الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - رؤساء القبائل
كانت رئاسة البوادي بالجزائر الحفصية لشيوخ من القبائل القوية، وقد مرت أخبار العرب في بابها، وأظهر المعاصرين لهم من البربر هم مليكش وزوارة وصنهاجة وسدويكش وبنو تليلان وريغة وورقلة.
وكان مليكش مستعلين بمتيجة على الثعالبة، وهم تابعون لوالي الجزائر يستقيمون باستقامته وينحرفون بانحرافه، ورفع منزلهم ابو زكريا يحي الاول فعقد لشيخهم منصور سنة 640 ومنحه ابهة الملوك مزاحمة ليغمراسن بن زيان، ومر به العبدري سنة 89 فرماه باللؤم والبخل وكل نقيصة ولكنه شاعر لا يؤخذ عنه الحقائق التاريخية ولم تزل رئاسة متيجة لبني منصور حتى غلب على الجزائر ابو حمو الزياني سنة 712 ففروا الى الحفصيين، وأخذ االثعالبة بعدهم في الظهور.
وكان من زواوة بنو يراتن ذوي سيادة، ورئاستهم في بني عبد الصمد، وشاخت منهم عجوز اسمها شمسي، لها عشرة بنين عظم أمرها بهم، ونزل عليها ابن هيدور من خدام ابي عبد الرحمن ابن ابي الحسن المريني مدعيا انه أبو عبد الرحمن وداعيا الى الثورة على أبيه، وابو الحسن يومئذ بمتيجة، فسرب الاموال في بنيها وقومها، فأجارته وقامت بدعوته حتى تبين كذبه، فنبذقه ولحق بالذواودة.
وكانت عمدة بجاية جنود صنهاجة، ولها اقطاعات بنواحيها ولكبرائها مكانة في الدولة، فكان يعقوب بن خلوف منهم يلقب المزوار ويستخلفه ببجاية ابو زكريا المنتخب، ومات فخلفه ابنه عبد الرحمن واستخلفه خالد الاول لما نهض الى تونس سنة 709 فثبت على ولائه له لما دعا ابو بكر بقسنطينة لنفسه، فزحف له ابو بكر وكانت بينهما
معركة، وعاد ابو بكر الى قسنطينة مفلولا. وانتهبت صنهاجة معسكره واتبعته الى ميلة وحاصرته بقسنطينة اياما ثم عادت الى بجاية.
وفي هذه المدة ظهر ابن اللحياني بطرابلس محاربا لخالد الاول فوصل ابو بكر يده به وأوفد عليه حاجبه ابن غمر. وتظاهر بنكبته، فصادر منازله وسطا بحاشيته، فعل ذلك كيدا لابن الخلوف، واستيقن ابن الخلوف اختلال امر خالد وطمع في حجابة ابي بكر، وسفر بينهما عثمان بن سباغ الذوادي وغيره فاحكموا السلم بينهما وعهد ابو بكر بحجابته لابن الخلوف، وارتحل الى بجاية سنة 712 فلقيه ابن الخلوف بفرجيوة، ومن الليل غدر به ابو بكر، فقتله وأخذ السير الى بجاية، فدخلها على حين غفلة، وغضب عثمان بن سباع وصنهاجة لهذه الخيانة فوصلوا ايديهم بابي حمو الاول الزياني.
ومن زعماء صنهاجة منصور بن ابراهيم بن الحاج. ثار سنة 753 على مرين المحتلين ببجاية ولكن كبار البجائيين خشوا سطوة ابي عنان فبعثوا اليه بطاعتهم واخرجوا منصورا وحزبه من المدينة فتفرقوا في الجهات ولحق كبراؤهم بتونس، ثم كانت لصنهاجة كرة أخرى على يد أحمد بن القاضي لما تقلص ظل الدولة الحفصية عن الجزائر وظهر بها الاتراك.
وكان بنو تليلان ممتنعين بجبلهم الممتد شمال ميلة وقسنطينة الى أن غلب الموحدون على افريقية فوفد شيخهم ابو بكر على الخليفة بمراكش وتقرب اليه بفرض المغرم على جبل قومه وثبت عقبه على الولاء لدولتي الموحدين وبقوا على رئاستهم بالجبل. وعرفوا باولاد ثابت وسمي الجبل بهم. ويظهر ان جبلهم هو المدعو اليوم سقاو، بقاف بدوية مخففة قبالة ميلة. فان سقاو كثير المياه والثمار وبه آثار حصون مدهشة، وقد قال يحي بن خلدون: "فتح ابو حمو الزياني
ميلة آخر شوال سنة 758 واصمد قومه رابع يوم فتحها الى جبل بني ثابت " اهـ.
ومن بني ثابت حسن بن ابراهيم بن ابي بكر بن ثابت. ولاه أبو بكر حجابته لما خرج الى بجاية سنة 712 واناب بقسنطينة أخاه عبد الله. ثم عاد ابن غمر من وفادته على ابن اللحياتي. فسعى فبهما لدى أبو بكر كي يخلو له وجهه فقتل عبد الله بفرجيوة سنة 13 وكان أخوه حسن قد خرج لجباية الوطن. فاوعز ابو بكر بقتله الى عبد الكريم ابن منديل السدويكشي، فقتله بوادي القطن. وهو واد شرقي ميلة قريب منها يصب في وادي قسنطينة.
قال ابن خلدون: وكان آخرهم رئاسة بالجبل علي. أدرك دولة بني مرين بافريقية وولى بعده ابنه عبد الرحمن ووفد على ابي عنان بفاس ولما استجد السلطان احمد حفيد ابي بكر دولته بافريقية استولى عليهم ومحى أثر مشيختهم ورياستهم وصيرهم ي عداد جنده وحاشيته واستعمل في الجبل عماله " اهـ.
وبقية بني ثابت مساكنون اليوم لقبيلتنا اولاد مبارك. وهم قليلون يدعون الشرف الشرعي شأن الاسر التي فقدت الشرف الحربي.
وكانت رئاسة سدويكش في أولاد سواق ثم في بني سيلين.
ومواطنهم في عمل بجاية. وقريتهم بنو ورار بتخفيف الراء هي آخر ذلك العمل. وربما دعيت بني وراء او بني ياورار أو تاوريرت. وهي في آخر وطن فرجيوة غربا بقربها انقاض مدينة ايكجان وبمقربة من انقاضها اليوم قرية بني عزيز وكانت تمر بها الطريق من قسنطينة الى بجاية فذكرها اديب قسنطينة علي بن الفكون في نظم رحلته الى مراكش بقوله:
وكم أورث ظباء بني ورار
…
أوار الشوق بالريق الشهي
وجمع العبدري بينها وبين ميلة. فقال في رحلته:
"ثم وصلنا الى بني ورار ثم الى ميلة فلم نر الا رسوما بحوادث الدهر محيلة. وكلاهما على شكل مدنية ليست بثمينة ولا متينة عمل البلى فيهما وفي السكان وأدخل الجميع في خبر كان. وفي كلتيهما عين تسح وعنصر يجود ولا يشح وبنو ورار أعمر المحلين وعينهما أغزر العينين " اهـ. واليوم بنو ورار خراب وميلة لم تزل عامرة.
وكان رئيس أولاد سواق علي بن علاوة بن سواق ثم أبناءه طلحة فيحي فمنديل الذي عزله أبو بكر، وأدال من بني علاوة بني عمهم أولاد يوسف بن حمو بن سواق. فلحق بنو علاوة بجبل عياض.
ثم كانت لهم كرة ايام أبي عنان. فعقد على سدويكش لمهنا بن تازير ابن طلحة. ولكن قتله أولاد يوسف. فعاد بنو علاوة الى جبل عياض. ورأس عليهم عدوان بن عبد العزيز بن زروق بن علي بن علاوة. ثم هلك وافترق بعده أمرهم. وبقيت رئاسة سدويكش لاولاد يوسف.
قال ابن خلدون: "ويرادف أولاد سواق في الرئاسة على بعض احياء سدويكش بنو سكين. ومواطنهم جوار لواتة بجبل بابور وما اليه من نواحي بجاية. ورئاستهم في بني موسى بن ثاير. أدركنا ابنه صخر بن موسى. واختصه السلطان ابو يحي بالرئاسة على قومه.
وكان له مقامات في خدمته. ثم عرف بالوفاء مع ابنه الامير ابي حفص.
فلم يزل معه الى ان اوقع به بنو مرين بناحية قابس. فقطعه السلطان ابو الحسن من خلاف. وهلك بعد ذلك. فخلفه ابنه عبد الله. وكان له شأن في خدمة صاحب بجاية وهلك اعوام الثمانين. فخلفه ابنه محمد. وهو لهذا اعمهد " اهـ.
ويظهر ان سكين محرف سيلين. فان الوطن لبني سيلين، وبني
صخر معروفون برئاستهم. وكان لهم أيام السلطان ابي عمر عثمان تغلب على وطن بجاية. واعفوا ذكر اولاد يوسف. ففي سنة 840 نازل السلطان نفسه عبد الله ين عمر بن صخر. ولم ينل منه حتى قتل غدرا سنة 43 وحملت رأسه الى السلطان. وفي سنة 46 قتل محمد ابن يحي السيليني عبد المؤمن بن احمد والي بجاية. وعظم صيت محمد بن سعيد من بني صخر من بعد. واختلفت حاله مع السلطان ولاء وعداء. فنقله وأهله سنة 64 الى تونس. ثم سرحه سنة 67 فأثار عليه محمد المتوكل سلطان تلمسان سنة 70 وكان يدعو له من قبل. وقد انقطعت عنا اخبار شمال الجزائر الحفصية بعد المراكشي الذي انتهى الى ايام ابي عمر عثمان. اما الجنوب فكانت به لورقلة وريغة رئاسة. وربما قطعتها الدولة. فتجددت بعد حين. ولم تزل الامارة بورقلة وتقرت حتى العصر التركي.
قال ابن خلدون ما ملخصه: "اختطت ريغة ما بين الزاب وورقلة قرى كثيرة في عدوة وادي ينحدر من الغرب الى الشرق منها المصر الكبير والقرية المتوسطة والاطم. قد نضدت حفافيها النخيل وانساحت خلالها المياه".
"وكان وادي ريغ من عمل الزاب وفي اقطاع الذواودة. فكثيرا ما يعسكر عليهم ابن مزني أو الذواودة لاقتضاء الجباية، وأكبر تلك الامصار تقرت. مصر مستبحر العمران بدوي الاحوال كثير المياه والنخل، وكانت رئاسته لعبيد الله بن يوسف بن عبد الله ثم لابنائه داوود فيوسف فمسعود ثم الحسن بن مسعود ثم ابنه احمد شيخها اليوم، وتماسين دون تقرت في العمران والخطة، ورئاسته لبني ابراهيم من ريغة ايضا وسائر امصار ريغة كل مصر منها مستبد بأمره وحرب لجاره".
"وورقلة اختطوا المصر المعروف بهم، ودخله ابو زكرياء الاول