرة والوقوف على عرفة والمزدلفة وهدي البدن، مع ادخالهم في ذلك ما ليس منه. قال ابن هشام: "فكانت
(1) الروض الانف ج1 ص62.
(2)
السيرة المطبوعة مع الروض ج1 ص64.
(3)
الروض ج1 ص62.
كنانة وقريش اذا أهلوا قالوا: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، الا شريكا هو لك، تملكه وما ملك. فيوحدونه بالتلبية ثم يدخلون معه أصنامهم ويجعلون ملكها بيده. يقول الله تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (1).
هذه الوثنية التي كان عليها العرب مع اعترافهم بوحدانية الله واقرار بعضهم بالبعث وكونهم يقولون- كما جاء في القرآن-: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} - هذه الوثنية هي التي لم يرضها منهم الاله جل وعلا، وأرسل اليهم رسوله صلى الله عليه وسلم ليمحوها من قلوبهم ويذهب أثرها من بين أعينهم. وفي اسلام كثير منا ما يشبه هذه الوثنية، غير ان الاسلام لما كان أصله محفوظا بحفظ القرآن وضبط الحديث لا يحتاج في تجديده الى نبوة جديدة وانما يحتاج الى احياء أصله والتقاضي اليه والتراضي به حكما.
ولقد كان لهؤلاء العرب ملوك فخام ودول عظام. اشتهر من دولهم ثلاث: دولة التبابعة ودولة المناذرة ودولة الغساسنة. والدولة الاولى أسست في الالف الثاني قبل الميلاد. فان المؤرخين يذكرون منها ملوكا كثيرين قبل بلقيس التي كانت في زمن سليمان عليه السلام ابن داوود عليه السلام. وهي مؤسسة على أنقاض دوله قحطان التي كانت قبل الميلاد بنحو ألفي سنة. فهي أقدمهن عهدا وأكثرهن حضارة وأبقاهن أثرا وأوسعهن ملكا. كان منها بعد بلقيس شمريرعش حوالي المائة الثامنة (ق. م) ودخل أرض فارس. وخرب مدينة الصغد خلف نهر جيجون. وبنى مدينة هنالك سميت باسمه. وهي المعروفة اليوم بسمرقند. وقد وجد في بعض قصورها النهدمة
(1) السيرة ج1 ص 63.
عمود مكتوب عليه بالحميرية: "هذا ما بناه شمريرعش لسيدة شمس".
دولتا المناذرة والغساسنة كانتا شمالا، ودولة التبابعة كانت جنوبا. ومعلوم أن الدول لا تقام الا بالعلوم والصناعات خصوصا وقد دلت الآثار على عظمة تلك الدول. قال صاحبا الوسيط:"واذن تكون هندسة ارواء الارض وعمارة المدن والحساب والطب والبيطرة والزراعة ونحوها معروفة في الجنوب والشمال، مدونة في الكتب، وان لم يحفظ لنا الدهر صورا منها. أما البدو منهم وان كانوا أميين يمقتون الصناعات وينتقصون أهلها فلا غنى لهم عن تجربة ترشدهم الى ما ينفعهم في بواديهم المقفرة ومجاهلهم الطامسة: ليعلموا ما به تصح أنفسهم وانعامهم وتستطلع خفايا أمورهم وتدون فيه مفاخرهم، وليعرفوا متى تجود السماء، وبم يتميز الاقرباء من البعداء. فكسبهم ذلك علم النجوم والطب الضروري والانساب والاخبار ووصف الارض والفراسة والعيافة والقيافة والكهانة والعرافة والزجر وقرض الشعر "(1).
قالا: واشتهر منهم في علم النجوم بنو حارثة بن كلب وبنو مرة ابن همام الشيباني، وفي الطب الحارثة بن كلدة الثقفي وابن حذيم التيمي، وفي الانساب دغفل بن حنظلة الشيباني وزيد بن الكيس النمري وابن لسان الحمرة، وفي القيافة بنو مدلج وبنو لهب، وفي الكهانة شق أنمار وسطيح الذئبي وطريفة الخير وسلمى الهمدانية، وفي العرافة الابلق الاسدي عراف نجد، ورباح ابن عجلة عراف اليمامة، وفي الزجر بنو لهب وأبو ذؤيب الهذلي ومرة الاسدي. أما الشعر فقد اشتهر فيه كثيرون معروفة أخبارهم في كتب الادب.
(1) الوسيط في الادب العربي وتاريخه ص38.